المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تفسير قول الله تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٢٤

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ العلم بأحكام الله تعالى أمر ضروري

- ‌ افتتاحيةمجلة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة

- ‌ لقاء مع طلبة كلية الشريعة

- ‌ طالب كلية الشريعة وطالب العلم الشرعي

- ‌بعض الانطباعات عن المعاهد العلمية

- ‌ حكم من يقللمن شأن القسم الشرعي في التعليم

- ‌ التعلم والتفقهفي الدين واجب إذا تيسر في المدرسة

- ‌ نصيحة لأولياء أمور الطلبة

- ‌ مسألة في فضل التفقه في الدين

- ‌ حكم دراسة الاقتصاد الربوي

- ‌ حكم دراسة النساء للهندسة والكيمياء

- ‌ لا تجوز الدراسة في مدارس مختلطة

- ‌ الاختلاط في الدراسة من أسباب الفتنة

- ‌ مسألة في حكم المدارس المختلطة

- ‌ حكم التعلم في الجامعات المختلطة

- ‌ مسألة في الدراسة المختلطة

- ‌ حكم دراسة الرجل عند امرأة

- ‌ حكم السفر إلى بلاد الكفار للدراسة

- ‌ مسألة في السفرإلى بلاد الكفار من أجل الدراسة

- ‌ حكم حوار اليهود والنصارى في عقيدتهم

- ‌ قيام الطلاب للمدرسين

- ‌ تنبيه حول القيام للمدرس

- ‌ حكم قيام الطالبات للمدرسة

- ‌ ضرب الطالبات لغرض التعليم

- ‌ مسألة فضل نشر العلم

- ‌ نصيحة للطلاب بمناسبة الامتحانات المدرسية

- ‌ كلمة توجيهية للطلاب والطالبات

- ‌ حكم الغش في الاختبارات

- ‌ مسألة في الغش في الامتحان

- ‌ حكم الغش في مادة الإنجليزية

- ‌وصف الأمة بالأمية

- ‌ فضل التفقهفي الدين للعمل به وتعليم الناس

- ‌ موقف طالب العلم من اختلاف العلماء

- ‌ بعض كتب الحديث التي ينصح بها

- ‌ مسألة في العلم

- ‌ طلب العلم مقدم على الجهاد في سبيل الله

- ‌ حكم التفرغ لإفتاء الناس

- ‌ من صفات أهل العلم

- ‌ حكم من يجمع كتبا ولا يقرؤها

- ‌ حكم الاستماع إلى برنامج نور على الدرب في المسجد

- ‌ مسألة حول اعتماد طالب العلم على الكتب دون التلقي من العلماء

- ‌ خطورة الاستطالة في أعراض العلماء

- ‌ جلسات الذكر النسائية

- ‌ حفظ الكتب والمجلاتوالجرائد التي فيها صور

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ الحث على العناية بكتاب الله وتعلمه

- ‌ حرمة القرآن الكريم

- ‌ تفسير سورة الفاتحة وحكم قراءتها في الصلاة

- ‌ تفسير قول الله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قول الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

- ‌ معنى الرفث والفسوق والجدال في الحج

- ‌ تفسير قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}

- ‌ تفسير معاني بعض الآيات الكريمة

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}

- ‌ تفسير قول الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ}

- ‌ شرح معنى قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ}

- ‌ تفسير قوله الله تعالى:{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}

- ‌ شرح معنى قوله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى:{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى:إلا الذين عاهدتم من المشركين

- ‌ تفسير قوله تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}

- ‌ ما مدى صحة قصة الغرانيق

- ‌ تفسير قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}

- ‌ تفسير سورة التغابن

- ‌ تفسير قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}

- ‌ كتب التفسير المفيدة

- ‌ ملاحظات حول كتاب صفوة التفاسير للصابوني وتأويله لآيات الصفات

- ‌ جمع المصحف على حرف واحد

- ‌ تعدد القراءات لا يغير المعنى

- ‌ قراءة القرآن بدون وضوء

- ‌ لا يمس القرآن إلا طاهر

- ‌ لا يمس المصحف، إلا مسلم

- ‌ حكم مس النصراني للمصحف

- ‌ الواجب إتلاف الصحف والأوراق المشتملة على الآيات والذكر بعد الفراغ منها

- ‌ طهارة قارئ القرآن من المصحف واجبة

- ‌ حكم قراءة القرآن للحائض والنفساء

- ‌ حكم قراءة الحائض للأذكار والأدعية

- ‌ هل يسجد للتلاوة من لم يكن على طهارة

- ‌ جواز مس كتب التفسير بدون طهارة

- ‌ الأفضل وضع المصحف مكان مرتفع أثناء سجود التلاوة

- ‌ حكم مس المصحف للصغير

- ‌ حكم مس الكافر لترجمة معاني القرآن

- ‌ حكم مس كتب التفسير من غير وضوء

- ‌ فضل قراءة القرآن بتدبر

- ‌ الحث على قراءة القرآن بالتدبر

- ‌ حكم من ينظر في المصحف دون تحريك الشفتين

- ‌ حكم قراءة القرآن الكريم لمن لا يجيد قواعد اللغة العربية

- ‌ حكم نسيان الآيات

- ‌ الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة

- ‌ من يقرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجران

- ‌ المقصود من قراءة القرآن التدبر والعمل

- ‌ الحث على دراسة القرآن وحفظه

- ‌ حكم تعلم تجويد القرآن الكريم

- ‌ لا يجوز الكف عن تدريس القرآن خشية الثناء أو المدح

- ‌ حكم من حفظ للقرآن ثم نسيه

- ‌ الاستماع إلى القرآن عبادة

- ‌ دعوة إلى المساهمة المادية في تحفيظ القرآن الكريم

- ‌ لا يجوز قراءة القرآن الكريم بأجرة للأموات

- ‌ جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن للناس بأجرة

- ‌ لا حرج في الاجتماع على تلاوة القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن بصوت مرتفع عند من يصلي

- ‌ حكم رفع الصوت بالقرآن

- ‌ معنى التغني بالقرآن

- ‌ حكم قراءة المصحف بالنظر دون تحريك الشفتين

- ‌ المسر بالقرآن. . كالمسر بالصدقة

- ‌ حكم التكلم بالقرآن بين الناس

- ‌ وضع المصحف في السيارة وغيرها بقصد التبرك

- ‌ حكم تعليق الآيات في المكاتب

- ‌ الجواب عن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

- ‌ هل في القرآن مجاز

- ‌ جواز ترجمة معاني القرآن إلى لغات أخرى غير العربية

- ‌ دواء قسوة القلب

- ‌ علاج الأمراض العضوية بالقرآن

- ‌ حكم وضع المصحف خلف المصلي

- ‌ حكم أخذ المصحف من المسجد

- ‌ حكم كتابة البسملة على الفواتير والوصفات الطبية ونحوها

- ‌ حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام وحكم تمزيق الأوراق المكتوب فيها آيات قرآنية

- ‌ لا يجوز امتهان كل ما كان فيه ذكر الله

- ‌ القرآن الكريم يحرق إذا كان متقطعا لا ينتفع به

- ‌ حكم وضع القرآن الكريم على الأرض

- ‌ حكم تقبيل المصحف

- ‌ مسألة في تقبيل المصحف

- ‌ حكم قراءة القرآن على طريقة المغنين

- ‌ تعقيب على فتوىنشرت في جريدة البلاد

- ‌ حكم قول: بلى، عند قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}

- ‌ التكبير لسجدة التلاوة

- ‌ بيان سجدات القرآن

- ‌ تأكيد سجدة (ص)

- ‌ ما الحكمة في تقديم ذكر المال على الأولاد في القرآن الكريم

- ‌ حكم استماع القرآن من النساء

- ‌ حكم قول: صدق الله العظيم عند انتهاء قراءة القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن في أوقات العمل

- ‌ حكم سماع سورة البقرةمن المسجل بدلا من قراءتها في المنزل

- ‌ حكم قراءة القرآن في منزل فيه كلب

- ‌ الأولى ترك التكبيرمن سورة الضحى إلى آخر القرآن

- ‌ حكم إهداء تلاوة القرآن الكريم للآخرين

- ‌ دعاء ختم القرآن لابن تيمية

- ‌ حكم دعاء ختم القرآن

- ‌ استحباب دعاء المسلم عند ختم القرآن

الفصل: ‌ تفسير قول الله تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله}

52 -

‌ تفسير قول الله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}

(1) الآية.

س: نرجو إيضاح قول الله تعالى عن الكهنة ومن شابههم الذين تركوا طريق الله وذهبوا إلى الشياطين؛ ليتعلموا منهم ما يفرقون به بين المرء وزوجه، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله، كيف يكون ذلك، وهل يحدث ذلك الضرر للمؤمنين الفاسقين؟ وما طريق الوقاية من هذه الشرور والأضرار، حيث يروج كثير من الكهنة للعوام قدرتهم على ذلك؟

ج: قد تكون هذه الطرق الخبيثة من خدمة الشياطين، وخدمة من تعاطى هذه الأمور، وصحبتهم لهم، وتعلمهم منهم من أنواع السحرة والكهنة والرمالين والعرافين، وغيرهم من المشعوذين، فيتعاطون هذه الأمور من أجل المال، والاستحواذ على عقول الناس، وحتى يعظمهم الناس فيقولوا: إنهم يعرفون كذا ويعرفون كذا، وهذا واقع، والله يبتلي عباده بالسراء والضراء، ويبتلي عباده بالأشرار والأخيار، حتى يتميز الصادق من الكاذب،

(1) سورة البقرة الآية 102

ص: 176

وحتى يتميز ولي الله من عدو الله، وحتى يتميز من يعبد الله، ويسعى في سلامة دينه، ويحارب الكفر والنفاق والمعاصي والخرافات، وبين من هو ضعيف في ذلك أو مخلد إلى الكسل والضعف، والله يميز الناس بما يبتليهم به من السراء والضراء، والشدة والرخاء، وتسليط الأعداء والجهاد، حتى يتبين أولياء الله من أعدائه المعاندين لدين الله، وحتى يتبين أهل القوة في الحق من الضعفاء والخاملين، وهذا واقع لا شك فيه، والتوقي لذلك مشروع بحمد الله، بل واجب، وقد شرع الله لعباده أن يتوقوا شرهم بما شرع سبحانه من التعوذات والأذكار الشرعية وسائر الأسباب المباحة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (1) » ، أخرجه مسلم في صحيحه.

وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن «من قال: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات في المساء لم يضره شيء حتى يصبح، ومن قالها ثلاث مرات في الصباح لم يضره شيء حتى يمسي (2) » ،

(1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب (الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار) برقم (48810)

(2)

أخرجه أبو داود في سننه كتاب (الآداب) برقم (4425)

ص: 177

وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن من قرأ آية الكرسي حين ينام على فراشه لم يضره شيء حتى يصبح، وهذا من فضل الله عز وجل، وأخبر صلى الله عليه وسلم: أن من قرأ سورة الإخلاص: قل هو الله أحد، وسورتي الفلق والناس ثلاث مرات عند نومه لم يضره شيء، فهي من أسباب السلامة من كل سوء إذا قرأها المؤمن عند النوم (ثلاث مرات) وهكذا بعد الصلوات الخمس، ويشرع تكرارها بعد صلاة الفجر والمغرب ثلاثا، وذلك بعد أن ينتهي من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، وذلك من فضل الله سبحانه وتعالى على عباده، وإرشاده لهم إلى أسباب العافية والوقاية من شر الأعداء.

وهكذا من الأسباب الشرعية الإكثار من الكلمات الأربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فهي من أسباب السلامة والعافية لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (1) » ، أخرجه مسلم في صحيحه.

وهكذا العناية بقراءة القرآن الكريم والإكثار منها بالتدبر والتعقل والعناية بأمر الله عز وجل بطاعته وترك معاصيه.

(1) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب (الآداب) برقم (3985)

ص: 178

وهكذا الإكثار من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، كلها من أسباب السلامة، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب الله له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكان في حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من عمله (1) » ، متفق على صحته.

ومما يجمع الخير كله للمسلم العناية بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قولا وعملا، والأخذ بما أوصى به الله عباده وأمرهم به في كتابه الكريم وسنة رسوله الأمين، ومن ذلك أنه أوصى عباده بالتقوى وأمرهم بها في آيات كثيرة، ولا شك أن التقوى هي أعظم الوصايا، فهي وصية الله عز وجل، ووصية رسوله عليه الصلاة والسلام، وهي جامعة للخير كله.

ومن جملة التقوى العناية بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وقد أوصى الله بذلك،

(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب (الدعوات) برقم (5942) ، ومسلم في صحيحه كتاب (الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار) برقم (4857)

ص: 179

فقال جل وعلا: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) وقال جل وعلا: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (2){وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (3) ثم قال بعد ذلك: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (4)

فقال: أولا: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (5) ثم قال: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (6) ثم قال {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (7)

(1) سورة الأنعام الآية 155

(2)

سورة الأنعام الآية 151

(3)

سورة الأنعام الآية 152

(4)

سورة الأنعام الآية 153

(5)

سورة الأنعام الآية 151

(6)

سورة الأنعام الآية 152

(7)

سورة الأنعام الآية 153

ص: 180

والحكمة في ذلك كما قال جمع من أهل التفسير: إن الإنسان إذا تعقل ما خلق له وما أمر به، وما خوطب به، ونظر فيه وتأمله حصل له به التذكر، لما يجب عليه، ولما ينبغي له تركه، ثم بعد ذلك تكون التقوى: بفعل الأوامر وترك النواهي، وبذلك يكمل للعبد العناية بما قرأ، أو بما سمع، فإنه يبدأ بالتعقل والتذكر ثم العمل وهو المقصود.

فالوصية بكتاب الله قولا وعملا تشمل الدعوة إليه، والذب عنه، والعمل به؛ لأنه كتاب الله الذي من تمسك به نجا، ومن حاد عنه هلك، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن أبي أوفى: أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بكتاب الله، وذلك حينما «سئل عبد الله بن أبي أوفى: هل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بشيء؟ قال: نعم، أوصى بكتاب الله (1) » .

فالرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بكتاب الله؛ لأنه يجمع الخير كله.

وفي صحيح مسلم، عن جابر رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام أوصى في حجة الوداع بكتاب الله، فقال:«إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به: كتاب الله من تمسك به نجا، ومن أعرض عنه هلك (2) » ، وفي صحيح

(1) صحيح البخاري الوصايا (2740) ، صحيح مسلم الوصية (1634) ، سنن الترمذي الوصايا (2119) ، سنن النسائي الوصايا (3620) ، سنن ابن ماجه الوصايا (2696) ، مسند أحمد بن حنبل (4/355) ، سنن الدارمي الوصايا (3180) .

(2)

صحيح مسلم كتاب الحج (1218) ، سنن ابن ماجه المناسك (3074) ، مسند أحمد بن حنبل (3/321) ، سنن الدارمي كتاب المناسك (1850) .

ص: 181

مسلم أيضا، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إني تارك فيكم ثقيلين: أولهما: كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله وتمسكوا به (1) » .

فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال:«وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي (2) » ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بكتاب الله، كما أوصى الله بكتابه، ثم الوصية بكتاب الله وصية بالسنة؛ لأن القرآن أوصى بالسنة وأمر بتعظيمها، فالوصية بكتاب الله وصية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما الثقلان، وهما الأصلان اللذان لا بد منهما، من تمسك بهما نجا، ومن حاد عنهما هلك، ومن أنكر واحدا منهما كفر بالله، وحل دمه وماله، وقد جاء في رواية أخرى:«إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به، كتاب الله، وسنتي (3) » ، أخرجها الحاكم بسند جيد.

وقد عرفت أيها المسلم: أن الوصية بكتاب الله والأمر بكتاب الله وصية بالسنة وأمر بالسنة؛ لأن الله تعالى يقول:

(1) صحيح مسلم فضائل الصحابة (2408) ، مسند أحمد بن حنبل (4/367) ، سنن الدارمي فضائل القرآن (3316) .

(2)

أخرجه مسلم في صحيحه كتاب (فضائل الصحابة) برقم (4425)

(3)

أخرجه الحاكم في مستدركه برقم (1 \ 93) .

ص: 182

{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) ويقول سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (2) الآية، ويقول أيضا:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (3)

وهناك آيات كثيرة يأمر فيها سبحانه بطاعته، وطاعة الرسول عليه الصلاة والسلام، والعلم النافع هو المتلقى عنهما والمستنبط منهما، فهذا هو العلم، فالعلم: قال الله سبحانه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنهم أعلم بكتاب الله وأعلم بالسنة، فاستنباطهم وأقوالهم يعين طالب العلم، ويرشد طالب العلم إلى الفهم الصحيح عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، ثم الاستعانة بكلام أهل العلم بعد ذلك: أئمة الهدى؛ كالتابعين، وأتباع التابعين، ومن بعدهم من علماء الهدى، وهكذا أئمة اللغة يستعان بكلامهم على فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

(1) سورة النور الآية 56

(2)

سورة الحشر الآية 7

(3)

سورة النساء الآية 80

ص: 183

فطالب العلم يعنى بكتاب الله سبحانه، ويعنى بالسنة، ويستعين على ذلك بكلام أهل العلم المنقول عن الصحابة ومن بعدهم في كتب التفسير والحديث، وكتب أهل العلم والهدى؛ لكي يعرف معاني كتاب الله، فيتعلمه ويعمل به ويعلمه للناس، لما في ذلك من الأجر العظيم والثواب الجزيل، ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«خيركم من تعلم القرآن وعلمه (1) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (2) » .

وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على المحافظة على كتاب الله عز وجل وتدبر معانيه؛ لما في ذلك من الأجر العظيم، مثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام:«من قرأ حرفا من القرآن فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها (3) » ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه (4) » ، خرجه مسلم في صحيحه (5)، وأصحابه: هم العاملون

(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب (فضائل القرآن) برقم (4639) .

(2)

أخرجه البخاري في صحيحه (كتاب العلم) ، ومسلم في صحيحه كتاب (الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر) برقم (4867) .

(3)

سنن الترمذي فضائل القرآن (2910) .

(4)

صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (804) ، مسند أحمد بن حنبل (5/249) .

(5)

صحيح مسلم بشرح النووي (6 \ 78) .

ص: 184

به، كما في الحديث الآخر: وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بالقرآن يوم القيامة، وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران، كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حزقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما (1) » أخرجه مسلم في صحيحه (2) .

والآيات والأحاديث في فضل القرآن والعمل به وفضل السنة والتمسك بها كثيرة جدا.

فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا والمسلمين للتمسك بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والعمل بهما، إنه جواد كريم.

(1) صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (805) ، سنن الترمذي فضائل القرآن (2883) ، مسند أحمد بن حنبل (4/183) .

(2)

المرجع السابق: (6 \ 79)

ص: 185