الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: '' أن المظنون يبين المعلوم '' هو القول الصحيح في المسألة ولم يذكر الأقوال الأخرى في المسألة لضعفها (1).
المبحث الرابع
منهجه في مناقشة الأقوال والردود على المخالفين
لم يكن التاج السبكي في عرضه للأقوال والآراء بل والأدلة مجَّرد ناقل لها فقط بل كان يناقش ما يحتاج منها إلى مناقشة ويَردُّ ما كان منها مردوداً، ويرى أنه ليس من الموضوعية التمحُّل بتأويل الأقوال والتعسُّف لها، ويقول في ذلك:((وأنا أبدي ما عندي ثم أتكلَّم عليها وأعرضها على الحق فإن وافقته، وإلا طرحتها، فالحق: عرضُ الأقوال على الحق، لا عَرضُ الحق على الأقوال، والتمحُّل لها بغاية التعسف، ونهاية الفساد)) (2)، وهذا منهج اتبعه التاج السبكي في أغلب مباحث شرحيه على ((المنهاج)) و ((المختصر))، كما اتبع ذلك في كتابه ((منع الموانع))، إلا أنه قد اتبع في ((منع الموانع)) منهجا مغايرا نوعا ما لمنهجه في الشروح وذلك نظرا لطبيعة كتابه ((منع الموانع)) الذي هو عبارة عن ردَّ وإيضاح لبعض الإيرادات التي وجِّهت على كتابه ((جمع الجوامع)) ومن هنا يأتي تقسيمي لهذا المبحث ضمن محورين كالآتي:
المحور الأول: منهجه في مناقشة الأقوال والردود على المخالفين في شرحيه على ((المنهاج)) و ((المختصر)):
لقد اتبع التاج السبكي عدة طرائق في كيفية مناقشته للآخرين سواءً كانت المناقشة على القول أو الرأي أو الدليل أو التوجيه لدليل ما، ومن هذه الطرائق:-
أولاً: الإشارة إلى وجود مناقشة أو اعتراض على القول أو الدليل المذكورين:
من منهج التاج السبكي أنه في كثير من الأحيان يشير إلى وجود مناقشة أو اعتراض على ما يذكره ويقرره من الأقوال أو الأدلة، وتتمثل هذه الإشارة بقوله - عقب القول أو الدليل - هذا ما قاله هكذا ذكره أو نحوها من الصيغ التي تبدأ بعبارة هذا أو هكذا أو كذا، فحيثما أعقب الشرح بمثل هذه العبارات، فهي دلالة على وجود مناقشة تأتي بعد ذلك، ومن الشواهد الدالة على ذلك:-
1 -
قوله بعد شرح قول البيضاوي في مباحث المجاز: ((المجاز إما في المفرد مثل: الأسد للشجاع
…
)) (3)
قال التاج بعد الشرح: ((هذا شرح ما في الكتاب [ثم قال:] ولك هنا مناقشات:
أحدها: على التمثيل بالبيت الذي ذكره (4) من جهته أنه إنما يصلح مثالا للقسم الثالث لأن المراد بالصغير من تقدم له الصغر
…
)) إلى آخر تلك المناقشات (5).
فأنت ترى هنا أن التاج السبكي قد مهَّد لهذه المناقشات بقوله: هذا شرح ما في الكتاب؛ لينبِّه القارئَ إلى وجود مناقشات تأتي فيما بعد.
(1) وهي: القول بأن المبين لا بد أن يكون أقوى، والقول بكونه مساويا والتفصيل بين ما يعلم بالضرورة وما تعم به البلوى فيجب فيه التواتر، وبين غيره مما لا يعلم ضرورة فيجوز بخبر الواحد. انظر: الزركشي، تشنيف المسامع (1/ 423)
(2)
التاج السبكي، رفع الحاجب (2/ 267)
(3)
البيضاوي، منهاج الوصول ص 52
(4)
يشير بذلك إلى قول الشاعر:
أشاب الصغير وأفنى الكبير
…
كرّ الغداة ومر العشي
(5)
التاج السبكي، الإبهاج (1/ 295 وما بعدها)