المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌آراء الفقهاء في حكم البيعتين في بيعة - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٧

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌نواقض الإسلام

- ‌موضوع العددبحث في البيوع

- ‌العينة والتورق:

- ‌تعريف العينة والتورق لغة وشرعا:

- ‌آراء الفقهاء في حكم العينة والتورق

- ‌ بيع دين السلم

- ‌بيعتان في بيعة:

- ‌آراء الفقهاء في حكم البيعتين في بيعة

- ‌بيع المضطر:

- ‌بيع الإنسان ما لم يقبض وبيعه ما ليس عنده

- ‌ القضاء على جشع التجار الذين يحتالون بأنواع من البيوع المحرمة على استغلال حاجة المضطرين

- ‌الفتاوى

- ‌اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ ما اختلط من الإبل بإبله صغيرا صغرا لا يقوى معه على ورود الماء ولا على الامتناع من صغار السباع

- ‌ بيع السيارة بعشرة آلاف نقدا أو باثني عشر ألفا تقسيطا

- ‌ اشترى مالا ودفع قيمته من صاحبه ثم أتى إليه رجل ثان واشتراه من قيمته إلى الحلول

- ‌ السلف المضمون إلى أجل

- ‌ بيع الحصة المشاع تملكها في قطعة أرض معروفة الحدود والمساحة والموقع

- ‌ تواطؤ المشترين للسلعة في الحراج أو غيره على أن يقفوا بسعر السلعة عند حد معين

- ‌ التجارة في الدخان والجراك

- ‌ طلب إنسان من صديقه أن يشتري له سيارة بنقد ثم يعيد بيعها له إلى أجل مع ربح في البيع

- ‌ بيان حكم حد الزاني المحصن

- ‌لحكم إذا لم يستطع الحاج المبيت في منى أيام التشريق

- ‌ واجب علماء المسلمين تجاه الأزمات والنكبات التي حلت بالعالم الإسلامي

- ‌ واجب علماء المسلمين حيال كثرة الجمعيات والجماعات في كثير من الدول الإسلامية

- ‌تبيين العجب بما ورد في فضل رجب

- ‌الحاجة إلى الرسل

- ‌التفسير بالأثر والرأي وأشهركتب التفسير فيهما

- ‌ معنى التفسير لغة واصطلاحا:

- ‌معنى التأويل لغة:

- ‌التأويل في الاصطلاح والفرق بينه وبين التفسير:

- ‌التأويل في اصطلاح علماء الكلام:

- ‌اهتمام الصحابة والتابعين بالتفسير:

- ‌المفسرون من الصحابة والتابعين:

- ‌تاريخ تدوين التفسير:

- ‌تلون التفسير بثقافة المفسرين:

- ‌التفسير الموضوعي:

- ‌أقسام التفسير:

- ‌ التفسير بالمأثور:

- ‌ التفسير بالرأي:

- ‌أشهر كتب التفسير بالأثر

- ‌ الكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعلبي

- ‌ معالم التنزيلللبغوي

- ‌ تفسير القرآن العظيملابن كثير

- ‌ الدرر المنثور في التفسير بالمأثورللسيوطي

- ‌ أشهر كتب التفسير بالرأي

- ‌ مفاتيح الغيبللفخر الرازي

- ‌ الجامع لأحكام القرآنللقرطبي

- ‌ إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريملأبي السعود

- ‌ فتح القدير للشوكاني

- ‌ روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثانيللألوسي

- ‌فهرس المراجع

- ‌الذكاة الشرعية وأحكامهاوحكم اللحوم المستوردة

- ‌ الذبائح المستوردة

- ‌حكم الشهادة تحملا وأداء

- ‌مشروعية استملاكالعقار للمنفعة العامة

- ‌مصادر ومراجع البحث

- ‌كتاب عمر لأبي موسى:

- ‌مكانة الكتاب عند العلماء، ومصادر رواياته:

- ‌الاعتراضات والشكوك في الكتاب، ومناقشتها والرد عليها:

- ‌صحة الكتاب وحقيقة محتواه:

- ‌نظرية براءة المتهم حتى تثبت إدانتهوحظها من الاعتبار في الشريعةالإسلامية

الفصل: ‌آراء الفقهاء في حكم البيعتين في بيعة

أحمد: لا تحل الرواية عندي عنه ولا أعرف هذا الحديث لغيره وصحفه الحاكم فقال موسى بن عتبة فصححه على شرط مسلم، وتعجب البيهقي من تصحيفه على الحاكم. قال أحمد: ليس في هذا حديث يصح، لكن إجماع الناس أنه لا يجوز بيع دين بدين. وظاهر الحديث أن تفسيره بذلك مرفوع، والكالئ من كلاء الدين، كلوا فهو كالئ إذا تأخر، وكلأته إذا أنسأته وقد لا يهمز تخفيفا.

قال في النهاية: هو أن يشتري الرجل شيئا إلى أجل، فإذا حل الأجل لم يجد ما يقضي به فيقول: بعنيه إلى أجل آخر بزيادة شيء فيبيعه ولا يجري بينهما تقابض، والحديث دل على تحريم ذلك وإذا وقع كان باطلا.

ص: 74

‌بيعتان في بيعة:

‌آراء الفقهاء في حكم البيعتين في بيعة

مع التوجيه والمناقشة:

أ: قال النووي رحمه الله في المجموع شرح المهذب (1):

* قال المصنف رحمه الله:

(فإن قال بعتك بألف مثقال ذهبا وفضة، فالبيع باطل. لأنه لم يبين القدر من كل واحد منهما فكان باطلا. وإن قال: بعتك بألف نقدا أو بألفين نسيئة: فالبيع باطل، لأنه لم يعقد على ثمن بعينه، فهو كما لو قال: بعتك أحد هذين العبدين).

* (الشرح) هاتان المسألتان كما قالهما باتفاق الأصحاب وهما داخلتان في النهي عن بيع الغرر وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين

(1) ص: 372 / جزء:9

ص: 74

في بيعة (1)» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، قال: وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وأنس وفسر الشافعي وغيره من العلماء البيعتين في بيعة تفسيرين:

أحدهما: أن يقول: بعتك هذا بعشرة نقدا أو بعشرين نسيئة.

والثاني: أن يقول: بعتك بمائة مثلا على أن تبيعني دارك بكذا وكذا. وقد ذكر المصنف التفسيرين في الفصل الذي بعد هذا، وذكرهما أيضا في التنبيه وذكرهما الأصحاب وغيرهم. (والأول) أشهر وعلى التقديرين البيع باطل بالإجماع.

(وأما) الحديث الذي في سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو (2)» الربا". فقال الخطابي وغيره: يحتمل أن يكون ذلك في قصة بعينها، كأن أسلف دينارا في قفيز حنطة إلى شهر فحل الأجل فطالبه فقال: بعني القفيز الذي لك علي إلى شهرين بقفيزينن، فهذا بيع ثان قد دخل على البيع الأول فصار بيعتين في بيعة، فيرد إلى أوكسهما وهو الأصل فإن تبايعا البيع الثاني قبل فسخ الأول كانا قد دخلا في الربا والله سبحانه وتعالى أعلم.

* (فرع) في مذاهب العلماء فيمن باع بألف مثقال ذهب وفضة. مذهبنا أنه بيع باطل. وقال أبو حنيفة: يصح ويكون الثمن نصفين واحتج أصحابنا بالقياس على ما لو باعه بألف بضعه ذهب وبعضه فضة فإنه لا يصح.

ب قال عبد الله بن قدامة رحمه الله في المغني (3):

* مسألة: قال: (وإذا قال بعتك بكذا على أن آخذ منك الدينار بكذا، لم ينعقد البيع وكذلك إن باعه بذهب على أن يأخذ منه دراهم بصرف ذكراه) وجملته: أن البيع بهذه الصفة باطل، لأنه شرط في العقد أن يصارفه بالثمن

(1) سنن الترمذي البيوع (1231)، سنن النسائي البيوع (4632).

(2)

سنن الترمذي البيوع (1231)، سنن النسائي البيوع (4632)، سنن أبو داود البيوع (3461)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 432).

(3)

ص: 233 - 235 / جزء:4

ص: 75

الذي وقع العقد به والمصارفة عقد بيع فيكون بيعتان في بيعة، قال أحمد هذا معناه. وقد روى أبو هريرة قال:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة (1)» أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح وروى أيضا عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا كل ما كان في معنى هذا مثل أن يقول: بعتك داري هذه على أن أبيعك داري الأخرى بكذا أو على أن تبيعني دارك أو على أن أؤجرك أو على أن تؤجرني كذا، أو على أن تزوجني ابنتك أو على أن أزوجك ابنتي ونحو هذا، فهذا كله لا يصح. قال ابن مسعود:" الصفقتان في صفقة ربا " وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وجمهور العلماء، وجوزه مالك وقال: لا ألتفت إلى اللفظ الفاسد، إذا كان معلوما حلالا، فكأنه باع السلعة بالدراهم التي ذكر أنه يأخذها بالدنانير.

* ولنا: الخبر وأن النهي يقتضي الفساد، ولأن العقد لا يجب بالشرط لكونه لا يثبت في الذمة فيسقط فيفسد العقد. لأن البائع لم يرض به إلا بذلك الشرط، فإذا فات الرضا به، ولأنه شرط عقدا في عقد لم يصح كنكاح الشغار وقوله: لا ألتفت إلى اللفظ، لا يصح لأن البيع هو اللفظ. فإذا كان فاسدا فكيف يكون صحيحا ويتخرج أن يصح البيع ويفسد الشرط بناء على ما لو شرط ما ينافي مقتضى العقد كما سبق. والله أعلم.

(1) سنن الترمذي البيوع (1231)، سنن النسائي البيوع (4632).

ص: 76

(فصل)

وقد روى في تفسير بيعتين في بيعة وجه آخر: وهو أن يقول بعتك هذا العبد بعشرة نقدا أو بخمسة عشر نسيئة، أو بعشرة مكسرة أو تسعة صحاحا، هكذا فسره مالك والثوري وإسحاق وهو أيضا باطل. وهو قول الجمهور لأنه لم يجزم له ببيع واحد فأشبه ما لو قال بعتك هذا أو هذا، ولأن الثمن مجهول فلم يصح كالبيع بالرقم المجهول، ولأن أحد العوضين غير معين ولا معلوم، فلم يصح كما لو قال بعتك أحد عبيدي.

وقد روي عن طاوس والحكم وحماد أنهم قالوا: لا بأس أن يقول: أبيعك بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا. فيذهب على أحدهما وهذا محمول على أنه جرى بينهما بعد ما يجري في العقد.

ص: 76

فكأن المشتري قال أنا آخذه بالنسيئة بكذا فقال: خذه أو قد رضيت ونحو ذلك. فيكون عقدا كافيا وإن لم يوجد ما يقوم مقام الإيجاب أو يدل عليه لم يصح؛ لأن ما مضى من القول لا يصلح أن يكون إيجابا لما ذكرناه، وقد روي عن أحمد فيمن قال: إن خطته اليوم فلك درهم. وإن خطته غدا فلك نصف درهم: أنه صحيح. فيحتمل أن يلحق به هذا البيع فيخرج وجها في الصحة، ويحتمل أن يفرق بينهما من حيث إن العقد ثم يمكن أن يصح لكونه جعالة يحتمل فيه الجهالة بخلاف البيع ولأن العمل الذي يستحق به الأجر لا يمكن وقوعه إلا على إحدى الصفقتين فتتعين الأجرة المسماة عوضا له. فلا يفضي إلى التنازع وهاهنا بخلافه.

ص: 77

(فصل)

ولو باعه بشرط أن يسلفه أو يقرضه أو شرط المشتري ذلك عليه. فهو محرم والبيع باطل، وهذا مذهب مالك والشافعي، ولا أعلم فيه خلافا إلا أن مالكا قال: إن ترك مشترط السلف صح البيع.

* ولنا: ما روى عبد الله بن عمرو «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ربح ما لم يضمن، وعن بيع ما لم يقبض، وعن بيعتين في بيعة، وعن شرطين في بيع، وعن بيع وسلف (1)» أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وفي لفظ «لا يحل بيع وسلف (2)» ولأنه اشترط عقدا في عقد، ففسد كبيعتين في بيعة، ولأنه إذا اشترط القرض زاد في الثمن لأجله فتصير الزيادة في الثمن عوضا عن القرض وربحا له. وذلك ربا محرم ففسد كما لو صرح به ولأنه بيع فاسد فلا يعود صحيحا كما لو باع درهما بدرهمين ثم ترك أحدهما.

(1) سنن الترمذي البيوع (1234)، سنن النسائي البيوع (4631)، سنن أبو داود البيوع (3504)، سنن ابن ماجه التجارات (2188)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 175)، سنن الدارمي البيوع (2560).

(2)

سنن الترمذي البيوع (1232)، سنن النسائي البيوع (4611)، سنن أبو داود البيوع (3504)، سنن ابن ماجه التجارات (2188)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 175)، سنن الدارمي البيوع (2560).

ص: 77

(فصل)

ج قال محمد بن علي الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار (باب بيعتين في بيعة)(1):

(1) ص: 248 - 249 / جزء:5.

ص: 77

(عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا (1)» رواه أبو داود وفي لفظ «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة (2)» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه، وعن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال:«نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة (3)» قال سماك هو الرجل يبيع البيع فيقول هو بنسأ بكذا وهو بنقد بكذا وكذا) رواه أحمد.

حديث أبي هريرة باللفظ الأول في إسناده محمد بن عمرو بن علقمة وقد تكلم فيه غير واحد قال المنذري: والمشهور عنه من رواية الدراوردي ومحمد بن عبد الله الأنصاري «أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة (4)» انتهى. وهو باللفظ الثاني عند من ذكره المصنف وأخرجه أيضا الشافعي ومالك في بلاغاته وحديث ابن مسعود أورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه. وقال في مجمع الزوائد: رجال أحمد ثقات، وأخرجه أيضا البزار والطبراني في الكبير والأوسط، وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطني وابن عبد البر قوله: من باع بيعتين فسره سماك بما رواه المصنف عن أحمد عنه وقد وافقه على مثل ذلك الشافعي فقال: بأن يقول بعتك بألف نقدا أو ألفين إلى سنة فخذ أيهما شئت أنت وشئت أنا، ونقل ابن الرفعة عن القاضي أن المسألة مفروضة على أنه قبل على الإيهام، أما لو قال قبلت بألف نقدا أو بألفين بالنسيئة صح ذلك وقد فسر الشافعي في تفسير آخر فقال: هو أن يقول بعتك ذا العبد بألف على أن تبيعني دارك بكذا أي إذا وجب لك عندي وجب لي عندك وهذا يصلح تفسيرا للرواية الأخرى من حديث أبي هريرة لا للأولى، فإن قوله: فله أوكسهما يدل على أنه باع الشيء الواحد بيعتين ببيعة بأقل وبيعة بأكثر.

وقيل في تفسير ذلك هو أن يسلفه دينارا في قفيز حنطة إلى شهر فلما حل الأجل وطالبه بالحنطة قال: بعني القفيز الذي لك علي إلى شهرين بقفيزين، فصار ذلك بيعتين في بيعة لأن البيع الثاني قد دخل على الأول فيرد إليه أوكسهما وهو الأول، كذا في شرح السنن لابن رسلان، قوله "فله أوكسهما" أي أنقصهما قال الخطابي: لا أعلم أحدا قال بظاهر الحديث وصحح البيع بأوكس الثمنين إلا ما حكى

(1) سنن الترمذي البيوع (1231)، سنن النسائي البيوع (4632)، سنن أبو داود البيوع (3461)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 432).

(2)

سنن الترمذي البيوع (1231)، سنن النسائي البيوع (4632).

(3)

مسند أحمد بن حنبل (1/ 398).

(4)

صحيح البخاري الصلاة (368)، سنن النسائي البيوع (4517)، سنن ابن ماجه التجارات (2169)، موطأ مالك الجامع (1704).

ص: 78

عن الأوزاعي وهو مذهب فاسد انتهى. ولا يخفى أن ما قاله هو ظاهر الحديث لأن الحكم له بالأوكس يستلزم صحة البيع به، قوله:"أو الربا" يعني أو يكون قد دخل هو وصاحبه في الربا المحرم إذا لم يأخذ الأوكس بل أخذ الأكثر، وذلك ظاهر في التفسير الذي ذكره ابن رسلان، وأما في التفسير الذي ذكره أحمد عن سماك وذكره الشافعي ففيه متمسك من قال: يحرم بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء، وقد ذهب إلى ذلك زين العابدين علي بن الحسين والناصر والمنصور بالله والهادوية والإمام يحيى.

وقالت الشافعية والحنفية وزيد بن علي والمؤيد بالله والجمهور: إنه يجوز لعموم الأدلة القاضية بجوازه وهو الظاهر لأن ذلك المتمسك هو الرواية الأولى من حديث أبي هريرة، وقد عرفت ما في راويها من المقال ومع ذلك فالمشهور عنه اللفظ الذي رواه غيره وهو النهي عن بيعتين في بيعة ولا نتيجة فيه على المطلوب، ولو سلمنا أن تلك الرواية التي تفرد بها ذلك الراوي صالحة للاحتجاج لكان احتمالها لتفسير خارج عن محل النزاع كما سلف عن ابن رسلان قادحا في الاستدلال بها على التنازع فيه على أن غاية ما فيها الدلالة على المنع من البيع إذا وقع على هذه الصورة وهي أن يقول: نقدا بكذا ونسيئة بكذا، إلا إذا قال من أول الأمر: نسيئة بكذا فقط، وكان أكثر من سعر يومه مع أن المتمسكين بهذه الرواية يمنعون من هذه الصورة ولا يدل الحديث على ذلك فالدليل أخص من الدعوى، وقد جمعنا رسالة في هذه المسألة وسميناها شفاء الغلل في حكم زيادة الثمن لمجرد الأجل وحققناها تحقيقا لم نسبق إليه والعلة في تحريم بيعتين في بيعة عدم استقرار الثمن في ثورة بيع الشيء الواحد بثمنين والتعليق بالشرط المستقبل في صورة بيع هذا على أن يبيع منه ذاك ولزوم الربا في صورة القفيز الحنطة: قوله: " أو صفقتين في صفقة " أي بيعتين في بيعة.

د قال صاحب نصب الراية رحمه الله في أحاديث الهداية:

الحديث الثالث عشر: روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صفقتين في صفقة (1)» ، قلت رواه أحمد في (مسنده) حدثنا حسن، وأبو النضر، وأسود بن عامر،

(1) مسند أحمد بن حنبل (1/ 398).

ص: 79

قالوا: ثنا شريك عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، قال:«نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة (1)» قال أسود: قال شريك: قال سماك: هو أن يبيع الرجل بيعا فيقول: هو نقدا بكذا، ونسيئة بكذا، انتهى.

ورواه البزار في (مسنده) عن أسود بن عامر به، ورواه الطبراني في (معجمه الوسط) حدثنا أحمد بن القاسم حدثنا عبد الملك بن عبد ربه الطائي حدثنا ابن السماك بن حرب عن أبيه مرفوعا:«لا تحل صفقتان في صفقة» انتهى.

ورواه العقيلي في (ضعفائه) من حديث عمرو بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي حدثنا سفيان عن سماك به مرفوعا: «الصفقة في الصفقتين ربا» ، انتهى. وأعله بعمرو بن عثمان هذا، وقال: لا يتابع على رفعه، والموقوف أولى، ثم أخرجه من طريق أبي نعيم حدثنا سفيان به موقوفا، وهكذا رواه الطبراني في (معجمه الكبير) من طريق أبي نعيم به موقوفا، وكذلك رواه أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان به موقوفا، قال أبو عبيد: ومعنى صفقتان في صفقة: أن يقول الرجل للرجل: أبيعك هذا نقدا بكذا ونسيئة بكذا، ويفترقان عليه، انتهى.

وكذلك رواه ابن حبان في (صحيحه) في النوع الثامن والعشرين، من القسم الأول من حديث شعبة عن سماك به موقوفا. الصفقة في الصفقتين ربا. وأعاده في النوع التاسع والمائة من القسم الثاني كذلك. بلفظ: لا تحل صفقتان في صفقة اهـ.

* حديث آخر: أخرجه الترمذي والنسائي عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص عن أبي سلمة عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة (2)» انتهى. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، قال: وفسره بعض أهل العلم: أن يقول الرجل: أبيعك هذا الثوب نقدا بعشرة، ونسيئة بعشرين، ولا يفارقه على أحد البيعين فإذا فارقه على أحدهما فلا بأس إذا كانت العقدة على أحدهما، وقال الشافعي: معناه أن يقول: أبيعك داري هذه بكذا، على أن تبيعني غلامك بكذا، فإذا وجب لي غلامك وجبت لك داري، انتهى.

والمصنف فسره بأن يقول: أبيعك عبدي هذا على أن تخدمني شهرا، أو داري هذه على أن أسكنها شهرا قال: فإن الخدمة والسكنى إن كان يقابلها شيء من

(1) مسند أحمد بن حنبل (1/ 398).

(2)

سنن الترمذي البيوع (1231)، سنن النسائي البيوع (4632).

ص: 80