الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكل خطْبَة قيادا وَلكُل أَمر مهادا
أهملت ذكره فِي هَذَا الْكتاب لكَونه لم يكْتب بِهِ لأحد
219
-
الْمَذْهَب الرَّابِع
فِي عهود الْمُلُوك أَن يفْتَتح الْعَهْد بِالْحَمْد لله وَهُوَ الَّذِي اسْتَقر عَلَيْهِ عمل الْمُتَأَخِّرين من كتاب الديار المصرية على أَن الْمقر الشهابي بن فضل الله قد أنكر على الصاحب فَخر الدّين بن لُقْمَان حَيْثُ افْتتح الْعَهْد الَّذِي كتب بِهِ للظَّاهِر بيبرس بِالْحَمْد وَقَالَ لَيْسَ ابْن لُقْمَان بِحجَّة ثمَّ قَالَ على أَن القَاضِي مُحي الدّين قد تبعه فِيمَا كتب بِهِ للمنصور قلاوون وَلَا وَجه لإنكاره على ابْن لُقْمَان فقد كتب بِمثل ذَلِك من ديوَان الْخلَافَة بِبَغْدَاد عَن الإِمَام الْمُسْتَنْصر بِاللَّه بن الظَّاهِر بِأَمْر الله بن النَّاصِر لدين الله العباسي للسُّلْطَان الْملك الْكَامِل نصير الدّين مُحَمَّد بن الْعَادِل أبي بكر من إنْشَاء الْوَزير أبي الْأَزْهَر أَحْمد بن النَّاقِد بِخَط الْعدْل نَاصِر بن رشيد الخرنومي فِي شهر رَجَب الْفَرد سنة ثَلَاثِينَ وسِتمِائَة إِلَّا أَنه جرى فِيهِ على
الأسلوب الْقَدِيم من قَوْلهم فِي أوَامِر الْخلَافَة أمره بِكَذَا وَأمره بِكَذَا
وَهَذِه نسخته فِيمَا ذكره البوري فِي تَارِيخه
الْحَمد لله الَّذِي اطمأنت الْقُلُوب بِذكرِهِ وَوَجَب على الْخَلَائق جزيل حَمده وشكره ووسعت كل شَيْء رَحمته وَظَهَرت فِي كل أَمر حكمته وَدلّ على وحدانيته بعجائب مَا أحكم صنعا وتدبيرا وَخلق كل شَيْء فقدره تَقْديرا ممد الشَّاكِرِينَ بنعمائه الَّتِي لَا تحصى عددا وعالم الْغَيْب الَّذِي لَا يظْهر على غيبه أحدا لَا معقب لحكمه فِي الإبرام والنقض وَلَا يؤوده حفظ السَّمَوَات وَالْأَرْض تَعَالَى أَن يُحِيط بِهِ الضَّمِير وَجل أَن يبلغ وَصفه الْبَيَان وَالتَّفْسِير {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير} وَالْحَمْد لله الَّذِي أرسل مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ بشيرا وَنَذِيرا {وداعيا إِلَى الله بِإِذْنِهِ وسراجا منيرا}
وابتعثه هاديا لِلْخلقِ وأوضح بِهِ مناهج الرشد وسبل الْحق واصطفاه من أشرف الْأَنْسَاب وأعز الْقَبَائِل واجتباه لإيضاح الْبَرَاهِين والدلائل وَجعله لَدَيْهِ أعظم الشفعاء وَأقرب الْوَسَائِل فقذف صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ على الْبَاطِل وَحمل النَّاس بِشَرِيعَتِهِ الهادية على المحجة الْبَيْضَاء وَالسّنَن الْعَادِل حَتَّى استقام اعوجاج كل زائغ وَرجع إِلَى الْحق كل جَاحد عَنهُ ومائل وَسجد لله كل شَيْء {يتفيأ ظلاله عَن الْيَمين وَالشَّمَائِل} صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الْكِرَام الأفاضل صَلَاة مستمرة بالغدوات والأصائل خُصُوصا على عَمه وصنو أَبِيه الْعَبَّاس ابْن عبد الملطب الَّذِي اشتهرت مناقبه فِي المجامع والمحافل وَدرت ببركة الاسْتِسْقَاء بِهِ أخلاف السحب الهواطل وفارقتتنصيص الرَّسُول على عقبَة فِي فِي الْخلَافَة المعظمة بِمَا لم يفز بِهِ أحد من الْأَوَائِل
وَالْحَمْد لله الَّذِي حَاز مَوَارِيث النُّبُوَّة والإمامة ووفر جزيل الْأَقْسَام من الْفضل والكرامة لعَبْدِهِ وخليفته ووارث نبيه ومحي شَرِيعَته الَّذِي أحله الله عز وجل من معارج الشّرف والجلال فِي أرفع ذرْوَة وأعلقه من حسن
التَّوْفِيق الإلهي بأمتن عصمَة وأوثق عُرْوَة واستخرجه من أشرف نجار وعنصر واختصه بأزكى منحه وَأعظم مفخر ونصبه للْمُؤْمِنين علما وَاخْتَارَهُ للْمُسلمين إِمَامًا وَحكما وناط بِهِ أَمر دينه الحنيف وَجعله قَائِما بِالْعَدْلِ والإنصاف بَين القوى والضعيف إِمَام الْمُسلمين وَخَلِيفَة رب الْعَالمين أبي جَعْفَر الْمَنْصُور الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ بن الإِمَام السعيد النقي أبي نصر مُحَمَّد الظَّاهِر بِأَمْر الله بن الإِمَام الوفي أبي الْعَبَّاس أَحْمد النَّاصِر لدين الله بن الإِمَام السعيد الزكي أبي مُحَمَّد الْحسن المستضيء بِأَمْر الله أَمِير الْمُؤمنِينَ 220 صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وعَلى آبَائِهِ الطاهرين الْأَئِمَّة المهديين الَّذين قضوا بِالْحَقِّ وَبِه كَانُوا يعدلُونَ ولقوا الله تَعَالَى وَهُوَ عَنْهُم رَاض وهم عَنهُ راضون
وَبعد فبحسب مَا أفاضه الله تَعَالَى على أَمِير الْمُؤمنِينَ صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه من خِلَافَته فِي الأَرْض وفوضه إِلَى نظره الْمُقَدّس فِي الْأُمُور من الإبرام والنقض واستخلصه لَهُ من حياطة بِلَاده وعباده ووكله إِلَى شرِيف نظره ومقدس اجْتِهَاده لَا يزَال صلوَات الله عَلَيْهِ يكلأ
الْعباد بِعَين الرِّعَايَة ويسلك بهم فِي الْمصَالح الْعَامَّة والخاصة مَذَاهِب الرشد وسبيل الْهِدَايَة وينشر عَلَيْهِم جناحي عدله وإحسانه وينعم لَهُم النّظر فِي إرشاد الْأُمَنَاء الصلحاء من خلصاء أكفائه وأعوانه متخيرا للاسترعاء من استحمد إِلَيْهِ بمشكور المساعي وتعرف إِلَيْهِ فِي سياسة الرعايا بجميل الْأَسْبَاب والدواعي وسلك فِي مَفْرُوض الطَّاعَة الْوَاجِبَة على الْخَلَائق قصد السَّبِيل وَعلم مِنْهُ حسن الاضطلاع فِي مصَالح الْمُسلمين بالعبء الثقيل وَالله عز وجل يُؤَيّد أراء أَمِير الْمُؤمنِينَ صلوَات الله عَلَيْهِ بالتأييد والتسديد ويمده أبدا من أَقسَام التَّوْفِيق الإلهي بالموفور والمزيد ويقرن عَزَائِمه الشَّرِيفَة بِالْيمن والنجاح ويسنى لَهُ فِيمَا يَأْتِي ويذر أَسبَاب الْخَيْر وَالصَّلَاح وَمَا توفيق أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ يتوكل وَإِلَيْهِ ينيب
وَلما وفْق الله تَعَالَى نصير الدّين مُحَمَّد بن سيف الدّين أبي بكر بن أَيُّوب من الطَّاعَة الْمَشْهُورَة
والخدم المشكورة والحظوة فِي جِهَاد أَعدَاء الدّين بالمساعي الصَّالِحَة والفوز من المراضي الشَّرِيفَة الإمامية أجلهَا الله تَعَالَى بالمغانم الجزيلة والصفقة الرابحة لما وصل فِيهِ سالف شرِيف الِاخْتِصَاص بآنفه وشفع تالده فِي تَحْصِيل مأثور الاستخلاص بطارفة واستوجب بسلوكه من الطَّاعَة الْمَفْرُوضَة مزِيد الْإِكْرَام والتفضيل 220 ب وضرع فِي الإنعام عَلَيْهِ بمنشور شرِيف إمامي يسْلك فِي اتِّبَاعه هداه وَالْعَمَل بمراشده سَوَاء الصِّرَاط وَقصد السَّبِيل اقْتَضَت الآراء الشَّرِيفَة المقدسة زَادهَا الله تَعَالَى جلالا متألق الْأَنْوَار وقدسا يتساوى فِي تَعْظِيمه من هُوَ مستخف بِاللَّيْلِ وسارب بِالنَّهَارِ الإيعاز بإجابته إِلَى مَا وَجه أمله إِلَى الإنافة فِيهِ بِهِ إِلَيْهِ والجذب بضبعه إِلَى ذرْوَة الاجتباء الَّذِي تظهر أشعة أنواره الباهرة عَلَيْهِ فقلده على خيرة الله تَعَالَى الزعامة والغلات وأعمال الْحَرْب والمعاون والأحداث وَالْخَرَاج والضياع وَالصَّدقَات والجوالي وَسَائِر وُجُوه الجبايات وَالْعرض وَالعطَاء وَالنَّفقَة فِي الْأَوْلِيَاء والمظالم والحسبة فِي بِلَاده وَمَا يَفْتَحهُ
ويستولي عَلَيْهِ من بِلَاد الفرنج الملاعين وبلاد من تبرز إِلَيْهِ الْأَوَامِر الشَّرِيفَة بِقَصْدِهِ من المارقين عَن الْإِجْمَاع المنعقد من الْمُسلمين وَيَتَعَدَّى حُدُود الله تَعَالَى بمخالفة من حصل من الْأَعْمَال الصَّالِحَات بولائه الْمَفْرُوض على الْخَلَائق مَقْبُولَة وطاعته ضاعف الله جَلَاله بِطَاعَتِهِ وَطَاعَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَوْصُولَة حَيْثُ قَالَ الله عز من قَائِل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} وَاعْتمد صلوَات الله عَلَيْهِ وَسَلَامه فِي ذَلِك على حسن نظره ومدد رعايته وَألقى مقاليد التَّفْوِيض إِلَى وفور اجْتِهَاده وَكَمَال سياسته وَخَصه من هَذَا الإنعام الجزيل بِمَا يبْقى لَهُ على تعاقب الدَّهْر واستمراره ويخلد على ممر الزَّمَان حسن ذكره وجزيل فخاره وحباه بتقليد يوطد لَهُ قَوَاعِد الممالك وَيفتح بإقليده رتاج الْأَبْوَاب والمسالك ويفيد قَاعِدَته فِي بِلَاده زِيَادَة تَقْرِير وتمهيد ويطير بِهِ صيته فِي كل قريب وبعيد ووسمه بِالْملكِ الْأَجَل السَّيِّد الْكَامِل
الْمُجَاهِد المرابط نصير الدّين 221 أركن الْإِسْلَام أثير الْأَنَام تَاج الْمُلُوك والسلاطين قامع الْكَفَرَة وَالْمُشْرِكين قاهر الْخَوَارِج والمتمردين ألب غَازِي بك مُحَمَّد بن أبي بكر ابْن أَيُّوب معِين أَمِير الْمُؤمنِينَ رِعَايَة لسوابق خدمه وخدم أسلافه وآبائه عَن وفور اجتبائه وَكَمَال ازدلافه وإنافة من ذرْوَة الْقرب إِلَى مَحل كريم واختصاصا لَهُ بِالْإِحْسَانِ الَّذِي لَا يلقاه إِلَّا من هُوَ كَمَا قَالَ تَعَالَى {ذُو حَظّ عَظِيم} وثوقا بِصِحَّة ديانته الَّتِي يسْلك فِيهَا سَوَاء سَبيله واستنامة إِلَى أَمَانَته فِي الْخدمَة الَّتِي ينصح فِيهَا لله تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وركونا إِلَى الإنعام عَلَيْهِ مَوْضُوعا بِحَمْد الله تَعَالَى فِي أحسن مَوضِع وَاقعا بِهِ لَدَيْهِ فِي خبر مُسْتَقر ومستودع
وأمير الْمُؤمنِينَ صلوَات الله عَلَيْهِ لَا زَالَت الْخيرَة مَوْصُولَة بآرائه والتأييد الإلهي مَقْرُونا بإنفاذه وإمضائه يستمد من الله عز وجل حسن الْإِعَانَة فِي اصطفائه الَّذِي اقْتَضَاهُ نظره الشريف واعتماده وَأدّى إِلَيْهِ ارتياده الْمُقَدّس الإمامي واجتهاده وَحسب أَمِير الْمُؤمنِينَ الله وَنعم الْوَكِيل
وَأمره بتقوى الله تَعَالَى الَّتِي هِيَ الْجنَّة الواقية وَالنعْمَة الْبَاقِيَة والملجأ المنيع والعماد الرفيع والذخيرة النافعة فِي السِّرّ والنجوى والجذوة المقتبسة من قَول تَعَالَى {وتزودوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} وَأَن يدرع بشعارها فِي جَمِيع الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال ويهتدي بأنوارها فِي مشكلات الْأُمُور وَالْأَحْوَال وَأَن يعْمل بهَا سرا وجهرا ويشرح للْقِيَام بحدودها الْوَاجِبَة صَدرا قَالَ الله تَعَالَى {وَمن يتق الله يكفر عَنهُ سيئاته ويعظم لَهُ أجرا}
وَأمره بِتِلَاوَة كتاب الله متدبرا غوامض عجائبه سالكا سبل الرشاد وَالْهِدَايَة فِي الْعَمَل بِهِ وَأَن يَجعله مِثَالا يتبعهُ ويقتفيه ودليلا يهتدى بمراشده الْوَاضِحَة فِي أوامره ونواهيه فَإِنَّهُ 221 ب الثّقل الْأَعْظَم وَسبب الله الْمُحكم وَالدّين الَّذِي يهدي بِهِ إِلَى الَّتِي هِيَ أقوم ضرب الله تَعَالَى فِيهِ لِعِبَادِهِ جَوَامِع الْأَمْثَال وَبَين لَهُ بهداه الرشد والضلال وَفرق بدلائله الْوَاضِحَة بَين الْحَرَام والحلال فَقَالَ عز من قَائِل {هَذَا بَيَان للنَّاس وَهدى وموعظة لِلْمُتقين}
وَقَالَ تَعَالَى {كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك مبارك ليدبروا آيَاته وليتذكر أولُوا الْأَلْبَاب}
وَأمره بالمحافظة على مَفْرُوض الصَّلَوَات وَالدُّخُول فِيهَا على أكمل هَيْئَة من قوانين الْخُشُوع والإخبات وَأَن يكون نظره فِي مَوضِع نَجوَاهُ من الأَرْض وَأَن يمثل لنَفسِهِ فِي ذَلِك موقفه بَين يَدي الله تَعَالَى يَوْم الْعرض قَالَ الله تَعَالَى {قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ الَّذين هم فِي صلَاتهم خاشعون} وَقَالَ تَعَالَى {إِن الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتا} وَأَن لَا يشغل بشاغل عَن أَدَاء فروضها الْوَاجِبَة وَلَا يلهو بِسَبَب عَن إِقَامَة سننها الرَّاتِبَة فَإِنَّهَا عماد الدّين الَّذِي نمت أعاليه ومهاد الشَّرْع الَّذِي رست قَوَاعِده ومبانيه قَالَ الله تَعَالَى {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ} وَقَالَ سُبْحَانَهُ {إِن الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر}
وَأمره أَن يسْعَى إِلَى صلوَات الْجمع والأعياد وَيقوم فِي ذَلِك بِمَا فَرْضه الله تَعَالَى عَلَيْهِ وعَلى الْعباد وَأَن يتَوَجَّه إِلَى الْجَوَامِع والمساجد متواضعا ويبرز إِلَى الْمُصَليَات الضاحية فِي الأعياد خَاشِعًا وَأَن يحافظ فِي تشييد قَوَاعِد الْإِسْلَام على الْوَاجِب وَالْمَنْدُوب ويعظم باعتماد ذَلِك شَعَائِر الله الَّتِي هِيَ من تقوى الْقُلُوب وَأَن يَشْمَل بوافر اهتمامه واعتنائه وَكَمَال نظره وإرعائه بيُوت الله الَّتِي هِيَ محَال البركات ومواطن الْعِبَادَات والمساجد الَّتِي تَأَكد فِي تعظيمها وإجلالها حكمه والبيوت الَّتِي أذن الله أَن ترفع وَيذكر فِيهَا اسْمه وَأَن يرتب لَهَا من الخدم من يتبتل لإِزَالَة أدناسها ويتصدى لإذكاء مصابيحها فِي الظلام وإيناسها وَيقوم لَهَا بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من أَسبَاب الصّلاح والعمارات ويحضر إِلَيْهَا مَا يَلِيق من الْفرش والكسوات
وَأمره بِاتِّبَاع سنة النَّبِي صلى الله عليه وسلم الَّتِي أوضح جددها وثقف أودها وَأَن يعْتَمد فِيهَا على الْأَسَانِيد الَّتِي
نقلهَا الثِّقَات وَالْأَحَادِيث الَّتِي صحت بالطرق السليمة وَالرِّوَايَات وَأَن يَقْتَضِي بِمَا جَاءَت بِهِ من مَكَارِم الْأَخْلَاق الَّتِي ندب صلى الله عليه وسلم إِلَى التَّمَسُّك بِسَبَبِهَا وَرغب أمته فِي الْأَخْذ بهَا وَالْعَمَل بآدابها قَالَ الله تَعَالَى {وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} وَقَالَ سبحانه وتعالى {من يطع الرَّسُول فقد أطَاع الله}
وَأمره بمجالسة أهل الْعلم وَالدّين وأولي الاخلاص فِي طَاعَة الله والمتقين والاستشارة فِي عوارض الشَّك والالتباس وَالْعَمَل بآرائهم فِي التَّمْثِيل وَالْقِيَاس فَإِن الاستشارة لَهُم عين الْهِدَايَة وَأمن من الضلال والغواية وَبهَا تلقح عقم الأفهام والألباب ويقتدح زناد الرشد وَالصَّوَاب قَالَ الله تَعَالَى فِي الْإِرْشَاد إِلَى فَضلهَا وَالْأَمر فِي التَّمَسُّك بحبلها {وشاورهم فِي الْأَمر}
وَأمره بمراعاة أَحْوَال الْجند والعسكر فِي ثغوره وَأَن يشملهم بِحسن نظره الْجَمِيل وَجَمِيل تَدْبيره مستصلحا
نياتهم بإدامة التلطف والتعهد مستوضحا أَحْوَالهم بمواصلة التفحص والتفقد وَأَن يسوسهم سياسة تبعثهم على سلوك الْمنْهَج السَّلِيم ويهديهم فِي انتظامها واتساقها إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم ويحملهم على الْقيام بشرائط الخدم والتلزم بهَا بأقوى الْأَسْبَاب وأمتن العصم ويدعوهم إِلَى مصلحَة التواصل والائتلاف ويصدهم عَن مُوجبَات التخاذل وَالِاخْتِلَاف وَأَن يعْتَمد فيهم شَرَائِط الحزم فِي الْإِعْطَاء وَالْمَنْع وَمَا تَقْتَضِيه مصلحَة أَحْوَالهم من أَسبَاب الْخَفْض وَالرَّفْع وَأَن يثيب المحسن على إحسانة ويسبل على الْمُسِيء مَا وَسعه الْعَفو واحتمله الْأَمر ذيل صفحه وامتنانه وَأَن يَأْخُذ بِرَأْي ذَوي التجارب مِنْهُم وَالْحكمَة ويجتني بمشاورتهم فِي الْأَمر ثَمَر الشّركَة إِذْ فِي ذَلِك أَمن من خطأ الِانْفِرَاد وتزحزح عَن مقَام الزيغ والاستبداد
وَأمره بالتبتل بِمَا يَلِيهِ من الْبِلَاد ويتصل بنواحيه من ثغور أولي الشّرك والعناد وَأَن يصرف مجامع الالتفاف
إِلَيْهَا ويخصها بوفور الاهتمام بهَا والتطلع عَلَيْهَا وَأَن يَشْمَل مَا ببلاده من الْحُصُون والمعاقل بالاحكام والاتقان وَيَنْتَهِي فِي أَسبَاب مصالحها إِلَى غَايَة الوسع وَنِهَايَة الْإِمْكَان وَأَن يشحنها بالميرة الْكَثِيرَة والذخائر ويمدها من الأسلحة والآلات بِالْعدَدِ المستصلح الوافر وَأَن يتَخَيَّر حراسها من الْأُمَنَاء التقاة ويسدها بِمن ينتخبه من الشجعان الكماة وَأَن يتَأَكَّد عَلَيْهِم فِي اسْتِعْمَال النَّفَقَات الْحفظَة والاستظهار ويوقظهم للاحتراس من غوائل الْغَفْلَة والاغترار وَأَن يكون الْمشَار إِلَيْهِم مِمَّن ربوا فِي ممارسة الحروب على مكافحة الشدائد وتدربوا فِي نصب الحبائل للْمُشْرِكين وَالْأَخْذ عَلَيْهِم بالمراصد وَأَن يعْتَمد هَذَا الْقَبِيل بمواصلة المدد وَكَثْرَة الْعدَد والتوسعة فِي النَّفَقَة وَالعطَاء وَالْعَمَل مَعَهم بِمَا يَقْتَضِيهِ حَالهم وتفاوتهم فِي التَّقْصِير والغناء إِذْ فِي ذَلِك حسم لمادة الأطماع فِي بِلَاد الْإِسْلَام ورد لكيد المعاندين من عَبدة الْأَصْنَام فمعلوم أَن هَذَا الْغَرَض أولى مَا وجهت إِلَيْهِ العنايات وصرفت وأحق مَا قصرت عَلَيْهِ الهمم ووقفت فَإِن الله تَعَالَى جعله من
أهم الْفُرُوض الَّتِي كرم فِيهَا الْقيام بِحقِّهِ وأكبر الْوَاجِبَات الَّتِي كتب الْعَمَل بهَا على خلقه فَقَالَ سبحانه وتعالى هاديا فِي ذَلِك إِلَى سَبِيل الرشاد ومحرضا لِعِبَادِهِ على قيامهم بفروض الْجِهَاد {ذَلِك بِأَنَّهُم لَا يصيبهم ظمأ وَلَا نصب وَلَا مَخْمَصَة فِي سَبِيل الله وَلَا يطؤون موطئا يغِيظ الْكفَّار وَلَا ينالون من عَدو نيلا إِلَّا كتب لَهُم بِهِ عمل صَالح إِن الله لَا يضيع أجر الْمُحْسِنِينَ وَلَا يُنْفقُونَ نَفَقَة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة وَلَا يقطعون وَاديا إِلَّا كتب لَهُم لِيَجْزِيَهُم الله أحسن مَا كَانُوا يعْملُونَ} وَقَالَ تَعَالَى (واقتلو حَيْثُ ثقفتموهم) وَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من نزل منزلا يخيف بِهِ الْمُشْركين ويخيفونه كَانَ لَهُ كَأَجر ساجد لَا يرفع رَأسه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأجر قَائِم لَا يقْعد إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأجر صَائِم لَا يفْطر وَقَالَ عليه السلام غدْوَة فِي سَبِيل الله أَو رَوْحَة خير مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس هَذَا قَوْله صلى الله عليه وسلم فِي حق من سمع هَذِه الْمقَالة فَوقف لَدَيْهَا فَكيف بِمن
كَانَ كَمَا قَالَ عليه السلام أَلا أخْبركُم بِخَير النَّاس مُمْسك بعنان فرسه كلما سمع هيعة طَار إِلَيْهَا
وَأمره باقتفاء أوَامِر الله تَعَالَى فِي رعاياه والاهتداء إِلَى رِعَايَة الْعدْل والانصاف والاحسان بمراشده الْوَاضِحَة ووصاياه وَأَن يسْلك فِي السياسة سبل الصّلاح ويشملهم بلين الكنف وخفض الْجنَاح ويمد ظلّ رعايته على مسلمهم ومعاهدهم ويزحزح الأقذاء والشوائب عَن مناهلهم فِي الْعدْل ومواردهم فَينْظر فِي مصالحهم نظرا يُسَاوِي فِيهِ بَين الضَّعِيف وَالْقَوِي وَيقوم بأودهم قيَاما يَهْتَدِي بِهِ ويهديهم فِيهِ إِلَى الصِّرَاط السوي قَالَ الله تَعَالَى {إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان وإيتاء ذِي الْقُرْبَى وَينْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَالْبَغي يعظكم لَعَلَّكُمْ تذكرُونَ}
وَأمره بِاعْتِبَار أَسبَاب الِاسْتِظْهَار والأمنة واستقصاء الطَّاعَة المستطاعة وَالْقُدْرَة الممكنة فِي المساعدة على قَضَاء تفث حجاج بَيت الله الْحَرَام وزوار نبيه عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأَن يمدهُمْ بالإعانة فِي ذَلِك على تَحْقِيق الرَّجَاء وبلوغ المرام ويحرسهم من التخطف
والأذى فِي حالتي الظعن وَالْمقَام فَإِن الْحَج أحد أَرْكَان الدّين المشيدة وفروضه الْوَاجِبَة الْمُؤَكّدَة قَالَ الله تَعَالَى {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت}
وَأمره بتقوية أَيدي العاملين بِحكم الشَّرْع فِي الرعايا وتنفيذ مَا يصدر عَنْهُم من الْأَحْكَام والقضايا وَالْعَمَل بأقوالهم فِي مَا يثبت لِذَوي الِاسْتِحْقَاق والشد على أَيْديهم فِيمَا يرونه من الْمَنْع وَالْإِطْلَاق وَأَنه مَتى تَأَخّر أحد الْخَصْمَيْنِ عَن إِجَابَة دَاعِي الحكم أَو تقاعس فِي ذَلِك لما يلْزم من الْأَدَاء والعدم جذبه بعنان القسر إِلَى مجْلِس الشَّرْع واضطره بِقُوَّة الْإِنْصَاف إِلَى الْأَدَاء بعد الْمَنْع وَأَن يتوخى عُمَّال الْوُقُوف الَّتِي تقرب المتقربون بهَا واستمسكوا فِي ثَوَاب الله بمتين حبلها وَأَن يمدهُمْ بجميل المعاونة والمساعدة وَحسن المؤازرة والمعاضدة فِي الْأَسْبَاب الَّتِي تؤذن بالعمارة والاستنماء وتعود عَلَيْهَا بِالْمَصْلَحَةِ والاستخلاص والاستيفاء قَالَ الله تَعَالَى {وتعاونوا على الْبر وَالتَّقوى}
وَأمره أَن يتَخَيَّر من أولي الْكِفَايَة والنزاهة من يستخلصه للخدم والأعمال وَالْقِيَام بِالْوَاجِبِ من أَدَاء الْأَمَانَة والحراسة والتمييز لبيت المَال وَأَن يَكُونُوا من ذَوي الاضطلاع بشرائط الخدم الْمعينَة وأمورها والمهتدين إِلَى مسالك صَلَاحهَا وتدبيرها وَأَن يتَقَدَّم إِلَيْهِم بِأخذ الْحُقُوق من وجوهها المتيقنة وجبايتها فِي أَوْقَاتهَا الْمعينَة إِذْ ذَاك من لَوَازِم مصَالح الْجند ووفور الِاسْتِظْهَار وموجبات قُوَّة الشَّوْكَة لَهُ بِكَثِير الأعوان وَالْأَنْصَار وَأَسْبَاب الحيطة الَّتِي تحمى بهَا الْبِلَاد والأمصار وَيَأْمُرهُمْ بالجري فِي الطسوق والشروط على النمط الْمُعْتَاد وَالْقِيَام فِي مصَالح الْأَعْمَال على أَقْدَام الْجد وَالِاجْتِهَاد وَإِلَى العاملين على الصَّدقَات بِأخذ الزكوات على مَشْرُوع السّنَن المهيع وَقصد الصِّرَاط المتبع من غير عدُول فِي ذَلِك عَن الْمِنْهَاج الشَّرْعِيّ أَو تساهل فِي تَبْدِيل حكمهَا الْمَفْرُوض وقانونها المرعي فَإِذا أخذت من أَرْبَابهَا الَّذين يطهرون ويزكون بهَا كَانَ
الْعَمَل فِي صرفهَا إِلَى مستحقيها بِحكم الشَّرِيعَة النَّبَوِيَّة وموجبها وَإِلَى جباة الْجِزْيَة من أهل الذِّمَّة بالمطالبة بأدائها فِي أول السّنة واستيفائها مِنْهُم على حسب أَحْوَالهم بِحكم الْعَادة فِي الثروة المسكنة إِجْرَاء فِي ذَلِك على حكم الِاسْتِمْرَار والانتظام ومحافظة على عَظِيم شَعَائِر الاسلام
وَأمره أَن يتطلع على أَحْوَال كل من يَسْتَعْمِلهُ فِي أَمر من الْأُمُور ويصرفه فِي مصلحَة من مصَالح الْجُمْهُور تطلعا يَقْتَضِي الْوُقُوف على حقائق أماناتهم وَيُوجب تهذيبهم فِي حركاتهم وسكناتهم ذَهَابًا مَعَ النصح لله تَعَالَى فِي بريته وَعَملا فِيهِ بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم كلكُمْ رَاع وكلكم مسئول عَن رَعيته وَأمره أَن يستصلح من ذَوي الاضطلاع والغناء من يرتب الْعرض وَالعطَاء وَالنَّفقَة فِي الْأَوْلِيَاء وَأَن يَكُونُوا من الْمَشْهُورين بالحزم والبصيرة والموسومين فِي المناصحة بإخلاص الطوية وإصفاء السريرة حَالين من الْأَمَانَة والصون بِمَا يزين
ناكبين عَن مظان الشّبَه والطمع الَّذِي يصم ويشين وَأَن يَأْمُرهُم بِاتِّبَاع عادات أمثالهم فِي ضبط أَسمَاء الرِّجَال وتحلية الْأَشْخَاص والأشكال وَاعْتِبَار شيات الْخُيُول وَإِثْبَات أعدادها وتحريض الْجند على تخيرها واقتناء جيادها وبذل الْجهد فِي قيامهم من الكراع واليزك وَالسِّلَاح بِمَا يلْزمهُم وَالْعَمَل بقوله تَعَالَى {وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل ترهبون بِهِ عَدو الله وَعَدُوكُمْ وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ} فَإِذا نطقت جرائد الْجند الْمَذْكُورين بِمَا أثبت لديهم وحقق الِاعْتِبَار والعيان قيامهم بِمَا أوجب عَلَيْهِم أطلقت لَهُم المعايش والأرزاق بِحَسب إقراراتهم وأوصلت إِلَيْهِم بِمُقْتَضى واجباتهم واستحقاقاتهم فَإِن هَذَا الْحَال أصل حراسة الْبِلَاد والعباد وَقيام الْأَمر فِيمَا أوجبه الله تَعَالَى من الاستعداد بِفَرْض الْجِهَاد قَالَ الله تَعَالَى {وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا وَإِن الله لمع الْمُحْسِنِينَ}
وَأمره بتفويض أَمر الْحِسْبَة إِلَى من يكون بأمرها مضطلعا وللسنة النَّبَوِيَّة فِي إِقَامَة حُدُودهَا مُتبعا فيعتمد فِي الْكَشْف عَن أَحْوَال الْعَامَّة فِي تصرفاتها الْوَاجِب ويسلك فِي التطلع إِلَى معاملاتهم السَّبِيل الْوَاضِح وَالسّنَن اللاحب وليهتم بالتطواف فِي الْأَسْوَاق لاختبار المكاييل والموازين ويقيمه فِي مُؤَاخذَة المطففين وتأديبهم بِمَا تَقْتَضِيه شَرِيعَة الدّين ويحذرهم من تعدِي حُدُود الْإِنْصَاف شدَّة نكاله ويقابل الْمُسْتَحق الْمُؤَاخَذَة بِمَا يرتدع بِهِ الْجمع الْكثير من أَمْثَاله قَالَ الله تَعَالَى {أَوْفوا الْكَيْل وَلَا تَكُونُوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس الْمُسْتَقيم وَلَا تبخسوا النَّاس أشياءهم وَلَا تعثوا فِي الأَرْض مفسدين} وَقَالَ سُبْحَانَهُ {ويل لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذين إِذا اكتالوا على النَّاس يستوفون وَإِذا كالوهم أَو وزنوهم يخسرون أَلا يظنّ أُولَئِكَ أَنهم مبعوثون ليَوْم عَظِيم يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين}
فليتول الْملك السَّيِّد الْكَامِل الْمُجَاهِد المرابط نصير الدّين ركن الْإِسْلَام أثير الإِمَام جمال الْأَنَام جلال الدولة فَخر الْملَّة عز الْأمة سَنَد الْخلَافَة تَاج المل والسلاطين قامع الْكَفَرَة وَالْمُشْرِكين قاهر الْخَوَارِج والمتمردين أَمِير الْمُجَاهدين غَازِي بك معِين أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا قَلّدهُ عبد الله وخليفته فِي أرضه الْقَائِم لَهُ بِحقِّهِ الْوَاجِب وفرضه أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور الْمُسْتَنْصر بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ تَقْلِيد مطمئن بِالْإِيمَان وَينْصَح لله وَلِرَسُولِهِ صلوَات الله عيه وخليفته فِي السِّرّ والإعلان وليشرح بِمَا فوض إِلَيْهِ من هَذِه الْأُمُور صَدرا وليقم بِالْوَاجِبِ عَلَيْهِ من شكر هَذَا الإنعام الجزيل سرا وجهرا وليعمل بِهَذِهِ الْوَصَايَا الشَّرِيفَة الإمامية وليقف آثَار مراشدها المقدسة النَّبَوِيَّة وليظهر من أثر الْجد فِي هَذَا الْأَمر وَالِاجْتِهَاد وَتَحْقِيق النّظر الْجَمِيل لله والإرشاد مَا يكون دَلِيلا على تأييد الرَّأْي الْأَشْرَف الْمُقَدّس أَجله الله تَعَالَى فِي اصطناعه واستكفائه وإصابة مواقع النجح