الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُنظر في مقصود قائلها: فإن كان معنى صحيحًا قُبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص دون الألفاظ المجملة إلا عند الحاجة، مع قرائن تبين المراد.
والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطَب بها ونحو
…
ذلك) (1).
وبهذا يعلم أن من (السنة اللازمة: السكوتَ عما لم يرد فيه نص عن الله ورسوله أو يتفق عليه المسلمون على إطلاقه، وترْكَ التعرض لها بنفي أو إثبات، فكما لا يُثبت إلا بنص شرعي فكذلك لا يُنفى إلا بدليل سمعي)(2).
توضيح القاعدة:
هذه القاعدة خاصة بأمور العقيدة التي لم يرد ذكر لها في نصوص الكتاب والسنة، واتفق الصحابة والتابعون على ترك الكلام عليها.
وهي صنو القاعدتين: الثالثة والرابعة الخاصتين بالعبادات التي لم ينقل فعلها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أو التابعين.
(1) شرح العقيدة الطحاوية (239)، وانظر منه (109، 110).
(2)
عقيدة الحافظ عبد الغني (113).
ولهذه القاعدة أهمية بالغة في إبطال البدع والرد على أهلها، حيث اعتمد أئمة السلف - كثيرًا - على هذه القاعدة في مناظراتهم للمبتدعة والرد عليهم.
فمن ذلك: أن الإمام الشافعي قال لبشر المريسي: (أخبرني عما تدعو إليه؟ أكتاب ناطق وفرض مفترض وسنة قائمة ووجدت عن السلف البحث فيه والسؤال) فقال بشر: (لا إنه لا يسعنا خلافه) فقال الشافعي: (أقررت بنفسك على الخطأ. . .)(1).
وقال الإمام أحمد لابن أبي دؤاد يسأله: (خبِّرني عن هذا الأمر الذي تدعو الناس إليه: أشيء دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: (لا
…
) قال: (ليس يخلو أن تقول: علموه أو جهلوه؛ فإن قلتَ علموه وسكتوا عنه وسعنا وإياك من السكوت ما وسع القوم، وإن قلتَ: جهلوه وعلمتَه أنت فيا لكع بن لكع يجهل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم شيئًا وتعلمه أنت وأصحابك)(2).
وإليك فيما يأتي ما يقرر هذه القاعدة من كلام أهل العلم:
1 -
قال سعيد بن جبير: (ما لم يعرفه البدريون فليس من الدين)(3).
(1) انظر صون المنطق والكلام (30).
(2)
انظر الشريعة (63).
(3)
أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 771) برقم 1425، وانظر مجموع الفتاوى (4/ 5) وقد تقدم.
2 -
قال مالك بن أنس: (إياكم والبدع، فقيل: يا أبا عبد الله وما البدع؟ قال: أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان)(1).
3 -
قال الشافعي: (كل من تكلم بكلام في الدين أو في شيء من هذه الأهواء ليس له فيه إمام متقدم من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقد أحدث في الإسلام حدثًا)(2).
4 -
قال بعض السلف: (ما تكلم فيه السلف فالسكوت عنه جفاء، وما سكت عنه السلف فالكلام فيه بدعة)(3).
5 -
قال البربهاري: (واعلم أن الناس لو وقفوا عند محدثات الأمور، ولم يجاوزوها بشيء، ولم يولدوا كلامًا مما لم يجئ فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه لم تكن بدعة)(4).
(1) أخرجه قوام السنة في الحجة في بيان المحجة (1/ 103، 104)، وانظر شرح السنة للبغوي (1/ 217)، والعين والأثر (61)، والأمر بالإتباع (70)، وصون المنطق والكلام (57).
(2)
صون المنطق والكلام (150).
(3)
صون المنطق والكلام (131).
(4)
شرح السنة (46).