الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا رسول الله: إذا نكثر قال: الله أكثر (1) » . (2) .
واختتم سماحته إجابته بقوله: وبذلك يعلم المؤمن أن إجابته قد تؤجل إلى الآخرة لأسباب اقتضتها حكمة الله سبحانه، وقد يصرف عنه بأسباب الدعاء شر كثير بدلا من أن يعطى طلبه، والله سبحانه وتعالى هو الحكيم العليم في أفعاله وأقواله وشرعه وقدره كما قال عز وجل:{إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (3)
(1) مسند أحمد بن حنبل (3/18) .
(2)
رواه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه برقم 10749.
(3)
سورة يوسف الآية 6
49 ـ
الأوقات التي تجاب فيها الدعوات
س: ما هي الأوقات التي تجاب فيها الدعوات؟ (1)
ج: أوقات الإجابة عديدة جاء في السنة بيانها منها:
1 ـ ما بين الأذان والإقامة، فقد قال عليه الصلاة والسلام:
(1) من برنامج نور على الدرب شريط رقم 12 ونشر في المجموع ج9 ص 353.
«الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة (1) » .
2 ـ منها جوف الليل وآخر الليل، فالليل فيها ساعة لا يرد فيها سائل، أحراها جوف الليل وآخر الليل ـ الثلث الأخير ـ وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له حتى ينفجر الفجر (2) »
…
ينبغي للمؤمن والمؤمنة تحري هذه الأوقات والحرص على الدعوة الطيبة الجامعة في وسط الليل وفي آخر الليل وفي أي ساعة من الليل، لكن الثلث الأخير وجوف الليل أحرى بالإجابة مع
(1) رواه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في أن الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة برقم 212 وأبو داود في كتاب الصلاة برقم، باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة 521 وأحمد في باقي مسند المكثرين، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه. برقم 11790.
(2)
صحيح البخاري التوحيد (7494) ، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (758) ، سنن الترمذي الصلاة (446) ، سنن أبو داود الصلاة (1315) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1366) ، مسند أحمد بن حنبل (2/504) ، موطأ مالك النداء للصلاة (496) ، سنن الدارمي الصلاة (1478) .
سؤال الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجيب الدعوة مع الإلحاح وتكرار الدعاء، فالإلحاح في ذلك وحسن الظن بالله وعدم اليأس من أعظم أسباب الإجابة، فعلى المرء أن يلح في الدعاء، ويحسن الظن بالله عز وجل، ويعلم أنه حكيم عليم، قد يعجل الإجابة لحكمة، وقد يؤخرها لحكمة، وقد يعطي السائل خيرا مما سأل، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالوا: يا رسول الله إذا نكثر؟ قال: الله أكثر (1) » وعليه أن يرجو من ربه الإجابة، ويكثر من توسله بأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى مع الحذر من الكسب الحرام، والحرص على الكسب الطيب؛ لأن الكسب الخبيث من أسباب حرمان الإجابة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
(1) رواه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه برقم 10749.
3 ـ السجود، ترجى فيه الإجابة، يقول عليه الصلاة والسلام:«أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (1) » ، ويقول صلى الله عليه وسلم:«أما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (2) » أي: حري أن يستجاب لكم، رواه مسلم في صحيحه.
4 ـ حين يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر للخطبة إلى أن تقضى الصلاة، فهو محل إجابة.
5 ـ آخر كل صلاة قبل السلام يشرع في الدعاء، وهذا الوقت ترجى فيه الإجابة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علمهم
(1) رواه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم 482 واللفظ له، والنسائي في كتاب التطبيق، باب أقرب ما يكون العبد من الله عز وجل برقم 1137 وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الركوع والسجود برقم 875 وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم 9165
(2)
رواه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود برقم 479 واللفظ له، ورواه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الدعاء في الركوع والسجود برقم 876 وأحمد في مسند بني هاشم، بداية مسند عبد الله بن العباس رضي الله عنهما برقم 1903.
التشهد قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (1) » .
6 ـ آخر نهار الجمعة بعد العصر إلى غروب الشمس هو من أوقات الإجابة في حق من جلس على طهارة ينتظر صلاة المغرب، فينبغي الإكثار من الدعاء بين صلاة العصر إلى غروب الشمس يوم الجمعة، وأن يكون جالسا ينتظر الصلاة؛ لأن المنتظر في حكم المصلي. قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«في يوم الجمعة ساعة لا يسأل الله أحد فيها شيئا وهو قائم يصلي إلا أعطاه الله إياه (2) » وأشار إلى أنها ساعة قليلة، فقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يسأل الله فيها شيئا وهو قائم يصلي (3) » قال العلماء: يعني ينتظر الصلاة، فإن المنتظر له حكم المصلي؛ لأن وقت العصر ليس وقت صلاة.
فالحاصل أن المنتظر لصلاة المغرب في حكم المصلي، فينبغي أن يكثر من الدعاء قبل غروب الشمس، إن كان
(1) رواه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد برقم 835.
(2)
رواه البخاري في كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة برقم 935.
(3)
صحيح البخاري الجمعة (935) ، صحيح مسلم الجمعة (852) ، سنن الترمذي الجمعة (491) ، سنن النسائي الجمعة (1430) ، سنن أبو داود الصلاة (1046) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1137) ، مسند أحمد بن حنبل (2/486) ، موطأ مالك كتاب النداء للصلاة (242) ، سنن الدارمي الصلاة (1569) .