الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهُ لِشَىْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ». وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ يُرِيدُ أَنْ يَجْهَرَ بِهِ. أطرافه 5023، 5024، 7544 - تحفة 15224
7483 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِى حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «يَقُولُ اللَّهُ يَا آدَمُ. فَيَقُولُ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيُنَادَى بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ» . أطرافه 3348، 4741، 6530 - تحفة 4005
7484 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ فِى الْجَنَّةِ. أطرافه 3816، 3817، 3818، 5229، 6004 - تحفة 16815
ترجم بالإِذن، وهو كلمةٌ، أو كلامٌ.
قوله: ({قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ})، أي أهل السماوات السُّفْلَى سَأَلُوا أهل السموات العليا. {قَالُوا الْحَقَّ} ، أي أهل السموات العليا قالوا لمن تحتهم من الملائكة، {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} .
[قوله:](ولم يَقلْ: ماذا خَلَقَ)، وذلك لأن القولَ قائمٌ بالباري تعالى، ولا يُطْلَقُ عليه لفظُ المخلوق، لأنه منفصلٌ، وسيجيء تفصله.
قوله: (وسَكَنَ الصَّوْتُ) ذَهَبَ البخاريُّ إلى إثبات الصوت تعالى، وأَنْكَرَهُ الآخرون. قلتُ: لو قيل به، فلا بُدَّ فيه من قيدٍ، وهو بحيث لا يُشْبِهُ أصوات المخلوقين. وهذا الصوتُ عند العلماء: إمَّا صوتُ الملائكة، أو مخلوقةٌ في محلَ. واستدلَّ البخاريُّ على كونها صوتًا للباري تعالى، من قوله صلى الله عليه وسلم «يَسْمَعُهُ من بَعُدَ، كما يَسْمَعُهُ من قَرُبَ» ، فإن فيه استغرابًا. ولو كان صوتُ المَلَكِ، لَمَا كان فيها استغرابٌ.
7482 -
قوله: (ما أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ)
…
إلخ. قلتُ: والإِذنُ فيه بمعنى الاستماع، وكان في الترجمة بمعنى الإِجازة، إلَّا أن يُقَالَ: إن اللَّهَ تعالى أَجَازَ نبيَّه بالقراءة، فلمَّا قَرَأَ استمعها. فاسْتُعْمِلَ الإِذنُ في الاستماع، بهذا الطريق. ثم إن اللغويين صرَّحُوا بكونه بمعنى الاستماع، وحينئذٍ لا حاجةَ إلى هذا التَّمَحُّل أيضًا.
33 - باب كَلَامِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ، وَنِدَاءِ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ
وَقَالَ مَعْمَرٌ: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} [النمل: 6] أَيْ يُلْقَى عَلَيْكَ وَتَلَقَّاهُ أَنْتَ، أَيْ تَأْخُذُهُ عَنْهُ، وَمِثْلُهُ:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37].
7485 -
حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ - عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِى جِبْرِيلُ فِى السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِى أَهْلِ الأَرْضِ» . طرفاه 3209، 6040 - تحفة 12824 - 174/ 9
7486 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِى صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» . أطرافه 555، 3223، 7429 - تحفة 13809
7487 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ عَنِ الْمَعْرُورِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «أَتَانِى جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ» . قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ «وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى» . أطرافه 1237، 1408، 2388، 3222، 5827، 6268، 6443، 6444 تحفة 11982
شَرَعَ في صلة الكلام، وتراجمه فيه على نحوين: الأُولَى في إثبات قِدَم كلام الله تعالى، والثانيةُ في إثبات حدوث فعله الوارد عليه.
فاعلم أن الكلامَ إمَّا كلامٌ نفسيٌّ، أو لفظيٌّ. والأوَّلُ أقرَّ به الأشعريُّ، وأنكره الحافظ ابن تَيْمِيَة. قلتُ: أمَّا إنكارُ الحافظ ابن تَيْمِيَة، فتطاولٌ، فإنه ثابتٌ بلا مِرْيَة.
وتفصيلُه
(1)
أن في الكلام ثلاثَ مراتب:
(1)
قلت: قد أجاد في تفصيله بعض المحققين، كما في رسالته -في علم الكلام- قال: وليعلم أن التصديق اللساني بالمعنى المصدري هو التكلم اللساني بما يدل على صدقه ذلك الخبر، كذلك التصديق القلبي بالمعنى المصدري، هو التكلم القلبي، بما يدل على صدق ذلك الخبر، مكفل من اللسان، والقلب، كلام بالمعنى المصدري الذي هو التكلم بمعنى، ولعله بالمعنى المصدري. وكلام بمعنى الحاصل بالمصدر الذي هو المتكلم به. وكما أن الكلام اللساني بالمعنى المصدري الذي هو التكلم فعل اللسان كذلك الكلام القلبي بالمعنى المصدري الذي هو التكلم، فعل القلب. وكما أن الكلام اللساني بالمعنى الثاني كيفية، كذلك الكلام القلبي، إلا أن الكلام اللساني كيفية فى الصوت الذي هو كيفية في الهواء المتموج، بخلاف الكلام القلبي، فإنه كيفية في النفس، ولا استبعاد في كون المصدر فعلًا، بمعنى التأثير.
والحاصل به كيفية. محسوسة كانت، أو نفسانية، فإنهم صرحوا بأن التسخين مثلا من مقولة الفعل، والحاصل به السخونة، وهي من مقولة الكيف، ولهذا تبقى السخونة بعد تصرم التسخين، والتسخن اللذين هما الفعل والانفعال، ثم القلب من حيث أنه مصدق، أي متكلم بما يدل على صدق الخبر، أو المخبر في خبره غيره، =
الأُولَى: عبارةٌ عن حالةٍ بسيطةٍ إجماليةٍ غيرِ متجزئةٍ، من شأنها الإِفادة، فلا تقدُّم
= من حيث أنه قابل لأثر ذلك التكلم، أعني الكلام النفسي، بمعنى الحاصل بالمصدر، الذي هو عبارة عن كلمات مخيلة، وألفاظ ذهنية، مرتبة ترتيبًا ذهنيًا، على وجه لو برزت كانت عين الكلام اللفظي لمن رتبها، والمغايرة الاعتبارية كافية في مثل ذلك، كما قالوا في الطبيب إذا عالج نفسه في أمراضه النفسانية، فإن النفس الناطقة حينئذ هي المعالجة، وللمعالجة باعتبارين مختلفين. ومما ينص على أن للنفس كلامًا نفسيًا بالمعنيين، قوله تعالى:{فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} فإن {قَالَ} بدل من -أسر- أو استئناف جواب عن سؤال مقدر، نشأ من الإخبار بالإسرار المذكور، كأنه قيل: فماذا قال في نفسه في ذلك الإسرار؟ فقيل: {قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} .
وعلى التقديرين، فالآية دالة على أن للنفس كلامًا وقولًا، بالمعنى المصدري الذي هو التكلم، الذي هو فعل اختياري للنفس، وكلامًا وقولًا، بمعنى الحاصل والمصدر، الذي هو المتكلم به، والمقول الذي هو كيفية في النفس، والأول في الآية مستفاد من {قَالَ} و -أسر- والثاني هو جملة {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} ، وقوله تعالى:{يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} دليل أيضًا على المطلوب في أحد تفسيريه؛ والآيات في هذا المعنى كثيرة، مثل قوله تعالى:{فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} ، وقوله:{وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} وقوله: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} ، وقوله:{يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} ونحوها، فإن السر ما حدث الرجل به نفسه، أو غيره في مكان خال، كما في "الكشاف". فتحديث الرجل نفسه الذي هو إسراره، وإكنانه في نفسه، تكلمه النفسي الذي هو فعل اختياري للنفس، وما حدث به كلامه النفسي بمعنى المتكلم به الذي هو كيفية في النفس؛ والأحاديث أيضًا في هذا المعنى كثيرة: منها الحديث القدسي الصحيح: فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وذكرنا له تعالى في أنفسنا، تكلمنا النفسي بما يشتمل على اسمه، نحو لا إله إلا الله، أو بمجرد اسمه نحو: الله الله الله، فلأنفسنا تكلم وكلام، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، مالم تتكلم به أو تعمل به، فتحديث الأمة أنفسها، فعل اختياري لأنفسها، وما حدثت به أنفسها من الكلام النفسي، كيفية نفسانية، وفي "المعجم الصغير" للحافظ أبى القاسم سليمان بن أحمد الطبراني عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأله رجل، فقال: إني لأحدث نفسي بالشيء، لو تكلمت به لأحبطت أجري، فقال: لا يلقي ذلك الكلام إلا مؤمن، اهـ.
فتحدث الرجل السائل نفسه بالشيء المنعوت بما ذكره، هو تكلمه النفسي، والشيء المتحدث به المنعوت بالنعت المذكور، هو كلامه النفسي، بمعنى المتكلم به، وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامًا في صريح كلامه، ثم في "الجامع الكبير" للسيوطي عن قباث بن أشيم أنه قال: شهدت بدرًا مع المشركين، وإني لأنظر إلى قلة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في عيني، وكثرة من معنا من الخيل والرجال، فانهزمت فيمن انهزم، فلقد رأيتني، وإني لأنظر إلى المشركين في كل وجه، وإني لأقول في نفسي ما رأيت مثل هذا الأمر، فر منه إلا النساء، فلما كان بعد الخندق، قلت: لو قدمت المدينة، فنظرت ما يقول محمد صلى الله عليه وسلم، وقد وقع في قلب -قلبي- الإسلام، فقدمت المدينة، فسألت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هو ذاك، في ظل المسجد، في ملأ من أصحابه، فأتيته، وأنا لا أعرفه من بينهم، فسلمت، فقال: يا قباث بن أشيم، أنت القائل يوم بدر: ما رأيت مثل هذا الأمر، فر منه إلا النساء؟ قال: فقلت: أشهد أنك رسول الله، فإن هذا الأمر ما خرج مني لأحد قط، وما تزمزت به، إلا شيئًا حدثت به نفسي، فلولا أنك نبي ما أطلعك الله عليه، هلم حتى أبايعك، قال: فعرض علي الإسلام، فأسلمت، اهـ. =
فيها، ولا تأخُّر، كالقرآن في ذهن من حَفِظَهُ، فإنه يَحْضُرُ في ذهنه جملةً، حتَّى إنه يُدْرِكُهُ أيضًا. إلَّا أنه لا تفصيلَ في تلك المرتبة، وهي مبدأٌ للتفصيل.
والثانيةُ: عبارةٌ عن الصور المخيَّلة المنفعلة في الذهن. تعرَّض إليها بحرُ العلوم في «شرح مسلم» . وفي تلك المرتبة يَحْضُرُه تفصيله، نحو أن تَقْرَأَ القرآنَ في نفسك، ففيها انكشافٌ تامٌّ، وتصيلٌ كاملٌ، وإن لم يَشْعُرْ به المُخَاطَبُ.
والثالثة: عبارةٌ عن إجراء تلك الكلمات على اللسان، فالكلامُ ما دام دائرًا في النفس بسيطٌ، فإذا نَزَلَ في الخيال صار عبارةً عن كلمات مخيَّلة، ثم إذا نَزَلَ على اللسان صار كلماتٍ ملفوظةً. فالكلامُ النفسيُّ ثابتٌ عقلًا. نعم، كلامُ المصنِّف ليس إلَّا في اللفظيِّ، ومع ذلك تلك الحوادث القائمة ليست مخلوقةً. واسْتَبْعَدَهُ الحافظُ: فقال: إن في إثبات حدوثها، ونفي كونها مخلوقةً تناقضًا، لأنه لا فرقَ بين الحادث والمخلوق.
قلتُ: وهذا إنَّما نَشَأ من عدم اطلاعه على اصطلاح القدماء، فإن المخلوقَ عندهم هو المُحْدَثُ المُنْفَصِلُ، أمَّا إذا كان قائمًا لفاعله، فلا يُقَالُ له: إنه مخلوقٌ. وهذا عينُ اللغة، فإنك تقولُ: قام زيدٌ، وقَعَدَ عمرٌو، ولا تقولُ: خَلَقَ زيدٌ القيامَ، وخَلَقَ عمرٌو القعودَ، وذلك لأن القيامَ والقعودَ، وإن كانا حَادثَيْن، إلَّا أنهما ليسا بمنفصلين عن زيدٍ، وعمرٍو، فالشيءُ إذا قام بفاعله، فهو حادثٌ غيرُ مخلوقٍ.
والعجب من الحافظ حيث خَفِي عليه هذا الاصطلاحُ الجليُّ، فإن بين اللفظين بَوْنًا بعيدًا. أَلَا ترى أن المُحْدَثَ قد أطلقه القرآن بنفسه، فقال تعالى:{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}
…
إلخ [الأنبياء: 2]، وأمَّا المخلوقُ، فقد نُقِلَ عن أبي حنيفة وصاحبَيْهِ: أن من قال بخلق القرآن فقد كَفَرَ، هكذا نقله البيهقُّ في كتاب «الأسماء والصفات» . فالمُحْدَثُ وَرَد في القرآن، وإطلاقُ المخلوق أفضى إلى الكفر. وإذا دَرَيْتَ الفرقَ بينهما، هان عليك إطلاقُ الحادث على القرآن، مع نفي المخلوق عنه، ولم يَبْقَ بينهما تناقضٌ.
أمَّا الكلامُ اللفظيُّ في دائرة البشر، فهو حادثٌ ومخلوقٌ، ومعنى قول المصنِّف:«لفظي بالقرآن مخلوقٌ» ، أي إن المَوْرِدَ الذي هو صفةٌ تعالى، وإن كان قديمًا، لكن تلفُّظُنا الواردُ عليه فعلَنا وصفتَنا، وهو مخلوقٌ. ومن لم يُدْرِكْ مرادَه، ظَنَّ أنه جَعَلَ القرآنَ مخلوقًا. ومعلومٌ أن المَوْرِدَ الذي هو قائمٌ بالباري تعالى كيف يكون مخلوقًا؟ هذا تقريرُ
= فتحديثه بذلك الكلام نفسه فعل اختياري، وذلك الكلام كيفية نفسانية، إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة ههنا، انتهى من -شرح مخطوط عندي، على منظومة في العقائد- ثم إن كلامه هذا، وإن كان في المرتبة الثانية، دون الأولى التي هي بسيطة من كل وجه، لا تفصيل فيها أصلًا، إلا أني أتيت به ههنا، لمتانة في نفسه، فتفكر فيه.