الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنهم فرطوا في المشروع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإلا فلو قبضوا ما يسوغ قبضه، ووضعوه حيث يسوغ وضعه، طالبين بذلك إقامة دين الله، لا رياسة نفوسهم، وأقاموا الحدود المشروعة على الشريف والوضيع، والقريب والبعيد، متحرين في ترغيبهم وترهيبهم للعدل الذي شرعه الله لما احتاجوا إلى المكوس الموضوعة، ولا إلى العقوبات الجائرة، ولا إلى من يحفظهم من العبيد والمستعبدين، كما كان الخلفاء الراشدون، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم من أمراء بعض الأقاليم) (1).
القاعدة الخامسة عشرة
(15)
الخروج على الأوضاع الدينية الثابتة، وتغيير الحدود الشرعية المقدَّرة بدعة (2).
ومن الأمثلة على ذلك:
1 -
ما ذكره ابن رجب بقوله: (وأما المعاملات كالعقود والفسوخ ونحوهما؛ فما كان منها تغييرًا للأوضاع الشرعية، كجعل حد الزنا عقوبة مالية، وما أشبه ذلك فإنه مردود من أصله، لا ينتقل به الملك لأن هذا غير معهود في أحكام الإسلام.
(1) اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 598، 599).
(2)
انظر تلبيس إبليس (16، 17)، والاعتصام (2/ 86).
ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي سأله: إن ابني كان عسيفًا على فلان، فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«المئة شاة والخادم ردٌّ عليك، وعلى ابنك جلدة مئة وتغريب عام» (1).
2 -
الحيل الباطلة التي يحصل بها تحليل المحرمات أو إسقاط الواجبات، وذلك كاستحلال الربا ببيع العينة، ورد المطلقة ثلاثًا لمن طلقها بنكاح التحليل، وإسقاط فرض الزكاة بالهبة المستعارة.
قال الشاطبي: (
…
مدخل البدعة ها هنا من باب الاحتيال الذي أجازه بعض الناس، فقد عدَّه العلماء من البدع المحدثات) (2).
وقال الشيخ محمود شلتوت: (ومن ذلك إسقاط الصلاة؛ فإن أصحابها قاسوها على فدية الصوم التي ورد النص بها، ولم يقفوا عند هذا الحكم بالجواز، بل توسعوا فشرعوا لها من الحيل ما يجعلها صورة لا روح فيها، ولا أثر.
والابتداع هنا من أغرب أنواع الابتداع
…
) (3).
3 -
ويمكن أن يلحق بذلك: الحوادث التي أخبر صلى الله عليه وسلم أنها تقع وتظهر وتنتشر، وهي تجامع البدع من جهة أن كلاً منهما مؤذن بتغيير معالم
(1) جامع العلوم والحكم (1/ 181)، والحديث أخرجه البخاري (5/ 301) برقم 2695، 2696.
(2)
الاعتصام (2/ 85، 86).
(3)
البدعة (19).