المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌وَهَذِه نسخته

- ‌وعَلى هَذَا الأسلوب

- ‌وَهَذِه نسخته

- ‌وَهَذِه نسخته

- ‌وَهَذِه نسخته

- ‌وَهَذِه نسخته

- ‌الْمَذْهَب الثَّانِي

- ‌وعَلى هَذِه الطَّرِيقَة

- ‌وَهَذِه نسخته

- ‌الْمَذْهَب الثَّالِث

- ‌ الْمَذْهَب الرَّابِع

- ‌وَهَذِه نسخته

- ‌الْفَصْل الثَّانِي من الْبَاب الرَّابِع

- ‌الأسلوب الأول

- ‌وَهَذِه نسخته

- ‌وَهَذِه نُسْخَة عهد

- ‌وَهَذِه نُسْخَة عهد بتقليد الصَّلَاة بحاضرة بَغْدَاد

- ‌الأسلوب الثَّانِي

- ‌وَهَذِه نُسْخَة عهد بالوزارة

- ‌الأسلوب الثَّالِث

- ‌وَهَذِه نُسْخَة تَفْوِيض شرِيف

- ‌الأسلوب الرَّابِع

- ‌وَهَذِه نُسْخَة توقيع من ذَلِك

- ‌الأسلوب الْخَامِس

- ‌وَهَذِه نُسْخَة توقيع من ذَلِك

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌ونسخته

- ‌وَهَذِه نُسْخَة مقاطعة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌من الْبَاب الْخَامِس

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌من الْبَاب الْخَامِس

- ‌وَهَذِه نسخته

- ‌نسخته

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْمَذْهَب الأول

- ‌وعَلى ذَلِك

- ‌وعَلى هَذَا الأسلوب

- ‌وَهَذِه نسخته

- ‌الْمَذْهَب الثَّانِي

- ‌وَهَذِه نُسْخَة كتاب

- ‌وَهَذِه نسخته كتاب من ذَلِك

- ‌وَهَذِه نُسْخَة كتاب على هَذِه الطَّرِيقَة

- ‌وعَلى نَحْو من هَذِه الطَّرِيقَة

- ‌وعَلى نَحْو من هَذِه الطَّرِيقَة فِي الِابْتِدَاء

- ‌الْمَذْهَب الثَّالِث

- ‌وَهَذِه نسخته مصدرة بِآيَة من الْقُرْآن

- ‌الْمَذْهَب الرَّابِع

- ‌وَأما الْكتب الصادرة عَن وُلَاة الْعَهْد بالخلافة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌من الْبَاب السَّادِس

- ‌أما الْكتب الصادرة إِلَى الْخُلَفَاء

- ‌فللكاتب فِيهَا سِتَّة أساليب

- ‌الأسلوب الثَّانِي

- ‌وَهَذِه نُسْخَة من ذَلِك

- ‌وَهَذِه نُسْخَة كتاب من ذَلِك

- ‌الأسلوب الرَّابِع

- ‌وَهَذِه نُسْخَة كتاب من ذَلِك

- ‌الأسلوب الْخَامِس

- ‌وَهَذِه نُسْخَة كتاب من ذَلِك

- ‌الأسلوب السَّادِس

- ‌وَهَذِه نُسْخَة كتاب من ذَلِك

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي ذكر غرائب وملح وأعاجيب تتَعَلَّق بالخلفاء

- ‌غرائب تتَعَلَّق بِولَايَة الْخلَافَة

- ‌من ولى الْخلَافَة فِي حَيَاة أَبِيه

- ‌اتفاقية عَجِيبَة فِي خلع الْخُلَفَاء

- ‌ملح ونوادر تتَعَلَّق بالخلفاء

- ‌أَعَاجِيب فِي سَعَة أَمْوَال الْخُلَفَاء

- ‌الخاتمة

- ‌الْمَوْضُوع لَهُ هَذَا الْكتاب

- ‌وَفِيه فصلان

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي نسبه

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

الفصل: ‌وهذه نسخة عهد

وَأمره أَن يكْتب لمن توجب لَهُ حق من الْحُقُوق إِلَى صَاحب الْكُوفَة بالشد على يَده والتمكن لَهُ مِنْهُ وَقبض الْأَيْدِي عَن منازعته وحسم الأطماع فِي معارضته إِذْ هُوَ مَنْدُوب لتنفيذ أَحْكَامه ومأمور بإمضاء قضاياه وَمَتى أَخذ أحد من الْخُصُوم إِلَى محاربة فِي حق قد حكم عَلَيْهِ بِهِ أَخذ على يَده وكفه عَن عدوانه ورده إِلَى حكم الله الَّذِي لَا يعدل عَنهُ قَالَ الله عز وجل {وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ}

هَذَا عهد أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَيْك وحجته عَلَيْك قد أرشدك وذكرك وهداك وبصرك فَكُن إِلَيْهِ منتهيا وَبِه مقتديا واستعن بِاللَّه يعنك واستكفه يكفك

وَكتب الناصح أَبُو الطَّاهِر فِي تَارِيخ كَذَا

‌وَهَذِه نُسْخَة عهد

بنقابة الطالبيين بِمَدِينَة السَّلَام وَسَائِر الْأَعْمَال

ص: 157

والأمصار كتب بِهِ أَبُو اسحاق الصابي عَن الطائع لله للشريف أبي الْحسن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الْعلوِي الموسوي مُضَافا إِلَيْهَا النّظر فِي الْمَسَاجِد وعماراتها واستخلافه لوالده الشريف أبي أَحْمد الْحُسَيْن بن مُوسَى على النّظر فِي الْمَظَالِم وَالْحج بِالنَّاسِ فِي سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة وَهِي

هَذَا مَا عهد عبد الله عبد الْكَرِيم الإِمَام الطائع لله أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُوسَى الْعلوِي حِين وصلته بِهِ الْأَنْسَاب وقرنته لَدَيْهِ الْأَسْبَاب وَظَهَرت دلَالَة عقله وامانته ووضحت مخايل فَضله ونجابته ومهد لَهُ بهاء الدولة وضياء الْملَّة أَبُو نصر بن عضد الدولة مَا مهد عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ من الْمحل المكين وَوَصفه بِهِ من الْحلم الرزين وَأَشَارَ بِهِ من رفع الْمنزلَة وَتَقْدِيم الرُّتْبَة والتأهيل لولاية الْأَعْمَال وَتحمل الأعباء والأثقال وَحَيْثُ رغبه فِيهِ سَابِقَة الْحُسَيْن أَبِيه فِي الْخدمَة والنصيحة والمشايعة الصَّحِيحَة والموقف المحمودة والمقامات المشهودة

ص: 158

الَّتِي طابت بهَا أخباره وَحسنت فِيهَا آثاره وَكَانَ مُحَمَّد متخلقا بخلائقه ذَاهِبًا على طرائقه علما وديانة وورعا وصيانة وعفة وَأَمَانَة وشهامة وصرامة وتفردا بالحظ الجزيل من الْفضل وَالْأَدب الجزل والتوجه فِي الْأَهْل والإيفاء فِي الناتب على لداته وأترابه والإبرار على قرنائه وَأَضْرَابه فقلده مَا كَانَ دَاخِلا فِي أَعمال أَبِيه من نقابة نقباء الطالبيين بِمَدِينَة السَّلَام وَسَائِر الْأَعْمَال والأمصار شرقا وغربا وبعدا وقربا واختصه بذلك جذبا بضبعه وإنافة بِقَدرِهِ وَقَضَاء لحق رَحمَه وترفيها لِأَبِيهِ وإسعافا لَهُ بإيثاره فِيهِ إِلَى مَا أَمر أَمِير الْمُؤمنِينَ باسخلافه عَلَيْهِ من النّظر فِي الْمَظَالِم وتسيير الحجيج فِي أَوَان المواسم وَالله يعرف أَمِير الْمُؤمنِينَ الْخيرَة فِيمَا أَمر ودبر وَحسن الْعَاقِبَة فِيمَا قضى وأمضى وَمَا توفيق أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ يتوكل وَإِلَيْهِ ينيب

أمره بتقوى الله الَّتِي هِيَ شعار الْمُؤمنِينَ وسيما الصَّالِحين وعصمة عباد الله أَجْمَعِينَ وَأَن يعتقدها سرا

ص: 159

وجهرا ويعتمدها قولا وفعلا فَيَأْخُذ بهَا وَيُعْطِي ويريش ويبرى وَيَأْتِي ويذر ويورد ويصدر فَإِنَّهَا السَّبَب المتين والمعقل الْحصين والزاد النافع يَوْم الْحساب والمسلك المفضي إِلَى دَار الثَّوَاب وَقد حض الله أولياءه عَلَيْهَا وهداهم فِي مُحكم كِتَابه إِلَيْهَا فَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله حق تُقَاته وَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اتَّقوا الله وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقين}

وَأمره بِتِلَاوَة كتاب الله سُبْحَانَهُ مواظبا وتصفحه مداوما ملازما وَالرُّجُوع إِلَى أَحْكَامه فِيمَا أحل وَحرم وَنقض وأبرم وأثاب وعاقب وباعد وقارب فقد صحّح الله برهانه وحجته وأوضح منهاجه ومحجته فَجعله فجرا فِي الظُّلُمَات طالعا ونورا فِي المشكلات ساطعا فَمن أَخذ بِهِ سلم وَنَجَا وَمن عدل عَنهُ هلك وَهوى قَالَ الله عز وجل {وَإنَّهُ لكتاب عَزِيز لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه تَنْزِيل من حَكِيم حميد}

ص: 160

وَأمره بتنزيه نَفسه عَمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ الشَّهَوَات وتتطلع إِلَيْهِ النزوات وَأَن يضبطها ضبط الْحَلِيم ويكفها كف الْحَكِيم وَيجْعَل عقله سُلْطَانا عَلَيْهَا وتمييزه آمرا ناهيا لَهَا فَلَا يَجْعَل لَهَا عذرا إِلَى صبوة وَلَا هفوة وَلَا يُطلق مِنْهَا عنانا عِنْد ثورة وَلَا فورة فَإِنَّهَا أَمارَة بالسوء منصبة إِلَى الغي فالحازم يتهمها عِنْد تحرّك وطره وأربه واهتياج غيظه وغضبه وَلَا يدع أَن يغضها بالشكيم ويعركها عَرك الْأَدِيم ويقودها إِلَى مصالحها بالخزائم ويعتقلها عَن مقارفة الْمَحَارِم والمآثم كَيْمَا يعز بتهذيبها وتأديبها ويجل برياضتها وتقويمها والمفرط فِي أمره تطمح بِهِ إِذا طمحت ويجمح مَعهَا أَنى جمحت وَلَا يلبث أَن تورده حَيْثُ لَا صدر وتلجئه إِلَى أَن يعْتَذر وتقيمه مقَام النادم الواجم وتتنكب بِهِ سبل الراشد المسالم

وأحق من تحلى بالمحاسن وتصدى لِاكْتِسَابِ المحامد من ضرب بِمثل سَهْمه فِي نسب أَمِير الْمُؤمنِينَ الشريف

ص: 161

ومنصبه المنيف وَاجْتمعَ مَعَه فِي ذؤابة العترة الطاهرة واستظل بأوراق الدوحة الفاخرة فَذَاك الَّذِي تتضاعف لَهُ المآثر إِن آثرها والمناقب إِن أَسف إِلَيْهَا وَلَا سِيمَا من كَانَ مَنْدُوبًا لسياسة غَيره ومرشحا للتقليد على أَهله إِذْ لَيْسَ يَفِي بإصلاح من ولى عَلَيْهِ من لَا يَفِي بإصلاح مَا بَين جَنْبَيْهِ وَكَانَ من أعظم الهجنة أَن يَأْمر وَلَا يأتمر ويزجر وَلَا يزدجر قَالَ الله عز وجل {أتأمرون النَّاس بِالْبرِّ وتنسون أَنفسكُم وَأَنْتُم تتلون الْكتاب أَفلا تعقلون}

وَأمره بتصفح أَحْوَال من ولي عَلَيْهِم واستقراء مذاهبهم والبحث عَن طرائقهم ودخائلهم وَأَن يعرف لمن تقدّمت قدمه مِنْهُم وتظاهر فَضله فيهم مَنْزِلَته ويوفيه حَقه ورتبته وَيَنْتَهِي فِي إكرام جَمَاعَتهمْ إِلَى الْحُدُود الَّتِي توجبها أسبابهم وأقدارهم وتقتضيها مواقفهم وأخطارهم فَإِن ذَلِك يلْزمه لسببين أَحدهمَا يَخُصُّهُ وَهُوَ النّسَب بَينه وَبينهمْ وَالْآخر يعمه

ص: 162

وَالْمُسْلِمين جَمِيعًا وَهُوَ قَول الله جلّ ثَنَاؤُهُ {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا إِلَّا الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى وَمن يقترف حَسَنَة نزد لَهُ فِيهَا حسنا} فالمودة لَهُم والإعظام لأكابرهم والإقبال على أصاغرهم متضاعف الْوُجُوب عَلَيْهِ ومتأكد اللُّزُوم لَهُ وَمن كَانَ مِنْهُم فِي دون تِلْكَ الطَّبَقَة من أَحْدَاث لم يحتنكوا أَو جذعان لم يقرحوا مجرين إِلَى مَا يزري بأنسابهم ويغض من أحسابهم عذلهم ونبههم ونهاهم ووعظهم فَإِن نزعوا وأقلعوا فَذَاك المُرَاد بهم وَالْمَقْصُود إِلَيْهِ فيهم وَإِن أصروا وتتابعوا أنالهم من الْعقُوبَة بِقدر مَا يكف ويردع فَإِن نفع وَإِلَّا تجاوزه إِلَى مَا يوجع ويلذع فِي غير تطرق لأعراضهم وَلَا انتهاك لأحسابهم فَإِن الْغَرَض فيهم الصيانة لَا الإهانة والإدالة لَا الإذالة وَإِذا وَجَبت عَلَيْهِم الْحُقُوق أَو تعلّقت بهم دواعي الْخُصُوم قادهم إِلَى الإغفاء بِمَا يَصح مِنْهَا وَيجب وَالْخُرُوج إِلَى سنَن الْحق فِيمَا يشْتَبه ويلتبس وَمَتى لزمتهم الْحُدُود أَقَامَهَا عَلَيْهِم بِحَسب مَا أَمر الله بِهِ فِيهَا بعد أَن

ص: 163

تثبت الجرائم وَتَصِح وَتبين وتتضح وتتجرد عَن الشَّك والشبهة وتتجلى من الظَّن والتهمة فَإِن الَّذِي يسْتَحبّ فِي حُدُود الله ان تدرأ عَن عباده مَعَ نُقْصَان الْيَقِين وَالصِّحَّة وَأَن تمْضِي عَلَيْهِم مَعَ قيام الدَّلِيل وَالْبَيِّنَة قَالَ الله عز وجل {وَمن يَتَعَدَّ حُدُود الله فَأُولَئِك هم الظَّالِمُونَ}

وَأمره بحياطة هَذَا النّسَب الأطهر والشرف الأفخر عَن أَن يَدعِيهِ الأدعياء وَيدخل فِيهِ الدخلاء وَمن انْتَمَى إِلَيْهِ كَاذِبًا وانتحله بَاطِلا وَلم يُوجد لَهُ بَيت فِي الشَّجَرَة وَلَا مصداق عِنْد النسابين المهرة أوقع بِهِ من الْعقُوبَة مَا يسْتَحقّهُ ووسمه بِمَا يعلم بِهِ كذبه وفسقه وشهره شهرة ينْكَشف بهَا غشه ولبسه وَينْزع بهَا غَيره مِمَّن تسول لَهُ مثل ذَلِك نَفسه وَأَن يحصن الْفروج عَن مناكحة من لَيْسَ لَهَا كُفؤًا وَلَا مشاركها فِي شرفها وَفَخْرهَا حَتَّى لَا يطْمع فِي الْمَرْأَة الحسيبة النسيبة إِلَّا من كَانَ مثلا لَهَا مُسَاوِيا ونظيرا موازيا فقد قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا}

ص: 164

وَأمره بمراعاة متبتلي أَهله ومتهجديهم وصلحائهم ومجاوريهم وأراملهم وأصاغرهم حَتَّى يسد الْخلَّة من أَحْوَالهم ويدر الْموَاد عَلَيْهِم وتتعادل أقساطهم فِيمَا يصل إِلَيْهِ من وُجُوه أَمْوَالهم وَأَن يُزَوّج الْأَيَامَى ويربي الْيَتَامَى ويلزمهم الْمكَاتب ليتلقنوا الْقُرْآن ويعرفوا فَرَائض الْإِسْلَام وَأمره الْإِيمَان ويتأدبوا بالآداب اللائقة بذوي الأحساب فَإِن شرف الأعراق مُحْتَاج إِلَى شرف الْأَخْلَاق وَلَا حمد لمن شرف نسبه وسخف أدبه إِذْ كَانَ لم يكْسب الْفَخر الْحَاصِل لَهُ بِفضل سعي وَلَا طلب وَلَا اجْتِهَاد وَلَا دأب بل بصنع من الله عز وجل لَهُ ومزيد فِي الْمِنَّة عَلَيْهِ وبحسب ذَلِك لُزُوم مَا يلْزمه من شكره سُبْحَانَهُ على هَذِه الْعَطِيَّة والاعتداد بِمَا فِيهَا من المزية وإعمال النَّفس فِي حِيَازَة الْفَضَائِل والمناقب والترفع عَن الرذائل والمثالب

وَأمره بإجمال النِّيَابَة عَن شَيْخه الْحُسَيْن بن مُوسَى فِيمَا أمره أَمِير الْمُؤمنِينَ باسخلافه عَلَيْهِ من النّظر فِي الْمَظَالِم وَالْأَخْذ للمظلوم من الظَّالِم وَأَن يجلس للمترافعين إِلَيْهِ

ص: 165

جُلُوسًا عَاما ويتأمل ظلاماتهم تأملا تَاما فَمَا كَانَ مِنْهَا مُتَعَلقا بالحاكم رده إِلَيْهِ ليحمل الْخُصُوم عَلَيْهِ وَمَا كَانَ طَرِيقه الغشم وَالظُّلم والتغلب وَالْغَصْب قبض عَنهُ الْيَد المبطلة وَأثبت فِيهِ الْيَد الْمُسْتَحقَّة وتحرى فِي قضاياه أَن تكون مُوَافقَة للعدل ومجانية للخذل فَإِن غايتى الْحَاكِم وَصَاحب الْمَظَالِم وَاحِدَة وَهِي إِقَامَة الْحق ونصرته وإبانته وإنارته وَإِنَّمَا يخْتَلف سَبِيلهَا فِي النّظر إِذْ الْحَاكِم يعْمل على مَا ثَبت وَظهر وَصَاحب الْمَظَالِم يفحص عَمَّا غمض واستتر وَلَيْسَ لَهُ مَعَ ذَلِك أَن يرد لحَاكم حُكُومَة وَلَا يعل لَهُ قَضِيَّة وَلَا يتعقب مَا ينفذهُ ويمضيه وَلَا يتتبع مَا يحكم بِهِ ويقتضيه وَالله يهديه ويسدده ويوفقه ويرشده

وَأمره أَن يسر حجيج بَيت الله إِلَى مقصدهم ويحميهم فِي بدأتهم وعودتهم ويرتبهم فِي مسيرتهم ومسلكهم ويرعاهم فِي آنَاء ليلهم ونهارهم حَتَّى لَا تنالهم شدَّة وَلَا تصل إِلَيْهِم مضرَّة

ص: 166

وَأَن يرعاهم فِي الْمنَازل ويرودهم المناهل ويناوب بَينهم فِي النهل والعلل ويمكنهم من الارتواء والاكتفاء مُجْتَهدا فِي الصيانة لَهُم ومعذرا فِي الذب عَنْهُم ومتلوما على متأخرهم ومتخلفهم ومنهضا لضعيفهم ومهيضهم فَإِنَّهُم حجاج بَيت الله الْحَرَام وزوار قبر الرَّسُول عليه السلام قد هجروا الأوطان وفارقوا الْأَهْل والإخوان وتجشموا المغارم الثقال وتعسفوا السهول وَالْجِبَال يلبون دُعَاء الله عز اسْمه ويطيعون أمره ويؤدون فَرْضه ويرجون ثَوَابه وحقيق على الْمُسلم الْمُؤمن أَن يحرسهم مُتَبَرعا ويحوطهم مُتَطَوعا فَكيف من تولى ذَلِك وَضَمنَهُ وتقلده واعتنقه قَالَ الله {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا}

وَأمره أَن يُرَاعِي أُمُور الْمَسَاجِد بِمَدِينَة السَّلَام وأطرافها وأقطارها وأكنافها وَأَن يجبي أَمْوَال وقوفها ويستقصي جَمِيع حُقُوقهَا وَأَن يلم شعثها ويسد خللها بِمَا يتَحَصَّل من هَذِه الْوُجُوه قبله حَتَّى لَا يتعطل رسم جرى

ص: 167

فِيهَا وَلَا تنقص عَادَة كَانَت لَهَا وَأَن يثبت اسْم أَمِير الْمُؤمنِينَ على مَا يعمره مِنْهَا وَيذكر اسْمه بعده بِأَن عمرانها جرى على يَده وصلاحها أَدَّاهُ قَول أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى فعله فقد فسح لَهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ بذلك تنويها باسمه وإشادة بِذكرِهِ وَأَن يُولى ذَلِك من قبله من حسنت أَمَانَته وَظَهَرت عفته وصيانته فقد قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَأقَام الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة وَلم يخْش إِلَّا الله فَعَسَى أُولَئِكَ أَن يَكُونُوا من المهتدين}

وَأمره أَن يسْتَخْلف على مَا يرى الِاسْتِخْلَاف عَلَيْهِ من هَذِه الْأَعْمَال فِي الْأَمْصَار الدانية والنائية والبلاد الْقَرِيبَة والبعيدة من يَثِق بِهِ من صلحاء الرِّجَال ذَوي الْوَفَاء والاستقلال وَأَن يعْهَد إِلَيْهِم مثل الَّذِي عهد إِلَيْهِ ويعتمد عَلَيْهِم فِي مثل مَا اعْتمد عَلَيْهِ ويستقرى مَعَ ذَلِك آثَارهم ويتعرف أخبارهم فَمن وجده مَحْمُودًا أقره وَلم يزله وَمن وجده مذموما صرفه وَلم يمهله واعتاض مِنْهُ من ترتجي الْأَمَانَة عِنْده وَتَكون الثِّقَة معهودة مِنْهُ

ص: 168

وَأَن يخْتَار لكتابته وحجبته وَالتَّصَرُّف فِيمَا قرب مِنْهُ وَبعد عَنهُ من يزينه وَلَا يشينه وَينْصَح لَهُ وَلَا يغشه ويجمله وَلَا يهجنه من الطَّبَقَة الْمَعْرُوفَة بالظلف المصونة عَن النطف وَيجْعَل لَهُم من الأرزاق الكافية وَالْأُجْرَة الوافية مَا يصدهم عَن المكاسب الذميمة والمآكل الوخيمة فَلَيْسَ تجب عَلَيْهِم الْحجَّة إِلَّا مَعَ إِعْطَاء الْحَاجة قَالَ الله تَعَالَى {وَأَن لَيْسَ للْإنْسَان إِلَّا مَا سعى وَأَن سَعْيه سَوف يرى ثمَّ يجزاه الْجَزَاء الأوفى}

وَأمره بِأَن يكْتب لمن يقوم بِبَيِّنَتِهِ عِنْده تنكشف حجَّته لَهُ إِلَى أَصْحَاب المعاقل بالشد على يَدَيْهِ وإيصال حَقه إِلَيْهِ وحسم الطمع الْكَاذِب فِيهِ وَقبض الْيَد الظالمة عَنهُ إِذْ هم مندوبون للتَّصَرُّف بَين أمره وَنَهْيه وَالْوُقُوف عِنْد رسمه وَحده

هَذَا عهد أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَيْك وحجته لَك وَعَلَيْك قد أنار فِيهِ سَبِيلك وأوضح دليلك وهداك وأرشدك

ص: 169