الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقرب من هذه الصورة:
الصورة الثالثة، وهي: استعمال الرأي في الوقائع قبل أن تنزل، والاشتغال بحفظ المعضلات والأغلوطات؛ لأن في الاشتغال بهذا تعطيلاً وتركًا للسنن وذريعة إلى جهلها (1).
وفي ذلك يقول الشاعر (2):
قد نقرَّ الناس حتى أحدثوا بدعًا
في الدين بالرأي لم تبعث بها الرسل
حتى استخف بدين الله أكثرهم
وفي الذي حُمِّلوا من دينه شغل
توضيح القاعدة:
هذه القاعدة خاصة بالاعتقادات والآراء والعلوم التي أُحدثت في دين الإسلام من جهة أهله الذين ينتسبون إليه، فلا يدخل تحت هذه القاعدة - بهذا النظر - اعتقادات الملاحدة والكافرين وآراؤهم وعلومهم وإن كانت معارضة لدين الإسلام.
(1) انظر جامع بيان العلم وفضله (2/ 1054)، وإعلام الموقعين (1/ 69)، والاعتصام (1/ 103، 104)، (2/ 335).
(2)
جامع بيان العلم وفضله (2/ 950).
وبيان هذه القاعدة مرتبط بمعرفة أصل عظيم من أصول هذا الدين ألا وهو وجوب التسليم التام للوحي وعدم الاعتراض عليه.
قال ابن تيمية: (
…
فلهذا كانت الحجة الواجبة الإتباع: الكتاب والسنة والإجماع، فإن هذا حق لا باطل فيه، واجب الإتباع، لا يجوز تركه بحال
…
وليس لأحد الخروج عن شيء مما دلت عليه) (1).
والمعارضة لما جاء به الوحي تشمل: معارضته بالآراء والمعتقدات، وبالأقوال وبالأعمال.
وهذه القاعدة متعلقة ببيان معارضة الوحي بالاعتقادات والآراء والأقوال، أما ما يتعلق بمعارضته بالأعمال فسيأتي بيانه في القاعدتين الرابعة عشرة والخامسة عشرة.
وإليك فيما يأتي كلام بعض أهل العلم في تقرير هذه القاعدة:
قال الشافعي: (والبدعة: ما خالف كتابًا أو سنة أو أثرًا عن بعض أصحاب
…
الرسول صلى الله عليه وسلم) (2).
وقال ابن تيمية: (وما خالف النصوص فهو بدعة باتفاق المسلمين)(3).
وقال الشاطبي: (والرأي إذا عارض السنة فهو بدعة وضلالة)(4).
(1) مجموع الفتاوى (19/ 5).
(2)
إعلام الموقعين (1/ 80).
(3)
مجموع الفتاوى (20/ 163).
(4)
الاعتصام (2/ 335).