الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله، فيكون قد ابتدأ بهما اقتداء بالكتاب العزيز، وعملا بخبر:"كل أمر ذي بال لم يبدأ ببسم الله"، وفي رواية:"بحمد الله"، ببعض تصرف (1).
وقال السخاوي: عقب قول المصنف من بعد حمد الله عملا بحديث: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع (2)» .
وليس الغرض استقراء من استند على الحديث في بناء حكم استحباب الافتتاح بالحمد لله أو بسم الله، بل صنيع كل من صنف أو ألف أكبر برهان على التمسك بهذا الحديث والعمل به عند سلف هذه الأمة، وعند المتأخرين بالتواتر سواء استنادا على هذا الحديث أو غيره من الأحاديث.
وبعد هذا العرض المختصر لبعض كبار العلماء في الاستناد على الحديث المذكور، تكملة للبحث إليك بعض المواضع التي تذكر فيها البسملة أو الحمدلة.
(1) انظر فتح الباقي في شرح ألفية العراقي (1/ 6)
(2)
انظر فتح المغيث في شرح ألفية الحديث (1/ 9) تحقيق عبد الرحمن محمد.
بيان
أهم المواضع التي تذكر فيها البسملة والحمدلة استحبابا أو وجوبا
لا شك أن القرآن الكريم أعظم الكتب المنزلة وأفضلها، وهو ذو شأن عظيم، ومن هنا نرى أنه افتتح ببسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، جاء الأمر في أول آية نزلت في القرآن لرسوله بأن يقرأ باسمه تعالى قال الله تعالى:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (1)، قال الحافظ في الفتح:(ويؤيده -أي البخاري في افتتاحه ببسم الله- أن أول شيء نزل من القرآن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (2) فطريق التأسي به الافتتاح بالبسملة والاقتصار عليها).
وقال تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} (3)[هود: 41].
ولا شك أن البسملة لها فضل كبير، بها يدحر الشيطان ويذل ويصغر كما في الحديث الصحيح أن رجلا قال:«كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فعثرت دابته، فقلت: تعس الشيطان، فقال: لا تقل تعس؛ فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ويقول: بقوتي [صنعته] (4)» - وفي مسند أحمد: «بقوتي صرعته - قل: بسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب (5)» .
وأيضا ثبت عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله سيخلص رجلا من أمتي على
(1) سورة العلق الآية 1
(2)
سورة العلق الآية 1
(3)
سورة هود الآية 41
(4)
ما بين المعكوفين من عمل اليوم والليلة للنسائي.
(5)
أخرجه أبو داود في سننه (5/ 260) كتاب الأدب باب: 85، واللفظ له، ورجاله ثقات كلهم، والنسائي في عمل اليوم والليلة / 373 برقم (554 و 555)، وعبد الرزاق في مصنفه:(11/ 24)، وأحمد في مسنده:(5/ 59) و 71 و 265)، والحاكم في المستدرك (4/ 292) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
رؤوس الخلائق (1)» فذكر الحديث بطوله، وفي آخره:«ولا يثقل مع اسم الله شيء (2)» .
فكيف يغفل العبد عن ذكر اسم الله تعالى في المهمات وفي صباحه ومسائه؟ وقد ورد في الحديث الصحيح: أن من يذكر اسم الله في الصباح أو في المساء يكون في حفظ الله تعالى من أن يضره شيء. عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، إلا لم يضره شيء (3)» .
ومما ورد: ذكر التسمية عند الأكل؛ كما ثبت عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال: «كنت غلاما في حجر رسول الله، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا
(1) سنن الترمذي الإيمان (2639)، سنن ابن ماجه الزهد (4300)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 213).
(2)
أخرجه الترمذي في سننه (4/ 133 - 134) كتاب الإيمان باب: فيمن يموت وهو يشهد أن لا إله إلا الله واللفظ له وقال: حسن غريب، وأخرجه أحمد في مسنده (2/ 212)، وابن حبان في صحيحه، كما في موارد الظمآن / 625، والحاكم في المستدرك (1/ 6)، وصححه، ووافقه الذهبي، ولفظ أحمد:"لا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم".
(3)
أخرجه الطيالسي في مسنده (1/ 251) بترتيب الساعاتي واللفظ له، والترمذي في سننه (5/ 133) كتاب الدعوات باب: ما جاء في الدعاء إذا أصبح أو أمسى، وقال: حديث حسن غريب صحيح، وابن ماجه في سننه (2/ 1272) كتاب الدعاء باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح أو أمسى، وأحمد في مسنده (1/ 62 و66)، والبخاري في الأدب المفرد / 225، والحاكم في المستدرك (1/ 514)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وكذا أخرجه ابن حبان في صحيحه كما في الموارد (585)، والطبراني في الدعاء حديث (317)، والنسائي في عمل اليوم والليلة حديث (17 و18)، وابن أبي شيبة في المصنف (10/ 228)، وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 347، 348): هذا حديث حسن صحيح.
غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك. فما زالت تلك طعمتي بعد (1)»، متفق عليه.
وإن الشيطان ليلهي العبد وينسيه ذكر اسم الله لكي يجد له منفذا ليشاركه في أكله وشربه، ويستحل طعامه بذلك، ويبيت عنده بالليل، وإذا ذكر اسم الله لم يحصل له ذلك.
وروى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان جنح الليل، أو أمسيتم، فكفوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم
(1) البخاري في صحيحه (6/ 196) كتاب الأطعمة باب التسمية على الطعام، ومسلم في صحيحه (2/ 1599) كتاب الأشربة باب آداب الطعام والشراب.
(2)
مسلم في صحيحه (2/ 1597) كتاب الأشربة باب آداب الطعام، وأبو داود في سننه (2/ 139) الأطعمة باب التسمية على الطعام، وأحمد في مسنده (5/ 282 - 283).
وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله، وخمروا آنيتكم، واذكروا اسم الله (2)» متفق عليه.
كما أنه ينبغي للعبد المؤمن أن ينام بسم الله، ويقوم من نومه بالثناء عليه والحمد له تعالى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره؛ فإنه لا يدري ما خلفه عليه، ثم يقول: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين (3)» ، متفق عليه.
وجاء في رواية حذيفة بن اليمان وأبي ذر الغفاري رضي الله عنهما بلفظ قالا: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: باسمك أموت وأحيا، وإذا قام قال: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور (4)» رواه البخاري.
كما أن دخول العبد البيت يكون بسم الله تعالى، كذا ينبغي أن يفتتح خروجه بذكر اسم الله تعالى، وأيضا ركوبه به.
فعن أم سلمة رضي الله عنها، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من بيته قال: بسم الله، توكلت على الله، اللهم إنا نعوذ بك من
(1) البخاري في صحيحه (6/ 249، 250) كتاب الأشربة باب تغطية الإناء، ومسلم في صحيحه (3/ 1595) كتاب الأشربة باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء.
(2)
خمروا آنيتكم أي غطوها. (1)
(3)
البخاري في صحيحه (7/ 149) كتاب الدعوات باب 13، ومسلم في صحيحه (4/ 2084) كتاب الذكر والدعاء باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع.
(4)
في صحيحه (7/ 147) الدعوات باب ما يقول إذا نام، وفي (7/ 150) باب ما يقول إذا أصبح، وكذا في كتاب التوحيد باب السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها (8/ 169).
أن نزل أو أن نضل، أو نظلم أو نظلم، أو نجهل أو يجهل علينا (1)» قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وروى أبو لاس الخزاعي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«ما من بعير لنا إلا وفي ذروته شيطان، فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما أمرتكم (2)» الحديث، حديث حسن، وصححه ابن خزيمة والحاكم ووافقه الذهبي.
وينبغي للعبد المؤمن أن يلتزم بذكر اسم الله تعالى في سائر أمور حياته، حتى عند الوقاع والجماع، حرزا من ضر الشيطان إذا قدر له ولد، وعند الغزو ومواجهة العدو.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا. فقضي بينهما ولد، لم يضره (3)» متفق
(1) الترمذي في سننه (5/ 154 - 155) أبواب الدعوات باب 35 وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن أبي شيبة في مصنفه (10/ 211)، وأحمد في مسنده (6/ 218)، والطبراني في الدعاء حديث رقم (411)، والحاكم في المستدرك (1/ 519) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه عند أبي داود والنسائي في عمل اليوم والليلة، وعند ابن حبان وغيرهم.
(2)
رواه أحمد في مسنده (4/ 221) بإسناد حسن، وابن خزيمة في صحيحه (4/ 73)، والطبراني في المعجم الكبير (22/ 334)، والحاكم في المستدرك (1/ 444) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وله شاهد صحيح، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/ 131): رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح غير محمد بن إسحاق، وقد صرح بالسماع في أحدها.
(3)
البخاري 10/ 44 - 45 كتاب الطهارة باب التسمية على كل حال وعند الوقاع، وكذا في الدعوات باب ما يقول إذا أتى أهله 7/ 162، وكذا في التوحيد (8/ 169 - 170)، ومسلم في (2/ 1057) كتاب النكاح باب ما يستحب أن يقول عند الجماع.
عليه.
ومن وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم وصيته أمراء الجيوش مع من معهم من المسلمين بتقوى الله تعالى، وأن يبدأ الغزو ببسم الله.
روى بريدة رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا، ثم قال: اغزوا بسم الله، قاتلوا من كفر بالله. (1)» . . . . . الحديث رواه مسلم.
وقد ثبت أن جبريل رقى النبي صلى الله عليه وسلم بسم الله، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه أيضا أنه رقي ببسم الله وعلم غيره الرقية ببسم الله.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «أن جبريل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أشتكيت؟ فقال: نعم. قال: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك (2)» رواه مسلم.
وجاء في الحديث المتفق عليه عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للمرضى في الرقية: بسم الله
(1) في صحيحه (3/ 1356) كتاب الجهاد باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث.
(2)
مسلم في صحيحه (4/ 1718 - 1719) كتاب السلام باب الطب والمرض والرقى.
تربة أرضنا، وبريقة بعضنا، يشفى سقيمنا، بإذن ربنا (1)».
وكذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تعليمه الرقية بسم الله لمن يشكو ألما في جسده، فعن «عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر (2)» رواه مسلم في صحيحه.
وإذا فارق العبد المؤمن هذه الحياة ينبغي أن يدفن ويذكر اسم الله عند وضعه في القبر، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه ابن عمر رضي الله عنهما: عنه: «أنه كان إذا وضع الميت في القبر قال: بسم الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (3)» .
هذه أهم المواضع التي يذكر اسم الله تعالى فيها، وينبغي للعبد أن يلازم ذكر اسم الله تعالى في أمور حياته كلها.
وهناك مواضع أخرى؛ مثل: ذكر اسم الله عند الذبيحة، وعند إرسال الكلب المعلم وغيرهما، تركتها خشية التطويل؛
(1) البخاري في 7/ 24 كتاب الطب باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم، ومسلم في (4/ 1724) كتاب السلام باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة.
(2)
انظر (4/ 1728) كتاب السلام باب استحباب وضع اليد على موضع الألم مع الدعاء.
(3)
رواه أبو داود بإسناد رجاله ثقات كلهم، انظر (3/ 546) كتاب الجنائز باب الدعاء للميت إذا وضع في قبره، والترمذي في سننه (2/ 255) الجنائز باب ما يقول إذا دخل الميت قبره، وابن ماجه في سننه (1/ 494 - 495) وقال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه (3/ 329) و (10/ 432)، والحاكم في المستدرك (1/ 366) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهو كما قاله.