الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
لقاء مع طلبة كلية الشريعة
(1)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أولا: أوصيكم بتقوى الله تعالى والاستقامة على أمره؛ لأن المقصود من العلم هو طاعة الله واتباع شريعته «فمن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (2) » كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم:«من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة (3) » ومعلوم عند الجميع أن المقصود من العلم هو العمل، ومن علم ولم يعمل صار أشبه باليهود وبإبليس نعوذ بالله من ذلك، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم ممن يعلم ويعمل، فوصيتي لكم مرة أخرى تقوى الله والحرص على التفقه في الدين، والإخلاص لله في العمل، وأن تكون النية لوجه الله تعالى؛ لأجل أن يخلص المسلم نفسه من الجهل وينفع الناس أيضا، فطالب العلم يجمع بين أمرين، ينفع نفسه وينفع الناس، ولا سيما في هذا العصر الذي انتشر فيه الجهل وانتشرت فيه أيضا المبادئ الهدامة والشرور الكثيرة، والدعاوى
(1) لقاء سماحته مع طلاب كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
(2)
صحيح البخاري العلم (71) ، صحيح مسلم الإمارة (1037) ، مسند أحمد بن حنبل (4/93) ، سنن الدارمي المقدمة (226) .
(3)
أخرجه مسلم برقم (8467) كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر.
المضللة فأنتم الآن على خير في كلية الشريعة، نرجو لكم من الله التوفيق.
وأوصيكم أيضا أن تستمروا في الدراسة بإخلاص، وصدق، ونية صالحة وصبر، والوصية كذلك بالمذاكرة فيما بينكم في المشاكل؛ لأن المشكلة قد تنحل بالزميل والزميلين، والمذاكرة بين الزملاء يحصل بها حل لمشاكل كثيرة، ويستغنى بذلك عن الحاجة إلى الأستاذ، لئلا يحتاج للأستاذ إلا في الشيء المشكل الذي تعجزون عنه ولا يتيسر لكم حله في المذاكرة والمطالعة فتكون مراجعة الأستاذ في الشيء الذي لم تستطيعوا حله بهذه المطالعة ولا بهذه المذاكرة فيما بينكم،
والأمر الآخر: هو الحرص على العمل: فما علمتم أنه واجب فكونوا من أحرص الناس على أدائه، وما علمتم أنه محرم فكونوا من أحرص الناس على تركه، وما علمتم أنه مستحب فكونوا من أسبق الناس إليه حسب الطاقة، وما علمتم أنه مكروه فكونوا من أبعد الناس عنه حسب التيسير.
الأسئلة
س: ما حكم السترة، وهل مرور الكلب والمرأة والحمار، يقطع الصلاة؟ وما موقفنا من كلام عائشة رضوان الله عليها عندما قالت:"أجعلتمونا كالكلاب والحمير"!
ج: السترة سنة مؤكدة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها (1) » رواه أبو داود بإسناد جيد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره إذا سافر تنقل معه العنزة وكان يصلي إليها عليه الصلاة والسلام، فهي سنة مؤكدة وليست واجبة؛ لأنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في بعض الأحيان إلى غير سترة.
وأما ما يقطع الصلاة فهو الحمار والكلب الأسود والمرأة البالغة، لقوله عليه الصلاة والسلام:«يقطع صلاة المرء المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل؛ المرأة والحمار والكلب الأسود (2) » أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه، ورواه مسلم أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بدون ذكر
(1) أخرجه أبو داود برقم (596) كتاب الصلاة، باب الدنو من السترة والنسائي برقم (740) كتاب القبلة، باب الأمر بالدنو من السترة
(2)
أخرجه مسلم برقم (789) كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي.
الأسود، والقاعدة أن المطلق يحمل على المقيد، وفي حديث ابن عباس: المرأة الحائض، أي البالغة، والصواب ما دل عليه الحديث أن هذه الثلاث تقطع.
وأما قول عائشة فهو من رأيها واجتهادها، قالت: بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب، وذكرت أنها كانت تعترض له بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، وهذا ليس بمرور؛ لأن الاعتراض لا يسمى مرورا وقد خفيت عليها رضي الله عنها السنة في ذلك، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، فلو صلى إنسان إلى إنسان قدامه جالس أو مضطجع لم يضره ذلك وإنما الذي يقطع هو المرور بين يدي المصلي من جانب إلى جانب إذا كان المار واحدا من الثلاثة المذكورة بين يديه أو بينه وبين السترة وإذا كانت المرأة صغيرة لم تبلغ أو الكلب ليس بأسود، أو مر شيء أخر كالبعير والشاة ونحوها فهذه كلها لا تقطع، لكن يشرع للمصلي ألا يدع شيئا يمر بين يديه، وإن كان لا يقطع الصلاة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله، فإنه شيطان (1) » متفق على صحته.
(1) أخرجه البخاري برقم (479) كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، ومسلم برقم (872) كتاب الصلاة، باب منع المرور بين يدي المصلي