الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل (1)»
ب- وعن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اهجوا بالشعر، إن المؤمن يجاهد بنفسه وماله، والذي نفس محمد بيده، كأنما تنضحونهم بالنبل (2)» .
جـ- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم (3)»
وفي رواية للنسائي: «جاهدوا بأيديكم وألسنتكم وأموالكم (4)» .
(1) أخرجه أحمد (6/ 387) و (3/ 456)، والبيهقي في السنن (11/ 263)، وذكره المتقي في الكنز (8963)، والألباني في الصحيحة برقم (1631) وقال: صحيح على شرط الشيخين.
(2)
رواه أحمد (3/ 460)، وذكره المتقي في الكنز (8963)، والألباني في الصحيحة برقم (802) وقال: هذا سند حسن، ورجاله ثقات رجال الشيخين.
(3)
رواه أبو داود (2504) في الجهاد، كراهية ترك الغزو، والنسائي (6/ 7) في الجهاد وجوب الجهاد، والدارمي (2/ 213) في الجهاد، وأحمد (3/ 124)، وابن حبان (1618 موارد) وصححه، والحاكم (2/ 81) وصححه، ووافقه الذهبي، كما صححه النووي في آخر باب الجهاد من كتابه (رياض الصالحين).
(4)
سنن النسائي الجهاد (3192)، سنن أبو داود الجهاد (2504)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 153)، سنن الدارمي الجهاد (2431).
ذميم الشعر
ومع هذا كله فإن لدينا - من الجانب الآخر - أحاديث متعددة وردت في النص على كراهية النبي صلى الله عليه وسلم للشعر في بعض حالاته، واستعاذته بالله منه، ونهيه عليه الصلاة والسلام عن إنشاده في المساجد، وتفضيله امتلاء الجوف قيحا على أن يمتلئ شعرا.
أبغض الحديث: -
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن الشعر كان أبغض الحديث إليه، وأنه كان يتعوذ منه، ويعده من نفث الشيطان، وينهى عن أن يكون
صحيب الإنسان الملازم له في سفره: -
أ- فعن عائشة رضي الله عنها سئلت: «هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسامع عنده الشعر؟ قالت: كان أبغض الحديث إليه (1)» .
ب- وعن عبد الله بن مسعود وجبير بن مطعم رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من همزه- أي الشيطان- ونفثه، ونفخه، وقال: همزه الموت، ونفثه الشعر، ونفخه الكبرياء (2)» .
ج- وعن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من راكب يخلو في مسيره
(1) رواه أحمد (6/ 134 و148)، والطيالسي في مسنده (رقم / 1490)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 119): رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وراوي الحديث هو أبو نوفل بن أبي عقرب.
(2)
رواه أحمد عن ابن مسعود (1/ 403) وعن جبير (4/ 81)، وأبو داود (رقم / 764) من حديث أبي سعيد الخدري، والطبري في تهذيب الآثار (رقم / 2715) عن ابن مسعود، وقال الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (ص89): رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم وصححه هو وابن حبان والذهبي. أما الحديث المروي عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: (سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وافتتح الصلاة فقال: "الله أكبر كبيرا ثلاث مرات، والحمد لله كثيرا ثلاثا، وسبحان الله بكرة وأصيلا ثلاثا، وقال: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان وهمزه ونفثه ونفخه"، قال: فكان يقول: همزه الموتة التي تأخذ صاحب المس، ونفثه الشعر، ونفخه الكبر) فقد رواه أحمد (4/ 83)، والترمذي (1/ 153)، وابن خزيمة (رقم 469)، والطبري في تهذيب الآثار (2708)، والطبراني في الكبير (2/ 141)، وهو ضعيف، قال ابن خزيمة: وعاصم العنزي وعباد بن عاصم مجهولان لا يدرى من هما، وقال: وهذا الخبر لم يسمع في الدعاء، لا في قديم الدهر ولا في حديثه، ولا حكي لنا عمن لم نشاهده من العلماء أنه كان يكبر لافتتاح الصلاة ثلاث تكبيرات ويقول:"وذكره"، ونقل الدكتور محمد مصطفى الأعظمي في تخريجه لـ (صحيح ابن خزيمة) عن الشيخ الألباني قوله:"إسناده ضعيف لاضطرابه وجهالة بعض رواته". والموتة: نوع من الجنون والصرع، يعتري الإنسان، فإذا أفاق رجع عقله إليه كالسكران
بالله وذكره إلا كان ردفه ملك، ولا يخلو بشعر ونحوه إلا كان ردفه شيطان (1)».
قلت: والحديث الأول محمول على بغضه عليه الصلاة والسلام لذلك النوع من الشعر الذي تفوح منه رائحة الفحش وهتك الأعراض المصونة، والنيل من كرامات الناس بساقط القول وباطل الادعاء.
قال أحمد عبد الرحمن البنا في تعليقه على هذا الحديث: "هذا محمول على ما كان فيه فحش ونحوه"(2).
أما الحديث الثاني: فإن تفسير نفث الشيطان بالشعر هو من تفسير الراوي، وهو- وإن ورد في بعض الروايات مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمحمول على أن المراد به الشعر المذموم الفاسد القبيح، قال الشيخ ناصر الدين الألباني في تعليقه على هذا الحديث:(فسر بعض الرواة همزه: بالموتة، وهو بضم الميم وفتح التاء: نوع من الجنون، (ونفخه) فسره الراوي: بالكبر، (ونفثه) فسره الراوي: بالشعر، والتفسيرات الثلاثة وردت مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح مرسل، والمراد بالشعر: الشعر المذموم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن من الشعر حكمة (3)» رواه البخاري) (4).
أما بالنسبة للحديث الثالث: فإن السفر لا يناسبه ملازمة الشعر والغناء واللهو، وإنما يناسبه أن يظل المسافر المسلم متعلق القلب بالله،
(1) رواه الطبراني في المعجم الكبير (رقم / 895)، وذكره المنذري في الترغيب والترهيب (4/ 67)، والهيثمي في مجمعه (10/ 131) وقال: إسناده حسن، والألباني في صحيح الجامع (5582) وحسنه أيضا.
(2)
الفتح الرباني (19/ 274)، دار الشهاب- القاهرة.
(3)
صحيح البخاري الأدب (6145)، سنن أبو داود الأدب (5010)، سنن ابن ماجه الأدب (3755)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 125)، سنن الدارمي الاستئذان (2704).
(4)
صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (ص89) الطبعة السادسة، المكتب الإسلامي 1391هـ.