الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها وصل الشهرزورية من الشرق الى الشام (1).
وفيها قصد الملك المغيث الديار المصرية بعد أن نفق واستخدم. فلما بلغ المنصور صاحب مصر ذلك جرّد العساكر صحبة نائبه، الأمير سيف الدين قطز، فالتقوا وتقاتلوا قتالا شديدا، فانكسر (2) المغيث الى الكرك ورجع المصريون الى الديار المصرية.
وفيها نقل أن جماعة من الأمراء المصرية كاتبوا الملك المغيث، فمسكوهم وقيدوهم، وهم: الأمير عز الدين أيبك الرومي [الصالحي](3)، والأمير سيف الدين بلبان الكافوري (4) الاشرفي والأمير بدر الدين بلغان الاشرفي، وجماعة من الأمراء، ثم ضربت رقابهم وذلك في سادس عشري ربيع الأول، [وأخذ أمولهم كلها](5).
وفيها في يوم الثلاثاء العشرين من جمادى الأولى، عزل عن القضاء القاضي بدر الدين السنجاري وتولاه القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز، استقلالا.
وفيها في (110 ب) رابع رمضان وقعت إحدى مسال فرعون التي بأراضي المطرية (6) من ضواحي القاهرة، فوجدوا داخلها ما يقارب مائتي قنطار نحاس، وأخذ من رأسها عشرة آلاف دينار، ذكر ذلك، محمد بن ابراهيم الجزري (7) في تاريخه الذي ذيّله على تاريخ الأصبهاني.
[الوفيات]
وفيها مات الشيخ الإمام الأديب الفاضل العالم الصالح الزاهد، جمال الدين أبي زكريا، يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور بن المعمر ابن عبد السلام الصّرصري (8)
(1) وفيها فر طائفة من الأكراد من وجه عسكر هولاكو يقال لهم الشهرزورية وقدموا دمشق وعدتهم نحو ثلاثة آلاف ومعهم أولادهم ونساؤهم. أنظر المصدر السابق.
(2)
حول كسرة الملك المغيث أنظر المختصر في أخبار البشر 3/ 195، السلوك ج 1 ق 2، ص 411، النجوم الزاهرة 7/ 45.
(3)
التكملة من السلوك ج 1 ق 2، ص 411.
(4)
في الأصل: الكافري، التصويب من المصدر السابق.
(5)
التكملة من المصدر السابق.
(6)
عين شمس في السلوك ج 1 ق 2، ص 409.
(7)
هو شمس الدين محمد بن ابراهيم بن عبد العزيز الجزري صاحب كتاب تاريخ دمشق توفي سنة 739 هـ. راجع كشف الظنون 6/ 150.
(8)
نسبة الى صرصر وهي قرية من بغداد. راجع ترجمته في فوات الوفيات 4/ 298 العبر 5/ 237، البداية والنهاية 13/ 211، =
البغدادي الحنبلي، قتل في وقعة بغداد.
قال الشيخ شمس الدين الذهبي (1)، حكى لنا شيخنا ابن الدباهي (2)، وكان خال أمه، قال: بلغنا أنه دخل عليه التتار وكان ضريرا فطعن بعكازه، بطن واحد منهم فقتله، ثم قتل شهيدا. وهو صاحب المدائح النبوية السائرة، وشعره طبقة عليا (3) يدخل في [ثمان](4) مجلدات. ومولده سنة ثمان وثمانين وخمسمائة وتوفي في هذه السنة، ومن قوله:
[الكامل]
من غير سنة حبهم خد واترك
…
وسوى طريقهم تعدّى واسلك
واصبر على فتكات صارم حبهم
…
لا فخر للهنديّ إن لم يفتك
والبس بهم ثوب النحول فإنه
…
ما يخلص الامرين ما لم ننسك
شرف القلوب حلولها في رقهم
…
والعبد يحوي الفخر بالمتملك
قسما بعز جمالهم وبصوتهم
…
وبذلتي في حبهم وتهتكي
(111 أ) كيف السبيل الى حمى بان اللوى
…
عن غير أهليه بعيد المسلك
من دونه للصب أطراف القنا
…
وقواضب البيض الرقاق البتّك
إن صدني التقصير عن إدراكه
…
ومعانق التقصير ليس بمدرك
لأتممنّ نقائصي بتعلقي
…
بالهاشمي المصطفى وتمسكي
ذي الفضل والجاه العظيم المرتجى
…
لسوي الموحد بن مهلك
أنعمت في صفر علي وقد مضى
…
وأتى ربيع شهر مولدك الزكي
وله غير ذلك، وقد أوردنا ترجمته في كتابنا «ترجمان الزمان في تراجم الأعيان» .
وفيها مات الأمير سيف الدين علي بن سابق الدين عمر بن قزل بن يلمان بن صراقوش
= مرآة الجنان 4/ 147، النجوم الزاهرة 7/ 66، عيون التواريخ 20/ 143، دول الإسلام للذهبي 2/ 161.
(1)
هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الشيخ الإمام الحافظ شمس الدين أبو عبد الله الذهبي، توفي سنة 748 هـ. راجع الفوات 3/ 315 وراجع أيضا كتابه العبر 5/ 237.
(2)
نسبة الى دباهي قرية من نواحي بغداد وهو محمد بن أحمد بن أبي نصر الدباهي البغدادي، توفي سنة 711 هـ. راجع النجوم الزاهرة 7/ 67.
(3)
كذا في الأصل، والصواب عالية.
(4)
التكملة من فوات الوفيات 4/ 298.
ابن جلدك التركماني الياروقي الأصل، المصري المولد والمنشأ، الدمشقي الوفاة، المعروف بالمشد (1). مات يوم الخميس يوم عاشوراء من هذه السنة، ودفن بسفح قاسيون، ومولده في شوال سنة اثنتين وستمائة. كان فاضلا أديبا وعنده مروءة ومكارم أخلاق وصدقة وبر الى الفقراء في كل ليلة جمعة، وفي كل ليلة يجتمع عنده جماعة من الأدباء والفضلاء والأعيان، ونظمه في غاية اللطافة والرقة، رآه مجد الدين الدولعي في منامه بعد وفاته بخمسة عشر يوما وهو ينشد هذه الأبيات:[الطويل]
نقلت الى رمس القبور وضيقها
…
وخوفي ذنوبي (2) أنها بي تعثر
فصادفت رحمانا رؤوفا وأنعما
…
حباني بها نقضا (3) لما كنت أحذر
(111 ب) ومن كان حسن الظن في حال موته
…
جميلا بعفو الله فالعفو أجدر
وله: [الهزج]
أيا من حسنه الأقصى
…
ويا من قلبه الصخرة
أما ترثي لمشتاق
…
يقضّي بالمنى عمره
إذا ما زمزم الحادي
…
رمى في قلبه جمرة
وأنى كان من يهوى
…
يولي وجهه شطره
وظبي من بني الأتراك
…
في أخلاقه نفرة
بدا في الذرع مثل الرم
…
ـح في الأعطاف والسمرة
فيا لله من بدر
…
بأفق الطرف والنثرة
وله: [السريع]
تلاعب الشعر على ردفه
…
أوقع في قلبي العريض الطويل
وله غير ذلك أشياء غريبة، وملكت ديوانه في مجلدة لطيفة. ومن نظمه أيضا في وصف
(1) راجع ترجمته في الفوات 3/ 51، البداية والنهاية 13/ 197، العبر 5/ 233، النجوم الزاهرة 7/ 64، الشذرات 5/ 280، وعيون التواريخ 20/ 120.
(2)
في الأصل: ديوني، التصويب من البداية والنهاية 13/ 197 وعيون التواريخ 20/ 120.
(3)
في البداية والنهاية 13/ 197 «سقيا» .
شعره: [الخفيف]
إن نظمي إذا نظرت اليه
…
أيها الفاضل البديع البيان
ملح كالرياض تسرى الى الفه
…
ـم بلا كلفة ولا ترجمان
وهو مع ما حواه من كل فن
…
توريات مستغربات المعاني
جمع الطب والنجامة والنح
…
ـو وعلم القريض والألحان
(112 أ) والأصولين والخلاف مع الحك
…
ـمة والمنطق المتين المباني
ثم أني طرزته بالأحادي
…
ـث ورصعته من القرآن
فروته الرواة عني لما
…
علموا ما أردت من تبياني
فلهذا أبقيته بعد علمي
…
أنني لست باقيا وهو فاني
وهو ابن عم الأمير، جمال الدين ابن يغمور رحمهما الله تعالى.
وفيها مات الشيخ الإمام العالم العلامة، حافظ الوقت، الزاهد المحدث الفقيه الشافعي، زكي الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلامة بن سعد المنذري (1)، الشامي المحتد، المصري الدار والمولد والوفاة. مولده بفسطاط مصر بكوم الجارح، في غرّة شعبان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. ومات بالقاهرة في يوم السبت أول العاشرة، ثالث ذي القعدة أو رابعه من هذه السنة وصلى عليه يوم الأحد بعد الظهر في موضع تدريسه بدار الحديث الكاملية بالقاهرة المحروسة، وصلي عليه أيضا تحت القلعة ودفن بسفح المقطّم بساريه. انتهت إليه رئاسة أهل الحديث بالقاهرة في زمانه وبالديار المصرية، وهو يعرف بابن السميدع، سمع من ابن أبي نزار اليمني (2) وكان جار مسجده في حانوت هناك، واعتنى به الحنابلة الراحلون، فأسمعوه من أبي عبد الله ابن حمد الحذا، ولم يزل على حنبليته الى أن أقدم الصاحب ابن شكر (3)، الحافظ أبي الحسن ابن المقدسي (4) التدريس بمدرسته،
(1) ترجمته في الفوات 2/ 366، طبقات الشافعية الكبرى 5/ 108، البداية والنهاية 13/ 212، النجوم الزاهرة 7/ 63 والشذرات 5/ 277، عيون التواريخ 20/ 201.
(2)
هو ربيعة بن الحسن بن علي بن عبد الله بن يحيى أبو نزار الحضرمي اليمني الصنعاني الدماري الفقيه المحدث توفي في مصر سنة 609 هـ. راجع طبقات الشافعية الكبرى 5/ 55.
(3)
هو الصاحب صفي الدين ابن شكر المصري الدميري المالكي توفي سنة 622 هـ. راجع الفوات 2/ 193.
(4)
هو الحافظ شرف الدين أبو الحسن المقدسي الأصل الاسكندراني المولد الفقيه المالكي توفي سنة 611 هـ. راجع كشف الظنون 5/ 704 وأيضا الشذرات 5/ 47 - 48.
(112 ب) فانتقل الناس إليه من جميع البقاع، وكان عبد العظيم هذا يتردد إليه ويقرأ بين يديه، فحدثه أبو الحسن المقدسي وإستتابه على رؤوس الأشهاد من مذهب الحنابلة الى مذهب الأشعري فقدمه الى الصاحب، فخلع عليه ونوه باسمه، وأمّ بالمدرسة الصاحبية (1) وصار شافعيا وفي كل ذلك يسمع من مشايخ مصر ويفيد ويستفيد، إلى أن تعين، فقدمه الملك الكامل بعد وفاة أبي عمرو بن دحية الى دار الحديث الكاملية فانقطع بها وقطع كل الأشغال، وأجاز له أبو القاسم البوصيري، وسمع بدمشق من أبي حفص ابن طبرزد (2) ومن غيره من شيوخها، ولما مات دفن بالقرافة وله شعر حسن فمنه قوله:[الكامل]
اعمل لنفسك صالحا لا تحتفل
…
بظهور قيل في الأنام وقال
فالناس لا يرجى اجتماع قلوبهم
…
لا بد من مثن عليك وقال
وكان إمام عصره، واليه الرحلة، رحمه الله تعالى.
وفيها مات تاج (3) الدين أبو الفتح يحيى ابن العديم الحلبي بحلب.
وفيها مات الصدر الرئيس، عون الدين سليمان ابن عبد المجيد (4)، أبو المظفر، المعروف بابن العجمي (5)، ناظر الجيوش في الدولة الناصرية، في ثالث عشر ربيع الأول ودفن بقاسيون وله نظم، فمن قوله:[الوافر]
لهيب الخدّ حين بدا لعيني
…
هوى (6) قلبي عليه كالفراشي
(113 أ) فأحرقه فصار عليه خالا
…
وها أثر الدخان على الحواشي
كان رئيسا جلاليا يخاطب بالصاحب، وله بيت مشهور بالعلم والحديث، والرئاسة
(1) هي المدرسة الصاحبية بالقاهرة في سويقة الصاحب. أنظر خطط المقريزي 2/ 347.
(2)
في الأصل: طرزد، التصويب من وفيات الأعيان 3/ 452 وهو أبو حفص عمر المعروف بابن طبرزد المحدث المشهور البغدادي وطبرزد هو اسم لنوع من السكر، توفي ببغداد سنة 607 هـ.
(3)
محيي الدين أبو عبد الله محمد بن نجم الدين أبي الحسن. . . ابن العديم الحنفي، في السلوك ج 1 ق 2، ص 413.
(4)
في الأصل: عبد الرحمن، التصويب من الفوات 2/ 66 ووفيات الأعيان 6/ 251، والمختار من تاريخ ابن الجزري ص 249.
(5)
راجع ترجمته في المصادر السابقة.
(6)
في الأصل: هنا، التصويب من المصادر السابقة.
والكتابة بحلب. سمع ابن شداد وغيره، وتوفي بدمشق، ودفن بقاسيون.
وفيها مات مجد الدين أسعد (1) بن ابراهيم ابن الحسن بن علي النشابي، مولده بإربل في سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وكان في أول عمره يعمل النشاب فنسب اليه، وسافر وتنقل في البلاد وعاد إلى إربل، وتولى كتابة الإنشاء لصاحبها، وبعث رسولا إلى الديوان العزيز. ولم يزل على كتابته ورئاسته حتى نقم عليه أستاذه المظفر (2)، فاعتقله في سنة تسع وعشرين وستمائة، ولم يزل محبوسا حتى مات مظفر الدين، فأرسل الخليفة عسكره، فأخذوا إربل وافرجوا عن المحابيس، فخرج وتوجه إلى بغداد وتنقل في خدمها حتى استولى عليها التتار، وكان في جملة من سلم من القتل، ومات بعد سكوت الفتنة في أواخر هذه السنة، وله نظم فمنه قوله:[الطويل]
ولما رأى التركي هزلي (3) ورام أن
…
يكتّم منه مهجة (4) لم تكتّم
تشبّه بالأعراب عند التثامه
…
بعارضه يا طيب لثم الملثّم
شكى ردفه من خصره (5) فتراضيا
…
بفصلهما بند القناة المكتم (6)
وردّ جيوش العاشقين لأنه
…
أتاهم بخط العارض المتحكم
(113 ب) وله من أبيات: [الكامل]
والبرق يخفق من خلال سحابه
…
خفق الفؤاد لموعد من زائر
وأشعاره كثيرة ونوادره غزيرة رحمه الله تعالى.
وفيها مات الأديب الفاضل، شرف الدين أبو الطيب، أحمد بن محمد بن أبي الوفاء ابن الخطاب الربعي الموصلي المعروف بابن الحلاوي (7)، الشاعر المشهور. امتدح الخلفاء والملوك
(1) في الأصل: اسماعيل، التصويب من الفوات 1/ 165، والوافي 9/ 35 وعيون التواريخ 20/ 159 حيث وردت ترجمته في تلك المصادر.
(2)
مظفر الدين كوكبوري صاحب اربل سبق ذكر ترجمته بين وفيات سنة 630 هـ.
(3)
في عيون التواريخ 20/ 161: ولما رأى الترك هتكي.
(4)
في المصدر السابق: بهجة.
(5)
في المصدر السابق، الكلمة معكوسة: شكى خصره من ردفه.
(6)
في الأصل الشطر غير واضح، التصويب من المصدر السابق.
(7)
راجع ترجمته في الوافي 8/ 102، الفوات 1/ 143، العبر 5/ 227، النجوم الزاهرة 7/ 60، الشذرات 5/ 274، عيون التواريخ 20/ 154.
والأعيان، وأقام بالموصل في خدمة صاحبها بدر الدين لؤلؤ الأتابكي، ولبس زي الجند، وله شعر في غاية الحسن فمنه قوله:[البسيط]
كن كيف شئت فإن الله ذو كرم
…
وما عليك بما تأتيه من بأس
إلا اثنتين فلا تقربهما أبدا
…
الكفر بالله والاضرار بالناس
وله: [الطويل]
حكاه من الغصن الرطيب وريقه
…
وما الخمر إلاّ وجنتاه وريقه
هلال ولكن أفق قلبي محلّه
…
غزال ولكن سفح عيني عقيقه
واسمر يحكي الأسمر اللّدن قدّه
…
غدا راشقا قلب المحبّ رشيقه
على خدّه جمر من الحسن مضرم
…
يشبّ ولكن في فؤادي حريقه
أقرّ له من كلّ حسن جليله
…
ووافقه من كلّ معنى دقيقه
بديع التّثنّي راح قلبي أسيره
…
على أنّ دمعي في الغرام طليقه
(114 أ) على سالفيه للعذار جديده
…
وفي شفتيه للسّلاف عتيقه
يهدّد منه الطّرف من ليس خصمه
…
ويسكر منه الريق من لا يذوقه
على مثله يستحسن الصبّ هتكه
…
وفي حبّه يجفو الصديق صديقه
من التّرك لا يصبيه وجد الى الحمى
…
ولا ذكر بانات الغوير يشوقه
ولا حلّ في حيّ تلوح قبابه
…
ولا سار في ركب يساق وسيقه
ولا بات صبّا بالفريق وأهله
…
ولكن الى خاقان يعزى فريقه
له مبسم ينسي المدام بريقه
…
ويخجل نوّار الافاحي بريقه
تداويت من حرّ الغرام ببرده
…
فاضرم من ذاك الحريق رحيقه
إذا خفق البرق اليمانيّ موهنا
…
تذكرته (1) فاعتاد قلبي خفوقه
حكى وجهه بدر السماء فلو بدا
…
مع البدر قال الناس هذا شقيقه
رآني خيالا حين وافى خياله
…
فأطرق من فرط الحياء طروقه
وأشبهت (2) منه الخصر سقما فقد غدا
…
يحمّلني في الحب (3) ما لا أطيقه
فما بال قلبي كلّ حبّ يهيجه
…
وحتّام طرفي كل حسن يروقه
(1) في الأصل: يذكرنه، التصويب من الوافي 8/ 102.
(2)
فأشبهت في الوافي 8/ 102.
(3)
كالخصر في المصدر السابق والفوات 1/ 144.
فهذا ليوم البين لم تطف ناره
…
وهذا فبعد البعد ما جفّ موقه
ولله قلبي ما أشدّ عفافه
…
وإن كان طرفي مستمرّا فسوقه
أرى الناس أضحوا جاهلية ودّه
…
فما باله عن كل صبّ يعوقه
فما (1) فاز إلاّ من يبيت صبوحه
…
شراب ثناياه وفيها غبوقه
(114 ب) وله في غلام قص شعره: [الكامل]
قصّرت شعرك كي تقل ملاحة
…
فكساك أبهى الحسن وهو مقصّر
وقطعته ليقل عنا شره
…
ولطالما قتل القصير الابتر
وله: [الكامل]
وافى يهز قوامه غصن النقا
…
نشوان مجدول القوام مقرطقا
ومنعم لولا مرارة هجره
…
وصدوده لم أدر ما طعم الشقا
دقّت معانيه ولكن خصره
…
قد زاد في معنى النحول ودققا
بمراشف منها الاماني تشتهى
…
ولواحظ منها المنايا تتقى
رشأ لبارق ثغره ولشعره ال
…
ـملوي أحببت اللوى والابرقا
لا غرو ان يصبي منازل رامه
…
قلبي فأطرب نحوهن تشوقا
وشفاه مبسمه العقيق وريقه
…
ماء العذيب وثغره جزع النقا
وكل شعره كثير المعاني، حسن الإيراد. ومولده في آخر سنة ثلاث وستمائة، وهو من أكابر بيوت الموصل، ولما توجه صاحب الموصل (2) الى بلاد العجم للاجتماع بهولاكو، كان في صحبته فلما وصلوا الى تبريز مرض ومات في ربيع الآخر أو جمادى الأول من هذه السنة، وقد ناهز الخمسين.
وفيها مات سعد الدين محمد بن الإمام العارف المحقق محيي الدين محمد بن علي بن
(1) في الأصل: وما، التصويب من الوافي 8/ 103 وأيضا 1/ 144.
(2)
المقصود هنا هو بدر الدين لؤلؤ.
محمد بن أحمد بن عبد الله الطائي الحاتمي، المعروف بابن العربي (1)(115 أ) مولده يوم السبت سابع عشري شهر رمضان سنة ثمان عشرة وستمائة بملطية الروم ومات ثاني جمادى الآخرة بدمشق، ودفن بقاسيون. كان فاضلا أديبا أتقن الحساب والكتابة وله مشاركة في العلوم وشعر مدون، فمنه قوله في غلام قصاب:[الكامل]
ناديت قصابا تروق صفاته
…
قد أخجلت سمر القنا حركاته
يا واضع السكين في فمه وقد
…
أهدى بها ماء الحياة لهاته
ضعها على المذبوح ثاني كرة
…
وأنا الضمين بأن تعود حياته
وله في غلام صوفي: [السريع]
علقت صوفيا كبدر الدجى
…
لكنه. في صلتي زاهد (2)
يشهد وجدي بغرامي له
…
فديت صوفيا له شاهد
وفيها مات ببغداد شيخ الشيوخ، أبو الحسن ابن النيار (3) البغدادي، المنعوت بصدر الدين، شهيدا في وقعة التتار. كان أحد عظماء الدولة وكبرائها، انتخب لتعليم أولاد الخليفة المستعصم فكان أول مثال مثله لهم:[الكامل]
ما طار بين الخافقي
…
ـن أقل عقلا من معلم
ولقد دخلنا في الصنا
…
عة من قريب رب سلّم
فوقف عليها الخليفة، فأمر له بتشريف وصله.
وفيها مات شهيدا (115 ب) الشيخ أبو المحاسن، يوسف ابن أبي الفرج ابن الجوزي (4) ببغداد. ترسل عن الديوان العزيز الى الروم والشام ومصر، ومن ظريف ما جرى
(1) راجع ترجمته في الوافي 1/ 186 والفوات 3/ 267 والشذرات 5/ 283، عيون التواريخ 20/ 194، وبتوسع اكثر في نفح الطيب 2/ 369 - 371.
(2)
لكنه في وصلي الزاهد في نفح الطيب 2/ 371.
(3)
راجع خبر مقتله في الحوادث الجامعة ص 328 وهو صدر الدين علي بن النيار، وانظر أيضا البداية والنهاية 13/ 203، وعيون التواريخ 20/ 202.
(4)
راجع ترجمته في الفوات 4/ 351 العبر 5/ 237 البداية ولنهاية 13/ 203، النجوم الزاهرة 7/ 68، عيون التواريخ 20/ 207، الشذرات 5/ 286.
له في ترسله أنه عند وصوله الى الروم، صادف وفاه صاحبها فغسله، ثم فصل الى الشام فصادف عند وصوله حلب وفاة صاحبها فغسله، ثم صادفه عند وصوله الى مصر وفاة صاحبها فغسله فقيل فيه:[الخفيف]
يا إمام الأنام يا صفوة الل
…
ـه ومن ذكره الثناء الجميل
ما جرى من رسولك الشيخ محيي ال
…
ـدين في هذه البلاد قليل
جاء والأرض بالسلاطين تزهى
…
فغدا والربوع منهم طلوع
أقفر الروم والشآم ومصر
…
أفذا مغسّل أم رسول
تولى استادارية الدار ببغداد وشهرة والده تغني عن الاطناب في أمره.
وفيها مات الشيخ الإمام العارف، قطب الزمان، سيدي أبو الحسن علي بن عبد الله من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، المعروف بالشاذلي (1) الضرير، بصحراء عيذاب وهو قاصد الحجاز الشريف دفن بحميرا (2)، حيث توفي. كان أحد المشايخ المشهورين بمعرفة الطريق، وله في ذلك كلام كثير وتصانيف معروفة. وشاذلة قرية بافريقية ورد منها الى الاسكندرية وحج مرارا وصحبه جماعة فانتفعوا بصحبت (116 أ) وله أحزاب (3) يقرأها الناس، تشتمل على أدعية مباركة ولطائف حسنة يتبرك بهم.
وفيها مات الشيخ الفقيه أبو المناقب محمود بن أحمد [الزّنجاني](4) الشافعي شهيدا ببغداد في واقعة التتار وكان أحد الفقهاء المدرسين والعلماء العظيمين وكان رئيس الشافعية ببغداد.
(1) له ترجمة مستفيضة في مرآة الجنان 4/ 140 وراجع أيضا ترجمته في العبر 5/ 232 والشذرات 5/ 278 والنجوم الزاهرة 7/ 69، وعيون التواريخ 20/ 201، شجرة النور الزكية 186 - 187.
(2)
في الأصل: بحمترا، التصويب من مرآة الجنان ص 146 وحميرا هي نفسها صحراء عيذاب حيث يقال أنه لما دفن الشاذلي بحميرا عذب ماؤها بعد أن كان ملحا فسميت عيذاب.
(3)
مصدر الكلمة حزب والحزب ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة وصلاة كالورد. لسان العرب 1/ 308 مادة «حزب» .
(4)
التكملة من النجوم الزاهرة 7/ 68 والزنجاني نسبة الى زنجان مدينة على حد أرزبيجان. راجع ترجمته أيضا في طبقات الشافعية الكبرى 5/ 154.