الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا قلت مَا قلت إِلَّا وَقد ايقنت بِالْقَتْلِ فاسمع مقالي ثمَّ مر بقتلي فَقَالَ قل فَشَكا إِلَيْهِ استطالة كتاب أهل الذِّمَّة على الْمُسلمين فِي كَلَام طَوِيل فَخرج أَمر أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل بِأَن يلبس النَّصَارَى وَالْيَهُود ثِيَاب العسلي وَأَن لَا يمكنوا من لبس الْبيَاض كي لَا يتشبهوا بِالْمُسْلِمين وَأَن تكون ركبهمْ خشبا وَأَن تهدم بيعهم المستجدة وَأَن تطلق عَلَيْهِم الْجِزْيَة وَلَا يفسح لَهُم فِي دُخُول حمامات خدمها من الْمُسلمين وَأَن تفرد لَهُم حمامات خدمها من أهل الذِّمَّة وَأَن لَا يستخدموا مُسلما فِي حوائجهم وأفردهم بِمن يحْتَسب عَلَيْهِم وَأمر أَن يكْتب بذلك كُله كتابا فَكتب
وَهَذِه نسخته
أما بعد فَإِن الله تَعَالَى اصْطفى الْإِسْلَام دينا فشرفه وَكَرمه وأناره ونضره وأظهره وفضله وأكمله فَهُوَ الدّين الَّذِي لَا يقبل غَيره قَالَ الله تَعَالَى {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين}
بعث بِهِ صَفيه وَخيرته من خلقه مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم جعله خَاتم النَّبِيين وَإِمَام الْمُتَّقِينَ وَسيد الْمُرْسلين {لينذر من كَانَ حَيا ويحق القَوْل على الْكَافرين} وَأنزل كتابا عَزِيزًا {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه تَنْزِيل من حَكِيم حميد} أسعد بِهِ أمته وجعلهم خير أمة أخرجت للنَّاس يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر ويؤمنون بِاللَّه {وَلَو آمن أهل الْكتاب لَكَانَ خيرا لَهُم مِنْهُم الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرهم الْفَاسِقُونَ} وأهان الشّرك وَأَهله ووضعهم وصغرهم وقمعهم وخذلهم وتبرأ مِنْهُم وَضرب عَلَيْهِم الذلة والمسكنة وَقَالَ {قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر وَلَا يحرمُونَ مَا حرم الله وَرَسُوله وَلَا يدينون دين الْحق من الَّذين أُوتُوا الْكتاب حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون} واطلع
على قُلُوبهم وخبث سرائرهم وضمائرهم فَنهى عَن ائتمانهم والثقة بهم لعداوتهم للْمُسلمين وغشهم وبغضائهم فَقَالَ {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا بطانة من دونكم لَا يألونكم خبالا ودوا مَا عنتم قد بَدَت الْبغضَاء من أَفْوَاههم وَمَا تخفي صُدُورهمْ أكبر قد بَينا لكم الْآيَات إِن كُنْتُم تعقلون} وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافرين أَوْلِيَاء من دون الْمُؤمنِينَ أتريدون أَن تجْعَلُوا لله عَلَيْكُم سُلْطَانا مُبينًا} وَقَالَ تَعَالَى {لَا يتَّخذ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافرين أَوْلِيَاء من دون الْمُؤمنِينَ وَمن يفعل ذَلِك فَلَيْسَ من الله فِي شَيْء إِلَّا أَن تتقوا مِنْهُم تقاة} وَقَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَمن يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُم فَإِنَّهُ مِنْهُم إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين}
وَقد انْتهى إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن أُنَاسًا لَا رَأْي لَهُم وَلَا روية يستعينون بِأَهْل الذِّمَّة فِي أفعالهم ويتخذونهم بطانة من دون الْمُسلمين ويسلطونهم على الرّعية فيعسفونهم ويبسطون أَيْديهم إِلَى ظلمهم وغشهم والعدوان عَلَيْهِم فأعظم أَمِير الْمُؤمنِينَ ذَلِك وَأنْكرهُ وأكبره وتبرأ مِنْهُ وَأحب التَّقَرُّب إِلَى الله تَعَالَى بحسمه وَالنَّهْي عَنهُ وَرَأى أَن يكْتب إِلَى عماله على الكور والأمصار وولاة الثغور والأجناد فِي ترك استعمالهم لأهل الذِّمَّة فِي شَيْء من أَعْمَالهم وأمورهم والإشراك لَهُم فِي أُمُورهم وأماناتهم وَمَا قلدهم أَمِير الْمُؤمنِينَ واستحفظهم إِيَّاه إِذْ جعل فِي الْمُسلمين الثِّقَة فِي الدّين وَالْأَمَانَة على إخْوَانهمْ الْمُؤمنِينَ وَحسن الرِّعَايَة لما استرعاهم والكفاية لما استكفوا وَالْقِيَام بِمَا حملُوا بِمَا أغْنى عَن الِاسْتِعَانَة من الْمُشْركين بِاللَّه المكذبين برسله الجاحدين لآياته الجاعلين مَعَه إِلَهًا آخر لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحده لَا شريك لَهُ
وَرَجا أَمِير الْمُؤمنِينَ بِمَا ألهمه الله من ذَلِك وَقذف فِي