الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس العاشر
(تابع الإيمان بالرسل - الإيمان بالملائكة والكتب السماوية)
وجوب الإيمان بجميع الرسل
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
وجوب الإيمان بمَن سمى الله في كتابه من رسله وأنبيائه:
يقول صاحب (العقيدة الطحاوية): وأما الأنبياء والمرسلون فعلينا الإيمان بمن سمى الله تعالى في كتابه من الرسل، والإيمان بأن الله تعالى أرسل رسلًا سواهم، وأنبياء لا يعلم أسماءهم وعددهم إلا الله الذي أرسلهم، فعلينا الإيمان بالرسل جملةً؛ لأنه لم يأتِ في عددهم نص، وقد قال تعالى:{وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} (النساء: 164) وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} (غافر: 78) وعلينا الإيمان بأنهم بلغوا جميعَ ما أرسلوا به على ما أمرهم الله به، وأنهم بينوه بيانًا لا يسَعُ أحدًا ممن أرسلوا إليهم جهده، ولا يحل له خلاق.
قال تعالى: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِين} (النحل: 35)، وقال تعالى:{فَإِنْ تَوَلَّوْا فإنما عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِين} (النحل: 82) وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِين} (النور: 54) وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فإنما عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِين} (التغابن: 12).
أولو العزم من الرسل:
وأما أولو العزم من الرسل، فقد قيل فيهم أقوال، أحسنها ما نقله البغوي وغيره عن ابن عباس وقتادة أنهم -أي: أولي العزم-: نوح، إبراهيم، موسى، عيسى، محمد -صلوات الله وسلامه عليه- قال: وهم المذكورون في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} (الأحزاب: 7). وفي قوله
تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيه} (الشورى: 13).
الفرق بين النبي والرسول:
لقد ذكر العلماء فروقًا بين النبي والرسول، وأحسنها أن من نبأه الله بخبر السماء إن أمره أن يبلغ غيره فهو نبي ورسول، وإن لم يأمره أن يبلغ غيره فهو نبي وليس برسول، فالرسول أخص من النبي، فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولًا، ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها، فالنبوة جزء من الرسالة إذ الرسالة تتناول النبوة وغيرها، بخلاف الرسل، فإنهم لا يتناولون الأنبياء وغيرهم، بل الأمر بالعكس، فالرسالة أعم من جهة نفسها.
ويرى شيخ الإسلام في كتاب (النبوات): أن النبي هو الذي ينبئه الله، وهو ينبئ بما أنبأ الله به، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول، وأما إذا كان يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول، قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِه} (الحج: 52) وقوله: {مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} فذكر إرسالًا يعم النوعين، وقد خص أحدهما بأنه رسول، فإن هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته إلى من خالف الله كنوح عليه السلام.
وقد ثبت في (الصحيح) أنه أول رسول بعث إلى أهل الأرض، وكان قبله أنبياء كشيت وإدريس عليهما السلام وقبلهما آدم كان نبيًّا مكلمًا، قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، فأولئك الأنبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم لكونهم مؤمنين بهم، كما
يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عن الرسول. وكذلك أنبياء بني إسرائيل يأمرون بشريعة التوراة، وقد يوحَى إلى أحدهم بوحي خاص في قصة معينة، ولكن كانوا في شرع التوراة كالعالم الذي يفهمه الله في قضية معنى يطابق القرآن، كما فهم الله سليمان حكم القضية التي حكم فيها هو وداود.
فالأنبياء ينبئهم الله، فيخبرهم بأمره ونهيه وخبره، وهم ينبئون المؤمنين به ما أنبأهم الله، إذن الأنبياء ينبئهم الله تعالى، فيخبرهم بأمره ونهيه، وهم بالتالي ينبئون المؤمنين بهم ما أنبأهم الله.
إرسال الرسل من أعظم نعم الله على خلقه:
إن إرسال الرسل من أعظم نعم الله على خلقه خصوصًا سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِين} (آل عمران: 164) وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين} (الأنبياء: 107).
خاتم الأنبياء:
قال تعالى: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّين} (الأحزاب: 40) وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: ((إن مَثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنَى بيتًا، فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنةٍ من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هَلَّا وضعتَ هذه اللبنة! قال: فأنا اللبنةُ، وأنا خاتم النبيين)) أخرجه البخاري ومسلم.
ولما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، عُلِمَ أن مَن ادعى بعده النبوة فهو كاذب، ولا يقال: فلو جاء المدعي للنبوة بالمعجزات الخارقة والبراهين الصادقة، كيف يُقال بتكذيبه؟ لأنا نقول: هذا لا يُتصور أن يوجد، وهو من باب فَرْض المحال؛ لأن