الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العَبْد وَبَعْضهمْ أقل المماليك وَبَعْضهمْ أقل العبيد وَكَانَ عَلَاء الدّين خوارزم شاه صَاحب خوارزم وَمَا مَعهَا يكْتب الْخَادِم المطواع وَتَبعهُ ابْنه جلال الدّين على ذَلِك وَكَانَت أم جلال الدّين تكْتب الْأمة الداعية قَالَ فِي التَّعْرِيف والملوك والسوقة فِي ذَلِك لَا تخْتَلف
وَهَذِه نُسْخَة كتاب من ذَلِك
كتب بِهِ الْمقر الشهابي بن فضل الله إِلَى الْحَاكِم بِأَمْر الله أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن المستكفي بِاللَّه أبي الرّبيع سُلَيْمَان أحد الْخُلَفَاء العباسية بالديار المصرية عَن رُمَاة البندق بِالشَّام جَوَابا عَمَّا ورد عَلَيْهِ من كِتَابهمْ وَهُوَ يَوْمئِذٍ الْحَاكِم فِي رماية البندق فِي أَمر نَاصِر الدّين بن الْحِمصِي أحد الرُّمَاة وَهِي
أدام الله تَعَالَى أَيَّام الدِّيوَان الْعَزِيز المولوي السيدي النَّبَوِيّ الإمامي الحاكمي وَنصر بِهِ جمع الْإِيمَان وَبشر بأيامه الزَّمَان ومتعه بِالْملكِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي لأحد من بعده بِمَا وَرثهُ من سُلَيْمَان
وَلَا زَالَ يخضع لمقامه كل جليل وَيعرف لأيامه كل وَجه جميل ويعترف لشرفه كل معترف بالتفضيل وَلَا كَانَ إِلَّا كرمه المأمول ودعاؤه المقبول وعدوه المصروع ووليه الْمَحْمُول وَلَا بَرحت طَاعَته يعْقد عَلَيْهَا كل جمع ومراسمه ينصت إِلَيْهَا كل سمع وَطَوَائِف الَّذين كذبُوا عَلَيْهِ لَا تتلى عَلَيْهِم آيَاته إِلَّا توَلّوا وأعينهم تفيض من الدمع
المماليك يقبلُونَ الأَرْض بالأبواب الْعَالِيَة الَّتِي هِيَ خطة شرفهم وَمَكَان تعبد القدماء مِنْهُم وَمن سلفهم ويلوذون بذلك الْمقَام ويعوذون بذلك الْحرم الَّذِي لَا يبعد نسبه من الْبَيْت الْحَرَام ويؤملون ذَلِك الْكَرم الَّذِي مَا مِنْهُم إِلَّا من سعد بِهِ طَائِره وجاءته بِهِ فِي وَجه الصَّباح أشائره وَفِي وَجه الْعشَاء بشائره فنالوا بِهِ أقْصَى المرام وقضوا بِهِ من الْعُمر مَا إِذا قَالُوا يَا سعد لَا يعنون بِهِ إِلَّا ذَلِك الإِمَام وينتهون إِلَى مَا ورد بِهِ المرسوم الشريف الَّذِي مَا من المماليك إِلَّا من مت إِلَيْهِ بقديم عبوديته ورقه وسارع إِلَى طَائِره الميمون وحماه بسبقه وَفتح لَهُ عينه وَظن أَنه حالم
وامتثلوا لأَمره وَكَيف لَا تمتثل الرُّمَاة أَمر الْحَاكِم وَلَا سِيمَا ابْن عَم سيدنَا رَسُول صلى الله عليه وسلم الإِمَام الْحَاكِم وأجلوه عَن رَفعه إِلَى الْعين إِذْ كَانَت تِلْكَ منزلَة الْحَاجِب وَقدمُوا إِلَيْهِ خفوق قُلُوبهم الطائرة وَمَا علمُوا أَن كَانُوا قَامُوا بِالْوَاجِبِ ووقفوا على أَحْكَام حاكمه فَمَا شكوا أَن زمَان هَذَا الْفَنّ بِزَمَان ناصره فِي بَغْدَاد قد عَاد وَأَن مِثَاله المتمثل فِي سَواد الحدق مِمَّا حكته أَيَّامه العباسية من شعار السوَاد وَعَلمُوا مَا رسم بِهِ فِي معنى مُحَمَّد بن الْحِمصِي الَّذِي مَا نورت اللَّيْلَة الظلماء أكاريخه وَلَا بَعدت فِي الإقعاد لَهُ تواريخه بل أخمدت دموع ندمه نيرانه المشتعلة وَأصْبح بِهِ لَا يحمل الْقوس فِي يَده إِلَّا أَنه مشغله وَمَا كَانَ أنهاه إِلَى الدِّيوَان الْعَزِيز مِمَّا لم تذكر الخواطر الشَّرِيفَة بِأَنَّهُ فِيهِ المفترى وَأَنه صَاحب الْقوس إِلَّا أَن مَاله سَعَادَة الْمُشْتَرى وَأَنه موه تمويه الجاحد وتلون مثل قَوس قزَح وَإِلَّا فقوس البندق لون وَاحِد ودلى بغروره وَعرض الْمحْضر الَّذِي حمله على تغريره
وَذَلِكَ فِي غيبَة الْأَمِير بهاء الدّين البندقدار الحاكمي الَّذِي لَو كَانَ حَاضرا لنبأ بِخَبَرِهِ وَأحسن بالإعلام بِسوء محضره وتحيل لأخذ الْخط الشريف الَّذِي لَو عقل لَكَانَ حجَّة عَلَيْهِ ومؤكدا لإبطال رميه وقوسه وبندقه فِي يَدَيْهِ لما تضمنه الْخط الشريف الْمُقَيد اللَّفْظ المكتتب على المصطلح الساحب ذيل فخاره على المقترح الَّذِي هدى إِلَى الْخَيْر وَبَدَأَ بِهِ مَا وهب من الْملك السُّلَيْمَانِي الَّذِي أُوتِيَ من كل شَيْء وَعلم منطق الطير فَإِنَّهُ لم يكْتب لَهُ إِلَّا بِأَن يَرْمِي على الْوَجْه المرضي بساعده وَاسْتِيفَاء شُرُوط البندق وَالْخُرُوج من جَمِيع الأشكال عملا بقواعده وَيعلم أَنه إِنَّمَا رعى حق قَدمته وَلَا فعل فِي الْبَاب الْعَزِيز مَا يجب من التحلي بشعار الصدْق فِي خدمته وَأَنه خَالف عَادَة الْأَدَب وَأَخْطَأ فِي الْكل لكنه ندب وَذَلِكَ بعد أَن عمل لَهُ جيمع رُمَاة البندق وَسُئِلَ فَأجَاب بِأَنَّهُ سَالم من كل إِشْكَال يشكل وَأَنه بعد أَن أقعد رمى وَحمل وَحمل فَشهد عَلَيْهِ السَّادة الْأُمَرَاء وُلَاة الْعَهْد إخْوَة
أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن حضر وَكَتَبُوا خطوطهم فِي الْمحْضر وَمَا حصل الْآن عِنْد عرض قصَّة المماليك بالمواقف المقدسة ووضوح قَضيته المدنسة من التَّعَجُّب من اعْتِرَاف المماليك لكَوْنهم رموا مَعَه بعد أَن رَأَوْا الْخط الشريف وَهُوَ لفظ مُقَيّد وَأمر أيد بِهِ رَأْي الإِمَام الْحَاكِم بِأَمْر الله المسترشد بِاللَّه والمؤيد وكل مَا أَمر بِهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ لَا معدل عَن طرقه وَلَا جِدَال إِلَّا بِهِ إِذا ألزم كل أَمر طَائِره فِي عُنُقه وأمير الْمُؤمنِينَ بَحر لَا يُورد إِلَّا عَن علمه وَهُوَ الْحَاكِم وَلَا راد لحكمه وَإِنَّمَا ابْن الْحِمصِي الْمَذْكُور عدم السداد وَخَالف جارى الْعَادة فِي الحمص فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي سلق فِي الافتراء بألسنة حداد وَلم يُوقف المماليك من الْخط الشريف إِلَّا على بعضه وَلَا أَرَاهُم من برقه المتهلل غير ومضه وَالَّذِي أوقفهم عَلَيْهِ مِنْهُ أَن يَرْمِي مُحَمَّد بن الْحِمصِي ويرمى مَعَه وَكلمَة أَمِير الْمُؤمنِينَ مستمعة ومراسيمه متبعة وَإِذا تقدم كَانَ النَّاس تبعه غير أَن الْمَذْكُور بَدَت مِنْهُ أُمُور قطع بهَا الْأَمِير صارم الدّين صاروجا الْحَاكِم البندقدار فِي حَقه وَأَقْعَدَهُ عَن قَدمته الَّتِي كَانَ
يمت فِيهَا بسبقه وانتقل عَنهُ غلمانه وَثقل عَلَيْهِ زَمَانه وَنُودِيَ عَلَيْهِ فِي جمع كَبِير يزِيد على تسعين قوسا وجرح لخطأ بندقه جرحا لَا يؤسى ثمَّ بعد مُدَّة سِنِين توسل بِولد الْأَمِير المرحوم سيف الدّين تنكز إِلَى أَبِيه وتوصل بِهِ إِلَى مراميه فَأمر أَن يرْمى مَعَه وهدد الْمُخَالف بِالضَّرْبِ وَلم يرم مَعَه أحد بِرِضَاهُ إِلَّا خوف أَن توقد نَار الْحَرْب فَلَمَّا مَضَت تِلْكَ الْأَيَّام وَانْقَضَت تِلْكَ الأحلام جمع مَمْلُوك الْأَبْوَاب الْعَالِيَة الْأَمِير عَلَاء الدّين بن الأبو بكري الْحَاكِم فِي البندق الْآن من رُمَاة البندق جمعا كثيرا واهتم بِهِ اهتماما كَبِيرا وَذكر أَمر الْمَذْكُور وأحضر محضره المسطور وَلم يكن عَلَيْهِ تعويل وَلَا فِي حكم الْحَاكِم الْمُقدم تَعْلِيل وَلَا عِنْد هَذَا الْحَاكِم الَّذِي ادّعى لَهُ وَادّعى عِنْده تجوز الأباطيل وَتحقّق أَن الْحق فِيمَا حكم عَلَيْهِ فتبع وَترجع أَن لَا يُقَام مِنْهُ من أقعد وَلَا يُوصل مِنْهُ مَا قطع فنفذ حكم الْحَاكِم الْمُتَقَدّم وَاسْتمرّ بقعوده المتحتم وَوَافَقَهُ على هَذَا سَائِر الرُّمَاة بالبلاد الشامية وحكامها وَمن يرجع إِلَيْهِ فِي الرماية وأحكامها وَبَطلَت
قدمة الْمَذْكُور الَّتِي ذهب فِيهَا عمره ضائعا وزمانه الَّذِي إِذا اشْتريت مِنْهُ سَاعَة بالعمر لم يكن نَافِعًا
وَلما ورد الْآن هَذَا المرسوم الشريف زَاده الله شرفا قبلوا الأَرْض لَدَيْهِ وأوقفوا عَلَيْهِ حاكمهم الْمُسَمّى فَوقف لَهُ وَعَلِيهِ وَجمع لَهُ جمعا لم يدع من الرُّمَاة مُعْتَبرا وَلَا من يلقم الْقوس وترا وَلَا من إِذا قعد كَالْعَيْنِ جرى مَا جرى ثمَّ قَرَأَ عَلَيْهِم مَا تضمن ودعوا لأمير الْمُؤمنِينَ وَلم يبْق مِنْهُم إِلَّا من دَعَا وَأمن وتضاعف سرورهم بِحكمِهِ الَّذِي رفع الْخلَل وَقطع الجدل وَقَالُوا لَا عدمنا أَيَّام هَذَا الْحَاكِم الَّذِي أنصف وَالْإِمَام الَّذِي عدل وبقى ابْن الْحِمصِي مثلَة وَنُودِيَ عَلَيْهِ إِنَّه من رمى مَعَه كَانَ مخطئا مثله ووقرت هَذِه المناداة فِي كل مسمع وقرت استقرارا انْفَصل عَلَيْهِ الْمجمع وَذَلِكَ بِمَا فهم من أَمِير الْمُؤمنِينَ وبنص كِتَابه الْمُبين وَبِمَا قضى الله بِهِ على لِسَان خَلِيفَته الْحَاكِم وَالله أحكم الْحَاكِمين وطالعوا بهَا وأنهوا صُورَة الْحَال وجمعوا فِي إمضائه الآمال لَا زَالَت سَعَادَة أَمِير الْمُؤمنِينَ منزهة عَن الشّبَه بعيدَة عَن الشّبَه
آخذة من خير الدَّاريْنِ كل اثْنَيْنِ فِي وَجه حَتَّى تحصل كل رمية من كثب وَلَا يرْمى فِي كل لعبة إِلَّا كل مصطحب مَا غب فِي السَّمَاء المرزم وَوَقع الْعقَاب على ثنيته يقرع سنه ويتندم وَعلا النسْر الطَّائِر وَالْوَاقِع على آثاره وَسَائِر طيور النُّجُوم والحوم إِن شَاءَ الله تَعَالَى
قلت وَهَذَا الْكتاب أنشأه الْمقر الشهابي بن فضل الله الْمُقدم ذكره بِنَاء على مذْهبه فِي أَن الْمُكَاتبَة إِلَى الْخَلِيفَة تكون بِالدُّعَاءِ للديوان الْعَزِيز من الْملك والسوقة لَا يخْتَلف وَفِيه نظر بل الَّذِي يَنْبَغِي أَن يفْتَتح الْكِتَابَة إِلَيْهِ بتقبيل الأَرْض على مَا يكْتب بِهِ للملوك إِذْ الْمُلُوك نوابه وَأَتْبَاعه وَلَا أَعلَى مِنْهُ رُتْبَة
وَأما الْكتب إِلَى وُلَاة الْعَهْد بالخلافة
فَقَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس فِي صناعَة الْكتاب وَيكون التصدير فِي الْمُكَاتبَة إِلَى ولي الْعَهْد على مَا تقدم فِي الْمُكَاتبَة إِلَى الْخُلَفَاء مَعَ تَغْيِير الْأَسْمَاء يعْنى أَنه لَا يُقَال فِيهِ الإِمَام وَلَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بل ولي عهد الْمُسلمين وَفِي
التصدير مَعَ السَّلَام وَبَرَكَاته فِي أول الْكتاب وَآخره وَفِي ولي الْعَهْد يحذف وَبَرَكَاته من التصدير فَكَانُوا يَكْتُبُونَ لوَلِيّ الْعَهْد لعبد الله أبي فلَان فلَان ولي عهد الْمُسلمين سَلام على ولي عهد الْمُسلمين وَرَحْمَة الله فَإِنِّي أَحْمد إِلَيْهِ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وأسأله أَن يُصَلِّي على مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله صلى الله عليه وسلم أما بعد أَطَالَ الله بَقَاء ولي عهد الْمُسلمين وَيَأْتِي على الْمَقْصد على مَا تقدم فِي الْكتب إِلَى الْخَلِيفَة ثمَّ يختمه بقوله وَالسَّلَام على ولي عهد الْمُسلمين وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته
أما على المصطلح المستقر عَلَيْهِ الْحَال فقد ذكر الْمقر الشهابي بن فضل الله فِي كِتَابه التَّعْرِيف أَنه يكْتب إِلَى ولي الْعَهْد بالخلافة مَا صورته ضاعف الله تَعَالَى جلال الْجَانِب الشريف المولوي السيدي النَّبَوِيّ الْفُلَانِيّ ثمَّ يدعى لَهُ قَالَ صَاحب التثقيف وَالْخطاب لَهُ بمولانا ولي الْعَهْد وَنَحْو ذَلِك وَالتَّعْبِير عَن الْمَكْتُوب عَنهُ بالخادم يقبل العتبات الشَّرِيفَة أَو الْيَد الشَّرِيفَة وَنَحْو ذَلِك والعلامة إِلَيْهِ الْخَادِم على نِسْبَة مَا فِي الصَّدْر والعنوان عَن نَظِير الألقاب الَّتِي فِي الصَّدْر قَالَ فِي التثقيف
وَهَذَا على عَادَة من تقدم من الْمُلُوك أما فِي زَمَاننَا وَقَبله بِمدَّة مديدة فَإِنَّهُ لم يكْتب إِلَى ولي عهد
قلت وَمِمَّا يجب التَّنْبِيه عَلَيْهِ قطع الْوَرق الَّذِي يكْتب فِيهِ إِلَى الْخَلِيفَة لَا شكّ فِي أَنه كَانَ يكْتب للخليفة وَولي الْعَهْد حِين كَانَت الْخلَافَة بالعراق فِي قطع الْبَغْدَادِيّ بقلم مُخْتَصر الطومار على مَا يظْهر أَو فِي ثُلثي الْقطع الْبَغْدَادِيّ على مَا ذكره مُحَمَّد بن عمر الْمَدَائِنِي حَيْثُ كَانَت بيعاتهم وعهودهم تكْتب فِي ذَلِك أما الْآن حَيْثُ صَارَت عهودهم وبيعاتهم تكْتب فِي قطع الشَّامي الْكَامِل بقلم الثُّلُث الْخَفِيف فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون الْكتب إِلَيْهِم على هَذَا النمط تأسيا بِمَا اعتمدوه فِي ذَلِك وَإِلَّا فَالْوَاجِب الْكِتَابَة فِي الْبَغْدَادِيّ الْكَامِل على مَا كَانَ الْأَمر عَلَيْهِ فِي الزَّمن الْقَدِيم