الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النِّسَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، فَهَذَا يَجْعَلُ الطِّيبَ مَعْصِيَةً وَيَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ أَنْتَنَ مِنَ الْجِيفَةِ.
وَالْمُبَاحَاتُ كَثِيرَةٌ لَا يُمْكِنُ إِحْصَاءُ النِّيَّاتِ فِيهَا فَقِسْ بِهَذَا الْوَاحِدِ مَا عَدَاهُ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ:"إِنِّي لَأَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ لِي فِي كُلِّ شَيْءٍ نِيَّةٌ حَتَّى فِي أَكْلِي وَشُرْبِي وَنَوْمِي وَدُخُولِي لِلْخَلَاءِ " وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ التَّقَرُّبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا هُوَ سَبَبٌ لِبَقَاءِ الْبَدَنِ وَفَرَاغِ الْقَلْبِ مِنْ مُهِمَّاتِ الْبَدَنِ فَهُوَ مُعِينٌ عَلَى الدِّينِ، فَمَنْ قَصَدَ مِنَ الْأَكْلِ التَّقَوِّيَ عَلَى الْعِبَادَةِ، وَمِنَ الْوِقَاعِ تَحْصِينَ دِينِهِ وَتَطْيِيبَ قَلْبِ أَهْلِهِ وَالتَّوَصُّلَ بِهِ إِلَى وَلَدٍ صَالِحٍ يَعْبُدُ اللَّهَ - تَعَالَى - بَعْدَهُ كَانَ مُطِيعًا بِأَكْلِهِ وَنِكَاحِهِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تَسْتَحْقِرَ شَيْئًا مِنْ حَرَكَاتِكَ فَلَا تَحْتَرِزْ مِنْ غُرُورِهَا وَشُرُورِهَا وَلَا تُعِدَّ جَوَابَهَا يَوْمَ السُّؤَالِ وَالْحِسَابِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ مُطَّلِعٌ عَلَيْكَ وَشَهِيدٌ: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)[ق: 18] وَقَدْ قَالَ " الحسن ": "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَعَلَّقُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ: بَيْنِي وَبَيْنَكَ اللَّهُ، فَيَقُولُ وَاللَّهِ: مَا أَعْرِفُكَ، فَيَقُولُ: بَلَى أَنْتَ أَخَذْتَ لَبِنَةً مِنْ حَائِطِي وَأَخَذْتَ خَيْطًا مِنْ ثَوْبِي " فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْأَخْبَارِ قَطَّعَ قُلُوبَ الْخَائِفِينَ. فَإِنْ كُنْتَ مِنْ أُولِي الْعَزْمِ وَالنُّهَى وَلَمْ تَكُنْ مِنَ الْمُغْتَرِّينَ فَانْظُرْ لِنَفْسِكَ الْآنَ وَدَقِّقِ الْحِسَابَ عَلَى نَفْسِكَ قَبْلَ أَنْ يُدَقَّقَ عَلَيْكَ.
فَضِيلَةُ الْإِخْلَاصِ وَحَقِيقَتُهُ:
قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)[الْبَيِّنَةِ: 5] وَقَالَ - تَعَالَى -: (أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)[الزُّمَرِ: 3] وَقَالَ - تَعَالَى -: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ)[النِّسَاءِ: 146] وَقَالَ - تَعَالَى -: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)[الْكَهْفِ: 110] وَعَنْ " علي " كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: "لَا تَهْتَمُّوا لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَاهْتَمُّوا لِلْقَبُولِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ": "أَخْلِصِ الْعَمَلَ يُجْزِكَ مِنْهُ الْقَلِيلُ " وَقَالَ " يعقوب المكفوف ": "الْمُخْلِصُ مَنْ يَكْتُمُ حَسَنَاتِهِ كَمَا يَكْتُمُ سَيِّئَاتِهِ ".
وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَشُوبَهُ غَيْرُهُ، فَإِذَا صَفَا عَنْ شَوْبِهِ وَخَلُصَ عَنْهُ سُمِّيَ خَالِصًا، وَيُسَمَّى الْفِعْلُ الْمُصَفِّي الْمُخَلِّصُ: إِخْلَاصًا، وَالْإِخْلَاصُ يُضَادُّهُ الْإِشْرَاكُ، فَمَنْ لَيْسَ مُخْلِصًا فَهُوَ مُشْرِكٌ، إِلَّا أَنَّ الشِّرْكَ دَرَجَاتٌ، وَقَدْ جَرَى الْعُرْفُ عَلَى تَخْصِيصِ اسْمِ الْإِخْلَاصِ بِتَجْرِيدِ قَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - عَنْ جَمِيعِ الشَّوَائِبِ، فَإِذَا امْتَزَجَ قَصْدُ التَّقَرُّبِ بِبَاعِثٍ آخَرَ مِنْ رِيَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ حُظُوظِ النَّفْسِ فَقَدْ خَرَجَ عَنِ الْإِخْلَاصِ، وَمِثَالُهُ أَنْ يَصُومَ لِيَنْتَفِعَ بِالْحِمْيَةِ الْحَاصِلَةِ بِالصَّوْمِ مَعَ قَصْدِ التَّقَرُّبِ، أَوْ يَحُجَّ لِيَصِحَّ مِزَاجُهُ بِحَرَكَةِ السَّفَرِ، أَوْ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ عَدُوٍّ لَهُ، أَوْ يُصَلِّيَ بِاللَّيْلِ لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ، أَوْ يَتَعَلَّمَ الْعِلْمَ أَوْ يَخْدِمَ الْعُلَمَاءَ وَالصُّوفِيَّةَ لِذَلِكَ، أَوْ يَعُودَ مَرِيضًا لِيُعَادَ إِذَا مَرِضَ أَوْ يُشَيِّعَ جِنَازَةً لِيُشَيَّعَ جَنَائِزُ أَهْلِهِ، أَوْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِيُعْرَفَ بِالْخَيْرِ وَيُذْكَرَ