الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كثير، وأما دمشق فإذا أخذتها ممن هي معه وسلمتها إلي سلمت أخوك (1) إليك (36 أ) وهذا جوابي والسلام. فلما بلغ العادل الجواب عزم على الخروج الى الشام وأمر بتجهيز العساكر.
وفيها وقع الغلاء بدمشق وبيعت كل غرارة (2) قمح بمائتي وثلاثين (3) درهم.
[الوفيات]
وفيها مات الشيخ الإمام العالم جمال الدين أبو المحامد محمود ابن أحمد بن الحصيري (4) الحنفي، أصله من بلاد بخارا من قرية يقال لها حصير (5). تفقه في بلده وسمع الحديث الكثير وقدم الشام ودرس بالنورية (6) وانتهت إليه رئاسة أصحاب الإمام أبي حنيفة، وقرأ عليه الملك المعظم (7)«الجامع الكبير» (8) وغيره وصنف الكتب الحسان وشرح «الجامع الكبير» وكان كثير الصدقة غزير الدمعة فاضلا عاملا نزها عفيفا. حج من الشام وكانت وفاته يوم الأحد ثامن صفر، ودفن بمقابر الصوفية عند المنيبع (9) على الجادة، وكان المعظم يحترمه ويكرمه وكذا ولده الناصر (10).
وفيها مات الوزير جمال الدين ابن جرير (11) وزير الملك الأشرف (12) وأصله من الرّقة، وكان يتردد الى خانقاه الرّقة في سنة إحدى عشرة وثلاث عشرة وستمائة ولم يكن يعرف الأشرف
(1) كذا في الأصل والصواب أخاك.
(2)
الغرارة: من المكاييل المتداول بها في نيابة دمشق ومقدارها اثنا عشر كيلا، صبح الأعشى 4/ 181.
(3)
بمائتي وخمس وعشرين درهم في ذيل الروضتين ص 168.
(4)
بن السيد البخاري المعروف بالحصيري. في العبر 5/ 152، وذيل الروضتين ص 167. وراجع ترجمته أيضا في مرآة الزمان 8/ 720،. البداية والنهاية 13/ 152، النجوم الزاهرة 6/ 313، الشذرات 5/ 182، دول الاسلام للذهبي 2/ 142.
(5)
في الأصل: حصيرة.
(6)
هي المدرسة النورية الكبرى التي أنشأها الملك العادل نور الدين ابن زنكي سنة 563 هـ وانظر عنها النعيمي في الدارس 1/ 606.
(7)
الملك المعظم شرف الدين عيسى صاحب دمشق.
(8)
هو الجامع الكبير في الفروع للإمام المجتهد أبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني الحنفي صاحب ابن حنيفة المتوفي سنة 189 هـ، راجع كشف الظنون 6/ 8.
(9)
في الأصل: المنيبيع، التصويب من مرآة الزمان 8/ 720، والنجوم الزاهرة 6/ 313.
(10)
أي الملك الناصر داوود بن المعظم صاحب الكرك.
(11)
راجع ترجمته في مرآة الزمان 8/ 724، ذيل الروضتين ص 168، العبر 5/ 150، البداية والنهاية 13/ 153، الشذرات 5/ 181.
(12)
الملك الأشرف موسى ابن الملك العادل وردت ترجمته سابقا بين وفيات سنة 635 هـ.
حينئذ، فما زال يتوصل حتى استوزره بدمشق، ولما مات الأشرف استوزره الصالح نجم الدين أيوب دون شهر. وكانت وفاته يوم الجمعة سابع عشري جمادى الآخرة بالخوانيق (1)، ودفن بمقابر الصوفية عند المنيبع. سمع الحديث وكان يتردد الى زيارة الصالحين وفيه يقول (2) نصر بن محمد الحنفي:[الكامل]
من قال أهل الشام عندي كلهم
…
بقر، فليس عليه فيه جناح
لو لم يصح مقاله فيهم لما
…
أضحى يسوس أمورهم فلاح
(36 ب) وفيها مات أبو منصور عبد الواحد بن إبراهيم بن الحسن بن نصر الله المعروف بإبن الدسكري (3). كان المذكور فاضلا ويكتب خطا مليحا يحكي فيه طريقة ابن البواب (4) وله نظم رقيق فمنه: [البسيط]
بيض المسرات في حمر الكؤوس إذا
…
دارت على الهم انفلّت جحافله
قم عاطني من شموس الراح غير ضحى
…
من كف بدر دجى حلو شمايله
مورّد الخد داجي الفرع فاحمه
…
عبل الروادف واهي الخصر ناحله
يسيل من بين جفنيه لسفك دمي
…
مهند فوق خدّيه حمايله
ما سحر هرون إلا من لواحظه
…
يسبي القلوب وفي الأجفان نايله
تخال نور الأقاحي من مقبّله
…
والغصن ما ضمنت منه غلايله
ما زلت أبذل روحي في رضاه كما
…
جود الخليفة مبذول ونايله
وفيها مات الحافظ زكي الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد ابن أبي يداس البرزالي (5) المحدث الاشبيلي في رابع عشري رمضان بحماة. وكان معتنيا بعلم الحديث مفيدا
(1) هو داء أو ريح يأخذ الناس والدواب في الحلوق، لسان العرب 10/ 92 مادة خنق.
(2)
لم يذكر ابن دقماق ما قاله نصر بن محمد الحنفي، ربما سقط ذلك سهوا والتكملة أخذناها من مرآة الزمان 8/ 724.
(3)
نسبة الى دسكرة، قرية من أعمال طريق خراسان. الحوادث الجامعة ص 120 وراجع ترجمته في المصدر ذاته وتاريخ الإسلام للذهبي، الطبقة الرابعة والستون:275 (رقم 413).
(4)
هو أبو الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب الكاتب. توفي في سنة 423 هـ وقيل 413 هـ ببغداد. كان له طريقة جميلة بالخط تفرد بها، ويذكر أن أبو علي ابن مقلة كان أول من نقل هذه الطريقة من خط الكوفيين وأبرزها في هذه الصورة وله بذلك فضيلة السبق وخطه في نهاية الحسن لكن ابن البواب هذب طريقته ونقحها وكساها طلاوة وبهجة والكل معترفون لأبي الحسن بهذا التفرد وعلى منواله ينسجون. أنظر وفيات الأعيان 3/ 442 - 443.
(5)
راجع ترجمته في الوافي 5/ 252، ذيل الروضتين ص 168، العبر 5/ 151، البداية والنهاية 13/ 153، النجوم الزاهرة 6/ 314، الشذرات 5/ 182، تاريخ اربل 1/ 300.
لأصحابه متواضعا. أقام بدمشق سنين كثيرة بمسجد فلوس وغيره، ثم سافر في هذه السنة الى حلب ورجع الى حماه فمات بها.
وفيها مات أبو الوفا مودود (1) ابن مسعود بن محمد بن مرامل الواسطي، كان شاعرا محسنا كثير الشعر فمنه قوله:[الرمل]
وهو أجفانك المرضى الصحاح
…
لم يمل سمعي الى واش ولاح
(37 أ) يا غزالا حكم الحسن له
…
بعد صوني في هواه بافتضاحي
لست أدري إذ بدا ثغرك لي
…
أهو الأحسن ام نور الأقاحي
ورضاب فيه هل يشفى به
…
ظمأي يوما فقد طال التياحي
كم ليال بتّ فيها أجتني
…
ورد خدّيه بجدّ ومزاح
وفيها مات النجم هلال ابن أبي الفضل المعروف بابن الحلاوي (2) الشاعر، كان شاعرا مجيدا فمن نظمه:[الطويل]
وأغيد ممشوق القوام مهفهف
…
أغنّ غضيض الطرف طاوي الحشى أحوى
أخفّ على قلبي متى أدع باسمه
…
وأكرم عندي من سليمى ومن علوى
من الترك ألمي لا تدانى صفاته
…
سعاد ولا تسموا الى حسنه اروى
جفا فجفا أجفان عيني رقادها
…
على علمه أنّي على البين لا أقوى
ومولده في سنة ثمان وستين وخمسمائة ومات في هذه السنة، وكان شاعر ملوك حلب.
وفيها مات أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المجيد بن اسماعيل بن عثمان بن يوسف بن الحصين بن حفص، الإمام جمال الدين بن الصفراوي (3) الإسكندري المالكي المقرئ المفتي. كان من الأئمة الأعلام، إنتهت اليه رئاسة الأفراد والفتوى ببلده، وحدث ببلده وبمصر وبالمنصورة، وكان قرأ القراءات على أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف ابن محمد بن
(1) لم أقف على ترجمته في المصادر المتوفرة لدي.
(2)
راجع ترجمته في العبر 5/ 150، الشذرات 5/ 180، غاية النهاية 1/ 373.
(3)
قارن ترجمته في الوافي ج 18، الورقة (62 ظ) التي يبدو أنّ ابن دقماق أخذها بكاملها عنه. وراجع ترجمته أيضا في العبر 5/ 150، الشذرات 5/ 180، ودول الإسلام للذهبي 2/ 141.