المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مناقشة دراز والخضري في دعواهما: - منهج الإمام تاج الدين السبكي في أصول الفقه

[أحمد إبراهيم حسن الحسنات]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأولتاج الدين السبكيحياته - علومه - مؤلفاته

- ‌المبحث الأولعصر الإمام تاج الدين السبكي

- ‌المطلب الأول: الحياة السياسية

- ‌موقف التاج السبكي من الوضع السياسي

- ‌المطلب الثاني: الحياة الاجتماعية

- ‌موقف الإمام تاج الدين السبكي من الوضع الاجتماعي في عصره:

- ‌المطلب الثالث: الحياة العلمية

- ‌المبحث الثانياسمه، نسبه، أسرته

- ‌المطلب الأول: ذِكْر مصادر ترجمته:

- ‌المطلب الثاني: اسمه ونسبه

- ‌المطلب الثالث: مولده:

- ‌المطلب الرابع: أسرته

- ‌والده:

- ‌إخوته:

- ‌شقيقاته:

- ‌المبحث الثالثنشأته وطلبه للعلم

- ‌المطلب الأول: شيوخه

- ‌المطلب الثاني: تلاميذه

- ‌المبحث الرابععلومه

- ‌المبحث الخامسآثاره ومصنفاته

- ‌أولاً: مصنفاته في الحديث الشريف وعددها تسعة مصنفات [9]

- ‌ثانياً: مصنفاته في العقائد وعلم الكلام، وعددها أربعة [4]:

- ‌ثالثاً: مصنفاته في أصول الفقه وعددها ثمانية مصنفات [8]:

- ‌رابعاً: مصنفاته في الأشباه والنظائر وعددها أربعة مصنفات [4]:

- ‌خامساً: مصنفاته في الفقه، وعددها أحد عشر مصنفاً [11]:

- ‌سادساً: مصنفاته في التاريخ والتراجم، وعددها ستة مصنفات [6]:

- ‌سابعاً: مصنفات في أمور مختلفة وعددها ثلاثة عشر مصنفا [13]

- ‌ثامناً: كتب نسبت للتاج السبكي خطأً وعددها أربعة مصنفات [4]:

- ‌المبحث السادسمكانته العلمية والمناصب التي تولاها

- ‌أولاً المناصب التعليمية:

- ‌ثانياً المناصب الإدارية والقضائية:

- ‌محنته التي واجهها في القضاء:

- ‌أسباب هذه المحنة:

- ‌المبحث السابععقيدته وتصوفه

- ‌دفاعه عن أئمة الأشاعرة:

- ‌تصوفه وموقفه من الصوفية:

- ‌المبحث الثامنمظاهر من شخصيته

- ‌1 - قيامه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

- ‌2 - احترامه لأهل العلم:

- ‌3 - اتباعه للحق وإنصافه لخصومه:

- ‌4 - نبذه للتعصب المذهبي:

- ‌5 - اعتداده بنفسه وبمؤلفاته:

- ‌6 - صبره وتحمله الأذى:

- ‌المبحث التاسعوفاته

- ‌الفصل الثانيمؤلفاته في أصول الفقه

- ‌المبحث الأولالإبهاج في شرح المنهاج

- ‌المطلب الأول: التعريف بمنهاج الوصول

- ‌المطلب الثاني: أهمية شرح ابن السبكي للمنهاج ومميزاته

- ‌ملاحظات على ((الإبهاج))

- ‌المطلب الثالث: مصادر التاج السبكي في كتابه ((الإبهاج))

- ‌أولاً: المصادر الأصولية:

- ‌ثانياً: المصادر الفقهية

- ‌ثالثاً: المصادر الحديثية

- ‌رابعاً: المصادر اللغوية

- ‌المطلب الرابع: مقارنة بين شرح ابن السبكي وشرح الجزري للمنهاج

- ‌كلمة أخيرة

- ‌المبحث الثانيرفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب

- ‌المطلب الأول: التعريف ((بمختصر ابن الحاجب)):

- ‌المطلب الثاني: أهمية شرح ابن السبكي للمختصر ومميزاته:

- ‌مميزات رفع الحاجب:

- ‌المطلب الثالث: مصادر التاج السبكي في شرح المختصر

- ‌أولاً: المصادر الأصولية:

- ‌ثانياً: المصادر الفقهية:

- ‌ثالثاً: المصادر الحديثية:

- ‌رابعاً: المصادر اللغوية:

- ‌المطلب الرابع: مقارنة بين شرح التاج السبكي لمختصر ابن الحاجب وشرح العضد الإيجي:

- ‌المبحث الثالثجمع الجوامع

- ‌سبب تسميته:

- ‌المطلب الأول: مناقشة الفكرة القائلة بأنّ ((جمع الجوامع)) من الكتب التي جمعت بين طريقتي الحنفية والمتكلمين:

- ‌المطلب الثاني: أهمية ((جمع الجوامع)) ومميزاته:

- ‌مميزات ((جمع الجوامع)):

- ‌مناقشة درّاز والخضري في دعواهما:

- ‌المطلب الثالث: مصادر التاج السبكي في ((جمع الجوامع)):

- ‌المطلب الرابع: المصنفات التي وضعت على ((جمع الجوامع)):

- ‌أولاً: شروح ((جمع الجوامع)) وحواشيه:

- ‌ثانياً: المصنفات التي وضعت على بعض مباحث أو مسائل ((جمع الجوامع)):

- ‌ثالثاً: الحواشي والتقريرات الموضوعة على بعض شروح ((جمع الجوامع)):

- ‌رابعاً: مختصرات ((جمع الجوامع)):

- ‌خامساً: منظومات ((جمع الجوامع)):

- ‌المطلب الخامس: مقارنة بين جمع الجوامع ومتن التنقيح في أصول الفقه لصدر الشريعة:

- ‌المبحث الرابعمنع الموانع عن جمع الجوامع

- ‌المطلب الأول: التعريف بالكتاب

- ‌سبب تأليف الكتاب:

- ‌ترتيب الكتاب:

- ‌المطلب الثاني: أهمية ((منع الموانع)) و‌‌مميزاته:

- ‌مميزاته:

- ‌المطلب الثالث: مصادر التاج السبكي في ((منع الموانع)):

- ‌الفصل الثالثمنهج الإمام تاج الدين السبكي الأصولي

- ‌المبحث الأولمنهجه في إيراد التعاريف

- ‌المحور الأول: إيراده التعاريف في شرحيه ((الإبهاج ورفع الحاجب)):

- ‌أولاً: إيراده للتعاريف اللغوية لبيان وجه المناسبة بينها وبين التعاريف الاصطلاحية:

- ‌ثانياً: إيراده لتعاريف المتن كما هي دون زيادة عليها وذلك لظهورها:

- ‌ثالثاً: بيانه لتعاريف المتن دون زيادة عليها سوى توضيح المراد منها مع بيان محترزات بعض قيودها:

- ‌رابعاً: الإشارة إلى التطور التاريخي للتعاريف:

- ‌خامساً: ذكره لتعاريف لم يذكرها الماتن:

- ‌سادساً: مناقشته للتعاريف:

- ‌المحور الثاني: منهجه في إيراد التعاريف في ((جمع الجوامع)):

- ‌أولاً: تعريف الشيء بذكر حده المنطقي:

- ‌ثانياً: التعريف عن طريق إيراد التقسيمات:

- ‌ثالثاً: تعريف الشيء عن طريق تعريف ما يقابله:

- ‌رابعاً: بدء المسألة بذكر التعريف وبناء المسألة على التعريف:

- ‌المبحث الثانيمنهجه في تحرير محل النزاع

- ‌أولاً: تحرير محل النزاع بنقله عن غيره من العلماء الذين حرروه سابقا:

- ‌ثانياً: تحرير محل النزاع أول المسألة:

- ‌ثالثاً: تحرير محل النزاع في نهاية المسألة:

- ‌المبحث الثالثمنهجه في عرض الأقوال

- ‌المحور الأول: منهجه في شروح ((المنهاج)) و (المختصر)):

- ‌أولاً: التصريح بأصحاب الأقوال التي وردت في المتن مطلقة:

- ‌ثانياً: التنبيه على التطور التاريخي للآراء والأقوال:

- ‌ثالثاً: الدقة في نسبة الآراء والأقوال:

- ‌المحور الثاني: منهجه في ((جمع الجوامع)):

- ‌أولاً: أنه غالبا ما يبدأ المسألة بذكر الرأي الراجح لديه إن لم يصرح بخلافه:

- ‌ثانياً: التصريح بذكر أرباب الأقوال وعدمه:

- ‌ثالثاً: ترتيب أصحاب الأقوال - حيث صرَّح بهم - حسب الأقدمية لبيان التطور التاريخي لها:

- ‌رابعاً: الإشارة إلى وجود الخلاف، وإلى ضعف بعض الأقوال:

- ‌خامساً: اختزال الأقوال:

- ‌سادساً: الاقتصار على ذكر الأقوال الصحيحة فقط دون الضعيفة:

- ‌المبحث الرابعمنهجه في مناقشة الأقوال والردود على المخالفين

- ‌المحور الأول: منهجه في مناقشة الأقوال والردود على المخالفين في شرحيه على ((المنهاج)) و ((المختصر)):

- ‌أولاً: الإشارة إلى وجود مناقشة أو اعتراض على القول أو الدليل المذكورين:

- ‌ثانياً: ذكر ردود ومناقشات منقولة عن غيره:

- ‌ثالثاً: بيان ردوده رأسا:

- ‌رابعاً: إيراده للأسئلة المقدرة والمفترضة والإجابة عليها:

- ‌خامساً: ذكره لمباحثات لا زالت في محل البحث:

- ‌سادساً: ردُّ دعاوى الإجماع والاتفاق:

- ‌سابعاً: التنبيه على خطأ أو وهم وقع فيه السابقون:

- ‌ثامناً: تنوع أساليب المناقشات والردود:

- ‌المحور الثاني: منهجه في المناقشات والردود في ((منع الموانع)):

- ‌أولاً: إذا كان الإيراد يحتاج إلى رد غير مذكور في مصنَّفاته الأخرى فإنه يرده بتوسع:

- ‌ثانياً: إذا كان الإيراد قد تعرض له في مصنفاته الأخرى فإنه يرده إجمالا ويحيل القارئ إلى مصنفه الذي بينه فيه بتوسع:

- ‌ثالثاً: الرد بتوضيح المسألة وتوجيهها على وجه لا اعتراض عليه:

- ‌المبحث الخامسمنهجه في النقل عن غيره من العلماء

- ‌أولاً: النقل الصريح عن المصدر الأصلي:

- ‌ثانياً: النقل غير المباشر [عن غير القائل الأصلي]:

- ‌ثالثاً: توجيه كلام العلماء وحمله على محمل حسن:

- ‌المبحث السادسذكر الأدلة والشواهد

- ‌أولاً: ذكر الأدلة والشواهد من القرآن ثم السنة ثم كلام العرب في شرحيه على ((المنهاج)) و ((المختصر)):

- ‌ثانياً: ذكر الأدلة والشواهد في ((جمع الجوامع)):

- ‌المبحث السابعمنهجه في ذكر الفروع الفقهية

- ‌المبحث الثامنمنهجه في تخريج الأحاديث

- ‌أولاً: من الشواهد الدالة على اكتفائه بنسبة الحديث إلى مخرجيه:

- ‌ثانياً: من الشواهد الدالة على كلامه على الأحاديث صحة وضعفا:

- ‌ثالثاً: من الشواهد الدالة على كلامه على رجال بعض الأحاديث:

- ‌المبحث التاسعمنهجه في التعامل مع العلماء الذين تأثر بهم

- ‌أولاً: الإمام الشافعي:

- ‌1 - كثرة النقول التي يصرح بها باسمه

- ‌3 - الدفاع عن الإمام الشافعي وتأويلُ كلامه وحمله على محمل حسن:

- ‌ثانياً: إمام الحرمين الجويني:

- ‌1 - كثرة النقول التي يوردها التاج السبكي عن إمام الحرمين:

- ‌3 - تأويل كلامه وحمله على محمل حسن والاعتذار له عن بعض الأخطاء:

- ‌4 - الدفاع عنه ورد كل ما يوجه إليه من انتقادات:

- ‌5 - في ردوده على إمام الحرمين يأتي بعبارات لطيفة لا قَسوة فيها:

- ‌ثالثاً: الإمام الرازي:

- ‌رابعاً: والده الشيخ تقي الدين السبكي:

- ‌1 - في كثرة النقل عنه والإطالة فيها

- ‌3 - ذكره لآراء والده لتقوية آراء الآخرين بها

- ‌4 - مناقشته لوالده في بعض القضايا واختيار ما يخالفه:

- ‌المبحث العاشرتكاملية مصنفاته

- ‌الخاتمة

- ‌ملحق رقم (1)أهم اصطلاحات التاج السبكي في كتاباته

- ‌ملحق رقم (2)المواضع التي أطلق فيها التاج السبكي لقب ((الإمام)) وأراد به إمام الحرمين الجويني

- ‌قائمة المصادر والمراجع

الفصل: ‌مناقشة دراز والخضري في دعواهما:

ثالثها: ما لا سبب له إلا مجرد مخالفتهما لما قاله ابن الحاجب والعضد، أو أحدهما، قال ابن قاسم:

((وهذا القسم كما لا يخفى على إنسان من البطلان بمكان؛ إذ مخالفة ما قاله ابن الحاجب والعضد؛ لم يرد نقل بامتناعها، ولا قام عقل مستقيم على منعها أو عدم استحسانها؛ فإن ادعوا امتناعها لذاتها فهو هذيان غني عن البيان، أو لأنّهما أعلم؛ منعناه بالنسبة للمصنف في هذا الفن)) (1).

وبمثل ما قال ابن قاسم يُردّ على الشيخ عبد الله درّاز، والشيخ محمد الخضري، حيث ادّعى الأول أنّ ((جمع الجوامع)) بالمقارنة مع غيره من متون الأصول فهو أقلها غناءً وأكثرها عناءً فقال في معرض بيان سبب عدم انتشار كتاب الموافقات للشاطبي فترة طويلة من الزمن:((إنّه لا يلزم من الشهرة وعدمها فضلٌ ولا نقص، فالكتب عندنا كالرجال فكم من فاضلٍ اسْتَتر، وعاطل ظَهَر، ويكفيك تنبيهاً على فساد هذه النظرية ما هو مشاهد؛ فهذا كتاب ((جمع الجوامع)) بشرح المحلي بَقِيَ قروناً طويلة هو كتاب الأصول الوحيد الذي يُدرَّس في الأزهر، ومعاهد العلم بالديار المصرية مع وجود مثل ((الإحكام)) للآمدي، وكتابَيْ ((المنتهى)) و ((المختصر)) لابن الحاجب، و ((التحرير))

و ((المنهاج))، و ((مسلّم الثبوت))، وغيرها من الكتب المؤلفة في نفس القسم الذي اشتمل عليه ((جمع الجوامع)). . . [إلى أن قال] ولا يختلف اثنان في أنّ ((جمع الجوامع)) أقلها غناءً وأكثرها عناءً)) (2)

في حين ادّعى الثاني - محمد الخضري -: أنّ ((جمع الجوامع)) لا يُفيدُ قارئاً ولا سامعاً فقال في عبارة قاسية: ((أما ((جمع الجوامع)) فهو عبارة عن جمع الأقاويل المختلفة بعبارة لا تفيد قارئاً ولا سامعاً، وهو مع ذلك خُلْوٌ من الاستدلال على ما يُقرِّره من القواعد)) (3).

‌مناقشة درّاز والخضري في دعواهما:

قلت: هذه دعوى مجردة عن الدليل والبرهان ولي عليها بعض الملاحظات:

الأولى: أنّ عدداً كبيراً من العلماء الأجلاء قد أثنوا على ((جمع الجوامع)) واعتبروه من أهم المتون في أصول الفقه، ومنهم الإمام السيوطي حيث يقول موضحاً سبب نظمه ((لجمع الجوامع)):((والباعث على ذلك أنّي لم أجد من سبقني إلى نظمه مع نظمهم ((مختصر)) ابن الحاجب و ((منهاج)) البيضاوي، وهذا الكتاب أولى بذلك إذ لم يؤلف قبله ولا بعده مثله، لما انطوى عليه من العلم الكثير، واللفظ الوجيز، والتحقيقات البديعة، والنكت المنيعة)) (4).

فإذا كان الإمام السيوطي - وهو من هو - يرى ذلك في ((جمع الجوامع)) فهل يحق للشيخ درّاز والخضري - مع كل التقدير والاحترام لهما - أن يقولا ما قالاه.

(1) المصدر السابق

(2)

عبد الله دراز، مقدمة كتاب الموافقات للشاطبي (1/ 9)

(3)

محمد الخضري، أصول الفقه ص 12

(4)

السيوطي، شرح الكوكب الساطع (1/ 36)

ص: 101

ويقول الشيخ أبو بكر بن عبد الرحمن صاحب كتاب ((الترياق النافع بإيضاح وتكميل جمع الجوامع)): ((كتاب ((جمع الجوامع)) للعلامة تاج الدين السبكي رحمه الله في أصول الفقه والدين؛ كتاب أجمع فحول صيارفة التحقيق على بلوغه في الاختصار الدرجة التي لا ترام، واتفق عدول سماسرة التدقيق على أنّه من الجمع والتهذيب بأرفع مقام)) (1).

وأضيف قائلاً: إن كان ((جمع الجوامع)) قليل الفائدة فهل يعقل أنّ أمثال الجلال المحلي (2)،

والزركشي (3)، والعراقي (4)، وابن جماعة، وشيخ الإسلام زكريا المتوفى سنة 926هـ، وعدد كبير من فحول العلماء (5) يُضيّعون أوقاتهم بشرح متن لا فائدة منه؟!

الثانية: أنّ الشيخ درّاز قد اعترف أنّ ((جمع الجوامع)) كان هو الكتاب المعتمد للتدريس لعدّة قرون خلت، وأنّه الكتاب المقرّر للدراسة في الأزهر، ومعلوم أنّ كبار العلماء قد تخرّجوا من الأزهر،

والقائمين عليه هم من أكابر العلماء، فهل يُعقل أن يُقرّروا كتاباً للتدريس قليل الفائدة عديمَ الجدوى؟! لا أظن أنّ هذا مما يختلف عليه اثنان!

الثالثة: أنّ ((جمع الجوامع)) منذ ظهوره قد أكبَّ العلماء على درسه وتدريسه، بل وحتى حفظه فلم يتخرج أي عالم إلا بعد قراءته ((جمع الجوامع))، وكان العلماء يوصون تلامذتهم بقراءة ((جمع الجوامع)) في بداية تحصيلهم، فهل هم من السذاجة بمكان حتى يوصوا بقراءة كتاب لا يفيد سامعاً ولا قارئاَ؟!

(1) نقلاً عن مقدمة الكوكب الساطع للدكتور محمد إبراهيم الحفناوي (1/ 13)

(2)

هو الإمام العلامة جلال الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم المحلي الشافعي، تفتازاني العرب، الفقيه الأصولي المشهور، توفي سنة 864هـ، من مصنفاته: شرح الورقات، شرح المنهاج. انظر: ابن العماد، شذرات الذهب (7/ 442)

(3)

هو الإمام العالم العلامة المصنف المحرر أبو عبد الله بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله المصري الزركشي الشافعي، توفي سنة 794هـ، من مصنفاته: البحر المحيط في أصول الفقه، وتكملة شرح المنهاج للإسنوي. انظر: ابن شهبه، طبقات الشافعية (3/ 227)

(4)

هو الإمام العلامة الحافظ الفقيه المصنف قاضي القضاة ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي المصري الشافعي، توفي سنة 826هـ، من مصنفاته: شرح البهجة، والتوشيح. أنظر ترجمته في: ابن شهبة، طبقات الشافعية (4/ 103)

(5)

انظر العلماء الذين شرحوا ((جمع الجوامع)) واهتموا به في المبحث القادم

ص: 102

الرابعة: ما قاله الشيخ الخضري من أنّ ((جمع الجوامع)) عبارة عن جمع الأقوال المختلفة بعبارة لا تفيد قارئاً ولا سامعاً؛ منقوضة بأنّ التاج السبكي قد وضّح أنّه أراد جمع الأقوال في كتاب واحد وقد رتبها ترتيباً علمياً لبيان تطور الأقوال أولاً أو غرابة قول ثانياً، أو مخالفة قول ثالثا ً، أو وقوع غلط فيه رابعا، ومن يُنعِم النظر في ترتيب التاج السبكي للأقوال يقضي بأنّ جمعه الأقوال وترتيبها لم يأتي عبثاً وإنّما كان لغاية وهدف كما بيّنتُهُ، وفي ذلك يقول التاج السبكي:((ولو أنّ الفَطِنَ تأمَّل صنيعي في هذا المجموع الصغير الذي سميته ((جمع الجوامع)) وجعلت اسمه عنواناً على معناه، وترتيبي الأقوال وقائليها والمسائل وفروعها والقائلين وتعديدَهم، واطَّلع على مغزايَ في ذلك لقضى العجب العجاب وعلم كيف أَمَطْنا القشر عن اللباب)) (1).

الخامسة: وأما الاعتراض بكون ((جمع الجوامع)) يخلو من الأدلة؛ فأمر عجيب ذلك أنّ هذا المتن شأنه الاختصار، فلو أكثر فيه من ذكر الأدلة لخرج عن حد الاختصار، ثمّ إنّ التاج السبكي إنّما أراد في هذا المتن وضع زُبدة علم الأصول بعد ما تقرّرت لديه، وأما الأدلة فقد ذكر التاج أدلة هذه المسائل كلها في كتبه الأخرى وبخاصة ((رفع الحاجب))، ولم يُرِد إعادتها في هذا المتن، ثمّ إنّ التاج قد بيّن لنا منهجه في ذلك واضحاً حيث يقول:((فربما ذكرنا الأدلة في بعض الأحايين، إما لكونها مقرّرة في مشاهير الكتب على وجه لا يَبين أو لغرابة أو غير ذلك مما يستخرجه النظر المتين)) (2).

ومن ثمّ فإنّي أقول: إنّ أمثال هذه المتون لا يعيبها عدم ذكر الأدلة، إذ أنّ ذكر الدليل إنّما هو لوظيفة الشارح ألصَقُ منه للماتن.

وبعد: فقد لاحَ بما ذكرتُهُ وَجهُ سقوط الدعوى المذكورة، وبقيَ ((جمع الجوامع)) سليماً عن هذه الاعتراضات، غنياً بالمعلومات يوفّر لطالب العلم الكثير من الوقت والجهد، وأما سبب صعوبته على الكثيرين فهو بسبب ضعف الهمم وقصور الفهم والابتعاد عن العلوم التي من شأنها أن تذلِّلَ هذه الصعاب، وعلى رأسها علم الكلام والمنطق اللذان يعينان كثيراً على عملية الفهم وكيفية التفكير السليم، وكذا علوم العربية وعلى رأسها علم البلاغة والنحو، فمن كانت لديه معرفة بهذه العلوم لا أظنه يَستصعبُ شيئاً من المتون العلمية المتقدمة من أمثال ((جمع الجوامع)) والله الموفق للصواب.

(1) التاج السبكي، منع الموانع ص 369، وسيأتي مزيد بحث لهذه القضية في المنهج العام فانظره هناك

(2)

التاج السبكي، جمع الجوامع ص 203

ص: 103