الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبذلك يمكن القول: إن صلاة الركعتين قبل الجمعة يؤدي إلى مفسدة شرعية، وهي إيقاع العامة في الاعتقاد الخاطئ في أنها سنة راتبة للجمعة قبلها، وهذا الاعتقاد عين البدعة؛ فصارت هذه الصلاة المفضية إلى هذا الاعتقاد ذريعة إلى البدعة يُطلب سدها.
سواء أكان فاعل هاتين الركعتين يعلم بهذه المفسدة أم لا يعلم، وسواء أكان قاصدًا لها أم غير قاصد.
ذلك أن سدَّ الذرائع لا ينظر فيه إلى كون المتذرِع قاصدًا أو غير قاصد، ولا إلى كونه عالمًا أو غير عالم.
ومن الأمثلة على تطبيق السلف لقاعدة سد الذرائع في باب البدعة
(1):
1 -
امتناع عثمان رضي الله عنه عن قصر الصلاة وهو مسافر بمنى، فيقال له: أليس قصرت مع النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: (بلى، ولكني إمام الناس، فينظر إليَّ الأعراب وأهل البادية أصلي ركعتين فيقولون هكذا فرضت)(2).
(1) انظر الحوادث والبدع (42 - 44)، والباعث (53 - 54)، والاعتصام (2/ 31 - 35).
(2)
أخرجه أبو داود (2/ 199، 200 برقم 1961، 1964). وانظر الحوادث والبدع (42)، والباعث (57)، والاعتصام (2/ 31، 32، 106).
قال الطرطوشي تعليقًا على ذلك: (تأملوا - رحمكم الله - فإن في القصر قولين لأهل الإسلام:
منهم من يقول: فريضة
…
، ومنهم من يقول سنة
…
ثم اقتحم عثمان ترك الفرض أو السنة لمّا خاف من سوء العاقبة، وأنْ يعتقد الناس أن الفرض ركعتان) (1).
2 -
ترك بعض الصحابة رضي الله عنهم الأضحية خشية أن يظن أنها واجبة، نُقل ذلك عن أبي بكر وعمر وابن عباس رضي الله عنهم، وقال ابن مسعود رضي الله عنه:(إني لأترك أضحيتي وإني لمن أيسركم؛ مخافة أن يظن الجيران أنها واجبة)(2).
قال الطرطوشي تعليقًا على ذلك: (انظروا - رحمكم الله - فإن القول في هذا الأثر كالقول فيما قبله؛ فإن لأهل الإسلام قولين في الأضحية:
أحدهما: سنة، والثاني: واجبة.
ثم اقتحم الصحابة ترك السنة؛ حذرًا أن يضع الناس الأمر على غير وجهه، فيعتقدونها فريضة) (3).
(1) الحوادث والبدع (43).
(2)
الحوادث والبدع (43)، والباعث (57)، والاعتصام (2/ 107).
(3)
الحوادث والبدع (43 - 44).