الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحاصلُ معنى كلامه: أن التلفُّظَ الذي هو من فعل العبد مخلوقٌ، وهذا التلفُّظُ تعلَّق بالقرآن الذي هو غيرُ مخلوق، وصفةٌ للرَّبِّ جلَّ مجده. ومن لا يميِّزُ بين فعل العبد، وصفة الرَّبِّ جلَّ مجده، يَقَعُ في الخبط. فهذا أصلُ جوابه، أَوْمَأَ إليه في هذه الترجمة، حيث قال: إن الرَّبَّ بصفاته، وأمره، وفعله، وكلامه هو الخالقُ المكوَّنُ. فكلامُ الله من حيث كونه صفةً له تعالى في جانب الخالق، ومن يَجْتَرِىءُ أن يقولَ: إنه مخلوقٌ من هذه الجهة؟ وأمَّا تلفُّظُنَا به، فذاك ليس من صفته تعالى، بل من صفاتنا، ونحن بما فينا من الصفات مخلوقون تعالى.
وجملته أن الواردَ مخلوقٌ، والمورد غيرُ مخلوقٍ. وهاك أجلى نظيرٍ له، فإِنك إذ تَقْرَأُ كتابًا، فيكون هناك أوَّلًا قراءتك، ولا يَمْتَرِي أحدٌ أنه فعلُك. وثانيًا الذي تَقْرَأُهُ، ولا يَشُكُّ أحدٌ أيضًا أنه ليس من فعلك، بل هو من الشيخ السعدي. فهكذا القرآن، وقراءتنا به.
ومحصَّل تلك الترجمة: أن اللَّهَ تعالى وما يتعلَّق به من صفاته وأمره كلِّها غيرُ مخلوقٍ، والعالمَ بقَضِّه وقَضِيضِه مخلوقٌ.
28 - باب قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171)} [الصافات: 171]
7453 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ عِنْدَهُ فَوْقَ عَرْشِهِ، إِنَّ رَحْمَتِى سَبَقَتْ غَضَبِى» . أطرافه 3194، 7404، 7412، 7553، 7554 - تحفة 13828
7454 -
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَكْتُبُ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِىٌّ أَمْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى لَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَاّ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَاّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا» . أطرافه 3208، 3332، 6594 - تحفة 9228 - 166/ 9
7455 -
حَدَّثَنَا خَلَاّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَا جِبْرِيلُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا» . فَنَزَلَتْ {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [مريم: 64] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ هَذَا كَانَ الْجَوَابَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. طرفاه 3218، 4731 - تحفة 5505
7456 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى حَرْثٍ بِالْمَدِينَةِ وَهْوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ، فَمَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَسْأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ. فَسَأَلُوهُ فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى الْعَسِيبِ وَأَنَا خَلْفَهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقَالَ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} [الإسراء: 85] فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قَدْ قُلْنَا لَكُمْ لَا تَسْأَلُوهُ. أطرافه 125، 4721، 7297، 7462 - تحفة 9419
7457 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِى سَبِيلِهِ، لَا يُخْرِجُهُ إِلَاّ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ، بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِى خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» . أطرافه 36، 2787، 2797، 2972، 3123، 7226، 7227، 7463 - تحفة 13833
7458 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى وَائِلٍ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأَىُّ ذَلِكَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِىَ الْعُلْيَا، فَهْوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ» . أطرافه 123، 2810، 3126 - تحفة 8999
يعني أن الكلمةَ والكلامَ، والقرآن كلَّه يُطْلَقُ ف يجَنَابِهِ تعالى، بخلاف اللفظ، فإنَّه لا يُسْتَعْمَلُ في جَنَابِهِ تعالى، لِمَا عُرِفَ في «حواشي شرح الجامي» . وقد جوَّز المصنِّفُ إطلاق الصوت أيضًا، وأَبَى عنه الجمهور من أهل السنة. وسيجيء.
7454 -
قوله: (ثُمَّ يَنْفُخْ فِيهِ الرُّوحَ) وقد عَلِمْتَ الفرقَ بين النَّسَمَةِ، والروح. فإنَّ النَّسَمَةَ تُوصَفُ بالولادة، فورد في الخبر:«أنَّ ما من نسمةٍ مولودةٍ»
…
إلخ. بخلاف الروح، فإنها لا تتصفُ به، وإن اتَّصَفَتْ بالنفخ، والخلق. وبالجملةِ: إن الروحَ بعد نفخها في الجسد تَكْتَسِبُ أحوالًا تتغيَّر منها خواصُّها، فَتُسَمَّى نَسَمَةً، وغيرها. وقد مرَّ بسطه. فالشيءُ واحدٌ، وله مراتب، فهو نَسَمَةٌ في المرتبة التحتانية، وما دام لم تتعلَّق بالجسد، وكانت تُسْنَدُ إلى اللَّهِ تعالى وأمرهِ روحٌ. ولعلَّ فوقها مراتب أخرى أيضًا، بعضها فوق بعضٍ في التجرُّد، أَدْرَكَهَا الصوفيَّةُ، بها تتصل سلسلة الأكوان، مع ربِّها، ولم يتعرَّض إليها العلماء، فإنَّ لكلِّ فنّ موضوعًا، ولكلِّ موضوعٍ باحثًا.
7456 -
قوله: ({قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}) قد مرَّ بعضُ الكلام في كتاب العلم. والحاصلُ: أنهم اختلفوا في تحديد عَالَمِ الأمر والخلق. قال الغزاليُّ: إن فيه اصطلاحًا عديدةً. فقيل: ما تُدْرِكُهُ الحواس، فهو عالمُ الخلق، وما لا، فهو عالم الأمر. وقال الشيخُ المجدِّد السَّرْهَنْدِي: إن الذي تحت العرش عالم الخلق، وما هو فوقه فعالم الأمر. وقال الشيخُ الأكبرُ: إن ما خَلَقَهُ اللهُ تعالى بلا واسطةٍ، فهو عالمُ