الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
ما نُقل عن الإمام مالك رحمه الله تعالى.
قال ابن وضاح: (وقد كان مالك يكره كل بدعة وإن كانت في خير، ولقد كان مالك يكره المجيء إلى بيت المقدس خيفة أن يتخذ ذلك سنة، وكان يكره مجيء قبور الشهداء، ويكره مجيء قباء خوفًا من ذلك، وقد جاءت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم بالرغبة في ذلك، ولكن لما خاف العلماء عاقبة ذلك تركوه)(1).
ومن المفاسد المترتبة على إهمال العمل بقاعدة سد الذرائع في باب البدعة
(2):
1 -
مخالفة عمل السلف الصالح، فقد كانوا - كما تمَّ نقل ذلك عنهم - يتركون أمورًا جائزة أو مندوبًا إليها، ويكرهون فعلها خوفًا من البدعة.
2 -
اعتقاد العوام ومن لا علم عنده ما ليس بفريضة فريضة، أو ما ليس بسنة سنة، أو ما ليس بمشروع أنه مشروع، وهذا فساد عظيم،
(1) البدع والنهي عنها (52)، وانظر الاعتصام (1/ 347).
(2)
انظر الحوادث والبدع (66 - 70)، والباعث (38)، والاعتصام (1/ 346، 348).
لأن اعتقاد الأمر على خلاف ما هو عليه، والعمل به على هذا الحد نحوٌ من تبديل الشريعة، والخروج على أحكامها.
ومما يحسن التنبيه عليه: أن ظهور البدع وانتشارها يعد ضربًا من تبديل الشريعة بسبب طول الزمان واندراس الحق، ويعرف هذا في أصناف ثلاثة: الصغار حينما ينشأون على البدعة ويكبرون عليها، والكفار إذا أسلموا عليها، والأعراب وأهل البادية إذا تعلَّموها وحملوها معهم.
وإلحاق ذرائع البدعة بالبدعة وتسميتها باسمها إنما يصح من جهة تنزيل الشيء منزلة ما يُفضي إليه.
وهذا الإلحاق يتفاوت بحسب مرتبة الذريعة وقوة إفضائها؛ فإن كانت البدعة كبيرة، وكان الإفضاء إليها قويًا كانت الذريعة من قبيل الكبائر، وإن كانت البدعة دون ذلك فكذلك الذريعة المفضية إليها.
وبذلك يعلم أن إطلاق البدعة على الذريعة فيه تساهل وتجوُّز، وإنما صير إليه ضرورة المحافظة على أحكام الشريعة من الإحداث (1).
* * *
(1) انظر الاعتصام (1/ 306، 307، 322، 323، 2/ 21، 22، 35).