الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من نفسه، فلا عبرة به1
رأي ابن أيوب في الحلاج وابن عربي:
وحدثني الفاضل جمال الدين عبد الله بن الشيخ القدوة زاهد زمانه، والمشار إليه بالصلاح والمعارف والورع، وحفظ اللسان في أوانه بدمشق الشيخ علي بن أيوب2: أن أباه -الشيخ عليا المذكور- كان يجلس في الجامع مطرقا يقيم إحدى رجليه هيئة المستوفز، ويضع ذقنه على ركبته، فلا يكلم لهيئته، فإذا رفع رأسه، علم أنه أذن في الكلام، فسأله من أراد عما شاء، ففعل ذلك يوما، فلما رفع رأسه، سأله شخص عن ابن عربي هذا، فأطرق زمانا طويلا، ثم رفع رأسه، فقال: إنه كفر كفرا، ما وافق فيه كفر ملة من الملل، بل خرق بكفره إجماع الملل3، وزاد عليهم. قال الشيخ جمال الدين: فحكيت ذلك لبعض من يشار إليه بالعلم والميل إلى ابن عربي، فقال: والله لو سمع ابن عربي هذا الكلام لقال: ما عرفني أحد غير هذا الرجل. قال: وسئل والدي أيضا عن الحلاج، فقال: لا شك أن الحجاج قتل من العلماء خلائق يتعسر حصرهم، وشتت شملهم
1 الحكم على ابن عربي بما حكم الله به على من ألهوا عيسى، وعبدوا الأوثان وغيرهم ليس في حاجة إلى كل هذا، فكتابه الفصوص ثابت النسبة إليه ثبوت لعن الله لأبي لهب، والفصوص، ردغة كفر، وحمأة زندقة. وما ينفع ابن عربي أن يشهد له ملايين الصوفية بأنه الرباني الأعظم، فشهادة كتبه عليه شهادة الحق والصدق، فليشهد الصوفية له بأنه وأنه، فكذلك الصديد، لا يشهد له بأنه طعام طيب سوى الميكروب الذي يحيا به وفيه.
2 الإمام الفقيه البارع المتقن المحدث بقية السلف، كما يقول الذهبي. ولد سنة 666هـ وتوفي سنة 748هـ.
3 هذا يدل على فهم دقيق غاية الدقة لمعتقد ابن عربي، فإنه كفر بكل كفر ثم أضاف إليه كفره، ثم جعل من هذا كله دينا للصوفية.
وأبادهم، وقتل سعيد بن جبير 1، وأهل الأرض محتاجون إلى علمه، وخلعه العلماء وخرجوا عليه، وقاتلوه، ومع هذا كله لم يقل أحد منهم، إنه كافر، بل قالوا: إنه من عصاة المسلمين، لا تحل امرأته لذلك. والحلاج ما تعرض لأحد من أهل العلم بأذى في دنياه، وأجمع جميع أهل زمانه منهم على كفره واستباحة دمه، فلو كان العلماء يقولون بالهوى، لقالوا في الحجاج الذي ما ترك نوعا من الأذى حتى رماهم به، فثبت أنهم لا يقولون بالهوى، فوجب على الناس اتباعهم 2 وقبول كلامهم" وهذا غاية في البيان، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال الشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ الضابط المتقن المتفنن أستاذ المفسرين نادرة المحدثين، برهان دين العالمين، أبو الحسن إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط ابن علي بن أبي بكر البقاعي الشافعي، نزيل القاهرة المحروسة: فرغت من مسودة هذا الكتاب بحمد الهادي للصواب في شوال سنة أربع وستين وثمانمائة. والحمد لله وحده.
وفرغ من نسخ هذه النسخة المباركة في وقت العصر من يوم الأربعاء من شهر ربيع الآخر من شهور سنة سبع وأربعين وتسعمائة.
1 أحد أعلام التابعين، كان مع عبد الرحمن بن الأشعث لما خرج على عبد الملك بن مروان، فلما قتل ابن الأشعث، فر سعيد إلى مكة، فظفر به الحجاج، فقتله في شعبان سنة 95 هـ كما في الوفيات، أو 94 سنة كما في مروج الذهب والكامل لابن الأثير.
2 إنما الواجب اتباع الكتاب والسنة، وتأييد كل داع إلى الله بالحق،. وما أركس الناس في فتنة الضلالة سوى اتخاذهم القرآن مهجورا، وكتب الناس أربابا من دون الله.