الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
في عيون الأخبار (وإلا استحللت القضية عليه) وفي الجاحظ (وإلا وجهت عليه القضاء) وفي المقدمة (وإلا استحللت عليه القضاء).
7 -
في رواية المقدمة (فإن الله سبحانه عفا عن الأيمان ودرأ بالبينات) وفي رواية ابن قتيبة (فإن الله تولى منكم السرائر ودرأ عنكم بالبينات) ورواية الجاحظ (ودرأ عنكم الشبهات).
8 -
في رواية الجاحظ (والتنكر للخصوم في مواطن الحق) ورواية المقدمة (فإن استقرار الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر ويحسن به الذكر).
9 -
في رواية الجاحظ (ومن تزين للناس بما يعلم الله خلافه منه هتك الله ستره وأبدى فعله) ورواية عيون الأخبار (ومن تزين للناس بغير ما يعلم الله منه شانه الله) وليس في المقدمة شيء من ذلك.
وهكذا يظهر أن الاختلاف بين هذه الروايات يسير، ولا يحيل المعنى ولا يغيره، خصوصا وأن التدوين لم يعرف في ذلك الوقت، فكل راو نقل ما سمعه وتمسك به ولا يعتبر ذلك طعنا: لأن علماء الحديث أجازوا الرواية بالمعنى، واعتبروا الزيادة من الثقة مقبولة.
صحة الكتاب وحقيقة محتواه:
وبعد كل ما تقدم من دفع الشبهات والاعتراضات التي وجهت للكتاب سواء من جهة سنده أو من جهة متنه فإنه لا يصح التعويل على ما أثير حول ذلك من الطعون والشكوك حيث تعرت عن الحقيقة وأصبحت هذه الطعون بلا بينة تقوم عليها ولا دليل يسندها.
ومن هنا يتأكد صحة صدور الكتاب من عمر رضي الله عنه.
ولو تتبعنا ما ورد في هذا الكتاب من مبادئ ووصايا تتعلق بالقضاء لألفينا لها أصلا في السنة النبوية. وعلى هذا فلا وجه للضجة التي أثارها بعض العلماء
والباحثين حول هذا الكتاب، وادعائهم أنه غير صحيح، لأنه على فرض التسليم لهم بعدم صحة سنده، ففي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يؤيد محتواه ومتنه على ما سنوضحه في القواعد الآتية:
1 -
فقاعدة (لا اجتهاد في مورد النص) وهي ما ورد في قول عمر: (ثم الفهم الفهم فيما أدلي إليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ولا سنة، ثم قايس الأمور) فقد روي عن الحارث بن عمرو - يرفعه إلى معاذ - «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن، قال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟
قال أقضي بكتاب الله.
قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟
قال: أقضي بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله؟
قال: أجتهد برأي ولا آلو - أي لا أقصر -.
قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله (1)».
2 -
وقاعدة التسوية بين الناس، ففي الحديث عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل في لحظه ولفظه وإشارته ومقعده (2)» .
وفي رواية أخرى بسند آخر «من ابتلي بالقضاء بين المسلمين
(1) أخرجه الإمام أحمد في المسند (5/ 230) وأبو داود (3/ 303) والترمذي (2/ 394) وقال لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسناده عندي بمتصل، وأخرجه الدارمي (1/ 60) وقد ضعفه قوم وانتصر له آخرون بتلقي أئمة الاجتهاد له بالقبول، وبما جاء عن الصحابة من قولهم ما يوافقه. انظر تلخيص الحبير (4/ 83) والمغنى لابن قدامة (9/ 53).
(2)
رواه الدارقطني في كتاب الأقضية والأحكام من سننه (4/ 205).
فليساو بينهم في المجلس، والإشارة، والنظر (1)».
3 -
وقاعدة منع الصلح فيما يخالف الشرع ففي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الصلح بين المسلمين جائز إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما (2)» .
4 -
وقاعدة إعطاء فرصة الدفاع قبل الحكم، فقد قال عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما ولاه قضاء اليمن «إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر، كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك وجه القضاء (3)» أخرجه أهل السنن والمسانيد وغيرهم.
5 -
وقاعدة البينة على المدعي واليمين على من أنكر، وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه (4)» .
وروي أيضا «البينة على المدعي واليمين على من أنكر (5)» .
زاد الدارقطني إلا في القسامة.
(1) رواه إسحاق بن راهويه في مسنده، والطبراني في معجمه، انظر الدراية في تخريج أحاديث الهداية (2/ 169) وتلخيص الحبير (4/ 193) كلاهما لابن حجر العسقلاني.
(2)
رواه الإمام أحمد في مسنده، دون الاستثناء (2/ 366) وأبو داود بتمامه في باب الصلح (3/ 304) كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن طريق الوليد بن رباح، وصححه ابن حبان والحاكم وأخرجه الترمذي (2/ 304) وابن ماجه في الأحكام (2/ 788) وكلاهما عن طريق كثير بن عبد الله المزني وهو ضعيف جدا وقد صححه الحاكم أيضا، الدراية (2/ 180).
(3)
سنن الترمذي الأحكام (1331)، سنن أبو داود الأقضية (3582).
(4)
أخرجه البخاري في كتاب التفسير (6/ 43)، ومسلم من حديث ابن عباس واللفظ له في باب اليمين على المدعى عليه (2/ 778).
(5)
سنن الترمذي الأحكام (1341).
6 -
وقاعدة الأحكام الجزئية تفقد المحكوم عليه أهليته للشهادة، فقد روي عنه عليه السلام أنه قال:«المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا في فرية» . رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وفي رواية أخرى «لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا مجلود حدا ولا ذي غمر على أخيه ولا مجرب عليه شهادة الزور ولا قانع أهل البيت وظنين في ولاء ولا قرابة (1)» .
ونخرج من هذا أن هذا الكتاب ليس جديدا في مادته، وإن كان جديدا في صياغته، وليس معنى هذا التقليل من شأنه، فقد احتوى على الكثير من السنة النبوية - كما قلنا -بالإضافة إلى أنه قد وفر على القضاة كثيرا من الجهد في تتبع ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المجال في عصر ما قبل تدوين الحديث: إذ لم يكن كل الصحابة على علم بكل ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن هنا فقد كان كتاب عمر ذخيرة للقضاة.
(1) حديث لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة روى من طريقين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وفي أحدهما آدم بن قائد، وفي الثاني المثنى بن الصباح، قال البيهقي: لا يحتج بهما. وروي من طريق ثالث عن عائشة رضي الله عنها وفي سنده زيد بن أبي زياد ويقال ابن زياد الشامي، قال عنه البيهقي: هذا ضعيف، وروي من طريق رابع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وفي سنده يحيى بن سعيد الفارسي، متروك، وعبد الله الأعلى بن محمد ضعيف. وقال في الجوهر النقي على سنن البيهقي بعد ذكر رواية ابن أبي شيبة وقد تابع الحجاج بن أرطأة آدم والمثنى، والحجاج أخرج له مسلم مقرونا بآخر انظر سنن البيهقي والجوهر النقي على هامشه (10/ 155، 156).