الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: نعم. لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلّا عودي.
وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا.
ثم لم ينشب ورقة أن توفّي، وفتر الوحي (1)].
مفردات الحديث اللغوية
هذا. وإنّ حديث عائشة السالف الذكر، قد تضمّن مفردات لغوية هي بحاجة إلى توضيح، وبيان، حتى يستطيع القارئ استيعاب ما جاء فيه من الأفكار.
ولنبدأ ب (مثل فلق الصبح):
وفلق الصبح: ضياؤه الصادق. فقد شبهت الرؤيا الصادقة بضياء الصبح وسطوع نوره.
وخصّ التشبيه بهذا، لعلاقة الظهور الواضح الذي لا لبس فيه ولا ريب.
ونثني ب (ثم حبّب إليه الخلاء):
(1) بخاري رقم (3) واللفظ هنا له.
جيء ب (حبّب) بصيغة المجهول، لإسقاط الباعث له، وإظهار الفاعل الحقيقي للحبّ وهو الله جلّ وعزّ، ففيه إشارة: إلى أنّ باعث البشر عليه منعدم، وأنّ ذلك بوحي الإلهام قد تحقق.
والخلاء: الخلوة. وكان محببا له لأنّه يفرّغ القلب عما يشغله عن التوجّه إلى ربه سبحانه.
وحراء: جبل معروف بمكة، أطلق عليه بعد الوحي اسم جبل (النور).
والغار: نقب في الجبل. وجمعه: غيران.
ونثلث ب (فيتحنث فيه- وهو التعبد- الليالي ذوات العدد).
والتحنث: التحنّف. أي: يتبع الحنيفية دين إبراهيم.
والفاء تبدل ثاء في كثير من كلام العرب. ويقوي ذلك رواية ابن هشام في السيرة (يتحنف).
وإما أن نفسّرها ب: إلقاء الحنث. وهو الإثم- كما قيل- يتأثّم أو يتحرّج.
وذوات العدد: إبهام لها، لاختلاف المدد التي كانت يتخللها مجيئه إلى أهله صلى الله عليه وسلم.
أمّا أصل الخلوة: فقد عرفت مدتها، وهي شهر، وذلك الشهر كان رمضان كما جاء في رواية ابن إسحاق.
وينزع: يرجع. والتزود: استصحاب الزاد.
ونربّع ب (حتى جاءه الحق):
أي: جاءه الأمر الحق. وفي رواية (حتى فجئه الحقّ).
أي: بغته.
ونخمّس ب (ما أنا بقارئ ثلاثا):
لماذا كررها ثلاثا؟ وما معناها في كلّ مرة؟.
كرّرت ثلاثا للتقوية والتأكيد.
ففي المرة الأولى: أفادت الامتناع. ف (ما) هنا: نافية.
والباء: زيادة في التأكيد. أي: ما أحسن القراءة.
وفي المرة الثانية: أفادت النفي المحض.
وفي المرة الثالثة: أفادت الاستفهام.
ويؤيّد هذا، رواية عروة في مغازي أبي الأسود أنه قال: كيف أقرأ؟.
وعند ابن إسحاق:
ماذا أقرأ؟.
وفي مرسل الزهري عند البيهقي في الدلائل:
- كيف أقرأ؟.
فهذه الروايات جميعا تقرّر الاستفهام (1).
ونسدّس ب (فغطّني .. حتى بلغ مني الجهد):
فغطني: وفي رواية: فغتني. ويراد منها: ضمني، وعصرني.
والغطّ: حبس النفس، ومنه غطه في الماء.
أو أراد: غمني. ومنه الحنق.
ولأبي داود الطيالسي في مسنده بسند حسن [فأخذ بحلقي].
الجهد: غاية وسعي. زمّلوه: لفّوه. الرّوع: الفزع.
خشيت على نفسي: الخشية هنا اختلف فيها كثيرا، وأقربها للصواب أنه صلى الله عليه وسلم خشي على نفسه الموت من شدّة الرعب، أو المرض، أو دوامه.
ونسبّع ب (كلّا، والله ما يخزيك الله أبدا ..... نوائب الحق.
ف (كلّا): تعني النفي والإبعاد. و (يخزيك) من الخزي.
وفي رواية (يحزنك). من الحزن. و (الكلّ): من لا يستقلّ بأمره.
(1) فتح الباري (1/ 35).