الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعد الساعة. وفي الحديث المارِّ: إنَّ ذاك هو عذابُه في الحالة الراهنة. أقولُ: ولعلَّ حصةً منه تَظْهَرُ بعد الساعة
(1)
.
واعلم أنَّه قد يَسْتَشْكِلُ اختلافُ العذاب بين أصحاب النار، مع اتحاد المحل، فإنَّ الأحاديثَ تُخْبِرُ بأنَّ جهنَّم هوَّةٌ تتوقَّد نارًا، فكيف يكون تعذيبُ بعضِهم بشراكٍ من نارٍ، وبعضِهم من نعليهِ من نارٍ فقط؟ والجوابُ على ما سبق منِّي من التحقيق: أنَّ أعمالَ الرجل هي نعيمُه وجحيمُه، فلا يعذَّب فيها إلَّا بِقَدْرِ أعماله. وأعمالُ كلَ منهم مختلفةٌ لا تقوم إلَّا بمن اكتسبها، فكذلك عذابُه ونارُه. وحينئذٍ صار الاختلافُ في العذاب معقولًا.
ومن ههنا عُلِمَ أنَّ رجلًا من أهل الجنَّة لو دخل النَّارَ لا تَضُرُّه النار شيئًا، فإِنما التعذيبُ من أعماله، وليس عنده من تلك الأعمال، فما للنار أن تؤثِّرَ فيه.
وبالجملة من كل أبعدَ من المعاصي في الدنيا، كان أبعدَ عن النار في الآخرة، وكذلك بالعكس. لا أقولُ: إنَّ جهنَّم ليس فيها نارٌ، بل هي خاليةٌ الآن - والعياذ بالله - بل أقولُ: إنَّ أعمالَ الناسِ الآن أيضًا نارٌ لو انكشف الغِطَاءُ. وقد قلتُ في قصيدةٍ لي طويلةٍ في مسألة القدر:
*ففي الآن نارٌ ما تورَّطتَ ههنا،
…
ولكن سترًا حَالَ سوف يَزُول
6570 -
قوله: (أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لا إِلهَ إلَّا اللهُ خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ) وهذا القيدُ لا بُدَّ منه، ولكن الراوي قد يَحْذِفُهُ، فليعتبره في جميع المواضع. ثم في أحاديثَ أخرى: أنَّ الأسعدَ بها هو أهلُ الكبيرة. ولا تناقضَ، فإن المرادَ من الأوَّل هو الذي شفاعتُه نائلةٌ إيَّاه، ومن الثاني الذي هي أنفعُ فيه.
52 - باب الصِّرَاطُ جَسْرُ جَهَنَّمَ
6573 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَعِيدٌ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. وَحَدَّثَنِى مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ «هَلْ تُضَارُّونَ فِى الشَّمْسِ، لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ» .
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الهامش التالي وقع في المطبوع في ص 294، فنقلته لموضعه الصحيح هنا
(1)
قلتُ: ما يَظْهَرُ في البَرْزَخِ أنموذجٌ مما قُدِّرَ له بعد الساعة. فكونُه في الضَّحْضَاح الآن أيضًا صحيحٌ، فإنَّه لا يكون حظَّه في البَرْزَخِ إلَّا ما يكون له في الآخرة، إلَّا أنَّه أنموذجةٌ منه فيه. ويمكن أن يكونَ مرادُ الشيخ هو هذا، والله تعالى أعلمُ بالصواب.
قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «هَلْ تُضَارُّونَ فِى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ» . قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِى غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِى يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ، هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ فِى الصُّورَةِ الَّتِى يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَتْبَعُونَهُ وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ» . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ، وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَبِهِ كَلَالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ» . قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ «فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهَا لَا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَاّ اللَّهُ، فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ، مِنْهُمُ الْمُوبَقُ، بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمُ الْمُخَرْدَلُ، ثُمَّ يَنْجُو، حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ، مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ، فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلَامَةِ آثَارِ السُّجُودِ، وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنِ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدِ امْتُحِشُوا، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِى حَمِيلِ السَّيْلِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ قَدْ قَشَبَنِى رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِى ذَكَاؤُهَا، فَاصْرِفْ وَجْهِى عَنِ النَّارِ فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ. فَيَقُولُ لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ أَنْ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ. فَيَقُولُ لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ يَا رَبِّ قَرِّبْنِى إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ. فَيَقُولُ أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لَا تَسْأَلْنِى غَيْرَهُ، وَيْلَكَ ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ. فَلَا يَزَالُ يَدْعُو. فَيَقُولُ لَعَلِّى إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ. فَيَقُولُ لَا وَعِزَّتِكَ لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ. فَيُعْطِى اللَّهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لَا يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ، فَيُقَرِّبُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ رَبِّ أَدْخِلْنِى الْجَنَّةَ. ثُمَّ يَقُولُ أَوَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لَا تَسْأَلَنِى غَيْرَهُ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لَا تَجْعَلْنِى أَشْقَى خَلْقِكَ. فَلَا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ، فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قِيلَ تَمَنَّ مِنْ كَذَا. فَيَتَمَنَّى، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ تَمَنَّ مِنْ كَذَا. فَيَتَمَنَّى حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِىُّ فَيَقُولُ لَهُ هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً. طرفاه 806، 7437 - تحفة 13151، 14213 - 148/ 8
6574 -
قَالَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ جَالِسٌ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ، لَا يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ «هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ» . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَفِظْتُ «مِثْلُهُ مَعَهُ» . أطرافه 22، 4581، 4919، 6560، 7438، 7439 تحفة 4045، 4156
6573 -
قوله: (فَيَأْتِيهِمْ اللهُ في الصُّورَةِ التي يَعْرِفُونَ)، وقد مرَّ أن الرؤيةَ لا تكون