الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: من اعتقد أن الله في كل مكان فهو من الحلولية، ويرد عليه بما تقدم من الأدلة على أن الله في جهة العلو، وأنه مستو على عرشه بائن من خلقه، فإن انقاد لما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وإلا فهو كافر مرتد عن الإسلام.
وأما قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (1) فمعناه عند أهل السنة والجماعة أنه معهم بعلمه واطلاعه على أحوالهم، وأما قوله تعالى:{وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} (2) فمعناه أنه سبحانه معبود أهل السماوات ومعبود أهل الأرض، وأما قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ} (3) فمعناه أنه سبحانه إله أهل السماوات وإله أهل الأرض لا يعبد بحق سواه، وهذا هو الجمع بين الآيات والأحاديث الواردة في هذا الباب عند أهل الحق.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) سورة الحديد الآية 4
(2)
سورة الأنعام الآية 3
(3)
سورة الزخرف الآية 84
السؤال السابع من الفتوى رقم 6606
س: ما
حكم من مات على التوحيد الأشعري قبل بلوغ توحيد الأسماء والصفات إليه
ولم يسمعه من أحد ولا فهمه، وقد أقر بتوحيد الربوبية والألوهية، ولم ينبه عليه أحد فينكره، هل له عذر أم لا؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
ج: أمره إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الأشاعرة ليسوا كفارا وإنما أخطئوا في تأويلهم بعض الصفات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الثالث من الفتوى رقم 10909
س: أنكر بعض الناس صلة كتاب (الإبانة) لأبي الحسن الأشعري وقال: إنه ليس من مصنفاته، فهل قال أحد من علماء المسلمين بمثل هذا القول؟ وما هي الأدلة للرد عليه؟ وأخيرا أرجو من فضيلتكم أن تزودونا ببعض الكتب المناسبة لتيسر لنا الدعوة إلى الله على هدى ونور من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
ج: اشتهر بين العلماء قديما وحديثا نسبة كتاب " الإبانة " لأبي الحسن الأشعري، وقلده فيما فيه أتباعه، وخالفه جماعة من العلماء في بعض ما ذكره في الإبانة، ونقدوه ولم ينكروا نسبته إليه، والأصل البقاء على ما اشتهر من نسبة الكتاب إليه، فإذا كان لدى من نفى ذلك حجة فليذكرها لينظر فيها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الثاني عشر من الفتوى رقم 4264
س: بالنسبة للإمام النووي بعض الإخوة يقول: إنه أشعري في الأسماء والصفات، فهل يصح هذا؟ وما الدليل؟ وهل يصح التكلم في حق العلماء بهذه الصورة؟ ومنهم من قال: إن له كتابا يسمى (بستان
العارفين) وهو صوفي فيه، فهل يصح هذا الكلام؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
ج: له أغلاط في الصفات سلك فيها مسلك المؤولين وأخطأ في ذلك، فلا يقتدى به في ذلك، بل الواجب التمسك بقول أهل السنة وهو إثبات الأسماء والصفات الواردة في الكتاب العزيز والسنة الصحيحة المطهرة، والإيمان بذلك على الوجه اللائق بالله - جل وعلا - من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل عملا بقوله سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1) وما جاء في معناها من الآيات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
(1) سورة الشورى الآية 11
فتوى رقم 6911
س: إني فتى عمري يقارب 16 عاما، كل الناس الذين يعيشون حولي مبهورين بشخصيتي، فقد كان لدي علم غزير في الدين وعلوم الدنيا، وكنت متدينا فجرفني التيار إلى جماعة من الصوفية يتزعمها شيخ صوفي يسمى محمد عيد الحسيني، في غضون شهر جعلني من طلابه لا أقول من طلابه بل أقول من خدامه؛ لأني كنت أمسح بيده على وجهي وأقبل يده وألبسه النعال، وكنت أتسابق مع الآخرين في من يلبس الشيخ النعال هذه الليلة، وفي نفس الفترة ازداد حبي للاطلاع على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، لأني كثيرا ما أسمع الشيخ يسبه ويكفره، ويقول: إنه من المشبهة، وعندما كنت أقرأ تلك الكتب لم أكن أصدق نفسي أن الكلام هناك مناقض لكلام سيدي الشيخ رضي الله عنه وأرضاه -، إلا أني أحاول
أن أقنع نفسي بأن الكتب مغشوشة كما يقول الشيخ، وكما أنه يقول: إن الوهابية جماعة خارجة عن الإسلام مثل المشبهة والخوارج والمعتزلة، وأيضا في تلك الفترة كنت أذهب لجماعة السلفية وأتناظر معهم وأستدل بأحاديث يأتي بها الشيخ تتضح لي بعد ذلك أنها موضوعة، وكانوا دائما يفحموني ويخبروني بأني قريبا سأترك الشيخ إذا الله أراني طريق الحق، وبقيت مع هذا الشيخ ما يقرب 6 أشهر قضيتها في حياة صوفية مشركة بالله والعياذ بالله، وفي كل درس كان يخبرنا عن أسياده، وعن كرامات الأولياء، وبعض كرامات منها علمه بالكشف، طبعا هو لا يتكلم عنها مباشرة إنما بطريق ملتوي، إلا أن اللبيب من الإشارة يفهم، وكنت مصدقه في كل ما يقول، حتى إن أصدقائي يحضرون لي أحاديث صحيحة مناقضة لكلامه، إلا أني أرفض وأخبرهم بأن الشيخ أعلم منهم.
ومرت الأيام، وفي إحدى الليالي وهي بالتحديد ليلة 15 شعبان 1401 هـ قال: يجب على كل واحد منكم أن يقلد الشيخ إذا كان واثقا به دون الاعتراض، والذي يريد الدليل فقد كان الصحابة ينفذون ما أمرهم به الله والرسول دون اعتراض، سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير.
فعندما سمعت هذا القول منه فأثلج صدري وجسمي، مع أني كنت أفصد عرقا في تلك الليلة الحارة، ومنذ ذلك الحين ابتدأ الشك يساورني في حقيقة هذا الشيخ، وبعد هذا بيومين أي 17 شعبان 1401 هـ سافرت إلى المدينة، وبعدها إلى مكة المكرمة معتمرا، وهناك تعرفت على شاب سعودي يسمى عبد العزيز الصالح الطويان من بريدة فأخبرته عن حقيقتي وعن الشيخ، وبعدها أحضر لي كتبا لكتاب ردوا على الصوفية، وكذلك أحضر لي كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، فازداد شكي بالشيخ إلى أن تركته بعد أن
أعماني عن الحق، عماه الله عن الحق، سامحه الله، علما بأن هناك طلابا من عنده، أنا قد عرفتهم على الشيخ، وعندما صارحتهم بالحقيقة رفضوا وقال: بأني قد تجننت، والآن في كل يوم أتناظر مع أحد طلابهم بدون علم الشيخ طبعا، ومعي طالب عزيز علي أريد أن أرد عليه في عدة أمور أفحمني فيها إلا أنها قليلة في جانب ما أفحمته فيه، وهي:
1 -
في الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يسلم علي حتى يرد علي الله روحي فأرد عليه (1)» ، أرجو توضيح ذلك تفصيليا.
2 -
يقول وهو كاذب - أي الطالب - نقلا عن شيخه وأنا أعلم هذا: بأن ابن تيمية جسم الله عز وجل، أرجو توضيح هذا أيضا لو تكرمتم.
3 -
عن الأولياء، وعندي علم ولله الحمد بهذا كثير، إلا أنه قليل بجانب علمكم أدامكم الله وأبقاكم حماة للإسلام والمسلمين.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
جـ: إن ما ذكره الطالب المناظر لك من أن شيخ الإسلام ابن تيمية مجسم بهتان على الشيخ رحمه الله وكذب عليه، وعقيدة الشيخ عقيدة سلف هذه الأمة؛ الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته، ووصف الله بما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وهذا واضح في رسائله ومؤلفاته كالعقيدة الواسطية والرسالة التدمرية وغيرهما، ولكن أهل البدع كالجهمية والمعتزلة يرمون من أثبت الصفات لله على الوجه اللائق به ويسمونه مجسما ومشبها، وهكذا الأشاعرة يرمون من خالفهم فيما تأولوه من الصفات بأنه مجسم، ونظرا إلى أن التجسيم لم يرد في النصوص نفيه ولا إثباته فلا يجوز للمسلم نفيه ولا إثباته، لأن الصفات توقيفية.
(1) سنن أبو داود المناسك (2041)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 527).
وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند أبي داود: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام (1)» فسبق منا فتوى في معنى هذا الحديث رقم 4383 هذا نصها:
(س: في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أكان النبي صلى الله عليه وسلم حيا في قبره الشريف بإعادة الروح في الجسد والبدن (العنصرية) بحياة دنيوية حسية أو حيا في أعلى عليين بحياة أخروية برزخية بلا تكليف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت:«اللهم بالرفيق الأعلى (2)» ، وجسده المنور الآن كما وضع في قبر بلا روح، والروح في أعلى عليين، واتصال الروح بالبدن والجسد المعطر عند يوم القيامة كما قال الله تعالى:{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} (3)
ج: إن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية يحصل بها التنعم في قبره بما أعده الله له من النعيم جزاء له على أعماله العظيمة الطيبة التي قام بها في دنياه - عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام -، ولم تعد إليه روحه ليصير حيا كما كان في دنياه، ولم تتصل به وهو في قبره اتصالا يجعله حيا كحياته يوم القيامة، بل هي حياة برزخية وسط بين حياته في الدنيا وحياته في الآخرة، وبذلك يعلم أنه قد مات كما مات غيره ممن سبقه من الأنبياء وغيرهم، قال الله تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} (4) وقال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} (5){وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} (6) وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} (7) إلى أمثال ذلك من الآيات الدالة على أن الله قد توفاه إليه؛ ولأن الصحابة رضي الله عنهم قد غسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه، ولو كان حيا حياته الدنيوية ما فعلوا به ما يفعل بغيره من الأموات.
ولأن فاطمة رضي الله عنها قد طلبت إرثها من أبيها صلى الله عليه وسلم لاعتقادها
(1) سنن أبو داود المناسك (2041)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 527).
(2)
صحيح البخاري المغازي (4437)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (2444)، سنن الترمذي الدعوات (3496)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 231)، موطأ مالك الجنائز (562).
(3)
سورة التكوير الآية 7
(4)
سورة الأنبياء الآية 34
(5)
سورة الرحمن الآية 26
(6)
سورة الرحمن الآية 27
(7)
سورة الزمر الآية 30
بموته ولم يخالفها في ذلك الاعتقاد أحد من الصحابة، بل أجابها أبو بكر رضي الله عنه بأن الأنبياء لا يورثون.
ولأن الصحابة رضي الله عنهم قد اجتمعوا لاختيار خليفة للمسلمين يخلفه، وتم ذلك بعقد الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه، ولو كان حيا كحياته في دنياه لما فعلوا ذلك، فهو إجماع منهم على موته.
ولأن الفتن والمشاكل لما كثرت في عهد عثمان وعلي رضي الله عنهما وقبل ذلك وبعده لم يذهبوا إلى قبره لاستشارته أو سؤاله في المخرج من تلك الفتن والمشاكل وطريقة حلها، ولو كان حيا كحياته في دنياه لما أهملوا ذلك وهم في ضرورة إلى من ينقذهم مما أحاط بهم من البلاء.
أما روحه فهي في أعلى عليين لكونه أفضل الخلق، وأعطاه الله الوسيلة وهي أعلى منزلة في الجنة عليه الصلاة والسلام.
س: هل يسمع النبي صلى الله عليه وسلم كل دعاء ونداء عند قبره الشريف أو صلوات خاصة حين يصلى عليه، كما في الحديث:«من صلى علي عند قبري سمعته» . . إلى آخر الحديث، أهذا الحديث صحيح أو ضعيف أو موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ج: الأصل أن الأموات عموما لا يسمعون نداء الأحياء من بني آدم ولا دعاءهم، كما قال تعالى:{وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (1) ولم يثبت في الكتاب ولا في السنة الصحيحة ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع كل دعاء أو نداء من البشر حتى يكون ذلك خصوصية له، وإنما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يبلغه صلاة وسلام من يصلي ويسلم عليه فقط سواء كان من يصلي عليه عند قبره أو بعيدا عنه كلاهما سواء في ذلك، لما ثبت عن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت
(1) سورة فاطر الآية 22
عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو، فنهاه، وقال: ألا أخبركم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن تسليمكم علي يبلغني أينما كنتم (1)» .
أما حديث: «من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي بعيدا بلغته» ، فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، وأما ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام (2)» ، فليس بصريح أنه يسمع سلام المسلم، بل يحتمل أنه يرد عليه إذا بلغته الملائكة ذلك، ولو فرضنا سماعه سلام المسلم لم يلزم منه أن يلحق به غيره من الدعاء والنداء.
س: نداء ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم في كل حاجة، والاستعانة به في المصائب والنوائب من قريب - أعني عند قبره الشريف - أو من بعيد أشرك قبيح أم لا؟ ج: دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ونداؤه والاستعانة به بعد موته في قضاء الحاجات وكشف الكربات شرك أكبر يخرج من ملة الإسلام، سواء كان ذلك عند قبره أم بعيدا عنه، كأن يقول: يا رسول الله اشفني، أو رد غائبي، أو نحو ذلك؛ لعموم قوله تعالى:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (3) وقوله عز وجل: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (4) وقوله عز وجل {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (5){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (6)
س: أي صلوات أفضل عند قبره الشريف أعني الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، أو اللهم صل على محمد وعلى آل محمد بصيغة الطلب،
(1) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (780)، سنن الترمذي فضائل القرآن (2877)، سنن أبو داود المناسك (2042)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 367).
(2)
سنن أبو داود المناسك (2041)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 527).
(3)
سورة الجن الآية 18
(4)
سورة المؤمنون الآية 117
(5)
سورة فاطر الآية 13
(6)
سورة فاطر الآية 14
وهل ينظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرجل الذي يصلي عليه عند قبره الشريف، وهل أخرج النبي صلى الله عليه وسلم يده من قبره الشريف لأحد من الصحابة العظام أو الأولياء الكرام لجواب السلام؟ ج:(أ) - لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم صيغة معينة في الصلاة والسلام عليه عند قبره، فيجوز أن يقال عند زيارته: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، فإن معناه الطلب والإنشاء، وإن كان اللفظ خبرا، ويجوز أن يصلي عليه بالصلاة الإبراهيمية فيقول: اللهم صل على محمد، والأفضل أن يسلم عليه بصيغة الخبر كما يسلم على بقية القبور؛ ولأن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا زاره يقول:(السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبا بكر، السلام عليك يا أبتاه)، ثم ينصرف.
(ب) - لم يثبت في كتاب ولا سنة صحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم يرى من زار قبره، والأصل عدم الرؤية حتى يثبت ذلك بدليل من الكتاب أو السنة.
(جـ) - الأصل في الميت نبيا أو غيره أنه لا يتحرك في قبره بمد يد أو غيرها، فما قيل من أن النبي صلى الله عليه وسلم أخرج يده لبعض من سلم عليه غير صحيح، بل هو وهم وخيال لا أساس له من الصحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم 5082
س: تعلمنا في المدارس أن مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته هو الإيمان بها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وأن لا نصرف النصوص الواردة فيها عن ظواهرها، ولكننا بعد ذلك
التقينا بأناس زعموا لنا أن هناك مدرستين في مذهب أهل السنة والجماعة، المدرسة الأولى مدرسة ابن تيمية وتلاميذه رحمهم الله.
والمدرسة الثانية: مدرسة الأشاعرة، والذي تعلمناه هو ما ذكره ابن تيمية وتلاميذه، أما بقية أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية وغيرهم فإنهم يرون أن لا مانع من تأويل صفات الله وأسمائه، إذا لم يتعارض هذا التأويل مع نص شرعي، ويحتجون لذلك بما قاله ابن الجوزي رحمه الله وغيره في هذا الباب، بل إن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل قد أول في بعض الصفات مثل قوله صلى الله عليه وسلم:«قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن (1)» ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«الحجر الأسود يمين الله في الأرض» ، وقوله تعالى:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (2) وغير ذلك، والسؤال الآن: هل تقسيم أهل السنة والجماعة إلى طائفتين بهذا الشكل صحيح؟ وما هو رأيكم فيما ذكروه من جواز التأويل إذا لم يتعارض مع نص شرعي، وما هو موقفنا من العلماء الذين أولوا في الصفات، مثل ابن حجر والنووي وابن الجوزي وغيرهم، هل نعتبرهم من أئمة أهل السنة والجماعة أم ماذا؟ وهل نقول: إنهم أخطئوا في تأويلاتهم أم كانوا ضالين في ذلك؟ ومن المعروف أن الأشاعرة يؤولون جميع الصفات ما عدا صفات المعاني السبعة، فإذا وجد أحد العلماء يؤول صفتين أو ثلاثة هل يعتبر أشعريا؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
جـ: أولا: دعوى أن الإمام أحمد أول بعض الصفات كحديث «قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن (3)» . .، وحديث «الحجر الأسود يمين الله في الأرض» . . الخ. دعوى غير صحيحة، قال الإمام أحمد بن تيمية: " وأما ما حكاه أبو حامد الغزالي عن بعض الحنبلية أن أحمد
(1) صحيح مسلم القدر (2654)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 168).
(2)
سورة الحديد الآية 4
(3)
مسند أحمد بن حنبل (6/ 251).
لم يتأول إلا ثلاثة أشياء: الحجر الأسود يمين الله في الأرض وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن وإني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن فهذه حكاية كذب على أحمد لم ينقلها أحد عنه بإسناد، ولا يعرف أحد من أصحابه نقل ذلك عنه، وهذا الحنبلي الذي ذكر عنه أبو حامد مجهول لا يعرف لا علمه بما قال ولا صدقه فيما قال) أهـ. من ص398 من ج5 من مجموع الفتاوى.
وبيان ذلك أن للتأويل ثلاثة معان:
الأول: مآل الشيء وحقيقته التي يئول إليها كما في قوله تعالى عن يوسف عليه السلام: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} (1) أي حقيقتها التي آلت إليها وقوعا، وليس هذا مقصودا في النصوص المذكورة في السؤال.
الثاني: التأويل بمعنى صرف الكلام عن معناه الظاهر المتبادر منه إلى معنى خفي بعيد لقرينة، وهذا المعنى هو المصطلح عليه عند علماء الكلام وأصول الفقه، وليس متحققا في النصوص المذكورة في السؤال، فإن ظاهرها مراد لم تصرف عنه؛ لأنه حق، كما سيأتي شرحه في المعنى الأخير للتأويل.
الثالث: التأويل بمعنى التفسير، وهو شرح معنى الكلام بما يدل عليه ظاهره ويبادر إلى ذهن سامعه الخبير بلغة العرب وهو المقصود هنا، فإن جملة «الحجر الأسود يمين الله في الأرض» ليس ظاهرها أن الحجر صفة لله، وأنه يمينه حتى يصرف عنه، بل معناه الظاهر منه أنه كيمينه، بدليل بقية الأثر وهو جملة:«فمن صافحه فكأنما صافح الله، ومن قبله فكأنما قبل يمين الله» ، فمن ضم أول الأثر إلى آخره تبين له أن ظاهره مراد لم يصرف عنه وأنه حق، وهذا ما يقوله أئمة السلف كالإمام أحمد وغيره
(1) سورة يوسف الآية 100
منهم، وهو تأويل بمعنى التفسير، لا بمعنى صرف الكلام عن ظاهره، كما زعمه المتأخرون، علما بأن ما ذكر لم يصح حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكذا القول في حديث:«قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن (1)» ، فإن ظاهره لا يدل على مماسة ولا مداخلة، وإنما يدل ظاهرها على إثبات أصابع للرحمن حقيقة، وقلوب للعباد حقيقة، ويدل إسناد أحد ركني الجملة إلى الآخر على كمال قدرة الرحمن وكمال تصريفه لعباده، كما يقال: فلان وقف بين يدي الملك، أو في قبضة يد الملك. فإن ذلك لا يقتضي مماسة ولا مداخلة، وإنما يدل ظاهره على وجود شخص وملك له يدان، ويدل ما في الكلام من إسناد على حضور شخص عند الملك، وعلى تمكن الملك من تصريفه دون مماسة أو مداخلة، وكذا في قوله تعالى:{بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (2) وقوله: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} (3) وأمثال ذلك.
ثانيا: تقسيم أهل السنة والجماعة إلى طائفتين بهذا الشكل غير صحيح، وبيانه: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا أمة واحدة عقيدة وسياسة، حتى إذا كانت خلافة عثمان رضي الله عنه بدرت بوادر الاختلاف في السياسة دون العقيدة، فلما قتل وبايع عليا جماعة، وبايع معاوية آخرون رضي الله عنهم، وكان ما بينهم من حروب سياسية، خرجت عليهم طائفة فسميت الخوارج، ولم يختلفوا مع المسلمين في أصول الإيمان الستة، ولا في الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام، وإنما اختلفوا معهم في عقد الخلافة والتكفير بكبائر الذنوب والمسح على الرجلين في الوضوء وأمثال ذلك، ثم غلت طائفة من أصحاب علي فيه، حتى عبده منهم من عبده فسموا الشيعة، ثم افترق كل من الخوارج
(1) مسند أحمد بن حنبل (6/ 251).
(2)
سورة الملك الآية 1
(3)
سورة القمر الآية 14
والشيعة فرقا، ثم أنكر جماعة القدر، وكان ذلك آخر عصر الصحابة رضي الله عنهم فسموا القدرية، ثم كان الجعد بن درهم، فكان أول من أنكر صفات الله وتأول ما جاء فيها من نصوص الآيات والأحاديث على غير معانيها، فقتله خالد القسري، وتبعه في إنكار ذلك وتأويله تلميذه الجهم بن صفوان، واشتهر بذلك، فنسبت إليه هذه المقالة الشنيعة، وعرف من قالوا بها بالجهمية، ثم ظهرت المعتزلة فتعبوا الجهمية في تأويل نصوص الصفات، وسموه تنزيها، وتبعوا القدرية في إنكار القدر، وسموه عدلا، وتبعوا الخوارج في الخروج على الولاة، وسموه الأمر بالمعروف. . . إلى غير ذلك من مقالاتهم.
وقد نشأ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري على مذهبهم، واعتقد مبادئهم ثم هداه الله إلى الحق فتاب من الاعتزال، ولزم طريق أهل السنة والجماعة، واجتهد في الرد على من خالفهم في أصول الإسلام رحمه الله، لكن بقيت فيه شوائب من مذهب المعتزلة كتأويل نصوص صفات الأفعال، وتأثر بقول جهم بن صفوان في أفعال العباد فقال بالجبر وسماه كسبا، وأمورا أخرى تتبين لمن قرأ كتابه (الإبانة) الذي ألفه آخر حياته، كما يتبين مما كتبه عنه أصحابه الذين هم أعرف به من غيرهم، وما كتبه عنه ابن تيمية في مؤلفاته رحمهم الله.
مما تقدم يتبين أن أهل السنة والجماعة حقا هم الذين اعتصموا بكتاب الله تعالى وسنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم في عقائدهم وسائر أصول دينهم، ولم يعارضوا نصوصهما بالعقل أو الهوى، وتمسكوا بما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من دعائم الإيمان وأركان الإسلام، فكانوا أئمة الهدى ومنار الحق ودعاة الخير والفلاح، كالحسن البصري وسعيد بن المسيب ومجاهد وأبي حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق والبخاري، ومن
سلك سبيلهم والتزم نهجهم عقيدة واستدلالا.
أما هؤلاء الذين خرجوا عنهم في مسائل من أصول الدين ففيهم من السنة بقدر ما بقي لديهم مما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمة الهدى من مسائل أصول الإسلام، وفيهم من البدع والخطأ بقدر ما خالفوهم فيه من ذلك، قليلا كان أو كثيرا، وأقربهم إلى أهل السنة والجماعة أبو الحسن الأشعري، ومن تبعه عقيدة واستدلالا.
وبهذا يعرف أنه ليس لأهل السنة والجماعة مدرستان، إنما هي مدرسة واحدة يقوم بنصرتها والدعوة إليها من سلك طريقهم، وابن تيمية ممن قام بذلك ووقف حياته عليه، وليس هو الذي أنشأ هذه الطريقة، بل هو متبع لما كان عليه أئمة الهدى من الصحابة ومن تبعهم من علماء القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، وكذلك مناظروه، إنما قاموا بنصر مذهب من قلدوه ممن انتسب إلى أهل السنة والجماعة كأبي الحسن الأشعري وأصحابه بعد أن رجع عن الاعتزال وسلك طريق أهل السنة إلا في قليل من المسائل، ولذا كان أقرب إلى طريقة أهل السنة والجماعة من سائر الطوائف.
ثالثا: من تأول من الأشعرية ونحوهم نصوص الأسماء والصفات إنما تأولها لمنافاتها الأدلة العقلية وبعض النصوص الشرعية في زعمه، وليس الأمر كذلك، فإنها ليس فيها ما ينافي العقل الصريح، وليس فيها ما ينافي النصوص، فإن نصوص الشرع في أسماء الله وصفاته يصدق بعضها بعضا، مع كثرتها في إثبات أسماء الله وصفاته على الحقيقة وتنزيهه سبحانه عن مشابهة خلقه.
رابعا: موقفنا من أبي بكر الباقلاني والبيهقي وأبي الفرج ابن الجوزي
وأبي زكريا النووي وابن حجر وأمثالهم ممن تأول بعض صفات الله تعالى أو فوضوا في أصل معناه، أنهم في نظرنا من كبار علماء المسلمين الذين نفع الله الأمة بعلمهم، فرحمهم الله رحمة واسعة، وجزاهم عنا خير الجزاء، وأنهم من أهل السنة فيما وافقوا فيه الصحابة رضي الله عنهم وأئمة السلف في القرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخير، وأنهم أخطئوا فيما تأولوه من نصوص الصفات، وخالفوا فيه سلف الأمة وأئمة السنة رحمهم الله، سواء تأولوا الصفات الذاتية وصفات الأفعال أم بعض ذلك.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
السؤال الأول من الفتوى رقم 7034
س: إنني متحير في العقيدة الإسلامية من ناحية الأسماء والصفات، لما أجده في المجتمع من الخصومات بين الشيخين (الفوزان - الصابوني) من الردود والرد عليها، فجزاكم الله خيرا أريد أن أعرف الأسماء والصفات، وما هو الخلاف؟ وكذلك ما هو طريقة أهل السنة والجماعة؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
جـ: أولا: اقرأ كتب السلف في توحيد الأسماء والصفات، لتعرف منها أسماء الله تعالى وصفاته، وكل ما يجب اعتقاده من أمور التوحيد مثل:(مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة)، وكتاب (اجتماع الجيوش الإسلامية) كلاهما لابن القيم، وكتاب (العقيدة الواسطية)، وكتاب (السنة) لعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل، فإن السلف أعلم بالدين ممن بعدهم، وأقوى دليلا، وأهدى سبيلا، مع وضوح العبارة والبعد عن
تحريف الكلم عن مواضعه، وأسأل الله أن يبصرك بالحق ويهديك سواء السبيل مع الإخلاص في القول والعمل، والزم طاعة الله وطاعة رسوله فذلك مع الدراسة والتعلم أقوى سبب في الوصول إلى الصواب والاطمئنان إليه، وزوال الحيرة ودحض الباطل، وأكثر من قراءة القرآن فإنه الأصل، والسنة بيان.
ثانيا: الخلاف في مسائل الأسماء والصفات بين السلف ومن تبعهم في قولهم وبين الخلف، فالسلف ومن تبعهم لا يؤولون نصوص الكتاب والسنة الدالة على أسماء الله، ولا يصرفونها عن حقيقتها اللائقة بجلال الله سبحانه وتعالى، بل يثبتون لله ما دلت عليه حقيقة، من غير تكييف ولا تشبيه له تعالى بخلقه، ومن غير تأويل ولا تعطيل، أما الخلف فإنهم يؤولون نصوص الكتاب والسنة المتعلقة بأسماء الله وصفاته، أو يؤولون بعضها، فمثلا قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (1) يفسره السلف بأن الله تعالى ارتفع وعلا بنفسه، فهو فوق العرش على ما يليق بجلاله تعالى، ويفوضون في كيفية استوائه عليه، أما الخلف فيؤولون الاستواء بالاستيلاء على العرش وما يحويه، والتسلط على ذلك، وينفون علوه على العرش حقيقة، فليس الله تعالى - في رأيهم - فوق العالم ولا تحته ولا في أي جهة من جهات العالم، بل هو في زعمهم في كل مكان، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وكذلك قوله تعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} (2) يثبت بها السلف أن لله يدين حقيقة على ما يليق به، ويثبتون كمال الكرم والسخاء من الخبر عنهما بأنهما مبسوطتان، ويقول الخلف: إن المراد بهما الكرم والسخاء والإنعام والإعطاء فليس لله يدان - في زعمهم -.
ولا شك أن الحق مع السلف ومن تبعهم في إثبات معاني النصوص
(1) سورة طه الآية 5
(2)
سورة المائدة الآية 64