الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان يقول: (والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت، وأين أنزلت، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سؤولا.)(1) وكذا روى عن ابن مسعود كثير، وكان يقول:(والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته)(2) فما روي عنهم من قسم علي العلم بكتاب الله أية آية دليل على مدى اهتمامهم بهذا الكتاب العظيم، وتدبرهم له آية آية، وتتبعهم لنزوله، وفهم مقاصده ومراميه والعمل به.
لذا نجد ابن عباس رضي الله عنه لما فاته الأخذ عن الرسول صلى الله عليه وسلم لصغر سنه حيث توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة تقريبا، نجده يلازم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجد في الطلب، ويتحمل في ذلك المشاق والمتاعب، فقد روي عنه أنه كان يجلس في القائلة عند باب أحدهم والرياح تؤذيه والشمس تشتد عليه، ومع هذا يتحمل في سبيل تعلم كتاب الله، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فبجهوده التي بذلها في طلب العلم، وبركة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال:«اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل (3)» فتح الله عليه في فهم القرآن، وتدبره فكان حكما في تفسيره {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} (4)
واشتهر من التابعين مجاهد وقد قيل: (إذا جاءك التفسير من مجاهد فحسبك) وممن اشتهر من التابعين أيضا سعيد بن جبير، وعكرمة- مولى ابن عباس - وقتادة، والضحاك، وعطاء بن أبي رباح، وزيد بن أسلم وغيرهم كثير.
(1) الإتقان للسيوطي (2/ 187)
(2)
الإتقان للسيوطي (2/ 187)
(3)
مسند أحمد بن حنبل (1/ 266).
(4)
سورة البقرة الآية 269
تاريخ تدوين التفسير:
مر تدوين تفسير القرآن بالمراحل الآتية:
* المرحلة الأولى:
أن التفسير كان يعتمد على الرواية والنقل فالصحابة يروون عن الرسول صلى الله عليه وسلم ويروي بعضهم عن بعض.
* المرحلة الثانية:
أن التفسير دون ضمن كتب الحديث، فالمحدثون الذين تخصصوا في رواية أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وجمعها كالبخاري ومسلم وأصحاب السنن أفردوا بابا للتفسير في كتبهم جمعوا فيه ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين في تفسير القرآن، فتجد ضمن صحيح البخاري ومسلم باب التفسير وكذلك كتب السنن.
* المرحلة الثالثة:
أن التفسير دون مستقلا في كتب خاصة به جمعه فيها مؤلفوها ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين مرتبا حسب ترتيب المصحف، فيذكرون أولا ما روي في تفسير سورة الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران، وهكذا إلى آخر سورة الناس.
تم ذلك على أيدي طائفة من العلماء منهم ابن ماجه (ت273هـ). وابن جرير الطبري (ت 310هـ). وأبو بكر بن المنذر النيسابوري (ت318هـ) وابن أبي حاتم (ت327هـ). وأبو الشيخ بن أبي حبان (ت369هـ). والحاكم (ت405هـ) وأبو بكر بن مردويه (ت410هـ) وغيرهم من أئمة هذا الشأن، وكل هذه التفاسير مروية بالإسناد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الصحابة والتابعين وتابع التابعين، وليس فيها شيء من غير التفسير المأثور، اللهم إلا ابن جرير الطبري؛ فإنه ذكر الأقوال ثم وجهها ورجح بعضها على بعض، وزاد على ذلك الإعراب إن دعت إليه حاجة، واستنبط الأحكام التي تؤخذ من الآيات القرآنية (1).
* المرحلة الرابعة:
في هذه المرحلة دون التفسير مجردا عن الإسناد، واختلط الصحيح بالضعيف، ودخلت الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير، والذين جاءوا بعد ذلك نقلوا هذه الأقوال على أنها صحيحة.
(1) التفسير والمفسرون للذهبي (1/ 141).