الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[على التأنيث] 1، ثم قال:"ثم إنه جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث وأدرج بينهما المذكر، فبدأ2 بالنساء، وحكم بالصلاة، وكلتاهما تأنيث، والطيب بينهما "كهو3" في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها وبين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين تأنيث ذات، وتأنيث حقيقي، كذلك النساء تأنيث حقيقي، والصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما، كآدم بين الذات الموجود هو عنها، وبين حواء الموجودة عنه، وإن شئت، قلت: القدرة، فمؤنثة أيضا، فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم، حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم، والعلة مؤنثة.
الإله الصوفي بين التقييد والإطلاق
ثم قال: "وثم مرتبة يعود الضمير على العبد المسبح فيها في قوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] أي: بحمد ذلك الشيء5، فالضمير الذي في
1 ص219 فصوص وكل ما بين هذين [] ساقط من الأصل، وأثبته عن الفصوص.
2 في الأصل: فبداء. ويظهر أن الناسخ كان يرسم الهمزة التي من هذا القبيل هكذا دائما.
3 الهو عند الصوفية: هو اعتبار الذات بحسب الغيبة والفقد.
4 ص220 فصوص.
5 معنى الآية: ما من شيء إلا ويسبح بحمد الله رب العالمين، ولكن ابن عربي يرجع الضمير في قوله: بحمده، على لفظة شيء ليتواءم هذا البهتان الزنديقي، ومذهبه في الوحدة، فيكون معنى الآية عنده: ما من شيء إلا ويسبح بحمد نفسه لأن الله سبحانه عنده عين كل شيء، فإذا سبح شيء، فالمسبح عنده والمسبح له هو الله سبحانه عما يقول الصوفية.
[قوله] : بحمده، يعود على الشيء، أي: بالثناء الذي يكون عليه، كما قلنا في المعتقد أنه [إنما] يثني على الإله الذي في معتقده، وربط به نفسه، وما كان من عمله، فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه، فإنه من مدح الصنعة، فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها، وإله1 المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه2، فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه ولهذا يذم معتقد غيره، ولو أنصف لم يكن له ذلك، إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك3 في ذلك لاعتراضه [40] على غيره فيما اعتقده في الله، إذ لو عرف ما قال الجنيد: لون الماء لون إنائه، لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده وعرف الله في كل صورة، وكل معتقد، فهو ظان ليس بعالم، ولذلك4 قال:"أنا عند ظن عبدي بي5". أي: لا أظهر له إلا في صورة معتقده، فإن شاء أطلق، وإن شاء قيد، فإله المعتقدات تأخذه الحدود، وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء6، وعين نفسه7.
1 في الأصل: والإله.
2 في الأصل: صنعته.
3 يحذر المؤمن أن يذم دين الكافر، والموحد أن يذم دين المشرك، والمسلم أن يذم دين وثني أو يهودي، أو نصراني، أو مجوسي، فذم أي دين -وإن كان سداه الأسطورة ولحمته الخرافة- جهل عميق بالحقيقة، فهؤلاء جميعا دينهم واحد، ومعبودهم في الحقيقة -وإن اختلفت نسبه أو إضافاته، أو أسماؤه- واحد، بل إنهم جميعا عين واحدة، إذ كل واحد منهم أحد تعينات الذات الإلهية، ومعبوداتهم في حقيقتها الرب الواحد؛ لأنها الحق تجلى في صور هذه المعبودات، ودينهم واحد لأن الحق المتعين في كل واحد منهم هو الذي شرع هذا الدين وارتضاه، وذلك البهتان هو دين الزنديق ابن عربي، وهذا هو نص ما يريده.
4 في الأصل: فلذلك.
5 متفق عليه عن أبي هريرة مرفوعا، بيد أن تفسير الزنديق له إفك أثيم.
6 باعتبارها تعيناته أو ظاهره.
7 باعتبارها وجودا مطلقا، أو حقا أو باطنا.