الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك طويل خارج عن طريق العقل والشرع أشرنا في بحث الوجد إلى بطلانه، لكن من يضلل الله فما له من هاد" انتهى كلام الشيخ سعد الدين رحمه الله.
زعم أن الحق يتلبس بصور الخلق:
وقال سعيد الفرغاني -وهو من أكابر أتباعهم- في شرحه للتائية: "وتنزه1 تلك الإشارة عقيدتي عن رأي الحلول، فإنه لما جاز ووقع أن يكون لملك مخلوق قدرة التلبس بأي صورة شاء بلا معنى الحلول فيه، يصح أن يتلبس الحق تعالى بصورتي بفناء أنانيتي2 بالكلية، وإن تعللت بعدم جواز تلبسه3 بالصورة، وعللت بتنزيهه عن ذلك التلبس منعناك، ورددنا تعليلك بالكتاب والسنة".
ثم قال في شرح البيت4 الذي فيه استشهاده بالكتاب والسنة: "وفي الذكر5، آي القرآن [20] ذكر اللبس، أي: تلبس الحق بالصورة ليس بمردود بل هو ثابت مذكور معروف موضعه من القرآن، ولم أتجاوز في تقريري حكمي الكتاب والسنة. أما الكتاب، فقوله تعالى:{نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 8] يعني من أن يكون منحصرا ظهوره حالتئذ وقبله وبعده في ذلك التلبس، وفي غيره من الصور، وغير ما، وقوله تعالى:{نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ} [القصص: 30]
1 يعني بيت ابن الفارض.
ولي من أتم الرؤيتين إشارة
…
تنزه عن دعوى الحلول عقيدتي
2 أي: ذاته.
3 أي: الله سبحانه.
4 يقصد بيت ابن الفارض.
5 وفي الذكر ذكر اللبس ليس بمنكر
ولم أعد عن حكمي كتاب وسنة
الآية، وإذا جاز تلبسه بصورة الجماد1، فبصورة الإنسان أجمع وأولى عند فنائه عن تعينه وتشخصه. وأما السنة، فقوله صلى الله عليه وسلم حكاية عنه تعالى:"كنت سمعه وبصره ولسانه ويده ورجله2" وقوله أيضا: فإن الله تعالى قال
1 تأمل رعونة الزندقة في التعبير، حيث يصف الله سبحانه وتعالى بأنه تلبس بالشجرة، أو كان هو الشجرة وهو يكلم موسى، ويفجر في زعمه فيقرر أن القرآن يثبت هذا!
2 يعني ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقول الله تعالى: "من عادى لي وليا، فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يسعى.. الحديث" ويستدل الصوفية بهذا الحديث على أن الله سبحانه عين خلقه، وعلى أن العبد يحور ربا. وإليك رد الشيخ ابن تيمية عليهم: "والحديث حجة عليهم من وجوه كثيرة، منها قوله: من عادى لي وليا، فقد بارزني بالمحاربة، فأثبت معاديا محاربا، ووليا غير المعادي، وأثبت لنفسه سبحانه هذا وهذا ومنها قوله: وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، فأثبت عبدا متقربا إلى ربه، وربا افترض عليه فرائضه، ومنها قوله: ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فأثبت متقربا، ومتقربا إليه، ومحبا ومحبوبا غيره، وهذا كله ينقض قولهم: الوجود واحد. والحديث حق، فإن ولي الله لكمال طاعته لله ومحبته لله يبقى إدراكه لله، وباطنه وعمله لله وبالله، فما يسمعه مما يحبه الحق أحبه، وما يسمعه مما يبغضه الحق أبغضه، وما يراه مما يحبه الحق أحبه، وما يراه مما يبغضه الحق أبغضه ويبقى في سمعه وبصره من النور ما يميز به بين الحق والباطل، فولي الله فيه من الموافقة لله ما يتحد به المحبوب والمكروه، والمأمور والمنهي عنه ونحو ذلك، فيبقى محبوب الحق محبوبه، ومكروه الحق مكروهه، ومأمور الحق مأموره، وولي الحق وليه، وعدو الحق عدوه" ص48 رسالة الرد الأقوم ط السنة المحمدية.
هذا والحديث رواية البخاري عن خالد بن مخلد القطواني الكوفي أبي الهيثم. وقد تكلم فيه. قال العجلي عنه: ثقة فيه تشيع، وقال ابن سعد: منكر الحديث متشيع مفرط، وقال أحمد بن حنبل: له مناكير، وقال أبو داود: صدوق إلا أنه يتشيع وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقد عد هذا الحديث من مناكير خالد يقول الذهبي:"هذا حديث غريب جدا، ولولا هيبة الجامع الصحيح لعددته في منكرات خالد، وذلك لغرابة لفظه، ولأنه مما ينفرد به شريك، وليس بالحافظ" والحدث -على افتراض صحته- حجة على الصوفية كما رأيت.
على لسان عبده: سمع الله لمن حمده. ثم حديث القيامة في الإتيان في الصورة1
1 يعني ما ورد في الحديث من أن الله سبحانه يتجلى لعباده يوم القيامة، ثم يأتيهم في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك هذا مكننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، ثم يأتيهم في الصورة التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا" والحديث في الصحيحين والترمذي، وتوحيد ابن خزينة، وسنن الدارمي وغيرها.
والحديث حجة تدمغ الصوفية بالبهتان. أولا: يثبت الحديث أن هذا التجلي لن يكون إلا في الآخرة، أما الصوفية فيدينون بتلبسه بالصور في الدنيا. ثانيا: يدين الصوفية بأن الرب يتجلى لكل أحد بحسب اعتقاده، فالقاصر المقيد لا يعرفه إلا إذا تجلى له في صورة معتقده، فإذا اعتقد أن الرب صنم، أو كوكب، أو عجل، تجلى له في صورة ما اعتقده، أما إذا تجلى له في صورة أخرى أنكره، أما العارف المطلق، فإنه يعرف الله -في زعم الصوفية- في كل صورة يظهر بها؛ لأنه يعتقد أن الرب عين كل شيء. هذا في حين يثبت الحديث أن المؤمنين أنكروه في صورته الأولى، وعرفوه في صورته الثانية، ومن أنكروه، ثم عرفوه هم الرسل والأنبياء والأولياء، وهؤلاء -باعتراف الصوفية-أكمل العارفين، وهم لم يعرفوه إلا في صورة واحدة، وهذا ينقض أصل دعواهم، وهو أن العارف المكمل هو من يعرف الله في كل صورة، ثالثا: يثبت الحديث وجود قوم يعرفون بعد إنكار، ووجود رب تجلى ثم تجلى. وهذا يستلزم وجود أغيار كثيرين هم غير الرب. في حين يدين الصوفية بأنه ما ثم غير ما. رابعا: يزعم الصوفية أنه سبحانه عين كل شيء، والحديث يثبت وجود قوم مؤمنين، وكافرين، ومنافقين، فإذا أخذنا بزعم الصوفية كان ربهم هو الكافر والمنافق، والمنكر والمنكر، وثبت لربهم الجهل، وحسب الصوفية شرا أن يكون عبيد رب هذا شأنه، خامسا: يثبت الحديث أنه =