الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
04 سارة: بنت علي بن عبد الكافي، سمعت من أبيها ومن زينب بنت الكمال (1)، وتزوجها أبو البقاء السبكي (2)، ولما مات رجعت إلى القاهرة، ثم عادت إلى دمشق فالقدس فالقاهرة، وحدَّثت وسمع منها الكثير منهم ابن حجر العسقلاني، توفيت رحمها الله في القاهرة سنة 805هـ، وقد جاوزت التسعين (3).
المبحث الثالث
نشأته وطلبه للعلم
في ظل هذه الأسرة وهذا البيت وُلِد ونَشَأ تاج الدين وتَرعرَعَ في كَنَف والده الذي رعاه رِعايةً خاصة منذ نعومة أظفاره، وقد كان لنشأة تاج الدين الأولى أكبرَ الأثر في صقل شخصيته العلمية وتوجيهها التوجيه العلمي الصحيح.
حيث كان والده الشيخ تقي الدين أوّلَ مُرّبِ ومُعلّمٍ لولده تاج الدين، ولا غرابة في ذلك إذ كان والده قِبلةً للعلماء وطلاب العلم في ذلك الوقت؛ لذا فقد وجّه ولدَه تاج الدين التوجيهَ العلميَّ الرصين والسليم.
فأقبل تاج الدين على العلم مبكراً؛ فحفظ القرآن صغيراً، وأخذ عن والده علوم العربية والعقيدة والفقه وأصوله، وغيرها من العلوم التي تَميَّز بها الشيخ تقي الدين (4).
وقد كان لتوجيهات والده أكبر الأثر في تَميُّزه ونبوغه المبكر، فقد كان دائماً ما يُحرّضه على العلم وطلبه، ويُحذّره من الكسل أو التواني فيه، وها هو التاج يُحدّثُنا عن بعض هذه التوجيهات والنصائح فيقول:
((وكان ينهانا عن نوم النصف الثاني من الليل، ويقول لي: يا بني تعود السهر ولو أنّك تلعب، والويل كل الويل لمن يراه نائماً وقد انتصف الليل)) (5).
وهكذا ظل التاج يَنهَلُ العِلمَ من والده ومن غيره من علماء عصره، وطلب بنفسه واشتغل وبَرعَ وحَدّث وأفتى ودرّس؛ حتى فاق كل أقرانه وبَزغَ نَجمُه في حياة والده (6).
المطلب الأول: شيوخه
لم يكن الشيخ تقي الدين هو المعلم الوحيد لولده بل قد زَجّ به والده مبكراً في أحضان العلماء ليَنْهلَ من علومهم ويكتسبَ من معارفهم ما يقوي به شخصيته ويُنمّي فكره وثقافته، حيث تتلمذ على مشايخ وجهابذة العلم في زمانه، ففي مصر حيث نشأة التاج الأولى وبدايته العلمية أخذ العلم على يحيى
(1) ستأتي ترجمتها في شيوخ التاج السبكي ص 27 من هذه الرسالة
(2)
هو الإمام العلامة قاضي القضاة بقية الأعلام صدر مصر والشام بهاء الدين أبو البقاء محمد بن عبد البر بن يحيى بن علي بن تمام بن يوسف السبكي وهو ابن ابن عم تقي الدين السبكي، كان إماما نظارا جامعا لعلوم شتى، توفي سنة 777هـ، من مصنفاته: قطعة من اختصار المطلب وقطعة من شرح الحاوي. ابن شهبة، طبقات الشافعية (3/ 171)
(3)
ترجمتها في ابن حجر، ذيل الدرر ص 129، السخاوي، الضوء اللامع (12/ 551)، ابن العماد، شذرات الذهب (7/ 175)
(4)
انظر التاج السبكي، طبقات الشافعية (10/ 199)، ابن شهبة، طبقات الشافعية (3/ 140)
(5)
انظر التاج السبكي، طبقات الشافعية (10/ 203)
(6)
انظر ابن رافع، الوفيات (2/ 363)، ابن العراقي، الذيل على العبر (2/ 304)
ابن يوسف المصري (1)، وعبد المحسن بن الصابوني (2)، والحافظ أبي الفتح بن سيد الناس (3)، وغيرهم (4).
ولما وَلِي أبوه قضاء الشام سنة 739 هـ (5)، قَدِم التاج دمشق مع والده، وهنالك سمع من جماعة من العلماء وأجازه العديد منهم وأذن له ابن النقيب بالإفتاء، ولما توفي ابن النقيب لم يكن عمر التاج إذ ذاك قد تجاوز الثامنة عشرة من عمره (6).
وسأعرض فيما يأتي لأهم شيوخه الذين تتلمذ عليهم (7):
01 الذهبي: الإمام الحافظ المؤرخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، المتوفى سنة 746 هـ (8).
قال عنه تلميذه التاج السبكي: ((شيخنا وأستاذنا الإمام الحافظ، مُحدّث العصر
…
بَصَرٌ لا نظير له، وكنز هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمام الوجود حفظاً، وذَهَبُ العصر معنى ولفظاً، وشيخ الجرح والتعديل والحديث، ورجل الرجال في كل سبيل)) (9)، وقد أخذ عنه التاج علم التاريخ والجرح والتعديل والحديث ومعرفة أحوال الرجال.
ويعدّ الذهبي أستاذه الأول في كل ذلك حيث يقول التاج: ((وهو الذي خَرّجَنا في هذه الصناعة وأدخلنا في عداد الجماعة)) (10) اهـ
02 المِزِّي: الإمام الحافظ أبو الحجاج يوسف بن الزَّكي بن عبد الرحمن القُضاعي الدمشقي جمال الدين المزي المتوفى سنة 742 هـ (11).
(1) هو الإمام العلامة المسند شرف الدين يحيى بن يوسف بن أبي محمد بن أبي الفتوح المقدسي المعروف بابن المصري، توفي سنة 737هـ، انظر ترجمته في: ابن حبيب، تذكرة النبيه (2/ 287)
(2)
هو الإمام الحافظ المسند أمين الدين أبو الفضل عبد المحسن بن شهاب الدين أبو المعالي أحمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن الصابوني المصري، توفي سنة 736هـ، انظر: ابن حبيب، تذكرة النبيه، (2/ 275)
(3)
هو الإمام الحافظ الأديب فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن سيد الناس، توفي سنة 734هـ، من مصنفاته: عيون الأثر في المغازي والسير، شرح على الترمذي. انظر: التاج السبكي، طبقات الشافعية (9/ 368)
(4)
انظر ابن حجر، الدرر الكامنة (2/ 425)، ابن رافع، الوفيات (2/ 363)، ابن شهبة، تاريخ ابن شهبة (3/ 372)
(5)
ابن حجر، الدرر الكامنة (2/ 426)، ابن شهبة، طبقات الشافعية (3/ 140)
(6)
انظر المصادر السابقة
(7)
المصادر السابقة، الصفدي، الوافي (19/ 315)، النعيمي، الدارس (1/ 37)، ابن تغري بردي، المنهل الصافي (7/ 385)
(8)
ترجمته في الصفدي، أعيان العصر (4/ 288 - 296)، الكتبي، فوات الوفيات (2/ 305 - 306)، التاج السبكي، طبقات الشافعية
…
(9/ 100 - 123)
(9)
انظر التاج السبكي، طبقات الشافعية (9/ 100)
(10)
انظر التاج السبكي، طبقات الشافعية (9/ 101)
(11)
ابن كثير، البداية والنهاية (14/ 614)، الحسيني، الذيل على العبر (4/ 126 - 127)، التاج السبكي، طبقات الشافعية
…
(10/ 395 - 430)