الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها قوله في مسألة المخطئ في الاجتهاد بياناً لقوله في ((جمع الجوامع)) ((وحيث قصَّر يأثم وفاقاً)) (1) قال: ((فإشارة إلى أنّ من قصّر يأثم سواء في ذات القطع أو غيرها، وعبارة ابن الحاجب مخطئ آثم (2)، ونحن حذفنا لفظ مخطئ لأنّه إن أراد مخطئ في الحكم، فلسنا على يقين من ذلك؛ إذ يحتمل أنّه أخطأ وأنّه أصاب، ولكنّه يأثم لتقصيره، وقد يكون مع ذلك أصاب كواجد دفينٍ، وإن أراد مخطئ في نفس الاجتهاد، فهذا لا حديث فيه، فقد لاح بشرح هذه المسئلة وجه عدولنا عن ألفاظ غيرنا)) (3).
2 -
بيان منهجه في ((جمع الجوامع)): بيّنَ التاج السبكي في ثنايا هذا الكتاب المنهج الذي اتبعه في تصنيفه ((لجمع الجوامع)).
فمن ذلك قوله: ((ونحن أبداً نشير بلفظ لو إلى خلاف؛ فإن قوي أو تحقق صرّحنا به؛ وإلا اكتفينا بهذه الإشارة فاعرف ذلك)) (4).
3 -
ذكره أموراً لم يذكرها في كتبه الأخرى: مما تميز به التاج السبكي أنّه كان يضيف في هذا الكتاب أموراً ومباحث لم يتعرّض لها في كتبه الأخرى.
فمن ذلك قوله - بعد بيان أنّ انتفاء المعارضة في الفرع لا يقدح في العلّة -: ((وأنا أرى أن أذكر أمثلة ما يقتضي نقيض الحكم، وضده، وخلافه؛ فإنّي لم أذكر ذلك في ((شرح المختصر)))) (5)، ثمّ ذكر أمثلة على النقيض والضد والخلاف فجاءت في أربع صفحات من الكتاب من صفحة 385 - 389.
4 -
التنبيه على مسائل لم يذكرها غيره: إنّ التاج السبكي ذو شخصية أصولية مستقلة، لذا وجدته كثير الاستدراك على السابقين، وله اجتهادات يخالف فيها غيره مما انفرد هو به، وقد كان في مصنفاته عامة يبين ذلك، ومن هذه المصنفات ((منع الموانع))؛ فقد بين في غير موضع بعض المسائل التي انفرد بها.
ومن ذلك قوله في بيان معنى المعارضة: ((وهو تَحقِيقٌ وفَهْمٌ حَسَنٌ عن الأولين، لم يذكره غيري، وقد حَرّرته في شرح ((المختصر))، وبيّنتُ أنّ المعارضة تُطلَق ويُراد بها معنيان: مُعارِض منافٍ، ومُعارِض لا ينافي)) (6).
هذه أهم الميزات التي امتاز بها التاج السبكي في ((منع الموانع))، وأنت ترى أنّ أكثرها له تعلُّق ((بجمع الجوامع))، وذلك لأنّ هذا الكتاب يعدّ كالشرح له.
لذا فإنّه لا بد لدارس كتاب ((جمع الجوامع)) أن يستعين ((بمنع الموانع)) إذ هو كالمكمل له
…
والمبين لكثير من مجمله وما أُشكل فهمه، فلا يُقرأ ((جمع الجوامع)) إلا مع ((منع الموانع))؛ وبذلك تحصل الفائدة المرجوة، والله تعالى أعلم.
المطلب الثالث: مصادر التاج السبكي في ((منع الموانع)):
لم يكثر التاج السبكي في هذا الكتاب من النقول عن الآخرين والعلماء السابقين، فكانت مصادره في هذا الكتاب قليلة نسبياً بالمقارنة مع كتبه الأخرى.
(1) المصدر السابق ص 490، وهكذا وردت العبارة في منع الموانع، وأما في جمع الجوامع ص 194 فهي ((ومتى قصر مجتهد أثم وفاقا)) ولعلها من اختلاف النساخ
(2)
ابن الحاجب، مختصر المنتهى (4/ 546)
(3)
انظر: التاج السبكي، منع الموانع ص 491
(4)
المصدر السابق ص 92
(5)
انظر: التاج السبكي، منع الموانع ص 384
(6)
المصدر السابق ص 381
وهذا أمر طبيعي جداً؛ ذلك أنّ هذا الكتاب إنّما هو لبيان وردّ الإشكالات الواردة على ((جمع الجوامع)) والتي جاءت بسبب المنهج الخاص الذي اتبعه التاج في هذا ((المختصر))، وبسبب اختياراته التي انفرد بها فيه، فالاعتراضات إنّما جاءت على ذلك فلا بد أن يردّها بكلامه هو لبيان وجهة نظره هو، وهذا يستدعي عدم الإكثار من النقول.
وسأعرض فيما يأتي إلى أهم مصادره مرتبة ترتيباً تنازلياً بحسب عدد النقول:
1 -
والده الشيخ تقي الدين: يأتي والده الشيخ تقي الدين في المرتبة الأولى في النقل في هذا الكتاب، حيث بلغ عدد النقول عنه حوالي اثنان وعشرون مرة (22).
والسبب في ذلك يعود إلى أنّ التاج السبكي قد أودع في ((جمع الجوامع)) العديد من آراء والده التي لا تجدها عند غيره، لذا كان لا بد من الرجوع إليه لبيان هذه الآراء من كلامه نفسه، كما أنّ التاج السبكي قد استفاد كثيراً من اختياراته وأسلوبه من والده؛ ذلك أنّه كان كثيراً ما يسأل والده عن بعض العبارات الأصولية والإشكالات التي كان يوردها التاج السبكي على والده، وللشيخ تقي الدين مصنف في الأصول أجاب به عن أسئلة ولده التاج فكان التاج ينقل من هذا المصنف الكثير. والله أعلم.
2 -
الشافعي: حيث ذكره في حوالي إثنا عشر موضعاً (12).
3 -
ابن الحاجب: بلغ عدد النقول عن ابن الحاجب حوالي اثنا عشر موضعاً (12)، وقد بينت سابقاً أنّ التاج السبكي متأثر بابن الحاجب في كتابه ((جمع الجوامع)) وأنّ كثيراً من عبارات ((جمع الجوامع)) هي ذاتها عبارات ابن الحاجب، أو فيها تغيير يسير، لذا أكثر التاج السبكي من النقل عن ابن الحاجب في هذا الكتاب لأمرين:
الأول:- بسبب تأثره به في العبارات.
الثاني:- لعقد المقارنات بين عباراته وعبارات ابن الحاجب والله أعلم.
4 -
الإمام الرازي: بلغ عدد النقول عن الرازي حوالي تسعة مواضع (9).
5 -
إمام الحرمين: حيث نقل عنه في حوالي تسعة مواضع أيضاً (9).
6 -
الغزالي: وقد صرّح باسمه في حوالي ستة مواضع (6).
7 -
الباقلاني: وقد نقل عنه في حوالي أربعة مواضع أيضاً (4).
8 -
أبو اسحق الشيرازي: وقد صرّح بالنقل عنه في حوالي ثلاثة مواضع (3).
9 -
الآمدي: وقد صرّح بالنقل عنه في حوالي ثلاثة مواضع أيضاً (3).
10 -
ابن مالك: وقد صرّح بالنقل عنه في حوالي ثلاثة مواضع أيضاً (3).
هذه أهم المصادر التي اعتمد عليها التاج السبكي، ولا يَضِير هذا الكتاب قَلّة المصادر المصرّح بها لما بيّنته سابقاً، ولأنّه ينبغي أن يُضاف إليها المصادر التي استمد منها كتابه ((جمع الجوامع)) والمصادر التي تَكوّنَتْ بها شخصيته الأصولية المستقلة.