الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بين العالمين، وبهذا تكونون أول من يذيع هذه الفاحشة في المجتمع الإنسانى! وقوله تعالى:«بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ» .. عادون: جمع عاد، وفعله: عدا يعدو عدوانا، والعدوان: مجاوزة الحد، والخروج عن الطريق القويم.
وقوله سبحانه: «قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ» .. القالي: المجانب للشىء الكاره له..
وقوله تعالى: «إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ» .! العجوز: هى امرأة لوط، فقد كانت من المخالفين للوط، فأهلكها الله بما أهلك به القوم.. وفي هذا يقول الله تعالى:
«إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ. كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ» (33: العنكبوت) .
والغابرون: أي الماضون، الذي هلكوا.
وقوله تعالى: «وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً» المطر هنا، هو ما رماهم الله سبحانه وتعالى به من حجارة. أتت على القوم، وعلى ديارهم جميعا.. كما يقول سبحانه «فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ. مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ» (82- 83: هود) .. ولهذا وصفه الله سبحانه وتعالى بقوله:
«فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ» .. أي أنه مطر يسوء من يحلّ به، ويقع عليه، وليس هو المطر الذي ينزل بالخصب والخير.. ونسبة السوء إلى المطر.. لأنه هكذا كان مطلعه عليهم، وأثره فيهم..
الآيات: (176- 191)[سورة الشعراء (26) : الآيات 176 الى 191]
كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (176) إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ (177) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (178) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (179) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (180)
أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ (182) وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (183) وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (184) قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (185)
وَما أَنْتَ إِلَاّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ (186) فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (187) قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ (188) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (189) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (190)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (191)
التفسير:
والداء الذي تمكّن من قوم شعيب، وتسلط على سلوكهم في الحياة، إلى جانب الداء الغليظ، وهو الكفر- هذا الداء، هو التلاعب بالمكاييل والموازين، والتعدّى على حقوق الغير بهذه السرقة الخفية، وخيانة الأمانة في الكيل والوزن..
ومع من هذا العدوان؟ إنه مع بعضهم.. فكل منهم يخون صاحبه..
فهذا يخسر الكيل وينقص الميزان مع غيره إذا كال له، أو وزن.. ثم هو يلقى نفس العمل إذا كيل له أو وزن له.. إنه يسرق، ويسرق.. وتلك حال لا ينتظم بها أمر مجتمع، ولا تقوم عليها صلة مودة، وإخاء، بين الناس والناس..
فكل منهم على اتهام لكل الناس، وعلى عداوة لكل من يتعامل معه..
آخذا أو معطيا.
ولا يلقى شعيب من قومه- إذ يدعوهم إلى التي هي أحسن- لا يلقى منهم إلا التهديد والتكذيب، وإلا السّفه والتطاول، وإلا التحدي بنزول العذاب عليهم، إن كان صادقا.. «فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» .
وقد سقط عليهم العذاب الذي طلبوه.. فهلكوا به! ومن مفردات هذه الآيات:
قوله تعالى: «أَصْحابُ الْأَيْكَةِ» الأيكة: الأرض ذات الشجر الكثير الكثيف، وكان أصحابها من أرض مدين بالشام.
وقوله تعالى: «بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ» : الميزان المعتدل، القائم على الحق..
وقوله سبحانه: «وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ» : الخلق الذين كانوا قبلهم..
وقوله تعالى: «كِسَفاً مِنَ السَّماءِ» : أي قطعا تنزل من السماء، من حجارة أو نحوها.
وقوله سبحانه «عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ» .. الظلة ما أظلهم وأطبق عليهم في هذا اليوم من عذاب الله.
هذا، ويلاحظ أنه لم يقترن «شعيب» بالوصف الذي وصف به الأنبياء، بأنه أخو القوم، فقد جاء النظم القرآنى هكذا:«إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ» .. ولم يحىء على هذا النظم: «إذ قال لهم أخوهم شعيب» .
وليس هناك من سبب- والله أعلم- إلا البعد عن الرتابة، والتكرار، الذي يخلو من الفائدة، التي تلازم دائما كل تكرار جاء في النظم القرآنى..
فقد ذكر في غير موضع أن شعيبا، هو من القوم وهو بهذا أخ لهم، كما جاء فى قوله تعالى:«وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً» (84: هود) .