الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ الصَّيَّاحَ فِي الْأَسْوَاقِ» .
وَحَدُّ الْفُحْشِ هُوَ التَّعْبِيرُ عَنِ الْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَحَةِ بِالْعِبَارَاتِ الصَّرِيحَةِ، وَأَكْثَرُ ذَلِكَ يَجْرِي فِي أَلْفَاظِ الْوِقَاعِ وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَإِنَّ لِأَهْلِ الْفَسَادِ عِبَارَاتٍ صَرِيحَةً فَاحِشَةً يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيهِ، وَأَهْلُ الصَّلَاحِ يَتَحَاشَوْنَ عَنْهَا، بَلْ يَدُلُّونَ عَلَيْهَا بِالرُّمُوزِ وَالْكِنَايَةِ، قَالَ «ابْنُ عَبَّاسٍ» :«إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، يَعْفُو وَيَكْنُو، كَنَّى بِاللَّمْسِ عَنِ الْجِمَاعِ» . فَالْمَسِيسُ وَالْمَسُّ وَالدُّخُولُ كِنَايَاتٌ عَنِ الْوِقَاعِ وَلَيْسَتْ بِفَاحِشَةٍ. وَهُنَاكَ عِبَارَاتٌ فَاحِشَةٌ يُسْتَقْبَحُ ذِكْرُهَا، وَيُسْتَعْمَلُ أَكْثَرُهَا فِي الشَّتْمِ وَالتَّعْيِيرِ، وَكُلُّ مَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ أَلْفَاظُهُ الصَّرِيحَةُ؛ فَإِنَّهُ فُحْشٌ.
وَالْبَاعِثُ عَلَى الْفُحْشِ إِمَّا قَصْدُ الْإِيذَاءِ، وَإِمَّا الِاعْتِيَادُ الْحَاصِلُ مِنْ مُخَالَطَةِ الْفُسَّاقِ، وَأَهْلِ الْخُبْثِ وَاللُّؤْمِ، وَمَنْ عَادَتُهُمُ السَّبُّ.
رُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَوْصِنِي» ، فَقَالَ:«عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَإِنِ امْرُؤٌ عَيَّرَكَ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ فِيكَ فَلَا تُعَيِّرْهُ بِشَيْءٍ تَعْلَمُهُ فِيهِ، يَكُنْ وَبَالُهُ عَلَيْهِ وَأَجْرُهُ لَكَ، وَلَا تَسُبَّنَّ شَيْئًا» قَالَ: «فَمَا سَبَبْتُ شَيْئًا بَعْدَهُ» .
وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم: «سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» .
وَعَنْهُ صلى الله عليه وسلم: «مَلْعُونٌ مَنْ سَبَّ وَالِدَيْهِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ:«مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ» ، قَالُوا:«يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟» قَالَ: «يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ الْآخَرُ أَبَاهُ» .
الْآفَةُ الثَّامِنَةُ: اللَّعْنُ:
اللَّعْنُ إِمَّا لِحَيَوَانٍ أَوْ جَمَادٍ أَوْ إِنْسَانٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْمُومٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«الْمُؤْمِنُ لَيْسَ بِلَعَّانٍ» .
وَاللَّعْنُ عِبَارَةٌ عَنِ الطَّرْدِ وَالْإِبْعَادِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ إِلَّا عَلَى مَنِ اتَّصَفَ بِصِفَةٍ تُبْعِدُهُ مِنَ اللَّهِ عز وجل وَهُوَ الْكُفْرُ وَالظُّلْمُ، وَفِي لَعْنِ فَاسِقٍ مُعَيَّنٍ خَطَرٌ، فَلْيُجْتَنَبْ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ أَشَدَّ إِنْ كَانَ فِيهِ أَذًى لِلْحَيِّ، وَفِي الْحَدِيثِ:«لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ فَتُؤْذُوا بِهِ الْأَحْيَاءَ» وَيَقْرُبُ مِنَ اللَّعْنِ الدُّعَاءُ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالشَّرِّ، حَتَّى الدُّعَاءُ عَلَى الظَّالِمِ فَإِنَّهُ مَذْمُومٌ، وَفِي الْخَبَرِ:«إِنَّ الْمَظْلُومَ لَيَدْعُو عَلَى الظَّالِمِ حَتَّى يُكَافِئَهُ» .
الْآفَةُ التَّاسِعَةُ: الْغِنَاءُ وَالشِّعْرُ:
وَالْمَذْمُومُ مِنْهُمَا مَا اشْتَمَلَ عَلَى مُحَرَّمٍ أَوْ دُعَاءٍ إِلَيْهِ، كَتَشْبِيبٍ بِمُعَيَّنٍ، وَهِجَاءٍ، وَتَشَبُّهٍ بِالنِّسَاءِ، وَتَهْيِيجٍ لِفَاحِشَةٍ، وَلُحُوقٍ بِأَهْلِ الْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ، وَصَرْفِ الْوَقْتِ إِلَيْهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمَا خَلَا عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ مُبَاحٌ.