المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تفسير قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٢٤

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ العلم بأحكام الله تعالى أمر ضروري

- ‌ افتتاحيةمجلة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة

- ‌ لقاء مع طلبة كلية الشريعة

- ‌ طالب كلية الشريعة وطالب العلم الشرعي

- ‌بعض الانطباعات عن المعاهد العلمية

- ‌ حكم من يقللمن شأن القسم الشرعي في التعليم

- ‌ التعلم والتفقهفي الدين واجب إذا تيسر في المدرسة

- ‌ نصيحة لأولياء أمور الطلبة

- ‌ مسألة في فضل التفقه في الدين

- ‌ حكم دراسة الاقتصاد الربوي

- ‌ حكم دراسة النساء للهندسة والكيمياء

- ‌ لا تجوز الدراسة في مدارس مختلطة

- ‌ الاختلاط في الدراسة من أسباب الفتنة

- ‌ مسألة في حكم المدارس المختلطة

- ‌ حكم التعلم في الجامعات المختلطة

- ‌ مسألة في الدراسة المختلطة

- ‌ حكم دراسة الرجل عند امرأة

- ‌ حكم السفر إلى بلاد الكفار للدراسة

- ‌ مسألة في السفرإلى بلاد الكفار من أجل الدراسة

- ‌ حكم حوار اليهود والنصارى في عقيدتهم

- ‌ قيام الطلاب للمدرسين

- ‌ تنبيه حول القيام للمدرس

- ‌ حكم قيام الطالبات للمدرسة

- ‌ ضرب الطالبات لغرض التعليم

- ‌ مسألة فضل نشر العلم

- ‌ نصيحة للطلاب بمناسبة الامتحانات المدرسية

- ‌ كلمة توجيهية للطلاب والطالبات

- ‌ حكم الغش في الاختبارات

- ‌ مسألة في الغش في الامتحان

- ‌ حكم الغش في مادة الإنجليزية

- ‌وصف الأمة بالأمية

- ‌ فضل التفقهفي الدين للعمل به وتعليم الناس

- ‌ موقف طالب العلم من اختلاف العلماء

- ‌ بعض كتب الحديث التي ينصح بها

- ‌ مسألة في العلم

- ‌ طلب العلم مقدم على الجهاد في سبيل الله

- ‌ حكم التفرغ لإفتاء الناس

- ‌ من صفات أهل العلم

- ‌ حكم من يجمع كتبا ولا يقرؤها

- ‌ حكم الاستماع إلى برنامج نور على الدرب في المسجد

- ‌ مسألة حول اعتماد طالب العلم على الكتب دون التلقي من العلماء

- ‌ خطورة الاستطالة في أعراض العلماء

- ‌ جلسات الذكر النسائية

- ‌ حفظ الكتب والمجلاتوالجرائد التي فيها صور

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ الحث على العناية بكتاب الله وتعلمه

- ‌ حرمة القرآن الكريم

- ‌ تفسير سورة الفاتحة وحكم قراءتها في الصلاة

- ‌ تفسير قول الله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قول الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

- ‌ معنى الرفث والفسوق والجدال في الحج

- ‌ تفسير قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}

- ‌ تفسير معاني بعض الآيات الكريمة

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}

- ‌ تفسير قول الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ}

- ‌ شرح معنى قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ}

- ‌ تفسير قوله الله تعالى:{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}

- ‌ شرح معنى قوله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى:{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى:إلا الذين عاهدتم من المشركين

- ‌ تفسير قوله تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}

- ‌ ما مدى صحة قصة الغرانيق

- ‌ تفسير قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}

- ‌ تفسير سورة التغابن

- ‌ تفسير قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}

- ‌ كتب التفسير المفيدة

- ‌ ملاحظات حول كتاب صفوة التفاسير للصابوني وتأويله لآيات الصفات

- ‌ جمع المصحف على حرف واحد

- ‌ تعدد القراءات لا يغير المعنى

- ‌ قراءة القرآن بدون وضوء

- ‌ لا يمس القرآن إلا طاهر

- ‌ لا يمس المصحف، إلا مسلم

- ‌ حكم مس النصراني للمصحف

- ‌ الواجب إتلاف الصحف والأوراق المشتملة على الآيات والذكر بعد الفراغ منها

- ‌ طهارة قارئ القرآن من المصحف واجبة

- ‌ حكم قراءة القرآن للحائض والنفساء

- ‌ حكم قراءة الحائض للأذكار والأدعية

- ‌ هل يسجد للتلاوة من لم يكن على طهارة

- ‌ جواز مس كتب التفسير بدون طهارة

- ‌ الأفضل وضع المصحف مكان مرتفع أثناء سجود التلاوة

- ‌ حكم مس المصحف للصغير

- ‌ حكم مس الكافر لترجمة معاني القرآن

- ‌ حكم مس كتب التفسير من غير وضوء

- ‌ فضل قراءة القرآن بتدبر

- ‌ الحث على قراءة القرآن بالتدبر

- ‌ حكم من ينظر في المصحف دون تحريك الشفتين

- ‌ حكم قراءة القرآن الكريم لمن لا يجيد قواعد اللغة العربية

- ‌ حكم نسيان الآيات

- ‌ الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة

- ‌ من يقرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجران

- ‌ المقصود من قراءة القرآن التدبر والعمل

- ‌ الحث على دراسة القرآن وحفظه

- ‌ حكم تعلم تجويد القرآن الكريم

- ‌ لا يجوز الكف عن تدريس القرآن خشية الثناء أو المدح

- ‌ حكم من حفظ للقرآن ثم نسيه

- ‌ الاستماع إلى القرآن عبادة

- ‌ دعوة إلى المساهمة المادية في تحفيظ القرآن الكريم

- ‌ لا يجوز قراءة القرآن الكريم بأجرة للأموات

- ‌ جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن للناس بأجرة

- ‌ لا حرج في الاجتماع على تلاوة القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن بصوت مرتفع عند من يصلي

- ‌ حكم رفع الصوت بالقرآن

- ‌ معنى التغني بالقرآن

- ‌ حكم قراءة المصحف بالنظر دون تحريك الشفتين

- ‌ المسر بالقرآن. . كالمسر بالصدقة

- ‌ حكم التكلم بالقرآن بين الناس

- ‌ وضع المصحف في السيارة وغيرها بقصد التبرك

- ‌ حكم تعليق الآيات في المكاتب

- ‌ الجواب عن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

- ‌ هل في القرآن مجاز

- ‌ جواز ترجمة معاني القرآن إلى لغات أخرى غير العربية

- ‌ دواء قسوة القلب

- ‌ علاج الأمراض العضوية بالقرآن

- ‌ حكم وضع المصحف خلف المصلي

- ‌ حكم أخذ المصحف من المسجد

- ‌ حكم كتابة البسملة على الفواتير والوصفات الطبية ونحوها

- ‌ حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام وحكم تمزيق الأوراق المكتوب فيها آيات قرآنية

- ‌ لا يجوز امتهان كل ما كان فيه ذكر الله

- ‌ القرآن الكريم يحرق إذا كان متقطعا لا ينتفع به

- ‌ حكم وضع القرآن الكريم على الأرض

- ‌ حكم تقبيل المصحف

- ‌ مسألة في تقبيل المصحف

- ‌ حكم قراءة القرآن على طريقة المغنين

- ‌ تعقيب على فتوىنشرت في جريدة البلاد

- ‌ حكم قول: بلى، عند قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}

- ‌ التكبير لسجدة التلاوة

- ‌ بيان سجدات القرآن

- ‌ تأكيد سجدة (ص)

- ‌ ما الحكمة في تقديم ذكر المال على الأولاد في القرآن الكريم

- ‌ حكم استماع القرآن من النساء

- ‌ حكم قول: صدق الله العظيم عند انتهاء قراءة القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن في أوقات العمل

- ‌ حكم سماع سورة البقرةمن المسجل بدلا من قراءتها في المنزل

- ‌ حكم قراءة القرآن في منزل فيه كلب

- ‌ الأولى ترك التكبيرمن سورة الضحى إلى آخر القرآن

- ‌ حكم إهداء تلاوة القرآن الكريم للآخرين

- ‌ دعاء ختم القرآن لابن تيمية

- ‌ حكم دعاء ختم القرآن

- ‌ استحباب دعاء المسلم عند ختم القرآن

الفصل: ‌ تفسير قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم}

89 -

‌ تفسير قوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}

(1)

س: ما تفسير قوله سبحانه وتعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} (2) . من هو المستثنى هنا؟

ج: الله أعلم. وقال بعض أهل العلم: إنهم الملائكة، وقال بعضهم: إنهم الشهداء. والله سبحانه وتعالى هو أعلم بمراده بذلك.

(1) سورة الزمر الآية 68

(2)

سورة الزمر الآية 68

ص: 273

90 -

‌ تفسير قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}

(1)

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:(2) .

فأشير إلى استفتائك المقيد بإدارة البحوث العلمية والإفتاء برقم 3137 في 11\7\1408هـ. الذي نصه: لقد كنا في حلقة

(1) سورة الفتح الآية 10

(2)

صدرت من مكتب سماحته برقم 2823\2 في 17\9\1408هـ.

ص: 273

تفسير في مسجد بمنطقة الصليبية في الكويت، وقد تعرض إمام المسجد إلى تفسير قول الله تعالى:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (1) . فقال: قيل معناها: منة الله عليهم، وقيل: قوة الله معهم، وقيل: الله عليم بحالهم ونياتهم. فتكلم أحد الشباب من إخواننا في الله بعد الدرس، وقال: تفسيرك هذا ليس من عقيدة أهل السنة والجماعة بل هو من كلام الأشاعرة، فغضب الإمام وقال: إن هذا موجود في كتاب الماوردي وابن كثير، فرد الشاب وقال: ليس هذا في ابن كثير، وإنما هو عند الماوردي الأشعري، فلما رأى العامة الشيخ غضبان غضبوا له ورمى بعضهم الشاب بكلمة (أنت مسيحي)(أنت بوذي) وكادوا أن يضربوه لولا أن بعضهم حماه، والله يعلم أن هذا الشاب لم يتكلم إلا غيرة على عقيدة المسلمين، ومن باب أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فأشار الشاب أن يقضي فضيلتكم بينهم فوافق العوام على ذلك، فأفيدونا ونحن بانتظار ردكم وجزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.

الجواب: وأفيدك أن ما نعتقده في إثبات صفة اليد لله تبارك وتعالى وغيرها في الصفات التي وصف الله بها نفسه في كتابه العزيز، أو وصفه بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة هو: إثباتها لله تبارك وتعالى إثباتا حقيقيا على ما يليق بجلال الله

(1) سورة الفتح الآية 10

ص: 274

سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل. ونؤمن بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا ننفي عنه ما وصف به نفسه ولا نحرف الكلم عن مواضعه، ولا نكيف ولا نمثل صفاته بصفات خلقه؛ لأنه سبحانه لا سمي له ولا كفؤ له ولا ند له ولا يقاس بخلقه سبحانه وتعالى. فكما أن له سبحانه ذاتا حقيقية لا تشبه ذوات خلقه فكذلك له صفات حقيقية لا تشبه صفات خلقه، ولا يلزم من إثبات الصفة للخالق سبحانه. مشابهتها لصفة المخلوق، وهذا هو مذهب سلف الأمة من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم في القرون الثلاثة المفضلة، ومن سلك سبيلهم من الخلف إلى يومنا هذا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: حكى غير واحد إجماع السلف أن صفات الباري جل وعلا تجري على ظاهرها مع نفي الكيفية والتشبيه عنه، وذلك أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يحتذى حذوه ويتبع فيه مثاله، فإذا كان إثبات الذات إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا إثبات كيفية، فنقول: إن لله سبحانه يدا وعينا، ولا نقول: إن معنى اليد القدرة، ومعنى السمع العلم، ثم استدل رحمه الله على إثبات صفة اليد لله سبحانه من القرآن بقول الله سبحانه:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} (1)

(1) سورة المائدة الآية 64

ص: 275

وقال تعالى لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (1) وقال سبحانه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (2) وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (3) وقال تعالى: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (4) ثم قال رحمه الله تعالى: فالمفهوم من هذا الكلام أن لله تعالى يدين مختصتين به ذاتيتين له كما يليق بجلاله، وأنه سبحانه خلق آدم بيده دون الملائكة وإبليس، وأنه سبحانه يقبض الأرض ويطوي السماوات بيده اليمنى وأن يديه مبسوطتان، ومعنى بسطهما: بذل الجود وسعة العطاء؛ لأن الإعطاء والجود في الغالب يكون ببسط اليد ومدها، وتركه يكون ضما لليد إلى العنق، كما قال تعالى:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (5) وصار من الحقائق العرفية أنه إذا قيل: هو مبسوط اليد

(1) سورة ص الآية 75

(2)

سورة الزمر الآية 67

(3)

سورة الملك الآية 1

(4)

سورة آل عمران الآية 26

(5)

سورة الإسراء الآية 29

ص: 276

فهم منه يد حقيقية، وقال رحمه الله تعالى: " إن لفظ اليدين بصيغة التثنية لم يستعمل في النعمة ولا في القدرة؛ لأن استعمال لفظ الواحد في الاثنين أو الاثنين في الواحد لا أصل له في لغة العرب التي نزل بها القرآن، فقوله:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (1) لا يجوز أن يراد به القدرة؛ لأن القدرة صفة واحدة، ولا يجوز أن يعبر بالاثنين عن الواحد، ولا يجوز أن يراد به النعمة؛ لأن نعم الله لا تحصى؛ فلا يجوز أن يعبر عن النعم التي لا تحصى بصيغة التثنية. ثم استدل رحمه الله تعالى على إثبات صفة اليد لله سبحانه من السنة بقوله صلى الله عليه وسلم:«المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا (2) » . رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم:«يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه، والقسط بيده الأخرى يرفع ويخفض إلى يوم القيامة (3) » .

(1) سورة ص الآية 75

(2)

أخرجه مسلم في كتاب (الإمارة) باب: فضيلة الإمام العادل برقم (3406) .

(3)

أخرجه البخاري في صحيحه كتاب (التوحيد) باب قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) برقم (6862) ومسلم في كتاب (الزكاة) باب: الحث على النفقة وتبشير المنفق برقم (1659) .

ص: 277

رواه مسلم، وفي الصحيح أيضا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفؤ أحدكم بيده خبزته في السفر (1) » .

وفي الصحيح أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما يحكي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يأخذ الرب عز وجل سماواته وأرضه بيديه، وجعل يقبض يديه ويبسطها، ويقول: أنا الرحمن (2) » . حتى نظرت إلى المنبر يتحرك أسفل منه حتى إني أقول: أساقط هو برسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي رواية أنه «قرأ هذه الآية على المنبر: قال يقول الله: " أنا الله أنا الجبار (4) » وذكره، وفي الصحيح أيضا عن أبي

(1) أخرجه البخاري في كتاب (الرقائق) باب: يقبض الله الأرض برقم (6039) ومسلم في كتاب (صفة القيامة والجنة والنار) باب: نزل أهل الجنة برقم (5000) .

(2)

أخرجه مسلم في كتاب (صفة القيامة والجنة والنار) برقم (4996) .

(3)

أخرجه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما برقم (5157) .

(4)

سورة الزمر الآية 67 (3){وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}

ص: 278

هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض (1) » ، وفي حديث صحيح:«أن الله لما خلق آدم قال له: ويداه مقبوضتان اختر أيهما شئت، قال: اخترت يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسطها فإذا فيها آدم وذريته (2) » ، وفي الصحيح:«أن الله كتب بيده على نفسه لما خلق الخلق إن رحمتي تغلب غضبي (3) » ، وفي الصحيح «أنه لما تحاج آدم وموسى قال آدم: يا موسى، اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده وقد قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه (4) » ، وفي حديث آخر أنه قال سبحانه: «وعزتي وجلالي لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن

(1) أخرجه البخاري في كتاب (الرقائق) باب: يقبض الله الأرض يوم القيامة برقم (6038) ومسلم في كتاب (صفة القيامة والجنة والنار) برقم (4994) .

(2)

أخرجه الترمذي في سننه كتاب (تفسير القرآن) باب ومن سورة المعوذتين برقم (3290) .

(3)

أخرجه البخاري في كتاب (التوحيد) برقم (6855) ومسلم في كتاب (التوبة) في سعة رحمة الله تعالى برقم (4939) .

(4)

أخرجه الإمام مسلم في كتاب (القدر) باب: حجاج آدم وموسى عليهما السلام برقم (4795) .

ص: 279

قلت له كن فكان (1) » . وفي حديث آخر في السنن: «لما خلق الله آدم ومسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذريته، فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره بيده الأخرى فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون (2) » . قال شيخ الإسلام رحمه الله: فهذه الأحاديث وغيرها نصوص قاطعة لا تقبل التأويل، وقد تلقتها الأمة بالقبول والتصديق. ثم قال - رحمه الله تعالى -: فهل يجوز أن يملأ الكتاب والسنة من ذكر اليد، وأن الله تعالى خلق بيده، وأن يديه مبسوطتان، وأن الملك بيده، وفي الحديث ما لا يحصى، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر لا يبينون للناس إن هذا الكلام لا يراد به حقيقته ولا ظاهره، حتى ينشأ جهم بن صفوان بعد انقراض عهد الصحابة فيبين للناس ما نزل إليهم على نبيهم، ويتبعه عليه بشر بن غياث ومن سلكوا سبيلهم من كل مغموص عليه بالنفاق، وكيف يجوز أن يعلمنا نبينا صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى (الخرأة) ويقول: «ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به، تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا

(1) تفسير ابن كثير ج3 ص52.

(2)

أخرجه الترمذي في كتاب (تفسير القرآن) باب ومن سورة الأعراف برقم (3001) .

ص: 280

هالك (1) » . ثم يترك الكتاب المنزل عليه وسنته الغراء مملوءة، مما يزعم الخصم أن ظاهره تشبيه وتجسيم، وأن اعتقاد ظاهره ضلال، وهو لا يبين ذلك ولا يوضحه، وكيف يجوز للسلف أن يقولوا: أمروها كما جاءت. مع أن معناها المجازي هو المراد وهو شيء لا يفهمه العرب حتى يكون أبناء الفرس والروم أعلم بلغة العرب من أبناء المهاجرين والأنصار. اهـ. باختصار من مجموع الفتاوى ج6 ص351 إلى 373، وبما ذكرنا يتضح للجميع أن ما ذكره الشاب هو الصواب. ونسأل الله أن يهدي الجميع لإصابة الحق في القول والعمل إنه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(1) أخرجه ابن ماجه في سننه كتاب (المقدمة) باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين برقم (43) .

ص: 281