الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويشير إلى القواعد الأصولية، ويتوسع في المباحثات الفقهية، فيعني كثيرا بمذهب الشافعي وتحقيقه وترجيح آرائه والرد على مخالفيها، كما أنه في مسألة آيات الصفات يجريها على طريقة الأشعري في مذهبه، ويرد على أقوال المعتزلة في مسألة الصفات وغيرها، ويفند أقوالهم، وكذلك يعني بذكر آراء الفلاسفة ونظرياتهم في الكون ويفندها، وقد استطرد في المباحث الفلسفية والكلامية فطغت على تفسيره، فهو مرجع في هذا الباب إلا أنه يؤخذ عليه أن يورد شبه الجاحدين والمخالفين يوردها ويحققها ويتوسع في تحقيقها أكثر من أصحابها ثم يرد عليها ردا ضعيفا لأنه قد استنفذ طاقته في التوسع في تحقيقها حتى قال عنه بعض المغاربة: يورد الشبه نقدا ويحللها نسيئة، فنلاحظ من هذا الاستعراض السريع لطريقة الفخر الرازي في تفسيره أنه جمع في تفسيره علوما كثيرة، واستطرد في بعضها مما جعله يخرج عن التفسير، ولذا قال بعض العلماء: فيه كل شيء إلا التفسير، وهذا القول وإن كان فيه مبالغة إلا أنه يشعر باستطرادات الفخر الرازي في تقرير بعض قضايا التفسير (1)
* * *
(1) راجع التفسير والمفسرون (1/ 296).
2 -
الجامع لأحكام القرآن
للقرطبي
التعريف بمؤلف هذا التفسير * التعريف بمؤلف هذا التفسير:
هو الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح بإسكان الراء والحاء المهملة الأنصاري الخزرجي القرطبي، كان من العباد الصالحين والعلماء العارفين الزاهدين في الدنيا، وكان متواضعا، وكانت أوقاته كلها معمورة بالتوجه إلى الله بالعبادة
تارة وبالتصنيف تارة أخرى، حتى أخرج للناس كتبا انتفعوا بها، توفي سنة 671هـ. بمنية بني خصيب بصعيد مصر، ومن مصنفاته:
1 -
كتاب شرح أسماء الله الحسنى.
2 -
كتاب التذكار في أفضل الأذكار، مطبوع.
3 -
كتاب التذكرة في أمور الآخرة، مطبوع.
4 -
تفسيره: الجامع لأحكام القرآن (1).
التعريف بتفسيره وطريقته فيه * التعريف بتفسيره وطريقته فيه:
قال في مقدمة تفسيره يبين السبب الذي دفعه إلى تأليفه فالطريقة التي سار عليها فقال: وبعد، فلما كان كتاب الله هو الكفيل بجميع علوم الشرع الذي استقل بالسنة والفرض، ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض رأيت أن أشتغل به مدى عمري واستفرغ فيه منتى (2) بأن أكتب فيه تعليقا وجيزا يتضمن نكتا من التفسير واللغات والإعراب والقراءات والرد على أهل الزيغ والضلالات، وأحاديث كثيرة شاهدة لما نذكره من الأحكام ونزول الآيات جامعا بين معانيها ومبينا ما أشكل منها بأقاويل السلف، ومن تبعهم من الخلف. . . وشرطي في هذا الكتاب إضافة الأقوال إلى قائليها والأحاديث إلى مصنفيها، فإنه يقال: من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله، وكثيرا ما يجيء الحديث في كتب الفقه والتفسير مبهما لا يعرف من أخرجه إلا من اطلع على كتب الحديث، فيبقى من لا خبرة له بذلك حائرا لا يعرف الصحيح من السقيم، ومعرفة ذلك علم جسيم، فلا يقبل منه الاحتجاج به ولا الاستدلال حتى يضيفه إلى من خرجه من الأئمة الأعلام، والثقات المشاهير من علماء الإسلام، ونحن نشير إلى جمل من ذلك في هذا الكتاب، والله الموفق للصواب.
وأضرب عن كثير من قصص المفسرين، وأخبار المؤرخين، إلا ما لا بد منه ولا غنى عنه للتبيين واعتضت من ذلك تبيين آي الأحكام، بمسائل تسفر عن معناها، وترشد الطالب إلى مقتضاها، فضمت كل آية تتضمن حكما أو حكمين فما زاد
(1) راجع طبقات المفسرين للداودي (2/ 65) والأعلام للزركلي (5/ 322).
(2)
المنة: بالضم القوة.
مسائل نبين فيها ما تحتوي عليه من أسباب النزول والتفسير الغريب، والحكمة، فإن لم تتضمن حكما ذكرت ما فيها من التفسير والتأويل.
وهكذا إلى آخر الكتاب، وسميته بالجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان (1).
فنلاحظ من هذه المقدمة الطريقة التي سار عليها القرطبي في تفسيره حيث إنه يذكر آية أو مجموعة من الآيات متصلة في المعنى، فيجعل تفسيره لهذه الآيات في جملة مسائل تكون مسألتين، وقد تصل إلى أربعين مسألة فأكثر، يذكر في كل مسألة حكما من أحكام الآية أو سببا من أسباب النزول أو تفسيرا لغريب الآية أو صلة لها، أو يذكر فروعها فقهية تتصل بالآية من بعيد أو من قريب، ويستدل على ذلك بالأحاديث ويخرج هذه الأحاديث، كما يستدل بأقاويل السلف وينسبها إلى قائلها. كما أنه لا يستطرد في ذكر القصص والتواريخ، وقد وفى بما وعد في مقدمة تفسيره إلا أنه استطرد في ذكر الفروع الفقهية والتفصيلات الدقيقة في مذاهب أئمة الفقه التي لا تتصل بالآية إلا من بعيد حتى إن القارئ فيه أحيانا يجد نفسه أمام ثروة كبيرة من الأقوال الفقهية تخرجه عن تفسير الآيات القرآنية، ومن المراجع التي اعتمد عليها القرطبي في تفسيره ابن جرير الطبري وابن عطية وابن العربي والكيا الهراس وأبو بكر الجصاص، ومما يمتاز به القرطبي في تفسيره أنه لا يتعصب لمذهبه المالكي، فتجده في بعض المسائل يسوق رأي الإمام مالك ثم يرجح غيره مما دل عليه الدليل، ومن أمثلة ذلك تفسيره لقوله تعالى في الآية 43 من سورة البقرة:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (2) نجده عند المسألة السادسة عشرة من مسائل هذه الآية يعرض لإمامة الصغير ويذكر أقوال من يجيزها ومن يمنعها، ويذكر أن من المانعين لها الإمام مالك والثوري وأصحاب الرأي، ولكنا نجده يخالف إمامه فيقول بجواز إمامة الصغير لما ظهر له من الدليل على جوازها، وهو ما ثبت في صحيح البخاري من حديث عمرو بن سلمة أن
(1) راجع تفسير القرطبي (1/ 2 - 3).
(2)
سورة البقرة الآية 43