الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سبحانه، فعاداه الله، فهو من الكافرين، قال تعالى:{مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} .
احتيال اليهود على سب النبي صلى الله عليه وسلم:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (البقرة: 104).
تذكر الروايات أن السبب في النهي عن كلمة {رَاعِنَا} ؛ أن سفهاء اليهود كانوا يُمِيلون ألسنتهم في نطق هذا اللفظ، وهم يوجهونه للنبي صلى الله عليه وسلم حتى يؤدي معنى آخر مشتقًا من الرعونة، فقد كانوا يخشون أن يشتموا النبي صلى الله عليه وسلم مواجهة، فيحتالون على سبه -صلوات الله وسلامه عليه- عن هذا الطريق الملتوي الذي لا يسلكه إلا صغار السفهاء، ومن ثم جاء النهي للمؤمنين من اللفظ الذي يتخذه اليهود ذريعة، وأُمروا أن يستبدلوا به مرادفه في المعنى، الذي لا يملك السفهاء تحريفه وإمالته؛ كي يفوتوا على اليهود غرضهم الصغير السفيه.
دعاوى اليهود والنصارى الكاذبة
يَدَّعي اليهود والنصارى أنهم هم المقصودون وحدهم، وأن الجنة وَقْفٌ عليهم لا يدخلها سواهم، هذه القولة كتلك، لا تستند إلى دليل سوى الادعاء العريض بأنهم هم الذين يدخلون الجنة؛ لأنهم يقولون: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا
أو نصارى، هذه مجرد أمنية لهم، ومن ثم يُلقن الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم وأن يَجْبَههم بالتحدي، وأن يطالبهم بالدليل، وذلك في قوله تعالى:{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} . فالجزاء من جنس العمل، بلا محاباة لأمة ولا لطائفة ولا لفرد، قال تعالى:{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (البقرة: 112).
زعم اليهود بأن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودات، والرد عليهم:
اليهود يحسبون أنهم ناجون من العذاب مهما فعلوا، وأن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودات، يخرجون بعدها إلى النعيم. قال تعالى:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} (البقرة: 80).
علام يعتمدون في ذلك؟ علام يحددون الوقت كأنهم مستوثقون، وكأنها معاهدة محدودة الأجل معلومة الميقات. حينما قالوا ذلك لقن الله نبيه صلى الله عليه وسلم الحجة الدامغة:{قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} (البقرة: 80) فأين هو ذلك العهد، هل أعطى لكم الله عهدًا على أن النار لن تمسكم في الآخرة إلا أيامًا معدودة، أم تقولون على الله ما لا تعلمون؟!.
هذا هو الواقع، هم يقولون كلامًا عن الله لا يعلمونه، ولذلك الاستفهام في قوله تعالى:{أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 80) هو للتقرير، تقرير الواقع، أي: هم يقولون على الله ما لا يعلمون، ولكنه في صورة الاستفهام، يحمل كذلك معنى الإنكار والتوبيخ.
قال الله تعالى: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (البقرة: 80). هنا يأتيهم الجواب القاطع والقول الفصل في هذه
الدعوى في قول الله تعالى: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة: 81، 82). ليست العملية أُمنية كما قال اليهود، لكن الحكم يوم القيامة يكون على العمل.
تكذيب اليهود والنصارى فيما يَدَّعون:
قال تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين} (البقرة: 135).
قالت اليهود: كونوا هودًا تهتدوا، وقالت النصارى: كونوا نصارى تهتدوا، فرد الله عليهم أن يرجعوا إلى ملة إبراهيم أبينا وأبيكم، وأصل ملة الإسلام إبراهيم عليه السلام وما كان من المشركين، بينما أنتم مشركون. قال تعالى:{مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (آل عمران: 67).
سوء أدب اليهود في حق الله، وهذا من ادعائهم الباطل وعنادهم:
قال تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} (آل عمران: 181، 182).
عن ابن عباس لما نزل قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً
…
} (البقرة: 245) الآية، قال اليهود: يا محمد افتقرَ ربك فسأل عباده القرض، فأنزل الله:{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} .
غلو النصارى في عيسى عليه السلام:
الله سبحانه وتعالى ينهى أهل الكتاب عن الغلو والإطراء، وهذا كثير في النصارى، فإنهم تجاوزوا الحد في عيسى عليه السلام حتى رفعوه فوق المنزلة التي أعطاه الله إياها، فنقلوه من حيز النبوة إلى أن اتخذوه إلهًا من دون الله يعبدونه كما يعبدون الله.
بل قد غلوا في أتباعه وأشياعه ممن زعم أنه على دينه، فادَّعوا فيهم العصمة واتبعوهم في كل ما قالوه، سواء كان حقًّا أو باطلًا أو ضلالًا أو رشادًا أو صحيحًا أو كذبًا، ولهذا قال تعالى:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (التوبة: 31).
لكن الله سبحانه وتعالى هو المعبود، وهو لم يَتخذ صاحبة ولا ولدًا، وليس المسيح ولدًا له، إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، قال تعالى:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (آل عمران: 59).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.