الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو الحجاج يوسف بن محمد بن إبراهيم الأنصاري البياسي (1)، أحد فضلاء المغرب وحفاظها. كان أديبا فاضلا مطلعا على أقسام كلام العرب من النظم والنثر والوقائع والأيام، وكان يحفظ [كتاب](2) الحماسة وديوان أبي تمام [الطائي](3) والمتنبي والأشعار الستة و «سقط الزند» (4) وغير ذلك من أشعار الجاهلية والإسلام، وصنف كتابا سماه كتاب «الإعلام بالحروب الواقعة في صدر الاسلام» ابتدأ فيه من مقتل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وختمه بخروج الوليد ابن طريف الشاري (5) على الرشيد ببلاد الجزيرة الفراتية [وهو في مجلدين](6)[وله أيضا كتاب](7) سماه «الحماسة» في مجلدين. وكان مولده يوم الخميس رابع عشر ربيع الأول سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة. ومات يوم الأحد رابع ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وستمائة بمدينة تونس رحمه الله تعالى.
وفيها أخذ قاع البحر أربعة أذرع وست عشرة إصبعا. وانتهت الزيادة الى سبعة عشر ذراعا وأربعة عشر إصبعا (8).
ثم دخلت سنة خمس وخمسين وستمائة
فيها فتح الناصر [يوسف بن محمد](9) مدرسته (10) التي أنشأها بدمشق بباب الفراديس، وحضر الملك الناصر والأمراء والقضاة والفقهاء، ولم يتخلف أحد عن الحضور.
وفيها في ليلة الخامس (11) عشر من جمادى الآخرة خسف القمر أول الليل، فكان شديد الحمرة ثم انجلى وكسفت الشمس في صبيحة غده، فاحمرت وقت طلوعها (102 ب)
(1) راجع ترجمته في وفيات الأعيان 7/ 238 وعيون التواريخ 20/ 83 وشذرات الذهب 5/ 262.
(2)
التكملة من وفيات الأعيان 7/ 238.
(3)
التكملة من المصدر السابق.
(4)
في الأصل: سقط الزبد، التصويب من وفيات الأعيان 7/ 238.
(5)
في الأصل: الشادي التصويب من المصدر السابق.
(6)
التكملة من المصدر السابق.
(7)
التكملة من المصدر السابق.
(8)
الزيادة ثماني عشرة ذراعا وثلاث أصابع في النجوم الزاهرة 7/ 40.
(9)
التكملة من مرآة الزمان 8/ 793 ولقد أورد ابن الجوزي هذا الخبر في سياق أحداث سنة 654 هـ. أنظر أيضا ما يشبه ذلك في البداية والنهاية 13/ 193.
(10)
هي المدرسة الناصرية الجوانية شمالي الجامع الأموي وكانت هذه المدرسة تعرف بدار الزكي المعظم. أنظر النعيمي: الدارس 1/ 459.
(11)
السادس عشر في ذيل الروضتين ص 189 ولقد ورد هذا الخبر في سياق أحداث سنة 654 هـ.
و [قريب](1) غروبها وأقامت أياما متغيرة اللون ضعيفة النور.
وفيها ملك هولاكو بلاد الروم جميعها، وحكى بعض المؤرخين أنّ هولاكو في هذه السنة دخل الى بغداد في زي تاجر عجمي ومعه مائة حمل حرير واجتمع بابن الدرنوس (2) نديم الخليفة والوزير (3) وبأكثر أرباب الدولة، وقرر معهم ما أراد، وأعطاهم الفرامين وأصلح حاله على ما أراد، وخرج منها بلا مال في قفل من قفول العجم، قال وصار هذا الأمر مستفاضا بين التجار المخالطين للعجم. وكان الوزير وأرباب الدولة قادرين على مسكه، لكنهم خافوا الله ورسوله والمسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفيها وقعت الوحشة (4) بين البحرية والملك الناصر، صاحب الشام فخرجوا من دمشق الى نابلس وقصدوا المغيث صاحب الكرك في عاشر شوال.
وفيها قصد الملك المغيث صاحب الكرك الديار المصرية وصحبته الأمراء البحرية (5).
وفيها قتل الملك المعز عز الدين أيبك صاحب مصر بالحمام، وسبب ذلك أنّه كان قد خطب بنت صاحب الموصل ليتزوجها، واتفق الحال على ذلك. فلما تحققت شجر الدر ذلك، صبرت عليه حتى دخل الحمام، وذلك في يوم الثلاثاء رابع (6) عشري ربيع الأول.
ركب من (7) الميدان [بأرض اللوق](8) كعادته، وعاد الى القلعة من عشيته، فلما دخل الى
(1) التكملة من ذيل الروضتين ص 189.
(2)
في الأصل: ابن الدربوس، التصويب من الحوادث الجامعة ص 322، واسمه كما ورد كاملا نجم الدين عبد الغني ابن الدرنوس.
(3)
المقصود به الوزير مؤيد الدين العلقمي.
(4)
حول أسباب هذه الوحشة، أنظر المختصر في أخبار البشر 3/ 192 - 193، السلوك ج 1 ق 2، ص 406، النجوم الزاهرة 7/ 44 - 45.
(5)
يورد أبو الفداء أنّ المماليك البحرية توجهوا الى الملك المغيث بعد كسرتهم من قبل عسكر الناصر فأطعموه في ملك مصر، أنظر: المختصر 3/ 192 وفي النجوم الزاهرة 7/ 45 ما يشبه ذلك.
(6)
الثالث والعشرون في المختصر، وأيضا في النجوم 5/ 375 وفي عيون التواريخ 20/ 106، عقد الجمان 1/ 142.
(7)
في الأصل: الى، التصويب من السلوك ج 1 ق 2، ص 403.
(8)
التكملة من المصدر السابق، وهو الميدان الصالحي كان بأراضي اللوق في بر الخليج الغربي وموضعه الآن من جامع الطباخ بباب اللوق الى قنطرة دار العدل التي على الخليج الناصري ومن جملته الطريق المملوكة الآن من باب اللوق الى القنطرة المذكورة. وكان أولا بستان الشريف ابن ثعلب اشتراه السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب سنة 643 هـ وأنشأ فيه مناظر جليلة تشرف على النيل وصار يركب إليه ويلعب بالكرة، وما برح هذا الميدان تلعب فيه الملوك بالكرة من بعد الملك الصالح. أنظر الخطط المقريزية 2/ 198.
الحمام أحاط به جماعة من الخدام، فقتلوه (1) وأشاعوا باكر النهار، أنه مات فجأة في جوف الليل، ودعوا بالثبور، وأعول النساء في (103 أ) في الدور، فلم تتم الحيلة على مماليكه لأنهم فارقوه بالعشي سليما. فعلموا أنّه قد قتل غيلة، فبادروا بهجم الدور على الحرم ومسكوا الخدم والجواري (2) وبسطوا عليهم العذاب، فأقروا بما جرى، فأمسكوا شجر الدر عند ذلك، وأمسكوا الطواشي محسن الجوهري (3) وصلبوه على باب القلعة، مسمرا على الخشب، وهرب نصر العزيزي الى الشام. وحملوا شجر الدر الى زوجة المعز أم ولده، نور الدين، فقتلتها الجواري (4) بالقباقيب الى أن ماتت ورميت من فوق السور الى الخندق، عريانة بثوب واحد ولباس، وقيل إنها بقيت في الخندق أياما، وقيل أنّ بعض الجرامكيش (5) نزل في ليل وأخذ تكتها التي كانت في لباسها، ثم بعد أيام شالوها، ودفنت في تربتها (6). وكان مدة مملكة المعز خمس (7) سنين وأشهر. وكان المعز ملكا حازما، شجاعا، كريما، حسن التدبير والسياسة، غير أنّه كان سفّاكا للدماء، قتل خلقا كثيرا وشنق جماعة من غير ذنب، وأحدث في أيامه مظالم كثيرة، وأخذ الجوالي (8) من النصارى واليهود مضاعفة، وأحدث التصقيع (9) والتقويم (10) وأشياء كثيرة من أصناف المظالم.
وفيها تولى المملكة، الثاني من ملوك الترك وهو الملك المنصور نور الدين علي بن المعز عز الدين أيبك، ملك بعد والده في سادس عشري ربيع الأول [سنة خمس وخمسين وستمائة](11) وعمره يومئذ نحو عشر (12) سنين. وسبب ذلك (103 ب) أن الأمراء المعزية مماليك والده
(1) في السلوك ج 1 ق 2، ص 403: وقد أعدت له شجر الدر خمسة ليقتلوه: منهم محسن الجوجري وخادم يعرف بنصر العزيزي ومملوك يسمى سنجر. وانظر خبر مقتله أيضا في عيون التواريخ 20/ 106 - 107.
(2)
في الأصل: الجوار.
(3)
الجوجري في المختصر 3/ 192 وأيضا في السلوك نسبة الى قرية جوجر بمركز سمنود من مديرية الغربية وهي واقعة على الشط الغربي لفرع دمياط. انظر السلوك ج 1 ق 2 ص 403 حاشية رقم (1).
(4)
في الأصل: فقتلوها الجوار.
(5)
كذا في الأصل وفي السلوك ج 1 ق 2 ص 404 أرذال العامة.
(6)
هي التربة التي بنتها لنفسها بقرب مشهد السيدة نفيسة. النجوم الزاهرة 6/ 378.
(7)
سبع سنين تنقص ثلاثة وثلاثين يوما، في السلوك ج 1 ق 2، ص 404.
(8)
الجوالي: هي جزية كانت تؤخذ من أهل الذمة، أنظر المصدر السابق ص 384.
(9)
التصقيع: هو إحصاء البيوت والعقارات لأجل فرض ضريبة عليها. المصدر السابق.
(10)
التقويم: هو قيمة كل من البيوت المحصاة من أجل فرض الضريبة عليها. أنظر السلوك ج 1 ق 2، ص 384.
(11)
التكملة من المصدر السابق ص 405.
(12)
خمس عشرة سنة في المصدر السابق والمختصر 3/ 192 والنجوم الزاهرة 7/ 41.
اتفقوا جميعا على ذلك، وحلفوا له واستحلفوا له جميع العساكر، ورتبوا الأمير سيف الدين قطز أتابكه ومدبر دولته (1). وكان ذا بأس وشهامة وحزم وصرامة، واستمروا بالصاحب شرف الدين الفائزي في الوزارة، ثم بعد أيام مسك، وسبب ذلك أن الأمير سابق (2) الصيرفي والأمير ناصر الدين محمد بن الأطروش الكردي، أمير جاندار، شهدوا على الوزير أنه قال بعد وفاة المعز وسلطنة ولده:«أن المملكة لا تمشي بالصبيان إلا إن كان رأى يكون الملك الناصر صاحب الشام» ، فعند ذلك مسك واحتيط على أمواله وأسبابه وذخائره. كان مثريا من المال وله ودائع كثيرة متفرقة فتتبعت واستخرجت من أربابها وحملت، واعتقل ثم قتل دفن في نخ (3). وقيل إن سبب ذلك والدة المنصور زوجة المعز، واستوزر بعده الصاحب زين الدين يعقوب ابن الزبير (4).
وفيها قصد الملك المغيث (5) قصد الديار المصرية بمن معه من البحرية، فساروا وبلغ الأمير سيف الدين قطز والأمراء الخبر، فجردوا عسكرا الى الصالحية. فلما كان ليلة السبت الخامس عشر (6) من ذي القعدة تواقعوا (7) فانكسر البحرية ومن معهم من العسكر الكركي.
وأسر الأمير سيف الدين قلاون الألفي والأمير سيف الدين بلبان الرشيدي وقتل الأمير سيف الدين يلغان الاشرفي، وانهزم الباقون. ولما حصل الأمير سيف الدين قلاون في الأسر ضمنه الأمير شرف الدين قيران المعزي، وهو يومئذ أستادار السلطنة المعظمة، فأقام بالقاهرة مدة يسيرة ثم تسحب واختفى في الحسينية عند سيف الدين قلطيجا الرومي، ثم قصد التوجه الى الكرك، فزوده وجهزه الى الكرك.
وفيها حسّنوا البحرية للمغيث قصد الديار المصرية، وكاتبه بعض أمرائها وأوعده
(1) في السلوك ج 1 ق 2، ص 405 ما يشبه ذلك.
(2)
سابق الدين بوزنا الصيرفي في المصدر السابق.
(3)
النخ: البساط الطويل. انظر المصدر السابق ص 406.
(4)
يبدو أن ابن دقماق اختلط عليه الأمر فنسب تولي الوزارة بعد مقتل الوزير شرف الدين الفائزي الى القاضي ابن الزبير والحقيقة أن ابن الزبير كان نائبا للوزير الفائزي بالوزارة استنابه لأنه كان يعرف اللسان التركي ليحفظ له مجالس أمراء الدولة، ويطالبه بما يقال عنه. انظر السلوك ج 1 ق 2، ص 404، والواقع أنّ الذي تولى الوزارة بعده كما ذكرته المصادر التاريخية هو القاضي بدر الدين السنجاري مضافا الى القضاء. انظر السلوك ص 405، النجوم الزاهرة 7/ 42.
(5)
لم تشر المصادر التاريخية الى خبر توجه الملك المغيث مع البحرية الى الديار المصرية بل أنه جهزهم بما احتاجوه وسير معهم عسكره. أنظر المختصر في أخبار البشر 3/ 193، النجوم الزاهرة 7/ 45، السلوك ج 1 ق 2، ص 406.
(6)
في الأصل: الخامس والعشرين، التصويب من المصادر السابقة.
(7)
في الأصل: انقعوا، صححناها بما يتناسب مع المعنى.
بانجادهم متى حضر بنفسه اليها، فقصدها في السنة التي تلي هذه.
وفيها ولي الوزارة (1) القاضي تاج الدين عبد الوهاب بن خلف العلائي المعروف بابن بنت الأعز عوضا عن بدر الدين السنجاري.
وفيها كتب ابن العلقمي، وزير بغداد للملك هولاكو، ملك التتار، أنك تحضر الى بغداد وأنا أسلمها لك. وكان قد داخل قلبه الكفر، فكتب اليه هولاكو، أن عساكر بغداد كثيرة، فإن كنت صادقا فيما قلته لنا وداخلا تحت طاعتنا، أعمل على تفريق عساكر بغداد، فإذا عملت ذلك حضرنا. فلما بلغ الوزير ما قاله هولاكو دخل الى أمير المؤمنين فقال له: إنّ جندك كثير وعليك كلف عظيمة، والعدو قد عاد من بلاد العجم وعندي من الرأي أنّ تعطي دستور (2) لخمس عشر ألفا من عسكرك وتوفر معلومهم (40 ب) من بيت المال، فأجابه الخليفة الى ذلك، فخرج وأعرض العساكر وتنقى منهم خمسة عشر ألف فارس، نقاوة العسكر وأعطاهم دستور (3)، ومنعهم من القيام ببغداد وأعمالها، وأخرج لهم أوراق الدستور من أمير المؤمنين، فتفرقوا في الأعمال. ثم أن الوزير بعد أشهر قلائل، دخل الى الخليفة، وفعل فعلته الأولى وأعطى دستور العشرين ألفا، وكانت هذه الخمسة وثلاثين ألف مقوّمة بمائة ألف (4). فلما فعل ذلك كتب الى الملك هولاكو بما فعله. فلما وصل كتابه إليه وتحقق صحة قوله، ركب وسار قاصدا بغداد، وكتب الى بايجو (5) أن يتقدم بالعساكر الذين معه الى بغداد، وكتب أيضا الى سونجونجاق (6) فقدم الى بغداد وضرب خيامه. فاجتمع أكابر بغداد وتحالفوا جميعا وخرجوا الى ظاهر بغداد والتقوا مع عساكر هولاكو وتقاتلوا قتال شديد (7)، وصبروا (8) المسلمين صبر الكرام، فانكسروا (9) عساكر هولاكو وساقوا المسلمين خلف أعداء
(1) في الأصل: ولي القضاء، التصويب من السلوك ج 1 ق 2، ص 405.
(2)
كذا في الأصل والصواب دستورا.
(3)
كذا في الأصل والصواب دستورا.
(4)
تشير أغلب المصادر التاريخية الى أنّ ابن العلقمي عمل على تفريق جند الخليفة المستعصم الذي كان قد بلغ تعداده المائة ألف قبل وفاة والده الخليفة، المستنصر بالله. أنظر: النجوم الزاهرة 7/ 48، البداية والنهاية 12/ 201، الحوادث الجامعة ص 320 - 321 وفي المصدر ذاته أيضا ص 261 اشارة الى تفريق جند الخليفة قبل غزو التتار لبغداد بعدة سنين وتحديدا في سنة 650 هـ مما يؤكد أنّ مؤامرة ابن العلقمي لم تكن وليدة أسباب آنية كفتنة أهل الكرخ والرافضة التي حصلت في سنة 654 هـ.
(5)
بايجو نوين في تاريخ مختصر الدول 270 وبايجو نويان في جامع التواريخ ج 1 مج 2، ص 281.
(6)
في الأصل: كتبغا، التصويب من الحوادث الجامعة ص 320 وفي مختصر الدول ورد اسمه سونجاق نوين، وفي جامع التواريخ سونجاق نويان.
(7)
كذا في الأصل، والصواب قتالا شديدا.
(8)
كذا في الأصل، والصواب: وصبر.
(9)
كذا في الأصل، والصواب: فانكسر.