الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دواوين الحضرة وأعمالها أَو النَّاحِيَة وليقر فِي يَد فلَان بن فلَان وَيَد من يُورِدهُ ويحتج بِهِ مِمَّن يقوم مقَامه إِن شَاءَ الله تَعَالَى
تَنْبِيه قد تقدم عَن مُحَمَّد بن عمر الْمَدَائِنِي أَنه كَانَ يكْتب لِلْأُمَرَاءِ فِي قرطاس من نصف طومار وَأَن المُرَاد نصف قطع الْبَغْدَادِيّ وَمُقْتَضى ذَلِك أَن إقطاعاتهم كَانَت تكْتب فِي هَذَا الْقطع وَمن دونهم من الْجند كل مِنْهُم بِحَسب رتبته
الْفَصْل الثَّانِي
من الْبَاب الْخَامِس
فِيمَا كَانَ يكْتب فِي تَحْويل السنين الخراجية عَن الْخُلَفَاء وَهُوَ أَن يكْتب بِنَقْل السّنة الشمسية إِلَى السّنة الْهِلَالِيَّة بِالِاسْمِ دون الْحَقِيقَة تَوْفِيقًا بَينهمَا وَإِزَالَة للشُّبْهَة فِي أَمرهمَا وَذَلِكَ أَن أَيَّام السّنة الشمسية فِي الْمدَّة الَّتِي تقطع الشَّمْس الْفلك فِيهَا مرّة وَاحِدَة حسب مَا توجبه حركتها فِي ميلها فِي الْجنُوب وَالشمَال ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة
وَسِتُّونَ يَوْمًا وَربع يَوْم بالتقريب وَأَيَّام السّنة الْهِلَالِيَّة فِي الْمدَّة الَّتِي يقطع الْقَمَر الْفلك فِيهَا اثْنَتَيْ عشرَة دفْعَة ثَلَاثمِائَة وَأَرْبَعَة وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَسدس يَوْم فَيكون التَّفَاوُت بَينهمَا أحد عشر يَوْمًا وَسدس يَوْم وَتَكون زِيَادَة السنين الشمسية على السنين الْهِلَالِيَّة فِي كل ثَلَاث سِنِين شهرا وَاحِدًا وَثَلَاثَة أَيَّام وَنصف يَوْم تَقْرِيبًا وَفِي كل ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة سنة وَاحِدَة بالتقريب فَإِذا تَمَادى الزَّمَان زَاد تفَاوت مَا بَين السنين حَتَّى يكون كل ثَلَاثمِائَة سنة شمسية ثَلَاثمِائَة وتسع سِنِين هلالية وَعَلِيهِ حمل بعض الْمُفَسّرين قَوْله تَعَالَى {وَلَبِثُوا فِي كهفهم ثَلَاث مائَة سِنِين وازدادوا تسعا} وَرُبمَا كَانَ اسْتِحْقَاق الْخراج فِي أول سنة من السنين الْعَرَبيَّة ثمَّ ترَاخى الْحَال فِيهَا إِلَى أَن صَار اسْتِحْقَاقه فِي أواخرها ثمَّ ترَاخى حَتَّى يصير فِي السّنة الثَّانِيَة فَيصير الْخراج مَنْسُوبا للسّنة السَّابِقَة واستحقاقه فِي السّنة اللاحقة فَيحْتَاج حِينَئِذٍ إِلَى تَحْويل السّنة الخراجية السَّابِقَة إِلَى الَّتِي بعْدهَا حَتَّى انْتَهَت الْحَال فِي جباية الْخراج سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين
وَمِائَتَيْنِ فِي خلَافَة المتَوَكل وخراج كل سنة يجبى فِي السّنة الَّتِي بعْدهَا فَلَمَّا دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ كَانَ قد انْقَضى من السنين الَّتِي قبلهَا ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة أولهنَّ سنة ثَمَان وَمِائَتَيْنِ من خلَافَة الْمَأْمُون فَاجْتمع من هَذَا الْمُتَأَخر فِيهَا أَيَّام سنة شمسية كَامِلَة وَهِي ثَلَاثمِائَة وَخمْس وَسِتُّونَ يَوْمًا وَربع يَوْم وَزِيَادَة الْكسر وتهيأ إِدْرَاك غلات سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ فِي صدر سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ فَأمر المتَوَكل بإلغاء ذكر سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ إِذْ كَانَت قد انْقَضتْ وَنسب الْخراج إِلَى سنة ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَأمر ابراهيم بن الْعَبَّاس فَكتب كتابا عَنهُ بذلك وَهُوَ أول كتاب كتب فِي هَذَا الْمَعْنى وَلم أَقف على نسخته
وَجرى الْعَمَل بعد المتَوَكل على ذَلِك سنة بعد سنة إِلَى أَن انْقَضتْ ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة آخِرهنَّ اننقضاء سنة أَربع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ فَجرى فِيهَا خبط بَين الْكتاب وبقى الْأَمر إِلَى سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ فِي خلَافَة المعتضد فَعرف مَا كَانَ من فعل المتَوَكل من نقل سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ إِلَى سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ فَأمر بِنَقْل
سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ إِلَى سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ هَذَا النَّقْل بعد مُضِيّ أَربع سِنِين من اسْتِحْقَاقه وَكتب بذلك كتاب عَن المعتضد وخلد فِي الدَّوَاوِين
ونسخته أما بعد فَإِن أولى مَا صرف إِلَيْهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ عنايته وأعمل فِيهِ فكره ورويته وشغل فِيهِ تفقده ورعايته أَمر الْفَيْء الَّذِي خصّه الله بِهِ وألزمه جمعه وتوفيره وحياطته وتكثيره وَجعله عماد الدّين وقوام أَمر الْمُسلمين وَفِيمَا يصرف مِنْهُ أعطيات الْأَوْلِيَاء والجنود وَمن يسْتَعْمل بِهِ فِيهِ لتحصين الْبَيْضَة والذب عَن الْحَرِيم وَحج الْبَيْت وَجِهَاد الْعَدو وسد الثغور وَأمن السَّبِيل وحقن الدِّمَاء وَصَلَاح ذَات الْبَين وأمير الْمُؤمنِينَ يسْأَل الله رَاغِبًا إِلَيْهِ ومتوكلا عَلَيْهِ أَن يحسن عونه على مَا حمله مِنْهُ ويديم توفيقه إِلَى مَا أرضاه وإرشاده إِلَى مَا يقْضِي بِالْخَيرِ عَنهُ وَله
وَقد نظر أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيمَا كَانَ يجْرِي عَلَيْهِ أَمر جباية هَذَا الْفَيْء فِي خلَافَة آبَائِهِ الْخُلَفَاء الرَّاشِدين صلوَات الله عَلَيْهِم فَوَجَدَهُ على حسب مَا كَانَ يدْرك من الغلات وَالثِّمَار فِي كل سنة أَولا على مجاري شهور سني الشَّمْس فِي النُّجُوم الَّتِي يحل مَال كل صنف مِنْهَا فِيهَا وَوجد شهور السّنة الشمسية تتأخر عَن شهور السّنة الْهِلَالِيَّة أحد عشر يَوْمًا وربعا وَزِيَادَة عَلَيْهِ وَيكون إِدْرَاك الغلات وَالثِّمَار فِي كل سنة بِحَسب تأخرها
فَلَا تزَال السنون تمْضِي على ذَاك سنة بعد سنة حَتَّى تَنْقَضِي مِنْهَا ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة وَيكون عدد الْأَيَّام الْمُتَأَخِّرَة مِنْهَا أَيَّام سنة شمسية كَامِلَة وَهِي ثَلَاثمِائَة وَخَمْسَة وَسِتُّونَ يَوْمًا وَربع يَوْم وَزِيَادَة عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يتهيأ بِمَشِيئَة الله وَقدرته إِدْرَاك الغلات الَّتِي تجْرِي عَلَيْهَا الضرائب والطسوق فِي اسْتِقْبَال الْمحرم من سني الْأَهِلّة وَيجب مَعَ ذَلِك إِلْغَاء ذكر السّنة الْخَارِجَة إِذْ كَانَت قد انْقَضتْ ونسبتها إِلَى السّنة الَّتِي أدْركْت الغلات وَالثِّمَار فِيهَا وَإنَّهُ وجد ذَلِك قد كَانَ وَقع فِي أَيَّام أَمِير الْمُؤمنِينَ المتَوَكل على الله رحمه الله عَلَيْهِ عِنْد انْقِضَاء ثَلَاث
وَثَلَاثِينَ سنة آخرتهن سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ فاستغنى عَن ذَلِك وَأمر بإلغائه وَنسبه إِلَى سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ فجرت المكاتبات والحسبانات وَسَائِر الْأَعْمَال بعد ذَلِك سنة بعد سنة إِلَى أَن مَضَت ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة آخرتهن انْقِضَاء سنة أَربع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَوَجَب إنْشَاء الْكتب بإلغاء ذكر سنة أَربع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ ونسبتها إِلَى سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ فَذهب ذَلِك على كتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمُعْتَمد على الله وَتَأَخر الْأَمر فِيهِ أَربع سِنِين إِلَى أَن أَمر أَمِير الْمُؤمنِينَ المعتضد بِاللَّه رحمه الله فِي سنة سبع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ بِنَقْل خراج سنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَتَيْنِ إِلَى سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ فَجرى الْأَمر على ذَلِك إِلَى أَن انْقَضتْ فِي هَذَا الْوَقْت ثَلَاث وَثَلَاثُونَ سنة أولَاهُنَّ السّنة الَّتِي كَانَ يجب نقلهَا فِيهَا وَهِي سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وآخرتهن انْقِضَاء شهور خراج سنة سبع وثلاثمائة وَوَجَب افْتِتَاح خراج مَا تجْرِي
عَلَيْهِ الضرائب والطسوق فِي أَولهَا من صَوَاب التَّدْبِير واستقامة الْأَعْمَال وَاسْتِعْمَال مَا يخف على الرّعية معاملتها بِهِ نقل سنة الْخراج لسنة سبع وثلاثمائة إِلَى سنة ثَمَان وثلاثمائة فَرَأى أَمِير الْمُؤمنِينَ لما يلْزم بِهِ نَفسه ويأخذها بِهِ من الْعِنَايَة بِهَذَا الْفَيْء وحياطة أَسبَابه وإجرائها مجاريها وسلوك سَبِيل آبَائِهِ الرَّاشِدين رَحْمَة الله عَلَيْهِم فِيهَا أَن يكْتب إِلَيْك وَإِلَى سَائِر الْعمَّال بالنواحي بِالْعَمَلِ على ذَلِك وَيكون مَا يصدر إِلَيْكُم من الْكتب وتصدرونه عَنْكُم وتجري عَلَيْهِ أَعمالكُم ورفوعكم وحسباناتكم وَسَائِر مناظراتكم على هَذَا النَّقْل
فَاعْلَم ذَلِك من رأى أَمِير الْمُؤمنِينَ واعمل بِهِ مستشعرا فِيهِ وَفِي كل مَا تمضيه تقوى الله وطاعته ومستعملا ثِقَات الأعوان وكفاتهم مشرفا عَلَيْهِم ومقوما لَهُم واكتب بِمَا يكون مِنْك فِي ذَلِك إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَلم يزل الْأَمر جَارِيا على ذَلِك فِي كل ثَلَاث وَثَلَاثِينَ