المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 100 الى 103] - التفسير الوسيط لطنطاوي - جـ ٥

[محمد سيد طنطاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الخامس]

- ‌سورة الأنعام

- ‌تمهيد بين يدي السورة

- ‌1- متى نزلت سورة الأنعام

- ‌2- طبيعة الفترة التي نزلت فيها سورة الأنعام:

- ‌3- أين نزلت سورة الأنعام:

- ‌4-لماذا سميت بسورة الأنعام

- ‌5- مناسبتها لما قبلها:

- ‌6- عرض عام لسورة الأنعام:

- ‌7- من فضائل سورة الأنعام ومزاياها:

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 7 الى 11]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 12 الى 16]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 17 الى 21]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 22 الى 26]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 27 الى 32]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 33 الى 36]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 40 الى 45]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 46 الى 49]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 50 الى 53]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 54 الى 56]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 57 الى 59]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 60 الى 64]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 65 الى 69]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 70 الى 73]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 74 الى 79]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 80 الى 82]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 83 الى 90]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 91 الى 94]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 95 الى 99]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 100 الى 103]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 104 الى 110]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 111 الى 113]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 114 الى 117]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 118 الى 122]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 123 الى 126]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 127 الى 130]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 131 الى 135]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 136 الى 140]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 141 الى 144]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 145 الى 147]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 148 الى 150]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 151 الى 153]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 154 الى 157]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 158 الى 160]

- ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 161 الى 165]

- ‌تفسير سورة الأعراف

- ‌مقدّمه

- ‌تمهيد بين يدي السورة

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 1 الى 9]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 10 الى 11]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 12]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 13]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 14 الى 18]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 19]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 20 الى 25]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 26]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 27]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 28]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 31]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 32]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 33]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 34]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 37]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 38]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 39]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 40 الى 41]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 42 الى 43]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 44 الى 51]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 52 الى 53]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 54]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 55 الى 56]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 57]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 58]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 59 الى 64]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 65 الى 72]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 73 الى 79]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 80 الى 84]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 85 الى 87]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 88 الى 93]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 94 الى 102]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 103 الى 126]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 127 الى 129]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 130 الى 137]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 138 الى 141]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 142 الى 144]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 145]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 146 الى 147]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 148 الى 153]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 154]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 155 الى 156]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 157 الى 158]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 159]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 160 الى 162]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 163 الى 166]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 167 الى 168]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 169 الى 170]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 171]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 172 الى 174]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 175 الى 177]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 178 الى 179]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 180]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 181 الى 186]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 187 الى 188]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 189 الى 190]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 191 الى 198]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 199]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 200 الى 202]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 203]

- ‌[سورة الأعراف (7) : آية 204]

- ‌[سورة الأعراف (7) : الآيات 205 الى 206]

- ‌فهرس إجمالى لتفسير سورة «الأنعام»

- ‌فهرس إجمالى لتفسير سورة «الأعراف»

الفصل: ‌[سورة الأنعام (6) : الآيات 100 الى 103]

وبعد أن ذكر- سبحانه- تلك الدلائل الدالة على عظيم قدرته، وباهر حكمته ووافر نعمته. واستحقاقه الألوهية، أتبعها بتوبيخ المشركين والرد عليهم بما يرشدهم إلى الطريق القويم لو كانوا يعقلون فقال- تعالى-:

[سورة الأنعام (6) : الآيات 100 الى 103]

وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَاّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)

قوله وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ أى: وجعل هؤلاء المشركون لله- سبحانه- شركاء في الألوهية والربوبية من الجن.

وفي المراد بالجن هنا أقوال:

أحدها: أنهم الملائكة حيث عبدوهم وقالوا إنهم بنات الله وتسميتهم جنا مجازا لاجتنانهم واستتارهم عن الأعين كالجن.

والثاني: أن المراد بالجن هنا الشياطين. ومعنى جعلهم شركاء أنهم أطاعوهم في أمور الشرك والمعاصي كما يطاع الله- تعالى-.

والثالث: أن المراد بالجن إبليس فقد عبده قوم وسموه ربا ومنهم من سماه إله الشر والظلمة وخص الباري بألوهية الخير والنور. وقد نقل هذا الرأى عن ابن عباس، وقد قال الرازي عن هذا الرأى أنه أحسن الوجوه المذكورة في هذه الآية.

أما ابن كثير فقد رجح الرأى الثاني وقال: فإن قيل كيف عبدت الجن مع أنهم إنما كانوا يعبدون الأصنام؟.

ص: 144

فالجواب: أنهم ما عبدوها إلا عن طاعة الجن وأمرهم لهم بذلك كقوله: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطاناً مَرِيداً وكقوله أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ، إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ، وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ وتقول الملائكة يوم القيامة:

سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ «1» .

وقال- سبحانه- وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ ولم يقل: وجعلوا الجن شركاء لله. لإفادة أن محل الغرابة والنكارة أن يكون لله شركاء. ولو قال وجعلوا الجن شركاء لله لأوهم أن موضع الإنكار أن يكون الجن شركاء لله لكونهم جنا. وليس الأمر كذلك، بل المنكر أن يكون لله شريك من أى جنس كان.

وجملة: وَخَلَقَهُمْ حال من فاعل جَعَلُوا مؤكدة لما في جعلهم ذلك من كمال القباحة والبطلان.

أى: وجعلوا لله شركاء الجن والحال أنهم قد علموا أن الله وحده هو الذي خلقهم دون الجن وليس من يخلق كمن لا يخلق، وعليه فالضمير في خلقهم يعود على المشركين الذين جعلوا لله شركاء.

وقيل الضمير للشركاء أى: والحال أنهم قد علموا أن الله هو الذي خلق الجن فكيف يجعلون مخلوقه شريكا له؟.

وقوله وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ أى: واختلقوا وافتروا له بجهلهم وانطماس بصيرتهم بنين وبنات من غير أن يعلموا حقيقة ما قالوه من خطأ أو صواب، ولكن رميا بقول عن عمى وجهالة من غير فكر وروية. أو بغير علم بمرتبة ما قالوه وأنه من الشناعة والبطلان بحيث لا يقادر قدره، وفيه ذم لهم بأنهم يقولون ما يقولون بمجرد الرأى والهوى وفيه إشارة إلى أنه لا يجوز أن ينسب إليه- تعالى- إلا ما قام الدليل على صحته.

قال الراغب: «أصل الخرق قطع الشيء على سبيل الفساد من غير تدبر ولا تفكر، قال- تعالى- أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها، وهو ضد الخلق لأن الخلق هو فعل الشيء بتقدير ورفق» «2» .

ثم ختمت الآية الكريمة بتنزيه الله- تعالى- عما نسبوه إليه فقال- تعالى-: سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ أى: تقدس وتنزه وتعاظم عما يصفه به هؤلاء الضالون من الأجداد والأولاد والنظراء والشركاء.

(1) تفسير ابن كثير ج 2 ص 160) .

(2)

مفردات القرآن للراغب الأصفهاني ص 146. [.....]

ص: 145

ثم ساق- سبحانه- الأدلة المبطلة لما تفوه به المشركون من مزاعم فقال- تعالى- بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.

أى: هو مبدعهما ومنشئهما وخالقهما على غير مثال سبق، ومنه سميت البدعة بدعة لأنه لا نظير لها فيما سلف.

وقوله: أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ أى: من أين وكيف يكون له ولد- كما زعموا- والحال أنه ليس له صاحبة يكون الولد منها، ويستحيل ضرورة وجود الولد بلا والدة وإن أمكن وجوده بلا والد، وأيضا الولد لا يحصل إلا بين متجانسين ولا مجانس له- سبحانه-.

وجملة أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ مستأنفة لتقرير تنزهه عن ذلك، وجملة وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ حال مؤكدة لاستحالة ما نسبوه إليه من الولد.

وقوله وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ جملة أخرى مستأنفة لتحقيق ما ذكر من الاستحالة، أو حال ثانيه مقررة لها.

أى: كيف يكون له ولد والحال أنه خلق كل شيء انتظمه التكوين والإيجاد من الموجودات التي من جملتها ما سموه ولدا له- تعالى- فكيف يتصور أن يكون المخلوق ولدا لخالقه؟

قال صاحب الكشاف: «وفي هذه الآية الكريمة إبطال لأن يكون لله ولد من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن مبتدع السموات والأرض وهي أجسام عظيمة لا يستقيم أن يوصف بالولادة.

لأن الولادة من صفات الأجسام، ومخترع الأجسام لا يكون جسما حتى يكون والدا.

والثاني: أن الولادة لا تكون إلا لمن له صاحبة والله- تعالى- لا صاحبة له فلم تصح الولادة.

والثالث: أنه ما من شيء إلا وهو خالقه والعالم به، ومن كان بهذه الصفة كان غنيا عن كل شيء والولد إنما يطلبه المحتاج «1» .

وجملة وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها من الدلائل القاطعة ببطلان أن يكون له ولد.

(1) تفسير الكشاف ج 2 ص 52.

ص: 146

أى: أنه- سبحانه- عالم بكل المعلومات، فلو كان له ولد فلا بد أن يتصف بصفاته ومنها عموم العلم، وهو منفي عن غيره بالإجماع.

وبعد أن أبطل- سبحانه- الشرك ونعى على معتنقيه سوء تفكيرهم، دعا المكلفين إلى إخلاص العبودية لله وحده فقال- تعالى-:

ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ.

أى ذلكم الموصوف بما سمعتم من جلائل الصفات هو الله ربكم لا من زعمتم من الشركاء، فأخلصوا له العبادة فهو- سبحانه- الخالق لكل شيء وما عداه فهو مخلوق يجب أن يعبد خالقه.

وقوله وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ أى وهو مع تلك الصفات الجليلة رقيب على عباده حفيظ عليهم، يدبر أمرهم، ويتولى جميع شئونهم.

وقوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ جملة مستأنفة إما مؤكدة لقوله وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ذكرت للتخويف بأنه رقيب من حيث لا يرى فيجب أن يخاف ويحذر، وأما مؤكدة أعظم تأكيد لما تقرر قبل من تنزهه وتعاليمه عما وصفه به المشركون، ببيان أنه لا تراه الأبصار المعبودة وهي أبصار أهل الدنيا لجلاله وكبريائه وعظمته. فكيف يكون له ولد؟.

والإدراك: اللحاق والوصل إلى الشيء والإحاطة به. والأبصار جمع بصر يطلق- كما قال الراغب- على الجارحة الناظرة وعلى القوة التي فيها.

والمعنى: لا تحيط بعظمته وجلاله على ما هو عليه- سبحانه- أبصار الخلائق، أو لا تدركه الأبصار إدراك إحاطة بكنهه وحقيقته فإن ذلك محال والإدراك بهذا المعنى أخص من الرؤية التي هي مجرد المعاينة، فنفيه لا يقتضى نفى الرؤية، لأن نفى الأخص لا يقتضى نفى الأعم فأنت ترى الشمس والقمر ولكنك لا تدرك كنههما وحقيقتهما.

هذا، وهناك خلاف مشهور بين أهل السنة والمعتزلة في مسألة رؤية الله- تعالى- في الآخرة.

أما أهل السنة فيجيزون ذلك ويستشهدون بالكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله- تعالى- وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ومن السنة ما رواه الشيخان عن جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر وقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا عن صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ.

ص: 147