الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله- سبحانه- إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ تقرير للآية السابقة، وتأكيد لما يفيده مضمونها، أى: إن ربك الذي لا تخفى عليه خافية هو أعلم منك ومن سائر خلقه بمن يضل عن طريق الحق وهو أعلم منك ومن سائر الخلق- أيضا- بالمهتدين السالكين صراطه المستقيم، فعليك- أيها العاقل- أن تكون من فريق المهتدين لتسعد كما سعدوا واحذر أن تركن إلى فريق الضالين، فتشقى كما شقوا.
وبذلك تكون هذه الآيات الكريمة قد قررت أن الله وحده هو الحكم العدل، وأن كتابه هو المهيمن على الكتب السابقة، وأن أهل الكتاب يعرفون ذلك كما يعرفون أبناءهم، وأنه- سبحانه- قد تكفل بحفظ كتابه من التغيير والتبديل، وأن الطبيعة الغالبة في البشر هي اتباع الظنون والأهواء، لأن طلب الحق متعب، والكثيرون لا يصبرون على مشقة البحث والتمحيص، والقليلون هم الذين يتبعون اليقين في أحكامهم، والله وحده هو الذي يعلم الضالين والمهتدين من عباده.
وبعد أن أقام- سبحانه- الأدلة على وحدانيته وكمال قدرته. وسعة علمه ورد على الشبهات التي أثارها المشركون حول الدعوة الإسلامية بما يخرس ألسنتهم. وأثبت- سبحانه- أنه هو الحكم الحق، وأن كتابه هو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلقه، وأن أكثر أهل الأرض يتبعون الظن في أحكامهم. بعد كل ذلك انتقل القرآن إلى الكلام في مسألة كثر فيها الجدل بين المسلمين والمشركين، وهي مسألة الذبائح ما ذكر عليه اسم الله منها وما لم يذكر فقال- تعالى-:
[سورة الأنعام (6) : الآيات 118 الى 122]
فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَما لَكُمْ أَلَاّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121) أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (122)
روى أبو داود بسنده عن ابن عباس قال: أتى ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إنا نأكل ما نقتل ولا نأكل ما يقتل الله- فأنزل الله- فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ. إلى قوله وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ «1» .
وذكر الواحدي أن المشركين قالوا: يا محمد أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها فقال الله قتلها. قالوا. فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال وما قتل الصقر أو الكلاب حلال وما قتله الله حرام فأنزل الله- تعالى- قوله: فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ الآية: «2» .
والخطاب في الآية الكريمة للمؤمنين الذين ضايقهم جدال المشركين لهم في شأن الذبائح.
والمعنى كلوا أيها المؤمنون مما ذكر اسم الله عليه عند ذبحه واتركوا ما ذكر عليه اسم غيره كالأوثان أو ما ذبح على النصب، أو ما ذكر اسم مع اسمه- تعالى- أو ما مات حتف أنفه، ولا تضرنكم مخالفتكم للمشركين في ذلك فإنهم ما يتبعون في عقائدهم ومآكلهم وأعمالهم إلا تقاليد الجاهلية وأوهامها التي لا ترتكز على شيء من الحق.
والفاء في قوله: فَكُلُوا يرى الزمخشري أنها جواب لشرط مقدر والتقدير: إن كنتم محقين في الإيمان فكلوا، ويرى غيره أنها معطوفة على محذوف والتقدير «كونوا على الهدى فكلوا» .
وقوله: إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ أى: إن كنتم بآياته التي من جملتها الآيات الواردة في هذا الشأن مؤمنين، فإن الإيمان بها يقتضى استباحة ما أحله سبحانه واجتناب ما حرمه.
ثم أنكر- سبحانه- عليهم ترددهم في أكل ما أحله الله من طعام لأنهم لم يتعودوه قبل ذلك فقال: وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ.
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الأضاحى- باب ذبائح أهل الكتاب. حديث رقم 281 طبعة فؤاد عبد الباقي.
(2)
تفسير الآلوسى ج 8 ص 12.
أى: أى مانع يمنعكم من أن تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وأى فائدة تعود عليكم من ذلك؟ فالاستفهام لإنكار أن يكون هناك شيء يدعوهم إلى اجتناب الأكل من الذبائح التي ذكر اسم الله عليها سواء أكانت تلك الذبائح من البحائر أو السوائب أو غيرها مما حرمه المشركون على أنفسهم بدون علم.
وقوله وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ جملة حالية مؤكدة للإنكار السابق أى والحال أن الله- تعالى- قد فصل لكم على لسان رسولكم صلى الله عليه وسلم ما حرمه عليكم من المطعومات، وبين لكم ذلك في كتابه كما في قوله- تعالى- قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
إذا فمن الواجب عليكم أيها المسلمون أن تأكلوا وأنتم مطمئنون من جميع المطاعم التي أحلها الله لكم وذكر اسمه عليها ولو خالفتم في ذلك المشركين وأن تتجنبوا أكل ما حرمه الله عليكم ولو كان مما يستبيحه المشركون.
وقوله إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ استثناء مما حرم الله عليهم أكله.
أى: إلا أن تدعوكم الضرورة إلى أكل شيء من هذه المحرمات بسبب شدة الجوع ففي هذه الحالة يباح لكم أن تأكلوا من هذه المحرمات ما يحفظ عليكم حياتكم. هذا هو حكم الله الذي يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر فعليكم أن تتبعوه، وألا تلقوا بالا إلى أوهام المتخرصين وأصحاب الظنون الباطلة.
ثم نعى على المشركين جهالاتهم فقال وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ.
قرأ الجمهور «ليضلون» بضم الياء، والمعنى عليه: وإن كثيرا من الكفار ليضلون غيرهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام بسبب أهوائهم الزائفة وشهواتهم الباطلة، دون أن يكون عندهم أى علم مقتبس من وحى الله ومستنبط من عقل سليم.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب «ليضلون» بفتح الياء، والمعنى عليه: وإن كثيرا من الكفار لينحرفون عن الحق ويقعون في الضلال بسبب اتباعهم لأهوائهم بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
وقراءة الجمهور أبلغ في الذم لأنها تتضمن قبح فعلهم حيث ضلوا في أنفسهم وأضلوا غيرهم.
وقوله: بِغَيْرِ عِلْمٍ متعلق بمحذوف وقع حالا أى: يضلون مصاحبين للجهل.
وقوله إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ أى: أعلم منك يا محمد ومن كل مخلوق بالمتجاوزين لحدود الحق إلى الباطل والحلال والحرام.
ففي الجملة الكريمة التفات عن خطاب المؤمنين إلى خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام الرازي: وقد دلت هذا الآية على أن القول في الدين بمجرد التقليد حرام، لأن القول بالتقليد قول بمحض الهوى والشهوة، والآية دلت على أن ذلك حرام «1» .
ثم أمر الله عباده أن يتركوا ما ظهر من الآثام وما استتر فقال:
وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ أى اتركوا جميع المعاصي ما كان منها سرا وما كان منها علانية، أو ما كان منها بالجوارح وما كان منها بالقلوب، لأن الله- تعالى- لا يخفى عليه شيء.
ثم بين- سبحانه- عاقبة المرتكبين للآثام فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ أى: إن الذين يعملون المعاصي ويرتكبون القبائح الظاهرة والباطنة لن ينجو من المحاسبة والمؤاخذة بل سيجزون بما يستحقونه من عقوبات بسبب اجتراحهم للسيئات.
وبعد أن أمر الله المؤمنين بالأكل مما ذكر اسم الله عليه، نهاهم صراحة عن الأكل مما لم يذكر اسم الله عليه لشدة العناية بهذا الأمر فقال- تعالى-:
وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أى: لا تأكلوا أيها المسلمون من أى حيوان لم يذكر عليه اسم الله عند ذبحه، بأن ذكر عليه اسم غيره، أو ذكر اسم مع اسمه- تعالى-، أو غير ذلك مما سبق بيانه من المحرمات.
وقوله وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ جملة حالية والضمير يعود على الأكل من الذي لم يذكر اسم الله عليه، أى: وإن الأكل من ذلك الحيوان المذبوح الذي لم يذكر اسم الله عليه لخروج عن طاعة الله- تعالى- وابتعاد عن الفعل الحسن إلى الفعل القبيح، وفي ذلك ما فيه من تنفيرهم من أكل ما لم يذكر اسم الله عليه.
ثم كشف للمسلمين عن المصدر الذي يمد المشركين بمادة الجدل حول هذه المسألة فقال:
وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ.
أى: وإن إبليس وجنوده ليوسوسون إلى أوليائهم الذين اتبعوهم من المشركين ليجادلوكم في تحليل الميتة وفي غير ذلك من الشبهات الباطلة وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ في استحلال ما حرمه الله عليكم إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ.
قال ابن كثير: أى: حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره فقدمتم عليه غيره
(1) تفسير الفخر الرازي ج 4 ص 127.
فهذا هو الشرك، كقوله- تعالى- اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ الآية، وقد روى الترمذي في تفسيرها عن عدى بن حاتم أنه قال: يا رسول الله ما عبدوهم فقال: «بلى إنهم أحلوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم» «1» .
هذا، وقد استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب إلى أن الذبيحة لا تحل إذا لم يذكر اسم الله عليها وإن كان الذابح مسلما، وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال.
فمنهم من قال لا تحل الذبيحة التي يترك ذكر اسم الله عليها سواء كان الترك عمدا أو سهوا، وإلى هذا الرأى ذهب ابن عمر ونافع وعامر والشعبي ومحمد بن سيرين، وداود الظاهري وفي رواية عن الإمامين مالك وأحمد بن حنبل.
واحتجوا لمذهبهم هذا بهذه الآية التي وصفت ما ذبح ولم يذكر اسم الله عليه بأنه فسق، كما احتجوا بقوله- تعالى- فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وبالأحاديث التي وردت في الأمر بالتسمية عند الذبيحة والصيد كحديث عدى بن حاتم وفيه «إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل» «2» .
وحديث رافع بن خديج وفيه «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه» «3» أما القول الثاني فيرى أصحابه أن التسمية ليست شرطا بل هي مستحبة، وتركها عن عمد أو نسيان لا يضر، وقد حكى هذا المذهب عن ابن عباس وأبى هريرة وعطاء وهو مذهب الشافعى وأصحابه وفي رواية عن الإمامين مالك وأحمد بن حنبل.
وحجتهم أن هذه الآية وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ
…
واردة فيما ذبح لغير الله بأن يذكر على الذبيحة اسم الصنم كما كان يفعل المشركون عند ذبائحهم.
واحتجوا أيضا بما رواه الدّارقطنيّ عن ابن عباس أنه قال: «إذا ذبح المسلم ولم يذكر اسم الله فليأكل فإن المسلم فيه اسم من أسماء الله» «4» .
أما القول الثالث فيرى أصحابه أن ترك التسمية نسيانا لا يضر، أما عمدا فلا تحل الذبيحة، وإلى هذا المذهب ذهب على وابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن البصري وهو المشهور من مذهب أحمد بن حنبل وعليه أبو حنيفة وأصحابه.
(1) تفسير ابن كثير ج 2 ص 171. [.....]
(2)
أخرجه البخاري في كتاب «الذبائح والصيد، حديث رقم 141 طبعة محمد فؤاد عبد الباقي.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب «الذبائح والصيد» .
(4)
تفسير ابن كثير ج 2 ص 169.
واحتجوا لمذهبهم بأحاديث منها ما رواه عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله وضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» «1» .
ولعل هذا المذهب أقرب المذاهب إلى الصواب، لأن المتعمد هو الذي يؤاخذ على عمله أما الناسي فليس مؤاخذا.
وقد تولت بعض كتب التفسير بسط الأقوال في هذه المسألة فليرجع إليها من شاء «2» .
ثم ضرب الله مثلا لحال المؤمن والكافر فقال:
أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ.
الهمزة للاستفهام الإنكارى، وهي داخلة على جملة محذوفة للعلم بها من الكلام السابق.
والتقدير: أأنتم أيها المؤمنون مثل أولئك المشركين الذين يجادلونكم بغير علم وهل يعقل أن من كان ميتا فأعطيناه الحياة وجعلنا له نورا عظيما يمشى به فيما بين الناس آمنا كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها.
فالآية الكريمة تمثيل بليغ للمؤمن والكافر لتنفير المسلمين عن طاعة المشركين بعد أن نهاهم صراحة عن طاعتهم قبل ذلك في قوله وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ.
فمثل المؤمن المهتدى إلى الحق كمن كان ميتا هالكا فأحياه الله وأعطاه نورا يستضيء به في مصالحه، ويهتدى به إلى طرقه. ومثل الكافر الضال كمن هو منغمس في الظلمات لا خلاص له منها فهو على الدوام متحير لا يهتدى فكيف يستويان؟.
والمراد بالنور: القرآن أو الإسلام، والمراد بالظلمات: الكفر والجهالة وعمى البصيرة. فهو كقوله- تعالى-: وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ. وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ. وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ، وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ.
وقوله: كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ أى: مثل ذلك التزيين الذي تضمنته الآية- وهو تزيين نور الهدى للمؤمنين وظلمات الشرك للضالين قد زين للكافرين ما كانوا يعملونه من الآثام كعداوة النبي صلى الله عليه وسلم وذبح القرابين لغير الله- تعالى- وتحليل الحرام، وتحريم الحلال وغير ذلك من المنكرات.
وجمهور المفسرين يرون أن المثل في الآية عام لكل مؤمن وكل كافر وقيل إن المراد بمن أحياه الله وهداه عمر بن الخطاب، والمراد بمن بقي في الظلمات ليس بخارج منها عمرو بن هشام،
(1) تفسير ابن كثير ج 2 ص 170.
(2)
راجع تفسير ابن كثير ج 2 ص 168 وما بعدها وتفسير الآلوسى ج 8 ص 14 وما بعدها.