المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ) (الفرقان: 20)، وإنما ورد جواباً لقولهم: - ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل - جـ ٢

[ابن الزبير الغرناطي]

فهرس الكتاب

- ‌سورة هود

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌الآية السادسة

- ‌الآية السابعة

- ‌الآية الثامنة

- ‌الآية التاسعة

- ‌الآية العاشرة

- ‌الآية الحادية عشر:

- ‌الآية الثانية عشر

- ‌الآية الثالثة عشر

- ‌الآية الرابعة عشر

- ‌الآية الخامسة عشر

- ‌سورة يوسف عليه السلام

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌سوة الرعد

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌الآية السادسة

- ‌الآية السابعة

- ‌الآية الثامنة

- ‌سورة إبراهيم عليه السلام

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة:

- ‌الآية الرابعة:

- ‌سورة الحجر

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية:

- ‌الآية الثالثة:

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة:

- ‌الآية السادسة

- ‌الآية السابعة:

- ‌سورة النحل

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌الآية السادسة:

- ‌الآية السابعة

- ‌الآية الثامنة

- ‌الآية التاسعة

- ‌الآية العاشرة

- ‌الآية الحادية عشرة:

- ‌الآية الثانية عشرة:

- ‌الآية الثالثة عشر:

- ‌الآية الرابعة عشر

- ‌الآية الخامسة عشرة

- ‌سورة بني إسرائيل (الإسراء)

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة:

- ‌الآية الخامسة:

- ‌سورة الكهف

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌الآية السادسة

- ‌الآية السابعة:

- ‌سورة مريم عليها السلام

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة:

- ‌الآية الرابعة:

- ‌الآية الخامسة

- ‌سورة طه

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌الآية السادسة

- ‌الآية السابعة

- ‌سورة الأنبياء

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌الآية السادسة

- ‌الآية السابعة

- ‌الآية الثامنة

- ‌سورة الحج

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌الآية السادسة

- ‌الآية السابعة

- ‌سورة المؤمنون

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌سورة النور

- ‌الآية الأولى

- ‌ الآية الثانية

- ‌سورة الفرقان

- ‌الآية الأولى

- ‌سورة الشعراء

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌سورة النمل

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌سورة القصص

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌سورة العنكبوت

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌سورة الروم

- ‌الآية الأولى

- ‌الآيةالثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌سورة لقمان

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌سورة السجدة

- ‌(الآية الأولى

- ‌سورة الأحزاب

- ‌الآية الأولى

- ‌ الآية الثانية

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة الصافات

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌سورة ص

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌سورة الزمر

- ‌الآية الأولى

- ‌ الآية الثانية:

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌الآية الخامسة

- ‌سورة المؤمن

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌سورة السجدة

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌سورة الشورى

- ‌الآية الأولى

- ‌سورة الزخرف

- ‌الآية الأولى

- ‌ الآية الثانية

- ‌سورة الجاثية

- ‌الآية الأولى

- ‌سورة القتال

- ‌الآية الأولى

- ‌ الآية الثانية

- ‌سورة الفتح

- ‌الآية الأولى

- ‌ الآية الثانية

- ‌سورة ق

- ‌سورة الذاريات

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة

- ‌سورة الطور

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌سورة النجم

- ‌الآية الأولى

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌الآية الأولى

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌الآية الثالثة

- ‌الآية الرابعة:

- ‌سورة المجادلة

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة المنافقين

- ‌سورة التغابن

- ‌الآية الأولى

- ‌الآية الثانية

- ‌سورة الطلاق

- ‌الآية الأولى

- ‌سورة الملك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة الحاقة

- ‌سورة نوح عليه السلام

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل والمدثر

- ‌الآية الثانية

- ‌سورة القيامة

- ‌الآية الثانية

- ‌سورة الإنسان

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة التساؤل

- ‌الآية الثانية

- ‌سورة النازعات

- ‌سورة التكوير

- ‌سورة الإنشقاق

- ‌سورة البلد

- ‌الآية الثانية

- ‌سورة ألم نشرح لك صدرك

- ‌سورة القلم

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة الكافرين

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة الفلق

- ‌سورة قل أعوذ برب الناس

الفصل: الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ) (الفرقان: 20)، وإنما ورد جواباً لقولهم:

الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ) (الفرقان: 20)، وإنما ورد جواباً لقولهم:(مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ)(الفرقان: 7)، ولا داعي في هذا للقسم إذ هو جواب لقولهم، فلا داعي لورود ((من))، فورد هذا كله على أبدع نظام وأعلى تناسب، وإذا اعتبر الناظر استوضح أن كلاً من هذه الآي لا يمكن إتيانه في موضوع غيره والله أعلم.

‌الآية الرابعة

من سورة يوسف، عليه السلام، قوله تعالى:(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا)(يوسف: 109)، قلت: تكرر هذا الضرب من الاعتبار بأحوال من تقدم من الأمم وما أعقب المكذبين تكذيبهم في عدة مواضع، منها ما ورد فيه بعد همزة التقرير وفاء التعقيب، ومنها ما ورد بواو النسق، فأما تقديم الهمزة قبلها فلما لها من الصدرية، فلا يتقدم حرف العطف عليها، ولما جرت في هذه الآي على ما ذكرنا من تخصيص بعض هذه المواضع بالفاء المقتضية مع التشريك الترتيب والتعقيب، وبعضها بالواو المقتضية مجرد التشريك والجمع، كان ذلك مظنة سؤال، فللسائل أن يسأل عن تخصيص كل واحد من هذه المواضع بما اختص به في عطفه على ما قبله؟ فمن الوارد بالفاء آية يوسف المذكورة آنفاً وفي سورة الحج:(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا)(الحج: 46)، وفي آخر سورة غافر: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ

) (غافر: 82)، وفي سورة القتال:(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا)(محمد: 10)، فهذه أربع آيات مما ورد بالفاء. ومن الوارد بالواو قوله في سورة الروم:(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا)(الروم: 9)، وفي سورة الملائكة:(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً)

(فاطر: 44)، وفي سورة المؤمن:(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ)(غافر: 21)، فهذه ثلاث آيات.

والجواب عن الضرب الأول: أما آية يوسف فقوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)(يوسف: 109) مربوط بما قبله ومبني على ما تقدم كحال في جواب مبني على ما قبله، ألا ترى أن قبل الآية آيات تخويف وترهيب، كقوله تعالى:(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ)(يوسف: 105)، ثم قال تعالى:(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)(يوسف: 106)، ثم قال تعالى: (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ

ص: 269

غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) (يوسف: 107)، ثم قال تعالى:(لْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)(يوسف: 108)، ثم قال:(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)(يوسف: 109) فالكلام (بجملته في قوة أن لو قيل: ما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً من البشر أمثالك فكذبوا فهلك مكذبوهم وأخذوا كل مأخذ، فإن شاء هؤلاء فليسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة (الذين من قبلهم) ممن تقدمهم، فالكلام من حيث معناه في قوة الشرط والجزاء فورد بالفاء، وليس موضع الواو، ويشهد لهذا الغرض ويبينه قوله تعالى:(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)(النحل: 36)، (أي) فإن شككتم فسيروا في الأرض، وعلى هذا المعنى كل ما ورد من هذا. ومن هذا القبيل آية سورة الحج، ألا ترى أن قبلها قوله تعالى:(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ)(الحج: 42 - 44)، ثم قال:((فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)(الحج: 45 - 46)، أي فهلا ساروا في (الأرض) قاصدين الاعتبار فعقلوا بقلوبهم وانتفعوا بأسماعهم وأبصارهم، فعلى هذا المعنى لا مدخل لواو العطف هنا، وإنما الملائم الفاء لما تعطيه من السببيه والارتباط.

وأما الوارد في (آخر) سورة المؤمن فقد تقدم قبلها قوله تعالى: (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ)(غافر: 81)، ثم قال تعالى:(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)(غافر: 82) أي فهلا ساروا في الأرض (فاعتبروا بما) في الأرض من الآيات، قال تعالى:(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)(الذاريات: 20)، فالمعنى على هذا وليس المعنى على العطف المجرد من معنى التسبب، فالموضع للفاء ولا لواو النسق.

وأما الوارد في سورة القتال فإن قبل الآية: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ) (محمد: 7 - 9)، ثم قال:(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)(محمد: 10)، فالملائم هنا الفاء لما في الكلام من معنى التسبب والتخصيص المحرزين هنا ما يلائم ويناسب مرتكبهم من التوبيخ، فالموضع للفاء المقصود بها ربط الكلام بما قبله.

ص: 270

وأما الضرب الثاني مما ورد بالواو فلعطف ذلك (على) ما قبله تشريكاً لا سببية فيه ولا معنى جوابيه ولا مقصود تعقيب ولا ربط مقصزدها من المعاني بما قبله سوى التشريك خاصة، ففي سورة الروم ورد متقدماً قبل الآية في قوله تعالى:(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى)(الروم: 8)، فعطف على هذه عطف تشريك لا سببية فيه قوله تعالى:(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)(الروم: 9)، فتشاركت الآيتان في الحض على الاعتبار ومقصودهما واحد، فعطفت إحداهما على الأخرى بما يقتضي ذلك وليس إلا الواو، وأما الفاء وثم فلا مدخل لواحدة منهما هنا، والله أعلم.

وأما سورة الملائكة فتقدم فيها قوله: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ)(فاطر: 43)، فأحيلوا على ما اطرد في من قبلهم من سنته تعالى فيهم، من أخذهم بتكذيبهم سنة الله التي خلت من قبل، ثم أعقب بإحالتهم على قرب منهم ممن شاهدوا آثاره وتعرفوا على قرب أخباره فقيل:(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)(فاطر: 44)، فقوله:(فَهَلْ يَنْظُرُونَ) وقوله: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا) مسلك واحد في الاعتبار، فصل لهم بحسب بعد ما أمروا باعتبار حاله (أو قربه)، فعطف أحد السببين على الآخر مع اتحاد النوع المعتبر به، ولا يعطف مثل هذا إلا بالواو خاصة، وما سوى الواو لا يلائم ولا يناس، والله أعلم.

وأما الآية الأولى من سورة المؤمن فملحوظ فيها من نيطت به في معناها من قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ)(غافر: 13)، وليس بعد هذه الآية من معناها إلا قوله تعالى:(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ)(غافر: 21)، فمن آياتته تعالى التي رآها عباده ما أجراه من سنته فيمن خلا من الأمم، فوقعت الإحالة على ذلك بعطف الآية من قوله:(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) على ما به نيطت حسبما تقدم، ولا يناسب ذلك غير الواو.

***

ص: 271