المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تفسير قوله تعالى: {إلا اللمم} - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٢٤

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ العلم بأحكام الله تعالى أمر ضروري

- ‌ افتتاحيةمجلة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة

- ‌ لقاء مع طلبة كلية الشريعة

- ‌ طالب كلية الشريعة وطالب العلم الشرعي

- ‌بعض الانطباعات عن المعاهد العلمية

- ‌ حكم من يقللمن شأن القسم الشرعي في التعليم

- ‌ التعلم والتفقهفي الدين واجب إذا تيسر في المدرسة

- ‌ نصيحة لأولياء أمور الطلبة

- ‌ مسألة في فضل التفقه في الدين

- ‌ حكم دراسة الاقتصاد الربوي

- ‌ حكم دراسة النساء للهندسة والكيمياء

- ‌ لا تجوز الدراسة في مدارس مختلطة

- ‌ الاختلاط في الدراسة من أسباب الفتنة

- ‌ مسألة في حكم المدارس المختلطة

- ‌ حكم التعلم في الجامعات المختلطة

- ‌ مسألة في الدراسة المختلطة

- ‌ حكم دراسة الرجل عند امرأة

- ‌ حكم السفر إلى بلاد الكفار للدراسة

- ‌ مسألة في السفرإلى بلاد الكفار من أجل الدراسة

- ‌ حكم حوار اليهود والنصارى في عقيدتهم

- ‌ قيام الطلاب للمدرسين

- ‌ تنبيه حول القيام للمدرس

- ‌ حكم قيام الطالبات للمدرسة

- ‌ ضرب الطالبات لغرض التعليم

- ‌ مسألة فضل نشر العلم

- ‌ نصيحة للطلاب بمناسبة الامتحانات المدرسية

- ‌ كلمة توجيهية للطلاب والطالبات

- ‌ حكم الغش في الاختبارات

- ‌ مسألة في الغش في الامتحان

- ‌ حكم الغش في مادة الإنجليزية

- ‌وصف الأمة بالأمية

- ‌ فضل التفقهفي الدين للعمل به وتعليم الناس

- ‌ موقف طالب العلم من اختلاف العلماء

- ‌ بعض كتب الحديث التي ينصح بها

- ‌ مسألة في العلم

- ‌ طلب العلم مقدم على الجهاد في سبيل الله

- ‌ حكم التفرغ لإفتاء الناس

- ‌ من صفات أهل العلم

- ‌ حكم من يجمع كتبا ولا يقرؤها

- ‌ حكم الاستماع إلى برنامج نور على الدرب في المسجد

- ‌ مسألة حول اعتماد طالب العلم على الكتب دون التلقي من العلماء

- ‌ خطورة الاستطالة في أعراض العلماء

- ‌ جلسات الذكر النسائية

- ‌ حفظ الكتب والمجلاتوالجرائد التي فيها صور

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ الحث على العناية بكتاب الله وتعلمه

- ‌ حرمة القرآن الكريم

- ‌ تفسير سورة الفاتحة وحكم قراءتها في الصلاة

- ‌ تفسير قول الله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قول الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

- ‌ معنى الرفث والفسوق والجدال في الحج

- ‌ تفسير قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}

- ‌ تفسير معاني بعض الآيات الكريمة

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}

- ‌ تفسير قول الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ}

- ‌ شرح معنى قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ}

- ‌ تفسير قوله الله تعالى:{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}

- ‌ شرح معنى قوله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى:{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى:إلا الذين عاهدتم من المشركين

- ‌ تفسير قوله تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}

- ‌ ما مدى صحة قصة الغرانيق

- ‌ تفسير قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}

- ‌ تفسير سورة التغابن

- ‌ تفسير قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}

- ‌ كتب التفسير المفيدة

- ‌ ملاحظات حول كتاب صفوة التفاسير للصابوني وتأويله لآيات الصفات

- ‌ جمع المصحف على حرف واحد

- ‌ تعدد القراءات لا يغير المعنى

- ‌ قراءة القرآن بدون وضوء

- ‌ لا يمس القرآن إلا طاهر

- ‌ لا يمس المصحف، إلا مسلم

- ‌ حكم مس النصراني للمصحف

- ‌ الواجب إتلاف الصحف والأوراق المشتملة على الآيات والذكر بعد الفراغ منها

- ‌ طهارة قارئ القرآن من المصحف واجبة

- ‌ حكم قراءة القرآن للحائض والنفساء

- ‌ حكم قراءة الحائض للأذكار والأدعية

- ‌ هل يسجد للتلاوة من لم يكن على طهارة

- ‌ جواز مس كتب التفسير بدون طهارة

- ‌ الأفضل وضع المصحف مكان مرتفع أثناء سجود التلاوة

- ‌ حكم مس المصحف للصغير

- ‌ حكم مس الكافر لترجمة معاني القرآن

- ‌ حكم مس كتب التفسير من غير وضوء

- ‌ فضل قراءة القرآن بتدبر

- ‌ الحث على قراءة القرآن بالتدبر

- ‌ حكم من ينظر في المصحف دون تحريك الشفتين

- ‌ حكم قراءة القرآن الكريم لمن لا يجيد قواعد اللغة العربية

- ‌ حكم نسيان الآيات

- ‌ الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة

- ‌ من يقرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجران

- ‌ المقصود من قراءة القرآن التدبر والعمل

- ‌ الحث على دراسة القرآن وحفظه

- ‌ حكم تعلم تجويد القرآن الكريم

- ‌ لا يجوز الكف عن تدريس القرآن خشية الثناء أو المدح

- ‌ حكم من حفظ للقرآن ثم نسيه

- ‌ الاستماع إلى القرآن عبادة

- ‌ دعوة إلى المساهمة المادية في تحفيظ القرآن الكريم

- ‌ لا يجوز قراءة القرآن الكريم بأجرة للأموات

- ‌ جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن للناس بأجرة

- ‌ لا حرج في الاجتماع على تلاوة القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن بصوت مرتفع عند من يصلي

- ‌ حكم رفع الصوت بالقرآن

- ‌ معنى التغني بالقرآن

- ‌ حكم قراءة المصحف بالنظر دون تحريك الشفتين

- ‌ المسر بالقرآن. . كالمسر بالصدقة

- ‌ حكم التكلم بالقرآن بين الناس

- ‌ وضع المصحف في السيارة وغيرها بقصد التبرك

- ‌ حكم تعليق الآيات في المكاتب

- ‌ الجواب عن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

- ‌ هل في القرآن مجاز

- ‌ جواز ترجمة معاني القرآن إلى لغات أخرى غير العربية

- ‌ دواء قسوة القلب

- ‌ علاج الأمراض العضوية بالقرآن

- ‌ حكم وضع المصحف خلف المصلي

- ‌ حكم أخذ المصحف من المسجد

- ‌ حكم كتابة البسملة على الفواتير والوصفات الطبية ونحوها

- ‌ حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام وحكم تمزيق الأوراق المكتوب فيها آيات قرآنية

- ‌ لا يجوز امتهان كل ما كان فيه ذكر الله

- ‌ القرآن الكريم يحرق إذا كان متقطعا لا ينتفع به

- ‌ حكم وضع القرآن الكريم على الأرض

- ‌ حكم تقبيل المصحف

- ‌ مسألة في تقبيل المصحف

- ‌ حكم قراءة القرآن على طريقة المغنين

- ‌ تعقيب على فتوىنشرت في جريدة البلاد

- ‌ حكم قول: بلى، عند قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}

- ‌ التكبير لسجدة التلاوة

- ‌ بيان سجدات القرآن

- ‌ تأكيد سجدة (ص)

- ‌ ما الحكمة في تقديم ذكر المال على الأولاد في القرآن الكريم

- ‌ حكم استماع القرآن من النساء

- ‌ حكم قول: صدق الله العظيم عند انتهاء قراءة القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن في أوقات العمل

- ‌ حكم سماع سورة البقرةمن المسجل بدلا من قراءتها في المنزل

- ‌ حكم قراءة القرآن في منزل فيه كلب

- ‌ الأولى ترك التكبيرمن سورة الضحى إلى آخر القرآن

- ‌ حكم إهداء تلاوة القرآن الكريم للآخرين

- ‌ دعاء ختم القرآن لابن تيمية

- ‌ حكم دعاء ختم القرآن

- ‌ استحباب دعاء المسلم عند ختم القرآن

الفصل: ‌ تفسير قوله تعالى: {إلا اللمم}

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله؛ فاحذروهم (1) » . متفق على صحته. والله ولي التوفيق.

(1) أخرجه البخاري في كتاب (تفسير القرآن) باب منه آيات محكمات برقم (4183) ومسلم في كتاب (العلم) باب (النهي عن اتباع متشابه القرآن) برقم (4817) .

ص: 284

92 -

‌ تفسير قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ}

(1)

س: ما هو المراد بكلمة {اللَّمَمَ} (2) في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} (3) الآية؟ .

ج: إن علماء التفسير - يرحمهم الله - اختلفوا في تفسير ذلك، وذكروا أقوالا في معناه، أحسنها قولان:

(1) سورة النجم الآية 32

(2)

سورة النجم الآية 32

(3)

سورة النجم الآية 32

ص: 284

أحدهما: أن المراد به: ما يلم به الإنسان من صغائر الذنوب، كالنظرة والاستماع لبعض ما لا يجوز من محقرات الذنوب وصغائرها ونحو ذلك، وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من السلف، واحتجوا على ذلك بقوله سبحانه في سورة النساء:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (1) قالوا: المراد بالسيئات المذكورة في هذه الآية: هي صغائر الذنوب، وهي: اللمم؛ لأن كل إنسان يصعب عليه التحرز من ذلك، فمن رحمة الله سبحانه أن وعد المؤمنين بغفران ذلك لهم إذا اجتنبوا الكبائر، ولم يصروا على الصغائر.

وأحسن ما قيل في ثبوت الكبائر أنها المعاصي التي فيها حد في الدنيا؛ كالسرقة، والزنا، والقذف، وشرب المسكر، أو فيها وعيد في الآخرة بغضب من الله أو لعنة أو نار؛ كالربا، والغيبة، والنميمة، وعقوق الوالدين.

ومما يدل على غفران الصغائر باجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر، قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، فهو مدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، وزنا الأذن الاستماع،

(1) سورة النساء الآية 31

ص: 285

وزنا اليد البطش، وزنا الرجل الخطى، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه (1) » .

ومن الأدلة على وجوب الحذر من الصغائر والكبائر جميعا وعدم الإصرار عليها: قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (2){أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (3)

القول الثاني: أن المراد باللمم: هو ما يلم به الإنسان من المعاصي ثم يتوب إلى الله من ذلك، كما قال في الآية السابقة وهي قوله تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} (4) الآية، وقوله سبحانه:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (5) وما جاء في معنى ذلك من الآيات الكريمات،

(1) أخرجه البخاري في كتاب (الاستئذان) باب زنا الجوارح دون الفرج برقم (5774) ، ومسلم في كتاب (القدر) باب قدر على ابن آدم حظه من الزنا برقم (4801) .

(2)

سورة آل عمران الآية 135

(3)

سورة آل عمران الآية 136

(4)

سورة آل عمران الآية 135

(5)

سورة النور الآية 31

ص: 286

قول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون (1) » . ولأن كل إنسان معرض للخطأ.

والتوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب، وهي المشتملة على الندم على ما وقع من المعصية، والإقلاع عنها، والعزيمة الصادقة على ألا يعود إليها، خوفا من الله سبحانه، وتعظيما له، ورجاء مغفرته.

ومن تمام التوبة إذا كانت المعصية تتعلق بحق الآدميين، كالسرقة، والغصب، والقذف، والضرب، والسب، والغيبة ونحو ذلك: أن يعطيهم حقوقهم، أو يستحلهم منها إلا إذا كانت المعصية غيبة، وهي: الكلام في العرض - ولم يتيسر استحلال صاحبها، من وقوع شر أكثر، فإنه يكفي في ذلك أن يدعو له بظهر الغيب، وأن يذكره بما يعلم من صفاته الطيبة، وأعماله الحسنة في الأماكن التي اغتابه فيها، ولا حاجة إلى إخباره بغيبته إذا كان يخشى الوقوع في شر أكثر.

وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يحفظنا وإياكم من كل سوء، وأن يمن علينا جميعا بالاستقامة على دينه، والسلامة من أسباب غضبه، والتوبة إليه سبحانه من جميع ما يخالف شرعه، إنه جواد كريم.

(1) أخرجه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (12576) .

ص: 287