الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان، وقارون، وأبي بن خلف" قال الحافظ المنذري: رواه أحمد بإسناد جيد والطبراني في الكبير والأوسط، وابن ماجه في صحيحه، وقال الإمام أبو العباس ابن تيمية في الفتوى التي أجاب فيها الشيخ سيف الدين بن عبد المطلب بن بليان السعودي: "ويكفيك معرف بكفرهم -يعني ابن عربي وأتباعه- أن أخف أقوالهم: أن فرعون مات مؤمنا، وقد علم بالاضطرار عن دين أهل الملل المسلمين واليهود والنصارى أن فرعون من أكفر الخلق بالله.
سؤال فرعون وجواب موسى:
ثم قال ابن عربي: "وهنا سر كبير فإنه -أي: موسى عليه السلام أجاب بالفعل لمن سألوه عن الحد الذاتي1- أي بقوله: وما رب العالمين، فجعل الحد
1 الحد الذاتي هو أتم أقسام التعريف، إذ يتركب من الذاتيات المشتركة، والذاتيات الخاصة، أو كما يعبر المناطقة: من الجنس والفصل القريبين، وبهذا الحد تعرف ماهية الشيء وحقيقته، كما إذا أردنا تعريف المربع، فإنا نقول: هو شكل رباعي أضلاعه متساوية، وزواياه قائمة. وابن عربي في حديثه عن المحاورة بين موسى عليه السلام، وبين فرعون، يقول: إن فرعون سأل موسى عن الحد الذاتي لله، أي: عن حقيقته وماهيته. وهذا صحيح. فالسؤال بـ"ما" سؤال عن الماهية. بيد أن ابن عربي -وقد ذكر طرفا من حق- بنى عليه باطلا، بما نسبه زورا إلى موسى في جوابه عن سؤال فرعون، وقبل أن نبين هذا الذي بهت به الزنديق نبي الله، نعرض عليك ما فسر به الزمخشري سؤال فرعون وجواب موسى، فقد أجاد الزمخشري القول في نباغة من الفهم: "وهذا السؤال: يعني سؤال فرعون لموسى بقوله: ما رب العالمين. لا يخلو: إما أن يريد به: أي شيء هو من الأشياء التي شوهدت، وعرفت أجناسها؟ فأجاب -أي: موسى- بما يستدل به عليه من أفعاله الخاصة، ليعرفه أنه ليس بشيء مما شوهد وعرف من =
الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم، فكأنه قال في جواب قوله: وما رب العالمين. قال: الذي تظهر فيه صورة
= الأجرام والأعراض، وأنه شيء مخالف لجميع الأشياء، ليس كمثله شيء، وأما أن يريد به -أي: بسؤاله- أي شيء هو على الإطلاق؟ تفتيشا عن حقيقته الخاصة ما هي؟ فأجاب بأن الذي إليه سبيل -وهو الكافي في معرفته- معرفة ثباته بصفاته، استدلالا بأفعاله الخاصة على ذلك، وأما التفتيش عن حقيقته الخاصة التي هي فوق فطر العقول، فتفتيش عما لا سبيل إليه، والسائل عنه متعنت غير طالب للحق، والذي يليق بحال فرعون، ويدل عليه الكلام أن يكون سؤاله هذا إنكارا لأن يكون للعالمين رب سواه، لادعائه الإلهية، فلما أجاب موسى بما أجاب عجب قومه من جوابه، حيث نسب الربوبية إلى غيره، فلما ثنى بتقريره، جننه إلى قومه، وطنز به "أي: سخر واحتدم غيظا" حيث سماه: رسولهم، فلما ثلث بتقرير آخر، احتد واحتدم، وقال: لئن اتخذت إلها غيري. وهذا يدل على صحة هذا الوجه الأخير" انتهى من الكشاف للزمخشري. غير أن الزنديق ابن عربي يفسر جواب موسى عليه السلام بما يتفق وهوى ذندقته، وأسطورة الوحدة، إذ يزعم أن جواب موسى على سؤال فرعون: ما رب العالمين؟ هو: الذي تظهر فيه صورة العالمين، من علو -وهو السماء-وسفل -وهو الأرض- ثم يقول بعد: فلما جعل موسى المسئول عنه عين صور العالم، فتأمل كيف يفهم الزنديق، وكيف يجعل الحق باطلا هذا العربيد الخبل!! أية صلة بين ما نسبه إفكا وبهتانا وزورا إلى موسى عليه السلام، وبين ما أجاب به موسى من إشراق الحق والإيمان والتوحيد؟ وهو قوله: رب السموات والأرض، وما بينهما، وقوله: ربكم ورب أبائكم الأولين، وقوله: رب المشرق والمغرب وما بينهما. يجيب موسى بأن الله وحده رب كل شيء، فيفتري الزنديق على موسى بأنه أجاب: إن الله عين كل شيء، وهكذا يفهم الصوفية -سلفا وخلفا- كتاب الله، وبمثل هذا الأفق المجوسي يفسرون آيات الله، ومع هذا ما زلت تجد الأحبار مهطعين أذلاء لأبالسة التصوف، بل تجد قوما منهم يفخرون بأنهم أخذوا العهد على الأحداث من مخابيل المتصوفة المأفونين.