الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْآدَابِ النَّبَوِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِ الْمُحَمَّدِيَّةِ
بَيَانُ تَأْدِيبِ اللَّهِ تَعَالَى صَفِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِالْقُرْآنِ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثِيرَ الضَّرَاعَةِ وَالِابْتِهَالِ، دَائِمَ السُّؤَالِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُزَيِّنَهُ بِمَحَاسِنِ الْآدَابِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، فَكَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ:«اللَّهُمَّ حَسِّنْ خُلُقِي وَخَلْقِي» وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ» فَاسْتَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى دُعَاءَهُ وَفَاءً بِقَوْلِهِ عز وجل: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)[غَافِرٍ: 60] فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ وَأَدَّبَهُ فَكَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، وَإِنَّمَا أَدَّبَهُ الْقُرْآنُ بِمِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)[الْأَعْرَافِ: 199] وَقَوْلِهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ)[النَّحْلِ: 90] وَقَوْلِهِ: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)[لُقْمَانَ: 17] وَقَوْلِهِ: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[الْمَائِدَةِ: 13] وَقَوْلِهِ: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)[فُصِّلَتْ: 34] وَقَوْلِهِ: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)[آلِ عِمْرَانَ: 134] وَقَوْلِهِ: (اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا)[الْحُجُرَاتِ: 12] وَأَمْثَالُ هَذِهِ التَّأْدِيبَاتِ فِي الْقُرْآنِ لَا تُحْصَرُ.
وَهُوَ عليه الصلاة والسلام الْمَقْصُودُ الْأَوَّلُ بِالتَّأْدِيبِ وَالتَّهْذِيبِ ثُمَّ مِنْهُ يُشْرِقُ النُّورُ عَلَى كَافَّةِ الْخَلْقِ، فَإِنَّهُ أُدِّبَ بِالْقُرْآنِ وَأَدَّبَ الْخَلْقَ بِهِ. وَلِذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم:«بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ» ثُمَّ رَغَّبَ الْخَلْقَ فِي مَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ. ثُمَّ لَمَّا أَكْمَلَ اللَّهُ تَعَالَى خُلُقَهُ أَثْنَى عَلَيْهِ فَقَالَ تَعَالَى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[الْقَلَمِ: 4] ثُمَّ بَيَّنَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِلْخَلْقِ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَيَبْغَضُ سَفْسَافَهَا. قَالَ علي رضي الله عنه: «يَا عَجَبًا لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ يَجِيئُهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فِي حَاجَةٍ فَلَا يَرَى نَفْسَهُ لِلْخَيْرِ أَهْلًا، فَلَوْ كَانَ لَا يَرْجُو ثَوَابًا وَلَا يَخْشَى عِقَابًا لَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُسَارِعَ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، فَإِنَّهَا مِمَّا تَدُلُّ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ» وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ اللَّهَ حَفَّ الْإِسْلَامَ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ» وَمِنْ ذَلِكَ: حُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ، وَكَرَمُ الصَّنِيعَةِ، وَلِينُ الْجَانِبِ، وَبَذْلُ الْمَعْرُوفِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ