المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الصوفية أكبر من روج للسحر والدجل - منهج الدميري في كتابه حياة الحيوان

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌أما قبل

- ‌ثقافةُ كُلِّ أمَّةٍ مُستمَدَّةٌ من دِينَها»

- ‌«اختراع الخُراع

- ‌«التقليد والتبعية

- ‌ نهاية المقدمة

- ‌1) حياته الشخصية:

- ‌اسمه:

- ‌أسرته:

- ‌وفاته:

- ‌2) حياته العلمية:

- ‌أبرز شيوخه:

- ‌أبرز تلاميذه:

- ‌مكانته العلمية، وثناءُ الأئمة عليه:

- ‌مؤلفاته:

- ‌عقيدته:

- ‌مذهبه الفقهي:

- ‌ التعريف بالكتاب:

- ‌اسم الكتاب:

- ‌سبب التأليف:

- ‌مضمون الكتاب:

- ‌ثناء العلماء على الكتاب:

- ‌عدد المفردات التي تكلَّم عنها في الكتاب:

- ‌عدد مصادره:

- ‌ترتيبه:

- ‌من المخالفات النادرة في الترتيب:

- ‌التعريف بالحيوان:

- ‌الآيات القرآنية

- ‌الأحاديث المرفوعة والموقوفة

- ‌المسائل الحديثية في الكتاب

- ‌ طريقة إيراده للحديث

- ‌ طريقة تخريجه للحديث

- ‌من الملاحظات على المؤلف في تخريجه:

- ‌من أوهامه في التخريج:

- ‌ذكره الأخبار والقصص:

- ‌الشعر

- ‌الاستطرادات

- ‌العناوين الجانبية

- ‌الخواص الطبية

- ‌الصوفية أكبر من روَّج للسِّحْرِ والدَّجَل

- ‌تأويل الرؤى

- ‌ الوزغ في الرؤيا: رجلٌ معتزلي، يأمر بالمنكر، وينهى عن المعروف

- ‌نموذج من الكتاب:

- ‌الكتاب بحاجة إلى إعادة تحقيق

- ‌ الدراسات حول الكتاب

- ‌الخاتمة، والتوصيات

- ‌خلاصة الرأي في الكتاب:

الفصل: ‌الصوفية أكبر من روج للسحر والدجل

المؤلف». (1)

وأما الأذكار والرقى البدعية، فسيأتي الإشارة إليها، وهي مُتَفرِّعَةٌ مِنْ تَصَوُّفِهِ.

بقيت الخزعبلات، والمحرمات، والطلاسم.

‌الصوفية أكبر من روَّج للسِّحْرِ والدَّجَل

(2)، انظر مثلاً «شمس المعارف الكبرى» (3) لأحمد بن علي بن يوسف، أبو العباس البوني المغربي الصوفي (ت 622 هـ)(4)

وله كتاب آخر سماه «لطائف الإشارات في أسرار الحروف العلويات» ، نقل بعض خزعبلاته وطلاسمه النويري (ت 733 هـ) في

«نهاية الأرب في فنون الأدب» (5)(12/ 225).

(1) ينظر (ص 87، 93) من هذا البحث.

(2)

ينظر: «كتب حذر منها العلماء» للشيخ: مشهور سلمان (1/ 99).

(3)

ينظر في بيان وصف الكتاب والتحذير منه: «كتب حذر منها العلماء» للشيخ: مشهور سلمان (1/ 124). وقد نقل نماذج من الطلاسم والسحر الوارد فيه.

(4)

ينظر في ترجمته: «هدية العارفين» (1/ 90)، و «الأعلام للزركلي (1/ 174).

(5)

ينظر حول هذا الكتاب: «كتب حذر منها العلماء» للشيخ: مشهور سلمان (2/ 49).

ص: 193

2) الكتاب نَشَرَهُ مُؤلِّفُه ثلاث مرات، وقيل: مرتين (1): نُسخةٌ صغرى، ووسطى، وكبرى، في الثانية أو الثالثة إضافة:«تأويل الرؤى» ،

«والتاريخ» . (2)

3) الكتاب كما قال المقريزي رحمه الله: (اشتُهِرَ، وكُتِبَ منه نُسَخٌ كثيرةٌ جِدَّاً). (3)

4) مع تعدُّدِ نشراته، وتَصوِّفِ مُؤلِّفِه، وكثرةِ نُسَخِهِ، حصل فيه إدخالاتٌ ليست من المؤلِّف.

قال السخاوي رحمه الله: (وله فيه زيادات لا توجد في جميع النسخ، وأتوهم أنَّ فيها ما هُو مدخولٌ لغيره، إن لم تكن جميعُها، لما فيها من المناكير، وقد جرَّدَها بعضُهم، بل اختصر الأصلَ التقيُّ الفاسي في سنة 22 (4)، ونبَّهَ على أشياء مُهمةٍ، يحتاجُ الأصلُ إليها). (5)

(1) كما سبق بيانه في (ص 103).

(2)

كما ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (1/ 696).

(3)

«درر العقود الفريدة» (3/ 436).

(4)

أي وثمانمئة.

(5)

«الضوء اللامع» (10/ 60).

ص: 194

لكن هذه الإدخالات التي ذكرها السخاوي ـ وهي مناكير ـ، هل أراد بها الخزعبلات والمحرمات الموجودة في أغلب «الخواص» ، وهي بالعشرات؟ أم هي الطلاسم والشعوذة وهي في ثمانية عشر موضعاً؟

في رأيي أن هذه الطلاسم لا يمكن أن تصدر من مسلمٍ عامي، فضلاً عن عالمٍ له بَاعٌ في العلوم الشرعية كالدميري رحمه الله صاحب «النجم الوهاج في شرح المنهاج» في فقه الشافعية، و «الديباجة على سنن ابن ماجه» ، والعناية الحديثية الظاهرة في كتابه «حياة الحيوان» ، خاصةً أن السِّمَةَ البارزة في «حياة الحيوان» توثيقُ العزوِ في النُّقُول، وتحديدُه أحياناً في بابٍ معيَّنٍ أو ترجمةٍ مُعينةٍ، مع الدِّقَة في ذلك ـ كما سبق بيانه ـ وأما في هذه الطلاسم: (نَقْلٌ من المحققين، وهُو سِرُّ مجرَّب نافع، قاله بعض المشايخ

).

وهذه ليست طريقة الدميري، إلا في موضعٍ واحد كما سبق في رقية العقرب نقلاً عن ابن الصلاح في «رحلته» . والرقية المذكورة لا يمكن أن

ص: 195

يقولها عاقلٌ مُسلمٌ فضلاً عن ابن الصلاح وينقلها الدميري عنه. (1)

ومما يدل على الإدخالات والإلحاقات في الكتاب، ما بيَّنه المحقق

ـ وفقه الله ـ في المواضع التالية:

(1/ 283 ـ 303 ـ 325 ـ 327) وكلُّهَا في موضع الاستطراد في ذكر التاريخ وتراجم الخلفاء.

وفي (1/ 336 إلى 348) الخلفاءُ بعد وفاة المؤلف الدميري.

وفي (1/ 331، 349 إلى 353) زياداتٌ تاريخية أيضاً.

وللمحقق ـ وفقه الله ـ زياداتٌ في متن الكتاب، يذكرُ بأنَّها لازمةٌ من مَصَادرِ الترجمة! (2)

والظاهر أن الخزعبلات، والمحرمات الواردة في «الخواص» من وضع المؤلف، وقد أشار إليها ابن قاضي شهبة، وابن حجر، في ثنائهما على

(1) كنت أتمنى الوقوف ـ ولم أستطع ـ على نُسخٍ متقَدِّمَةٍ للكتاب، كُتبت في حياة المؤلف؛ للنظر في الزيادات والإدخالات في مواضع هذه الطلاسم، وأما النسخ التي اعتمدها محقِّقُ الكتاب: إبراهيم صالح، فمتأخرة، كما سيأتي بيانه في الحديث عن طبعات الكتاب ومخطوطاته.

(2)

يُنظر: (1/ 296، 308، 310، 329)، وهذا التصرُّفُ ليس من أُصُولِ التَّحقِيق.

ص: 196

الكتاب ـ كما سبق ـ؛ ولأنه ـ أيضاً ـ قد التزمها عنواناً في كتابه، وهي على أسلوبه في النقل والعزو، ولو كانت مدخلة ـ وهي كثيرة جداً ـ لنَبَّهَ عليها العلماءُ ممَّنْ ترجمَ له وتحدَّثَ عن كتابه، كابن حجر العسقلاني

(ت 852 هـ)، والمقريزي، والفاسي، وابن قاضي شهبه، وهم ممن عاصر الدميري.

ومما يَدُلُّ على أنَّ الخواص من وضع الدميري: ما أفاده ابن حجر الهيتمي المكي الصوفي رحمه الله (ت 974 هـ): في جوابه عن الاسترقاء بالحروف المجهولة، قال في أثنائه: (مجرَّدُ ذِكرِ إمامٍ لها لايقتضي أنه عَرَفَ معناها، فكثيراً من أحوال أرباب هذه التصانيف يذكرون ما وجدوه من غيرِ فَحصٍ عن معناه، ولاتجربةٍ لمبناه، وإنما يذكرونه على جهة أن مُستعْمِلَه ربَّما انتفع به، ولذلك تجدُ في أوراد الإمام اليافعي أشياءَ كثيرةً لها منافع وخواص، لا يجدُ مستعملها منها شيئاً، وإن تزكّتْ أعمالُه وصفتْ سَريرتُه، فعلمنا أنه لم يضع جميعَ ما فيه عن تجرِبَةٍ، بل ذكرَ فيه ماقيل فيه شئٌ من

ص: 197

المنافع والخواص، كما فعل الدميري في «حياة الحيوان» ، في ذكره لخواصها ومنافعها، ومع ذلك تجد المئة ما يصحُّ منها واحد). ا. هـ. (1)

ومما يدل ـ أيضاً ـ على أن الخواص من وضع المؤلف:

1) وجودها في كتاب «مختصر حياة الحيوان الكبرى» لعبدالجبار بن أحمد بن موسى الحسني الفجيجي (ت 901 هـ).

2) مخطوطة بعنوان: «جواهر المغاص في معرفة الخواص» لعبدالله بن علي بن النعمان الشقيري الضمدي اليماني (ت 1050 هـ) وقيل: (بعد 1068 هـ)(2) قال في أولها:

أما بعد، فهذه نبذة في الخواص جمعتها من كُتُبٍ عديدة، أولها كتاب «حياة الحيوان» للدميري

(3)

فإن قيل: إنما ذكر الدميري هذه المناكير في «الخواص الطبية» من باب جمع ما في الباب، خاصةً وأنه ذكر في الحكم الفقهي لبعض الحيوانات: حرمة الأكل.

(1)«الفتاوى الحديثية» لابن حجر الهيتمي (ص 86) سؤال (32).

(2)

«الأعلام» للزركلي (4/ 106)، «معجم المؤلفين» (2/ 264)، «مصادر الفكر الإسلامي في اليمن» لعبدالله الحبشي (ص 591).

(3)

استفدته من موقع «ملتقى أهل الحديث» على الشبكة العالمية.

ص: 198

فالجواب: ما فائدة المسلم من هذه الخزعبلات والخرافات الضارة في أكثرها؟ !

كقوله: الدهن بدم الحيض، وشرب النجاسات

وغير ذلك.

حتى العاقل غير المسلم لا يمكن أن يقبل بهذه الأمور، ثم إن المؤلف لم ينبِّه بحرف واحد على حرمة هذا الأمر، أو كذبه، أو ضرره.

مع أنَّ له تعَقُباتٍ على أقوالٍ لغوية، وأدبية، وتاريخية، وفقهية، وغيرها. (1)

وقد تبيَّن من قول الهيتمي السابق، أنَّ هذا المسلك من طرائق الصوفية، والصوفية في هذا الباب ينقلون عن قوم لاخلاق لهم من أهل الكفر: كابن سينا (2)، وجالينوس، وغيرهما، وقد صرح بالنقل منهم

(1) يُنظر مثلاً: (1/ 97، 109، 135 نقد القاضي عياض، لأنه أورد خبراً منكراً في

«الشفا» ، 138، 173، 357، 479، 503، 634)، (2/ 7، 16، 135، 156، 204، 365، 393، 426، 442، 529 و 530 ينقد خبراً منكراً)، (3/ 61، 73، 153، 190، 256، 425)، (4/ 140، 187، 200).

(2)

يظن كثير من المثقفين أن ابن سينا والفارابي من المسلمين، وهم من الزنادقة الكفرة، ينظر:«نقض المنطق» لابن تيمية (ص 87)، «الجواب الصحيح» لابن تيمية أيضاً

(4/ 463)، «إغاثة اللهفان» لابن القيم ـ ط. عالم الفوائد ـ (2/ 1022، 1033)،

«موقف ابن تيمية من آراء الفلاسفة» د. صالح بن غرم الله الغامدي (ص 102).

ص: 199

النويري رحمه الله (ت 733 هـ) في مواضع عديدة من كتابه. (1)

وهكذا البدع والخرافات يجرُّ بعضها بعضاً، حتى يتجاوز العقل والفطرة ـ والحمد لله على وضوح السبيل:(الكتاب، والسنة، وآثار سلف الأمة، وفَهمهم)، والحمد لله على نعمة اتباع السُّنة.

والعجيبُ بل العجيبُ جداً أن المحقق للكتاب الأستاذ الأديب: إبراهيم صالح ـ وفقه الله ـ لم ينبِّه على حرفٍ واحدٍ من هذه الخزعبلات والمحرمات والطلاسم، مع أنه قال في مقدمته (1/ 23) بعد أن تحدَّث عن الكتاب: (ولكنَّ الذي يُؤخذ عليه، هُوَ وُقوعه في عدد لا بأس به من الأوهام، مما سيراه القارئ الكريم في حواشي التحقيق

)

فقط، هل هذه هي المؤخذات؟ !

ثم إنَّهُ نَبَّهَ على أوهامٍ، وأخطاءٍ لُغَوية، وتاريخية،

(1) يُنظر: «نهاية الأرب في فنون الأدب» (10/ 141)، وغيرها.

ص: 200

وأدبية (1)، وسكت عن المخالفات العقدية، والخزعبلات، والطلاسم، والأذكار البدعية، حتى ولو كان المحقق ليس له تخصص شرعي، فإن هذا لن يعفيه من المسؤولية، فيمكن له عرض الكتاب على أهل الاختصاص؛ ليضعوا تعليقات تُقوِّم الاعوجاج، وتُوَضِّحُّ الباطل، وإني أخشى عليه من الإثم، لنشر الكتاب بهذه الصورة، ولعله يُستدرك في طبعة قادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ. (2)

(1) يُنظر مثلاً: (1/ 109، 283، 301، 303، 307، 308، 515، 571، 704، 166)، (2/ 75، 105، 605)، (3/ 111، 392)، وفي (1/ 292) نبه على وهم في أحد النقول.

(2)

وقد طَبعَ المحقق ـ فيما بَعْد ـ كتابَ «تذكرة ابن العديم» (ت 660 هـ)، وعلَّق على بعض الخواص التي ذكرها ابن العديم بقوله: (الظن بمن كان في مثل عَقلِ المؤلف

ـ عفا الله عنه ـ وعِلمِه ألَّا ينقل مثل هذه الخرافات، ولكن الكمال لله وحده! ! ).

ص: 201