المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ تفسير معاني بعض الآيات الكريمة - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٢٤

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌ العلم بأحكام الله تعالى أمر ضروري

- ‌ افتتاحيةمجلة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة

- ‌ لقاء مع طلبة كلية الشريعة

- ‌ طالب كلية الشريعة وطالب العلم الشرعي

- ‌بعض الانطباعات عن المعاهد العلمية

- ‌ حكم من يقللمن شأن القسم الشرعي في التعليم

- ‌ التعلم والتفقهفي الدين واجب إذا تيسر في المدرسة

- ‌ نصيحة لأولياء أمور الطلبة

- ‌ مسألة في فضل التفقه في الدين

- ‌ حكم دراسة الاقتصاد الربوي

- ‌ حكم دراسة النساء للهندسة والكيمياء

- ‌ لا تجوز الدراسة في مدارس مختلطة

- ‌ الاختلاط في الدراسة من أسباب الفتنة

- ‌ مسألة في حكم المدارس المختلطة

- ‌ حكم التعلم في الجامعات المختلطة

- ‌ مسألة في الدراسة المختلطة

- ‌ حكم دراسة الرجل عند امرأة

- ‌ حكم السفر إلى بلاد الكفار للدراسة

- ‌ مسألة في السفرإلى بلاد الكفار من أجل الدراسة

- ‌ حكم حوار اليهود والنصارى في عقيدتهم

- ‌ قيام الطلاب للمدرسين

- ‌ تنبيه حول القيام للمدرس

- ‌ حكم قيام الطالبات للمدرسة

- ‌ ضرب الطالبات لغرض التعليم

- ‌ مسألة فضل نشر العلم

- ‌ نصيحة للطلاب بمناسبة الامتحانات المدرسية

- ‌ كلمة توجيهية للطلاب والطالبات

- ‌ حكم الغش في الاختبارات

- ‌ مسألة في الغش في الامتحان

- ‌ حكم الغش في مادة الإنجليزية

- ‌وصف الأمة بالأمية

- ‌ فضل التفقهفي الدين للعمل به وتعليم الناس

- ‌ موقف طالب العلم من اختلاف العلماء

- ‌ بعض كتب الحديث التي ينصح بها

- ‌ مسألة في العلم

- ‌ طلب العلم مقدم على الجهاد في سبيل الله

- ‌ حكم التفرغ لإفتاء الناس

- ‌ من صفات أهل العلم

- ‌ حكم من يجمع كتبا ولا يقرؤها

- ‌ حكم الاستماع إلى برنامج نور على الدرب في المسجد

- ‌ مسألة حول اعتماد طالب العلم على الكتب دون التلقي من العلماء

- ‌ خطورة الاستطالة في أعراض العلماء

- ‌ جلسات الذكر النسائية

- ‌ حفظ الكتب والمجلاتوالجرائد التي فيها صور

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ الحث على العناية بكتاب الله وتعلمه

- ‌ حرمة القرآن الكريم

- ‌ تفسير سورة الفاتحة وحكم قراءتها في الصلاة

- ‌ تفسير قول الله تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قول الله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}

- ‌ معنى الرفث والفسوق والجدال في الحج

- ‌ تفسير قوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}

- ‌ تفسير معاني بعض الآيات الكريمة

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}

- ‌ تفسير قول الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ}

- ‌ شرح معنى قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ}

- ‌ تفسير قوله الله تعالى:{لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ}

- ‌ شرح معنى قوله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى:{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى:إلا الذين عاهدتم من المشركين

- ‌ تفسير قوله تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}

- ‌ ما مدى صحة قصة الغرانيق

- ‌ تفسير قوله تعالى: {إِلَّا اللَّمَمَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ}

- ‌ تفسير سورة التغابن

- ‌ تفسير قوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}

- ‌ تفسير قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}

- ‌ كتب التفسير المفيدة

- ‌ ملاحظات حول كتاب صفوة التفاسير للصابوني وتأويله لآيات الصفات

- ‌ جمع المصحف على حرف واحد

- ‌ تعدد القراءات لا يغير المعنى

- ‌ قراءة القرآن بدون وضوء

- ‌ لا يمس القرآن إلا طاهر

- ‌ لا يمس المصحف، إلا مسلم

- ‌ حكم مس النصراني للمصحف

- ‌ الواجب إتلاف الصحف والأوراق المشتملة على الآيات والذكر بعد الفراغ منها

- ‌ طهارة قارئ القرآن من المصحف واجبة

- ‌ حكم قراءة القرآن للحائض والنفساء

- ‌ حكم قراءة الحائض للأذكار والأدعية

- ‌ هل يسجد للتلاوة من لم يكن على طهارة

- ‌ جواز مس كتب التفسير بدون طهارة

- ‌ الأفضل وضع المصحف مكان مرتفع أثناء سجود التلاوة

- ‌ حكم مس المصحف للصغير

- ‌ حكم مس الكافر لترجمة معاني القرآن

- ‌ حكم مس كتب التفسير من غير وضوء

- ‌ فضل قراءة القرآن بتدبر

- ‌ الحث على قراءة القرآن بالتدبر

- ‌ حكم من ينظر في المصحف دون تحريك الشفتين

- ‌ حكم قراءة القرآن الكريم لمن لا يجيد قواعد اللغة العربية

- ‌ حكم نسيان الآيات

- ‌ الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة

- ‌ من يقرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجران

- ‌ المقصود من قراءة القرآن التدبر والعمل

- ‌ الحث على دراسة القرآن وحفظه

- ‌ حكم تعلم تجويد القرآن الكريم

- ‌ لا يجوز الكف عن تدريس القرآن خشية الثناء أو المدح

- ‌ حكم من حفظ للقرآن ثم نسيه

- ‌ الاستماع إلى القرآن عبادة

- ‌ دعوة إلى المساهمة المادية في تحفيظ القرآن الكريم

- ‌ لا يجوز قراءة القرآن الكريم بأجرة للأموات

- ‌ جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن للناس بأجرة

- ‌ لا حرج في الاجتماع على تلاوة القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن بصوت مرتفع عند من يصلي

- ‌ حكم رفع الصوت بالقرآن

- ‌ معنى التغني بالقرآن

- ‌ حكم قراءة المصحف بالنظر دون تحريك الشفتين

- ‌ المسر بالقرآن. . كالمسر بالصدقة

- ‌ حكم التكلم بالقرآن بين الناس

- ‌ وضع المصحف في السيارة وغيرها بقصد التبرك

- ‌ حكم تعليق الآيات في المكاتب

- ‌ الجواب عن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

- ‌ هل في القرآن مجاز

- ‌ جواز ترجمة معاني القرآن إلى لغات أخرى غير العربية

- ‌ دواء قسوة القلب

- ‌ علاج الأمراض العضوية بالقرآن

- ‌ حكم وضع المصحف خلف المصلي

- ‌ حكم أخذ المصحف من المسجد

- ‌ حكم كتابة البسملة على الفواتير والوصفات الطبية ونحوها

- ‌ حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام وحكم تمزيق الأوراق المكتوب فيها آيات قرآنية

- ‌ لا يجوز امتهان كل ما كان فيه ذكر الله

- ‌ القرآن الكريم يحرق إذا كان متقطعا لا ينتفع به

- ‌ حكم وضع القرآن الكريم على الأرض

- ‌ حكم تقبيل المصحف

- ‌ مسألة في تقبيل المصحف

- ‌ حكم قراءة القرآن على طريقة المغنين

- ‌ تعقيب على فتوىنشرت في جريدة البلاد

- ‌ حكم قول: بلى، عند قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}

- ‌ التكبير لسجدة التلاوة

- ‌ بيان سجدات القرآن

- ‌ تأكيد سجدة (ص)

- ‌ ما الحكمة في تقديم ذكر المال على الأولاد في القرآن الكريم

- ‌ حكم استماع القرآن من النساء

- ‌ حكم قول: صدق الله العظيم عند انتهاء قراءة القرآن

- ‌ حكم قراءة القرآن في أوقات العمل

- ‌ حكم سماع سورة البقرةمن المسجل بدلا من قراءتها في المنزل

- ‌ حكم قراءة القرآن في منزل فيه كلب

- ‌ الأولى ترك التكبيرمن سورة الضحى إلى آخر القرآن

- ‌ حكم إهداء تلاوة القرآن الكريم للآخرين

- ‌ دعاء ختم القرآن لابن تيمية

- ‌ حكم دعاء ختم القرآن

- ‌ استحباب دعاء المسلم عند ختم القرآن

الفصل: ‌ تفسير معاني بعض الآيات الكريمة

والمقصود: أن الأيمان اللاغية هي التي لا تعتمد، بل تجري على اللسان بغير قصد، هذه هي لغو اليمين وليست يمينا منعقدة وليست من كسب القلوب، أما إذا عقدها قاصدا لها بقلبه فهذا من كسب القلوب وهذا من تعقيد الأيمان، فعلى صاحب هذه اليمين إذا خالفها أن يكفر كفارة اليمين كما تقدم. فإذا قال: والله لا أكلم فلانا، قاصدا بقلبه ثم كلمه، فعليه كفارة يمين أو قال: والله لا أزوره، ثم زاره فعليه كفارة يمين، بخلاف إذا مر على لسانه اليمين بغير قصد لم يتعمدها فليس عليه شيء.

ص: 199

61 -

‌ تفسير معاني بعض الآيات الكريمة

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز

إلى حضرة الأخ المكرم الدكتور م. أ. ح. سلمه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأشير إلى كتابكم الذي جاء فيه:

نرجو من فضيلتكم توضيح معاني هذه الآيات الكريمة التالية: بسم الله الرحمن الرحيم: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} (1)

(1) سورة الأنعام الآية 3

ص: 199

والآية: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (1) والآية: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} (2) والآية: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (3)

وحديث الجارية الذي رواه مسلم، حينما سألها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:«أين الله؟ قالت: في السماء. وقال لها: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أعتقها؛ فإنها مؤمنة (4) »

نرجو توضيح معاني هذه الآيات الكريمة، وتوضيح معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للجارية (5) ؟

(1) سورة البقرة الآية 255

(2)

سورة الزخرف الآية 84

(3)

سورة المجادلة الآية 7

(4)

أخرجه مسلم في صحيحه كتاب (المساجد ومواضع الصلاة) برقم (836) .

(5)

نشرت في المجموع ج8 ص283.

ص: 200

وأفيدك: بأن المعنى العام للآيات الكريمات والحديث النبوي الشريف، هو الدلالة على عظمة الله سبحانه وتعالى، وعلوه على خلقه، وألوهيته لجميع الخلائق كلها، وإحاطة علمه وشموله لكل شيء كبيرا كان أو صغيرا، سرا أو علنا، وبيان قدرته على كل شيء، ونفي العجز عنه سبحانه وتعالى.

وأما المعنى الخاص لها: فقوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} (1) ففيها الدلالة على عظمة الكرسي وسعته، كما يدل ذلك على عظمة خالقه سبحانه وكمال قدرته، وقوله:{وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (2) أي: لا يثقله ولا يكرثه حفظ السماوات والأرض ومن فيهما ومن بينهما، بل ذلك سهل عليه يسير لديه، وهو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء، فلا يعزب عنه شيء ولا يغيب عنه شيء، والأشياء كلها حقيرة بين يديه، متواضعة ذليلة صغيرة بالنسبة إليه سبحانه محتاجة وفقيرة إليه، وهو الغني الحميد، الفعال لما يريد، الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وهو القاهر لكل شيء، الحسيب على كل شيء، الرقيب العلي العظيم، لا إله غيره ولا رب سواه.

(1) سورة البقرة الآية 255

(2)

سورة البقرة الآية 255

ص: 201

وقوله سبحانه: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} (1) ففيها الدلالة على أن المدعو الله في السماوات وفي الأرض، ويعبده ويوحده ويقر له بالإلهية من في السماوات ومن في الأرض، ويسمونه: الله، ويدعونه رغبا ورهبا إلا من كفر من الجن أو الإنس، وفيها الدلالة على سعة علم الله سبحانه، واطلاعه على عباده، وإحاطته بما يعملونه، سواء كان سرا أو جهرا، فالسر والجهر عنده سواء سبحانه وتعالى، فهو يحصي على العباد جميع أعمالهم خيرها وشرها.

وقوله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} (2)

(1) سورة الأنعام الآية 3

(2)

سورة الزخرف الآية 84

ص: 202

فمعناها: أنه سبحانه هو إله من في السماء وإله من في الأرض، يعبده أهلهما، وكلهم خاضعون له، أذلاء بين يديه إلا من غلبت عليه الشقاوة فكفر بالله ولم يؤمن به، وهو الحكيم في شرعه وقدره، العليم بجميع أعمال عباده سبحانه.

وقوله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (1) فمعناها: أنه مطلع سبحانه على جميع عباده، أينما كانوا يسمع كلامهم وسرهم ونجواهم، ورسله من الملائكة الكرام والكاتبين الحفظة أيضا مع ذلك يكتبون ما يتناجون به مع علم الله به وسمعه له.

والمراد بالمعية المذكورة في هذه الآية عند أهل السنة والجماعة: معية علمه سبحانه وتعالى، فهو معهم بعلمه، ولكن سمعه أيضا مع علمه محيط بهم، وبصره نافذ فيهم، فهو سبحانه وتعالى مطلع على خلقه لا يغيب عنه من أمورهم شيء مع أنه سبحانه فوق جميع الخلق قد استوى على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته، ولا يشابه خلقه في شيء من صفاته، كما قال عز وجل:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (2) ثم ينبئهم يوم القيامة بجميع الأعمال التي عملوها في الدنيا؛ لأنه سبحانه بكل شيء عليم، وبكل شيء محيط، عالم الغيب لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين.

(1) سورة المجادلة الآية 7

(2)

سورة الشورى الآية 11

ص: 203

أما حديث الجارية التي أراد سيدها إعتاقها كفارة لما حصل منه من ضربها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«أين الله؟ قالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: رسول الله، قال: أعتقها؛ فإنها مؤمنة (1) » ، فإن فيه الدلالة على علو الله على خلقه، وأن الاعتراف بذلك دليل على الإيمان، هذا هو المعنى الموجز لما سألت عنه.

والواجب على المسلم أن يسلك في هذه الآيات وما في معناها من الأحاديث الصحيحة الدالة على أسماء الله وصفاته مسلك أهل السنة والجماعة، وهو: الإيمان بها، واعتقاد صحة ما دلت عليه، وإثباته له سبحانه على الوجه اللائق به من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وهذا هو المسلك الصحيح الذي سلكه السلف الصالح واتفقوا عليه، كما يجب على المسلم الذي يريد السلامة لنفسه وتجنيبها الوقوع فيما يغضب الله العدول عن طريق أهل الضلال الذين يؤولون صفات الله، أو ينفونها عنه، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وسبق أن صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء فتوى في إثبات العلو لله سبحانه، فنرفق لك نسخة منها؛ لمزيد الفائدة، كما نرفق لك نسخة من (العقيدة الواسطية) لشيخ الإسلام ابن

(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (537) ، سنن النسائي السهو (1218) ، سنن أبو داود الصلاة (930) .

ص: 204

تيمية، وشرحها للشيخ محمد خليل الهراس، وفيها بحث موسع في الموضوع الذي سألت عنه.

ونسأل الله أن يرزق الجميع العلم النافع والعمل به، وأن يوفق الجميع لما يرضيه، إنه سميع مجيب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 205

تفسير قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (1) الآية

س: مذكور في القرآن الكريم: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (2) فما معنى هذا؟ (3)

ج: قد ذكر أهل العلم رحمهم الله في تفسير هذه الآية ما معناه: أن هذه الآية خبر معناه النهي، أي: لا تكرهوا على الدين الإسلامي من لم يرد الدخول فيه؛ فإنه قد تبين الرشد، وهو دين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأتباعهم بإحسان، وهو توحيد الله بعبادته وطاعة أوامره وترك نواهيه {مِنَ الْغَيِّ} (4) وهو:

(1) سورة البقرة الآية 256

(2)

سورة البقرة الآية 256

(3)

نشر في المجموع ج8 ص 287.

(4)

سورة البقرة الآية 256

ص: 205

دين أبي جهل وأشباهه من المشركين الذين يعبدون غير الله من الأصنام والأولياء والملائكة والأنبياء وغيرهم، وكان هذا قبل أن يشرع الله سبحانه الجهاد بالسيف لجميع المشركين إلا من بذل الجزية من أهل الكتاب والمجوس، وعلى هذا تكون هذه الآية خاصة لأهل الكتاب، والمجوس إذا بذلوا الجزية والتزموا الصغار فإنهم لا يكرهون على الإسلام؛ لهذه الآية الكريمة، ولقوله سبحانه في سورة التوبة:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (1) فرفع سبحانه عن أهل الكتاب القتال إذا أعطوا الجزية والتزموا الصغار.

وثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «أخذ الجزية من مجوس هجر (2) » ، أما من سوى أهل الكتاب والمجوس من الكفرة والمشركين والملاحدة فإن الواجب مع القدرة دعوتهم إلى الإسلام، فإن أجابوا فالحمد لله، وإن لم يجيبوا وجب جهادهم، حتى يدخلوا في الإسلام، ولا تقبل منهم الجزية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلبها من كفار العرب، ولم

(1) سورة التوبة الآية 29

(2)

صحيح البخاري الجزية (3157) ، سنن الترمذي السير (1586) ، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (3043) ، مسند أحمد بن حنبل (1/191) ، سنن الدارمي السير (2501) .

ص: 206

يقبلها منهم، ولأن أصحابه رضي الله عنهم لما جاهدوا الكفار بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لم يقبلوا الجزية إلا من أهل الكتاب والمجوس، ومن الأدلة على ذلك قوله سبحانه:{فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1) فلم يخيرهم سبحانه بين الإسلام وبين البقاء على دينهم، ولم يطالبهم بجزية، بل أمر بقتالهم حتى يتوبوا من الشرك ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فدل ذلك على أنه لا يقبل من جميع المشركين ما عدا أهل الكتاب والمجوس إلا الإسلام، وهذا مع القدرة، والآيات في هذا المعنى كثيرة.

وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تدل على هذا المعنى، منها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم

(1) سورة التوبة الآية 5

ص: 207

على الله عز وجل (1) » متفق على صحته، فلم يخيرهم النبي صلى الله عليه وسلم بين الإسلام وبين البقاء على دينهم الباطل، ولم يطلب منهم الجزية.

فدل ذلك: أن الواجب إكراه الكفار على الإسلام، حتى يدخلوا فيه ما عدا أهل الكتاب والمجوس؛ لما في ذلك من سعادتهم ونجاتهم في الدنيا والآخرة، وهذا من محاسن الإسلام؛ فإنه جاء بإنقاذ الكفرة من أسباب هلاكهم وذلهم وهوانهم وعذابهم في الدنيا والآخرة، إلى أسباب النجاة والعزة والكرامة والسعادة في الدنيا والآخرة، وهذا قول أكثر أهل العلم في تفسير الآية المسئول عنها، أما أهل الكتاب والمجوس فخصوا بقبول الجزية والكف عن قتالهم إذا بذلوها لأسباب اقتضت ذلك، وفي إلزامهم بالجزية إذلال وصغار لهم، وإعانة للمسلمين على جهادهم وغيرهم، وعلى تنفيذ أمور الشريعة ونشر الدعوة الإسلامية في سائر المعمورة، كما أن في إلزام أهل الكتاب والمجوس بالجزية حملا لهم على الدخول في الإسلام، وترك ما هم عليه من الباطل والذل والصغار؛ ليفوزوا بالسعادة والنجاة والعزة في الدنيا والآخرة، وأرجو أن يكون فيما ذكرنا كفاية وإيضاح لما أشكل عليكم.

(1) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب (الإيمان) برقم (24) ، ومسلم في صحيحه كتاب (الإيمان) برقم (31) .

ص: 208