الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن فروع هذا التوحيد أن فرعون وقومه كاملو الإيمان، عارفون بالله على الحقيقة، ومن فروعه أن عباد الأصنام على الحق والصواب، وإنهم إنما عبدوا الله لا غيره، ومن فروعه أنه لا فرق في التحريم والتحليل بين الأم والأخت والأجنبية، ولا فرق بين الماء والخمر والزنا والنكاح، الكل من عين واحدة، لا، بل هو العين الواحدة، ومن فروعه أن الأنبياء ضيقوا على الناس. تعالى الله عما يقولون.
الإيمان بالقدر
جـ- الإيمان بالقدر:
عن أبي هريرة قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزًا يومًا للناس، فأتاه رجل فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث. قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان. قال: ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
قال: متى الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، وسأخبرك عن أشراطها: إذا ولدت الأمة ربها، وإذا تطاول رعاة الإبل البُهم في البنيان، في خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم:{إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} (لقمان: 34) ثم أدبر، فقال: ردّوه، فلم يروا شيئًا فقال: هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم)). قال أبو عبد الله: "جَعل ذلك ملة من الإيمان". انظر (فتح الباري بشرح صحيح البخاري) لابن حجر العسقلاني، كتاب الإيمان، باب: سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان، جزء 1 ص 141 طبعة دار المنار.
وفي رواية: ((وتؤمن بالقدر خيره وشره وحُلوه ومُره)) ثم زاده تأكيدًا بقوله في الرواية الأخيرة: ((من الله)).
د- تعريف القدر: القدر مصدر تقول: قدرت الشيء بتخفيف الدال وفتحها، أَقدِره بالكسر والفتح، قدَرًا وقدْرًا، إذا أحطت بمقداره، والمراد أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وأزمانها قبل إيجادها، ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد. فكل محدَث صادر عن علمه وقدرته وإرادته، هذا هو المعلوم من الدين بالبراهين القطعية، وعليه كان السلف من الصحابة وخيار التابعين، إلى أن حدثت بدعة القدر في أواخر زمن الصحابة.
وقد روى مسلم القصة في ذلك من طريق كهمس، عن أبي بريدة، عن يحيى بن يعمر قال:"كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني. قال: فانطلقت أنا وحميد الحميري، فذكر اجتماعهما بعبد الله بن عمر، وأنه سأله عن ذلك فأخبره بأنه بريء ممن يقول ذلك، وأن الله لا يقبل من لا يؤمن بالقدر عملًا". وقد حكى المصنفون في المقالات عن طوائف من القدرية إنكار كون البارئ عالمًا بشيء من أعمال العباد قبل وقوعها، وإنما يعلمها بعد كونها.
قال القرطبي وغيره: "قد انقرض هذا المذهب ولا نعرف أحدًا يُنسب إليه من المتأخرين. قال: والقدرية اليوم مطبقون على أن الله عالم بأفعال العباد قبل وقوعها، وإنما خالفوا السلف بأن أفعال العباد مقدورة لهم وواقعة منهم على جهة الاستقلال، وهو مع كونه مذهبًا باطلًا أخف من المذهب الأول، وأما المتأخرون منهم فأنكروا تعلق الإرادة بأفعال العباد؛ فرارًا من تعليق القديم بالمحدث.
وهم مخصومون بما قال الشافعي: إن سلم القدري العلم كان حجة عليه، يعني يقال له: أيجوز أن يقع في الوجود خلاف ما تضمنه العلم، فإن مَنع وافق قول أهل السنة، وإن أجاز لزمه نسبة الجهل. تعالى الله عن ذلك". انظر (فتح الباري) الجزء الأول 146 طبعة دار المنار.
هـ- الله عَلِم أزلًا أهل الجنة وأهل النار:
لقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة، وعدد من يدخل النار، جملة واحدة، فلا يزاد في ذلك العدد ولا ينقص منه، وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه. قال تعالى:{إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم} (الأنفال: 75). وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (الأحزاب: 40). فالله تعالى موصوف بأنه بكل شيء عليم أزلًا وأبدًا، لم يتقدم علمه بالأشياء جهالة. قال تعالى:{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (مريم: 64).
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ((كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة فنكس رأسه، فجعل ينكث بمخصرته ثم قال: ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها الجنة والنار، إلا وقد كُتبت شقية أو سعيد. قال: فقال رجل: يا رسول الله، أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال: من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة. ثم قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (الليل: 5 - 10))). وهذا الحديث في البخاري رقم 1362، ومسلم رقم 2647 وأبو داود 4694.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.