الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أتباع شهنكير1 الدرزي الذي كان من موالي الحاكم، وأضل أقواما بالشام في وادي تيم الله بن ثعلبة" ا. هـ.
رأي ابن هشام وابن خلدون:
ومنهم العلامة جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام2 صاحب المغني وغيره من المصنفات البديعة، وكتب على نسخة من كتاب الفصوص.
هذا الذي بضلاله
…
ضلت أوائل مع أواخر
من ظن فيه غير ذا
…
فلينأ عني، فهو كافر
هذا كتاب فصوص الظلم، ونقيض الحكم، وضلال الأمم، كتاب يعجز الذم عن وصفه، قد اكتنفه الباطل من بين يديه ومن خلفه، لقد ضل مؤلفه ضلالا بعيدا، وخسر خسرانا مبينا: لأنه مخالف لما أرسل الله به رسله، وأنزل به كتبه وفطر عليه خليقته" ا. هـ. وقال العلامة قاضي القضاة أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون3: "إن طريق المتصوفة منحصر في طريقين4، الأولى: وهي
1 يعني محمد بن إسماعيل المعروف بأنوشتكين البخاري، أقوى رسل حمزة بن علي بن أحمد الزوزني المؤسس الحقيقي لمذهب الدروز، وقد شرح أنوشتكين أصول مذهبه القائم على أساس تأليه الحاكم في رسالة قدمها إلى هذا فقر به واصطفاه فقوي واشتد نفوذه، وقد سمى أنوشتكين نفسه بسند الهادي وحياة المستجيبين، وتذهب بعض الروايات إلى أنه قتل سنة 410هـ، وأخرى إلى أنه فر إلى الشام، وهناك نشر دعوته، فكانت هي نحلة الدروز الضالة.
2 ولد سنة 708هـ وتوفي سنة 761هـ يقول عنه ابن خلدون "ما زلنا -ونحن بالمغرب- نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له: ابن هشام، أنحى من سيبويه".
3 ولد سنة 732هـ وتوفي سنة 808هـ تولى قضاء المالكية بمصر، يقول عنه المستشرق ديبور في كتابه تاريخ الفلسفة في الإسلام:"مفكر متزن يحارب صناعة النجوم بالأدلة العقلية، وكثيرا ما يعارض النزعة الصوفية العقلية عن الفلاسفة بمبادئ الدين".
4 صوابها: طريقتين. وهكذا ذكرت في العلم الشامخ الذي وردت فيه هذه الفتوى.
طريقة السنة، طريقة سلفهم الجارية على الكتاب والسنة، والاقتداء بالسلف الصالح من الصحابة والتابعين1، والطريقة الثانية: وهي مشوبة بالبدع، وهي
1 ما كان من الصحابة، ولا من التابعين صوفي، ولم يسم واحد منهم بهذا الاسم المرادف للزنديق، والصوفية منذ نشئوا وحيث كانوا عصابة تنابذ الكتاب والسنة، لا يفترق في هذا سلفهم عن خلفهم في هذا، غير أن بعضهم كان أشد جرأة من بعض في البيان عن زندقته، ودليلنا ما سجله التاريخ الحق، وما خلفوه هم في كتبهم من تراث وثني طافح بالمجوسية الغادرة، فتقسيم ابن خلدون هذا مجاف للصواب، ولكنه خدع كغيره فيما يشقشق به الصوفية من زور النفاق، إذ يزعمون كاذبين أن طريقهم طريق الكتاب والسنة، وابن خلدون نفسه يقر بأنه بدعة، إذ يقول في مقدمته عن التصوف: "هذا العلم من العلوم الشرعية الحادثة في الملة! ثم هل في الكتاب والسنة أن قبر الكرخي يقسم به على الله فيستجيب، ويستشفى به فيهفو الشفاء، وأن الصوفية هم غياث الخلق؟ كما زعم القشيري في رسالته. وهو من سلف الصوفية المتقدمين، وأقلهم شناعة في إفك التصوف. أجاء في السنة أن العزوبية تباح لهذه الأمة بعد المائتين من الهجرة، وأن تربية الجرو أفضل من تربية الولد كما زعم أبو طالب المكي في قوته، ونسب فريته المانوية إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم؟ أفيها أن الدين شريعة وحقيقة، وأن هذه أفضل من تلك؟ أفيها أن المريد لا بد له من شيخ، وأن من لا شيخ له فشيخه الشيطان؟ أفيها أن قلب المريد بيد شيخه يصرفه بهواه؟ أفيها أن غضب الشيخ من غضب الله؟ أفيها أن المريد يجب أن يكون بين يدي شيخه كجثة الميت بين يدي الغاسل؟ أفيها أن الولي أفضل من النبي؟ أفيها أن العارف يسمع كلام الله كما سمعه موسى؟ أفيها أن الذريات تسبح بحمد الأولياء، وأن هؤلاء يفقهون تسبيحها؟ كما زعم الغزالي؟ تلك بعض مفتريات سلف الصوفية الأقدمين، بهتوا بها الحق والهدى منذ سمي أول رجل منهم بالصوفي في منتصف القرن الثاني للهجرة وبعده، وتلك بعض ضلالات أولئك الأول الذين يزعم لهم ابن خلدون -وغيره- أن طريقهم مؤيد بالكتاب والسنة، أفتنسم على روحك ما نقلته عنهم نسمات حق، أو عبير هدى؟ كلا بل إنه يحموم كفر ومجوسية ألا فلنقل الحق: ما من صوفي إلا وهو يسلك طريق الشيطان وحده من سلف ومن خلف والتقسيم الصحيح للصوفية أن يقال: إنه قسمان: عملي ونظري، وأن هذا وليد ذاك، فالنظرية وليدة التطبيق، ثم نبين خصائص كل من النوعين، مقارنين بينهما وبين الحق من الكتاب والسنة، وسترى بعد هذه المقارنة أن التصوف بينهما وبين الحق من الكتاب والسنة، سترى بعد هذه المقارنة أن التصوف في نشأته وتطوره في سلفيته وخلفيته لا ينتسب إلى الإسلام برحم: دانية، أو نائية.
طريقة قوم من المتأخرين يجعلون الطريقة الأولى وسيلة إلى كشف حجاب الحس لأنها من نتائجها، ومن هؤلاء المتوصفة ابن عربي وابن سبعين، وابن برجان وأبتاعهم ممن سلك سبيلهم، ودان بنحلتهم1، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها مشحونة بصريح [الكفر2] ومستهجن البدع، وتأويل الظاهر لذلك على أبعد الوجوه، وأقبحها مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملة، أو عدها في الشريعة، ولي ثناء أحد على هؤلاء حجة، ولو بلغ المثنى ما عسى أن يبلغ [من3] الفضل؛ لأن الكتاب والسنة أبلغ فضلا، أو شهادة من كل أحد4، وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة، وما يوجد من نسخها بأيدي الناس مثل الفصوص والفتوحات المكية لابن عربي والبد لابن سبعين وخلع النعلين لابن قسي [وعين اليقين لابن برجان، وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض والعفيف التلمساني5، وأمثالهما أن يلحق بهذه الكتب، وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة الثانية من نظم ابن الفارض6] فالحكم في هذه
1 في الأصل بتخلقهم، والتصويب من العمل الشامخ.
2، 3 ساقطتان من الأصل، وأثبتهما عن العمل الشامخ.
4 هذا قول يحمده الحق لابن خلدون.
5 داعر من زنادقة الصوفية، لا يحرم فرجا، ويبيح نكاح الأم والأخت، ويرى القرآن كله شركا، وما عنده غير ولا سوى بوجه من الوجوه. هلك سنة 690 أما ابن سبعين فمن القائلين بالوحدة المطلقة، ولد بمرسيا سنة 613هـ. وهلك سنة 667 هـ بمكة.
6 ما بين هذين [] لم يرد في الأصل، وأثبته عن ص500 من العمل الشامخ إذ أورد فيه مؤلفه المقبلي نص فتوى ابن خلدون.